تحليل.. بشار الأسد باكتافه النحيلة ومصافحته الرخوة ولدعة لسانه مقارنة بنظام صدام حسين
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
تحليل بقلم الزميل بـCNN، إيفان واتسون
(CNN)-- أكتاف نحيلة، ومصافحة رخوة، ولدعة ناعمة في كلامة، كانت تلك أبرز الذكريات من لقائي مع بشار الأسد، كان ذلك في عام 2007، وكان التمرد ضد القوات الأمريكية مستعرًا في العراق المجاور، وكان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، وهو بعثي علماني مثل الأسد، قد أُعدم قبل ستة أشهر فقط.
لكن الزعيم السوري آنذاك، الذي خلف والده حافظ قبل سبع سنوات، كان يمثل تناقضا ثابتا مع الفوضى التي تجتاح العراق المجاور.
استقبلنا الأسد من دون حاشية كبيرة، وهو يطوي جسده الطويل على كرسي في أعلى الغرفة. لم يتم تفتيشنا جسديًا في أي مرحلة، وأظهر فريقه الأمني ثقة مطلقة، من خلال بقاء غير مرئي في الغالب، وكان الافتراض هو أن أجهزة الأمن السورية التي نهابها كثيرًا كانت تراقبنا منذ لحظة وصولنا إلى دمشق، وربما كانت تقوم أيضًا بتفتيش غرفنا والاستماع إلينا.
لم أكن أعلم حينها أن هذا الرجل الطويل النحيف الذي يرتدي بدلة سيكون يومًا ما من أشد المعارضين للربيع العربي، وسيبقى على قيد الحياة حيث سقط زعماء إقليميون أقوياء آخرون من خلال إطلاق العنان لحملة قمع وحشية أغرقت بلاده في 13 عامًا من الحرب الأهلية، فقط ليرى بعد ذلك انهيار حكم سلالته في غضون أيام.
كنت مع مجموعة تضم أكثر من عشرة مراسلين ومحررين من الإذاعة الوطنية العامة. نقلنا أسطول من سيارات الليموزين السوداء ترافقها دراجات نارية من فندق فور سيزونز الفاخر في دمشق إلى قصر على تلة تطل على المدينة.
خلال مناقشة استمرت ساعة أجريت بالكامل تقريبًا باللغة الإنجليزية في عام 2007، نفى الأسد بشكل قاطع العديد من الاتهامات ضد نظامه.
لا، لم يكن لسوريا أي دور في سلسلة اغتيالات لمنتقديها في لبنان المجاور، ونفى وجود خط أنابيب من المقاتلين الجهاديين الذين يعبرون سوريا للقتال في العراق. ورداً على أسئلة حول افتقار سوريا إلى الحريات الصحفية ونظام حكم الحزب الواحد، انخرط في سياسة "ماذا عن" الكلاسيكية. ولم يُظهر أي مسؤولية أو ندم على الإطلاق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان السورية، وبدلاً من ذلك قام بتجاهل وتسليط الضوء على أمثلة الانتهاكات الأمريكية في العراق.
01:25بينما عاش شعبه "تحت خط الفقر".. لقطات تُظهر ثروة بشار الأسد الهائلة بالقصر الرئاسيالقصور والسجون
لم يكن الأسد متفاخرا مثل زميله الدكتاتور صدام، الذي كانت قصوره الهائلة في العراق مغطاة بالذهب، لكن السوريين الذين يستكشفون الآن ممتلكات الأسد المهجورة كشفوا أن طبيب العيون السابق الذي تحول إلى الرئيس كان لديه بالتأكيد ذوقه الخاص في الرفاهية، وأظهر أحد مقاطع الفيديو عشرات السيارات الفاخرة متوقفة في مرآب الرئيس، بما في ذلك سيارة فيراري F50 حمراء، ولامبورغيني، ورولز رويس، وبنتلي.
ومن ناحية أخرى، ترسخت سمعة نظامه في الوحشية المطلقة منذ فترة طويلة، خلال الحرب الأهلية التي استمرت 14 عاماً دموية، بساط الريح. دولاب. الفلقة. كانت هذه أسماء عربية لأساليب التعذيب رددها لي السوريون الذين سُجنوا خلال حملة قمع النظام للانتفاضة المناهضة للحكومة التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد في عام 2011. وسرعان ما أصبحنا على دراية بها.
وقال طارق، وهو ناشط معارض من مدينة اللاذقية الساحلية، والذي روى لي الأيام الأربعين التي قضاها في الحبس الانفرادي: "لقد عانينا من التعذيب طوال الوقت"، موضحا من منفاه في تركيا أن الدولاب، كان ينطوي على إدخال رأس الضحية في إطار سيارة وضربه. بساط الريح كان عندما يتم ربط السجين إلى لوح وضربه. تتضمن الفلقة ضرب قدمي الضحية.
وفي محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، أجريت مقابلة مع طبيب أسنان في عام 2012 تم اعتقاله لأنه قدم سراً الرعاية الطبية للمتظاهرين الجرحى، وقال إنه تعرض للضرب، وكاد أن يغرق في دلاء من مياه المراحيض، والصدمات الكهربائية في أعضائه التناسلية خلال 45 يوما قضاها في زنزانة سجن مصممة لاستيعاب 60 شخصا، لكنها كانت مكتظة بـ 130 سجينا.
05:39تشبث بذراعها بقوة بكلتا يديه.. شاهد الحالة التي وجدت عليها مراسلة CNN معتقلًا بسجن سري في سورياوفي نهاية المطاف، نجحت قوات الأسد، بدعم من إيران وروسيا وحزب الله اللبناني، في استعادة السيطرة على جزء كبير من سوريا، وبقيت السجون مليئة بالسجناء واستمر التعذيب، ثم، في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني، كما يقول المثل: "هناك عقود من الزمن لا يحدث فيها شيء؛ ثم هناك أسابيع حيث تحدث فيها عقود ن الزمن"، إذ أدى هجوم المتمردين إلى تفكك نظام الأسد في أقل من أسبوعين بقليل.
إن حشود السوريين اليائسين بحثاً عن علامات أحبائهم المفقودين خارج سجن صيدنايا العسكري تؤكد قسوة دكتاتورية الأسد الحاكمة، وخرج السجناء السوريون واللبنانيون من الزنزانات السورية كما لو أنهم بعثوا من جديد، بعد أن كانوا ضائعين لعقود من الزمن.
01:49الكبتاغون.. شاهد ما تم رصده في مقر فرقة عسكرية لشقيق بشار الأسدالسخرية والنفاق
خلال 53 عاماً من حكم أسرة الأسد، لعبت دمشق لعبة ساخرة بشكل لا يصدق في السياسة الإقليمية، فهذه الحكومة العلمانية الشديدة التي قصفت مدينتها حماة عام 1982 لسحق انتفاضة الإخوان المسلمين، قامت فيما بعد بإرسال المقاتلين الجهاديين السنة إلى العراق لمحاربة الاحتلال الأمريكي. وعاد بعض هؤلاء المسلحين لمحاربة الحكومة السورية في نهاية المطاف. ومن ناحية أخرى، كان أقرب حلفاء سوريا أيضاً هم إيران ــ الدولة الثيوقراطية ــ وحزب الله الشيعي في لبنان.
ولعقود من الزمن، عملت دمشق كراعية للانفصاليين الأكراد في حزب العمال الكردستاني في تمرد طويل الأمد ضد الحكومة في تركيا المجاورة، بينما حرمت أيضًا العديد من الأكراد المولودين في سوريا من حقوق المواطنة الكاملة.
وكان المسؤولون السوريون يدينون باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حتى في حين قامت القوات العسكرية السورية والشرطة السرية السورية بتعذيب الناس العاديين عند نقاط التفتيش في لبنان أثناء الاحتلال السوري الذي دام ما يقرب من ثلاثين عاما.
12:13أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال ويكشف تفاصيل تمرد 2008 بسجن صيدناياوكانت هذه التناقضات الأيديولوجية مذهلة. كما أنها عملت أيضاً على إبراز القوة والنفوذ السوريين خارج حدود البلاد، إن النفاق والسخرية التي أظهرها الأسد كانت مسألة عائلية.
وفي مقابلة مع شبكة CNN عام 2009، أدانت زوجة الرئيس، المولودة في بريطانيا، أسماء، مزاعم انتهاكات الجيش الإسرائيلي لحقوق الإنسان المرتكبة في غزة، وتحدثت عن مسؤوليات كونها السيدة الأولى، "ماذا تفعل في المنصب الذي تشغله؟" أجابت: "كأم وكإنسان، كما قلت، نحن بحاجة للتأكد من أن هذه الفظائع تتوقف"، ولكن بعد ثلاث سنوات، وقفت بفخر إلى جانب زوجها، متجاهلة الفظائع التي ارتكبتها قوات الحكومة السورية خلال الحرب الأهلية، والتي شملت القصف المتكرر للمستشفيات.
