انكفاء إيراني على العراق…
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
آخر تحديث: 12 دجنبر 2024 - 10:23 صبقلم: خيرالله خيرالله في ضوء سقوط النظام العلوي في سوريا، وهو نظام ارتبط عضويا بـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” في عهدي الأسد الأب والأسد الابن، لم يعد أمام “الجمهورية الإسلاميّة” في إيران سوى اتّباع سياسة الحدّ من الأضرار. سيترتب عليها ذلك من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مشروعها التوسعي في المنطقة.
هذا إذا كان في الإمكان إنقاذ هذا المشروع ذي الطابع التدميري لكلّ ما هو عربي في المنطقة.لا مفرّ من اتّباع سياسة الحدّ من الأضرار التي لحقت بها، خصوصا مع فرار بشّار الأسد من سوريا. جعلت هذه السياسة الإيرانيّة حكومة محمّد شياع السوداني في وضع لا يحسد عليه، خصوصا أنّ “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران مصرّة على وضع العراق في الواجهة وإحكام سيطرتها عليه. لم يعد سرّا أن إيران كانت تدفع في اتجاه تدخل عراقي عسكري في سوريا، علما أن ذلك لم يكن يقدّم ولا يؤخر. لم يكن التدخل العسكري العراقي ليمنع خروج النظام السوري من المأزق العميق الذي عانى منه والذي توج بخروج بشّار الأسد من السلطة بعدما أمضى أربعة وعشرين عاما رئيسا. بين تلك السنوات، كانت سنوات ثورة شعبيّة استمرت ثلاثة عشر عاما تولت خلالها إيران وروسيا مهمّة بقاء بشّار الأسد جاثما على صدور السوريين. مرّة أخرى سيطرح السؤال نفسه المتعلّق بموقع العراق في المنطقة وما إذا كان في استطاعته الخروج من الهيمنة الإيرانيّة التي بدأت في العام 2003؟ وقتذاك، سلمت إدارة جورج بوش الابن العراق على صحن من فضّة إلى إيران.لم يعد من شكوك في أنّ إيران تنكفئ في اتجاه العراق الذي تسعى إلى الاحتفاظ به مرتكزة على نقطتين أساسيتين. النقطة الأولى هي “الحشد الشعبي” الذي ليس سوى مجموعات ميليشيات مذهبيّة مرتبطة بـ”الحرس الثوري” بطريقة أو بأخرى. النقطة الأخرى حكومة محمّد شياع السوداني التي ليست، منذ تشكلت، سوى امتداد للنفوذ الإيراني في العراق وتعبير عنه. تلقّى المشروع التوسعي الإيراني في الأشهر القليلة الماضية سلسلة من الضربات القويّة. قبل كلّ شيء، لم تعد غزّة موجودة. كان لإيران نفوذ كبير لدى “حماس” التي أقامت “إمارة إسلاميّة” في القطاع منذ منتصف العام 2007. بعد “طوفان الأقصى”، أزالت إسرائيل قطاع غزّة، مع ما يعنيه ذلك من سقوط شبه نهائي لـ”حماس”. لم يعد من ثقل يذكر لهذا التنظيم في غياب غزّة ذات المصير المجهول. كانت كلّ حسابات إيران المرتبطة بحرب غزّة خاطئة. لم تستوعب أبعاد “طوفان الأقصى”، وهو الهجوم الذي شنته “حماس” بقيادة يحيى السنوار على مستوطنات غلاف غزّة. لم تستوعب أنّ “طوفان الأقصى” سمح بحروب شنتها إسرائيل قتل فيها قياديو “حزب الله” وقضت فيها على جزء من الحزب الذي يعتبر الجوهرة الكبرى في تاج المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة. جاءت ضربة لبنان مباشرة بعد ضربة غزّة. لن يكون “حزب الله”، الذي ورط نفسه ومعه البلد في حرب مع إسرائيل، الحزب نفسه في ظلّ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين لبنان والدولة العبريّة. لن يعود لبنان ملكا لإيران كما كانت عليه الحال قبل اغتيال حسن نصرالله في أيلول – سبتمبر الماضي. بكلام أوضح، لم يعد قرار السلم والحرب في لبنان في تصرّف إيران. جاءت الضربة الأكبر للمشروع الإيراني في سوريا حيث انتهى النظام الأقلّوي، الذي راهنت عليه إيران طويلا. عندما شكّك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بمصير بشّار الأسد الذي فرّ من دمشق، كان ذلك دليلا على اعتراف إيراني بسقوط نظام كان نقطة الوصل بينها وبين لبنان منذ سنوات طويلة، منذ وقف حافظ الأسد في العام 1980 إلى جانب “الجمهوريّة الإسلاميّة” في حرب السنوات الثماني مع العراق. تعدّ إيران نفسها، منذ فترة لا بأس بها، تحسبا للحظة خسارة “حماس” ولبنان وسوريا. لم يعد لديها سوى العراق، فيما مسألة تخلّص اليمن من الحوثيين مسألة وقت ليس إلّا. سيكون عليها الارتداد في اتجاه العراق الذي بات خط الدفاع الأوّل عن نظام “الوليّ الفقيه” الذي وجد في تصدير أزماته إلى خارج حدوده الحلّ الوحيد للعجز عن تحويل إيران إلى دولة طبيعية في المنطقة. رفع النظام الذي أسّسه آية الله الخميني في كلّ وقت شعار “تصدير الثورة”. لم يكن الشعار في واقع الحال سوى تصدير للبؤس والميليشيات المذهبيّة. شهد العراق، قبل تشكيل الحكومة الحالية محاولة لإيجاد توازن بين الجار الإيراني من جهة والانتماء إلى المنطقة العربية من جهة أخرى. يمتلك العراق عمقا إستراتيجيا خليجيا وعمقا مشرقيا في الوقت ذاته. كان في استطاعة العراق لعب دور مهمّ على صعيد التوازن الإقليمي في مرحلة معيّنة. حالت إيران، التي جاءت بمحمد شياع السوداني إلى موقع رئيس الوزراء، دون ذلك. سيزداد تعلّق إيران بالعراق، مع فقد “الجمهوريّة الإسلاميّة” أوراقها الإقليمية الواحدة تلو الأخرى وانكشاف ضعفها الداخلي. ليس اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” في قلب طهران سوى تعبير عن هذا الضعف الإيراني الذي سيسمح بتغيير النظام القائم عاجلا أم آجلا…ليس معروفا ما الذي ستفعله إيران من أجل تأكيد أنّ مشروعها التوسّعي لا يزال حيا يرزق. كذلك، ليس معروفا هل العراق مقبل على أحداث داخلية يؤكّد من خلالها العراقيون هل هم على استعداد لبقاء بلدهم مجرّد ورقة إيرانيّة… أم يرفضون ذلك؟ أسئلة كثيرة تفرض نفسها في الأسابيع والشهور القليلة المقبلة. بين هذه الأسئلة موقع العراق في المنطقة والدور الذي سيلعبه فيها وهل يبقى “ساحة” إيرانيّة أم لا؟ تأتي كلّ هذه الأحداث في وقت لم يعد سرّا أنّ هناك إعادة رسم لخريطة المنطقة. ينقص المشهد الشرق أوسطي غياب يحيى السنوار الذي لن يشاهد بأمّ عينيه ما الذي فعله عندما اتخذ قراره بشنّ “طوفان الأقصى”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الجمهوری ة الإسلامی ة طوفان الأقصى الإیرانی فی فی المنطقة إیرانی ة لم یعد
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: العراق ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة
آخر تحديث: 16 أبريل 2025 - 1:21 م السليمانية/ شبكة أخبار العراق- أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، اليوم الأربعاء، أن العراق يشهد تحولاً نوعياً في واقعه السياسي والأمني، لم يعد معه بحاجة إلى استمرار عمل بعثة الأمم المتحدة، داعياً إلى الحفاظ على المكتسبات المتحققة خلال السنوات الماضية والبناء عليها نحو مستقبل أكثر استقراراً.وقال الحسان، خلال كلمته في منتدى السليمانية التاسعة ، إن “العراق وصل إلى مرحلة لم يعد فيها بحاجة إلى بعثة الأمم المتحدة، وهو مؤشر واضح على تحسن الأوضاع في البلاد، لاسيما في ما يتعلق بالجوانب الأمنية والسياسية”.وأضاف أن “البلاد مقبلة على استحقاق دستوري مهم يتمثل في الانتخابات، والأمم المتحدة تواصل دعمها لهذا المسار بما يضمن إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، ويعزز مسار التنمية والإصلاح”.وشدد الحسان على أن “استقرار العراق يمثل ركيزة أساسية لاستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها”، لافتاً إلى أن “المنطقة عانت على مدى أربعة قرون من الاحتلالات والتدخلات الخارجية، وحان الوقت لشعوبها أن تنعم بالأمن والاستقرار”.وتابع: “قبل سنوات قليلة، كانت مشاهد قتل الأطفال في العراق وغزة تحدث أمام أعين المجتمع الدولي، إلى جانب الجرائم التي ارتكبتها الجماعات المتطرفة بحق مكونات دينية وعرقية، ومنها بيع النساء الإيزيديات كسلع، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق”.وختم الحسان حديثه بالدعوة إلى “تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لإطلاق العنان لواقع جديد في المنطقة، يكون عنوانه الاستقرار والسلام والكرامة الإنسانية”.