فضل إدخال السرور على قلوب الناس
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
أوضحت دار الإفتاء المصرية إن أحبّ الأعمال إلى الله تعالى ما كان منها أنفع للناس وأجدى في صلاح أحوالهم وإنعاش اقتصادهم؛ كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ -وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ- مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَها لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ» أخرجه الطبراني .
وحثَّت الشريعة الإسلامية على إدخال السرور على قلوب الناس؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أفضل الأعمال إلى الله تعالى؟ فقال: «مَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُورًا؛ إِمَّا أَنْ أَطْعَمَهُ مِنْ جُوعٍ، وَإِمَّا قَضَى عَنْهُ دَيْنًا، وَإِمَّا يُنَفِّسُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرَبَ الْآخِرَةِ، وَمَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا أَوْ تَجَاوَزَ عَنْ مُعْسِرٍ ظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ لِتَثبت حَاجَته ثَبَّتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ، وَلَأَنْ يَمْشِيَ أَحَدُكُمْ مَعَ أَخِيهِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِي هَذَا شَهْرَيْنِ -وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ» أخرجه الحاكم في "المستدرك".
وقالت الإفتاء إن الإنفاق وإدخال السرور على الناس من حيث كونُه عبادةً متعديةَ النفع فهو أفضل من حج التطوع وعمرته؛ لأنه قد يكون لكفاية محتاج أو لسد دين مدينٍ، وذلك بخلاف حج التطوع وعمرة التطوع؛ فنفعهما قاصر على صاحبهما.
وقد قرَّر الفقهاء في قواعد الفقه أن "العبادة المتعدية أفضل من القاصرة"، ومن نازع منهم في ذلك لم يختلف في أن التفاضل بين الطاعات إنما يكون على قدر المصالح الناشئة عنها؛ قال العلامة السيوطي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 144، ط. دار الكتب العلمية): [القاعدة العشرون: المتعدي أفضل من القاصر] اهـ.
الأفضلية بين الصدقة ونافلة الحج والعمرة
ونص جماعةٌ من السلف الصالح على أنَّ الصدقة أفضل من التطوع بالحج والعمرة؛ لأن الصدقة عبادة متعدية، أما الحج والعمرة تطوعًا فعبادتان قاصرتان على صاحبهما.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السرور إدخال السرور الإفتاء دار الإفتاء السرور على أفضل من ى الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: التوكل على الله يبدأ بالثقة الكاملة والرضا بأمره
أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، أن التوكل على الله يتطلب أولًا الثقة الكاملة به سبحانه وتعالى، لافتًا إلى أهمية أن تكون ثقتنا بالله أعظم من ثقتنا بما نملكه بأيدينا، وأضاف أن التوكل الصحيح يعني التسليم لأمر الله والرضا بقضائه، مما يمنح الإنسان راحة نفسية وسكينة داخلية تجعله يواجه العالم بقلبٍ مفتوح وابتسامة دائمة.
الرضا سر السكينة والهدايةوأشار جمعة إلى أن الرضا بفعل الله يعكس حالة من التسليم التام، موضحًا أن مشايخنا الكبار -رضي الله عنهم- كانوا قدوة في هذا المجال. فقد كانوا يتعاملون مع الناس برفق ولطف، حتى مع من جاءهم معترفًا بذنوبه، فلم يكونوا يعنفونه أو يوبخونه، بل يوجهونه نحو طريق الهداية دون أن يفضحوا سره أو يخوضوا في عرضه.
وأضاف أن هؤلاء المشايخ كانوا يرون أنفسهم دائمًا في حاجة إلى الله، ويرفضون الحكم على الآخرين. وكان أحدهم يقول: "أنا لا أعرف مكانة أي إنسان عند الله؛ قد يكون من ارتكب المعصية قد تاب وأصبح من كبار الأولياء".
التعامل مع الخلق بوعي التوكلأكد جمعة أن مشايخنا علمونا أن "دع الخلق للخالق" هو أساس التعامل مع الآخرين، مشيرًا إلى أن الحكم على الناس أو التكبر عليهم بسبب الطاعة هو نوع من الفساد القلبي. واستشهد بحديث النبي ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».
التحذير من التكبر والانشغال بعيوب الآخرينأوضح جمعة أن التكبر على الناس ورؤية النفس أفضل منهم هو فساد قلبي خطير. وأشار إلى أن انشغال الإنسان بعيوب الآخرين بدلًا من عيوبه هو علامة على فقدان التوازن الروحي والنفسي، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «طوبَى لمن شغلَهُ عيبُهُ عن عيوبِ النَّاسِ».
اختتم الدكتور جمعة رسالته بالتأكيد على أهمية التوكل على الله، والثقة برحمته وعدله، والرضا بأمره. فبهذا التوكل والرضا تهدأ النفس، ويصبح الإنسان قادرًا على التعامل مع الآخرين برحمة وحب، مما يفتح أبواب الهداية والخير.