هناك ذكرى واحدة عن رحلة صحفية إلى دمشق لا تزال تطاردني، ففي عام 2005، تخفيت وتظاهرت كسائح يزور ملهى ليليًا على تلة تطل على المدينة، وهناك، وسط الأضواء المبهرة وموسيقى الرقص المزدهرة، تحدثت مع فتيات تتراوح أعمارهن بين 14 و15 عاماً من العراق المجاور الذي مزقته الحرب، ويعملن في الدعارة. وكان بعض الأولاد والبنات الذين يعملون في بيت الدعارة هذا أصغر سناً، ويقع الملهى الليلي على بعد أميال قليلة من قصر الأسد الرئاسي.
02:32مكان بشار الأسد في روسيا.. إليك ما نعرفه مع تزايد الغموضوفي بلد تسيطر عليه الشرطة السرية السورية بلا رحمة - حيث يتم سحق أي علامة معارضة بسرعة - فمن المستحيل أن نتصور أن السلطات لم تكن على علم بوجود النادي والعمل الذي كان الأطفال يقومون به هناك، كان من الصعب أن أتخيل الرجل النحيل صاحب لدعة اللسان الذي التقيت به وهو يحكم هذا النوع من النظام، ومع ذلك فقد حكم الأسد كرئيس لمدة 24 عامًا، لقد كتب رجال أكثر حكمة مني عن تفاهة الشر، واستناداً إلى ما رأيته منذ فترة طويلة خلال مقابلتي التي استمرت لمدة ساعة مع دكتاتور، فقد جسد بشار الأسد ذلك.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: بشار الأسد المعارضة السورية النظام السوري بشار الأسد تحليلات صدام حسين بشار الأسد فی العراق فی عام
إقرأ أيضاً:
قصة وحقيقة الشاب اليمني الذي خرج من سجون بشار الأسد فاقداً للذاكرة بعد 12 عاماً قضاها معتقلاً ومخفياً
نفى أقارب الدكتور اليمني رياض أحمد العميسي المخفي قسراً في سجون النظام السوري المخلوع، منذ 2013م، أن تكون الصورة المتداولة عائده له. وقال بعضهم لمأرب برس أنهم ليسوا متأكدين ما اذا كان هو أو لا، نظرا للتغيير الكبير في الملامح.
وكان ناشطون يمنيون وسوريون قالوا أن شابا يمنيا كان معتقلا في أحد سجون نظام بشار الأسد بسوريا منذ 12 عامًا، خرج بعد سقوط نظام الأسد قبل يومين،فاقدا للذاكرة.
وفي التفاصيل، كتب الناشطون انه تم التعرف على المعتقل في سجون النظام السوري، الدكتور اليمني رياض أحمد عبدالله العميسي، من ابناء محافظة حجة، وهو معتقل في سوريا منذ عام 2013، لكن بعضًا من أقاربه في اليمن لم يتأكدوا من الصور المنشورة، وفق ما رصده محرر مأرب برس.
الدكتور العميسي ذهب إلى سوريا لإكمال دراسته العليا وعمل بجراحة العظام في مستشفى حرستا، ثم اعتقل عام 2013م كغيره الآلاف الذين زج بهم نظام المخلوع بشار الاسد في السجون بدون محاكمات أو تهم واضحة.
في ذات العام (2013)، نفذ أهل الطبيب العميسي، وقفات احتجاجية أمام السفارة السورية في صنعاء للمطالبة بالكشف عن مصيره، وتم اللقاء بالسفير السوري لدى اليمن، حينها ووعدهم، بمتابعة موضوعه، لكن لم يتحقق شيء.
ويومها افادت السفارة اليمنية أنها تلقت بلاغ من أحد زملاء العميسي بتاريخ 22/1/2013م أنه أختفى من شقته منذ عشرين يوما وقيل انه احتجز لدى الاستخبارات الجوية التابعة للنظام السوري، أما اهالي العميسي فقالوا حينها أن ابنهم متواجد في سوريا بشكل نظامي وليس لدية مشكلة مع أي طرف.
العميسي ظل معتقلا ومخفيا في سجن حرستا طيلة هذه الفترة حسب افادة عائلة زميل كان معه، وربما جرى نقله لسجون أخرى مثل سجن صيدنايا.
و أنكر النظام السوري معرفته بمكان تواجده بعد محاولات لمعرفة مصيره حتى قيل أنه قتل. .
وعُرف عن الدكتور رياض أنه كان من اكثر الشباب الداعمين لجميع الطلبة اليمنيين الجدد القادمين للدراسة في سوريا.
وشاهد العالم، بعد سقوط الأسد عدد كبير من المعتقلين، حررتهم فصائل المعارضة من سجون النظام الموزعة على مدن ومناطق سوريا، أبرزها سجن صيدنايا سيء السمعة.