حسابات مؤيدة لفاغنر لا تزال نشطة على مواقع التواصل
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
كشف تقرير جديد، صدر عن معهد الحوار الاستراتيجي (ISD)، ومقره لندن، أن صفحات ومحتويات على فيسبوك وإنستغرام، مؤيدة لمجموعة "فاغنر" الروسية، لا تزال نشطة.
يأتي ذلك، رغم مرور عدة أشهر منذ أن تعهدت شركة "ميتا" المالكة لهما بإزالة أي محتوى "يمجد" المجموعة.
ووجد المعهد الذي أعد دراسة بالخصوص، نشر تقريرها النهائي، الأربعاء، أن هناك أكثر من 110 حسابات مؤيدة لفاغنر تعمل بأكثر من 12 لغة عبر منصات "ميتا" المختلفة، وأن تلك الحسابات تدعو من خلال العديد من منشوراتها إلى تجنيد مزيد من الأشخاص، بينما تتضمن بعضها صورا للعنف أو ثناء صريحا على المجموعة، التي تصفها واشنطن وعدة دول أخرى بأنها منظمة إجرامية عابرة للحدود.
وعلى الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي تلك، تتحدث رسميا باسم مجموعة فاغنر، إلا أن العديد منها على الأقل انتحل صفة المنظمة، حسبما قال معهد الحوار الاستراتيجي (ISD) ومقره لندن، والذي قام بالدراسة.
تقرير الدراسة، قال، إنه حتى لو لم تكن الحسابات مرتبطة بشكل مباشر بمجموعة فاغنر، إلا أن المحتوى الذي تقوم بنشره ينتهك شروط "ميتا".
ويؤكد هذا، وفق التقرير، على كيفية تمكن المجموعة العسكرية بقيادة يفغيني بريغوجين (أو ربما المعجبين بها) من الالتفاف على سياسة "ميتا" لمحاربة "المنظمات الخطرة" مثل "فاغنر".
وقالت شركة "ميتا"، الخميس، حسب ما نقلته شبكة "سي أن أن" إنها بصدد تقييم الحسابات التي تم إبرازها في التقرير، مجددة تأكيدها على أن مجموعة فاغنر لا يُسمح لها بالتواجد على منصاتها وإنها تقوم بإزالة الصفحات والمنشورات بانتظام عندما تُحدد أن لها علاقات واضحة بالمنظمة.
وفي مايو، بعد تقارير عن استخدام "فاغنر" لمنصات التواصل الاجتماعي لتعزيز جهود التوظيف، قالت "ميتا" إنها حظرت المجموعة بموجب سياسة المنظمات الخطيرة.
وفي ذلك الوقت، قالت الشركة إنها ستزيل أيضا المحتوى الذي يثني عليها (فاغنر) أو يدعمه "عندما ندرك ذلك، بما في ذلك المنشورات التي تهدف إلى التجنيد".
وسواء كانت فاغنر وراء الحسابات التي كشفت عنها الدراسة أم لا، فإن قائدها بريغوجين مرتبط منذ فترة طويلة بعمليات تستغل وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا باحثين ومسؤولين أميركيين.
واعترف رئيس فاغنر في فبراير بتأسيس وكالة أبحاث الإنترنت، وهي "ترول فارم" والتي سبق وأن صنفتها واشنطن بين المنظمات التي حاولت التأثير في سلوك الناخبين خلال الانتخابات الأميركية.
وسياسة المنظمات الخطرة التابعة لـ "ميتا"، والتي تغطي أيضا حركات مثل QAnon الأميركية التي تسوق لنظريات المؤامرة، تُقيّد المواد التي تحرض على العنف.
وتؤثر قيودها الأكثر صرامة على ما تسميه "ميتا" كيانات "المستوى 1"، والتي تدعو إلى "العنف ضد المدنيين، وتجريد الأشخاص من إنسانيتهم أو الدعوة إلى إلحاق الأذى بأشخاص استنادا إلى خصائص محددة، أو الانخراط في عمليات إجرامية ممنهجة".
وأكدت "ميتا" لشبكة "سي أن أن" أن مجموعة "فاغنر" من "المستوى 1" وهذا يعني أنها لا تسمح "بالثناء عليها ودعمها أو قادتها أو مؤسسيها أو أعضائها البارزين".
لكن بيان الشركة، الخميس، يشير إلى أن الحظر ينطبق في المقام الأول على المحتوى الذي يمكن أن يؤدي مباشرة إلى المجموعة، وليس من قبل أتباعها أو مؤيديها.
وأضافت "ميتا" أنه في الربع الأول من عام 2023، أزالت 14.5 مليون محتوى ينتهك سياستها للمنظمات الخطرة، وتم التصرف في 99٪ من الحالات قبل إبلاغ المستخدمين.
لكن تقرير معهد الحوار الاستراتيجي، يلقي الضوء على إمكانية وجود محتوى إضافي لم تكتشفه أو تزيله "ميتا".
وهياكل "فاغنر" ليست واضحة، وغالبا ما تعمل الأنشطة المرتبطة برئيسها بريغوجين من خلال شبكة من الشركات الخارجية غير المصرح بها.
لكن المنشورات والحسابات التي اكتشفها المعهد، بحسب تقريره، نشرت "تفاصيل اتصال" لشركة "فاغنر" والتي تضمنت أرقام هواتف حقيقية وقنوات "تلغرام" وروابط تؤدي إلى موقع "فاغنر" الرسمي.
وقال التقرير إن منشورات أخرى عرضت محتوى يمجد الجماعة، بما في ذلك إعلانات الفيديو التي تصور المرتزقة في مشاهد درامية ومسرحية أو تقدم شهادات لفاغنر على أنها "عائلة كبيرة".
ووفقا لذات لتقرير، فإن ثلاثا من صفحات "فيسبوك" التي تم تحديدها على أنها مرتطبة بفاغنر، كانت تشارك بشكل روتيني محتوى مؤيدا للمجموعة، وذلك باللغة العربية، إلى ما مجموعه أكثر من 136000 متابع.
وقال المعهد الذي قام بالدراسة، إن تلك الصفحات كانت داعمة لـ"فاغنر" منذ ديسمبر الماضي، ما يعني أن أنشطتها بدأت قبل دخول حظر "ميتا" حيز التنفيذ واستمرت على الرغم من التغيير في سياسة الشركة.
وجاء في التقرير "المنشور الأكثر تداولا، هو مقطع فيديو حصد أكثر من 712000 مشاهدة، يُظهر قوات مرتزقة فاغنر تختبر دبابات في أوكرانيا".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري