الخماسية عند بري: الانتخاب مؤكد ومواصفات ولا أسماء
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
قرر سفراء "المجموعة الخماسية" استئناف تحركهم من عين التينة، قبل أقل من شهر من موعد جلسة انتخاب رئيس في التاسع من كانون الثاني المقبل، بهدف إطلاق زخم جديد يترافق مع وقف النار وبدء تنفيذ القرار الدولي 1701، بحيث يتزامن مع وضع المسار السياسي على السكة.
وكتبت سابين عويس في " النهار": منعاً لأي اجتهادات يمكن أن تُعطى للقاء السفراء برئيس المجلس نبيه بري في ظل السباق المحموم، وإن غير المعلن بين المرشحين المحتملين للرئاسة، فقد حرص السفير المصري علاء موسى بعد اللقاء على تجديد تأكيد الثوابت التي انطلقت منها اللجنة في عملها، وأساسها اثنتان: تثبيت أهمية انتخاب الرئيس في الجلسة المقبلة، علما أن مواصفاته لم تتغير، وهي نفسها التي أقرت في "إعلان الدوحة" عام 2023، أي أن المتغيرات الأخيرة لم تؤثر في تلك المواصفات ولم تدفع إلى تعديلها بحثاً عن رئيس يقارب ظروف المرحلة.
وبحسب المعلومات المتوافرة عن اللقاء، فإن المجتمعين لم يطرحوا أسماء والتزموا حصر النقاش في المواصفات، منوهين بالتزام رئيس المجلس كلمته، إن على صعيد قيادة مفاوضات وقف النار وإيصالها إلى اتفاق، أو على صعيد الايفاء بتعهده عقد جلسة لانتخاب رئيس. وفي هذه النقطة، كان تشديد من بري على أنه سيدير الجلسة على طريقة الفاتيكان في انتخاب البابا، أي لا خروج قبل تصاعد الدخان الأبيض. ولهذه الغاية، دعا سفراء السلك الديبلوماسي إلى حضور الجلسة، ليس لتأكيد انعقادها، بل لوضع النواب أمام مسؤولياتهم في فضح أي تقاعس أو تلاعب بهدف تعطيل النصاب.
في المناقشات أيضاً شكر وجهه بري للسفراء على جهودهم "في انتخاب الرئيس الذي نريد وليس الرئيس الذي تريدون".
ولكن إلى أين يقود هذا الكلام الإيجابي والتنويه المتبادل؟ ومن هو الاسم الذي سيحظى بالتوافق المشار إليه؟
صحيح أن الجلسة لم تتطرق إلى الأسماء المطروحة، لكن اجتماع بري برئيس "تكتل "لبنان القوي" النائب جبران باسيل غداة لقائه سفراء المجموعة الخماسية، يؤشر لجدية الاتصالات والمشاورات من أجل إنضاج جلسة التاسع من كانون الثاني. وفي هذا السياق، تفيد المعلومات أن لائحة الأسماء الأوفر حظاً حتى الآن بدأت تضيق لتنحصر بين جنرالين هما المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري والمدير السابق للمخابرات العميد الركن جورج خوري الذي يأتي على رأس أفضليات محور بري- حزب الله - باسيل، فيما لا يزال ترشيح قائد الجيش يواجه عقبات داخلية، فهو يحظى بدعم دولي لكنه يفتقر الى توافق داخلي، إذ يتقاطع باسيل و"القوات اللبنانية" وثنائي بري- "حزب الله" على رفضه.
أما على المستوى المدني، فالأسماء تراوح بين الوزيرين السابقين ناصيف حتي وزياد بارود. وبحسب مصادر سياسية مواكبة لحركة الاتصالات، فإن الأوفر حظاً بين المرشحين هو الاسم الذي ينجح في حصد أصوات اثنين من أصل ثلاثة: "القوات" أو الثنائي أو باسيل الذي يسعى إلى دور بيضة القبان المسيحية. وفي ظل رفض "القوات" ترشيح خوري، من الصعب حسم انتخابه، كما هو حاصل الآن في الأوساط المؤيدة له!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس توافقي قبل 20 كانون الثاني ...أو التسليم لمشيئة ترامب بعد هذا التاريخ
تتدحرج كرة الحرب من غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" إلى لبنان فسوريا، بحيث أن التوغل الإسرائيلي العسكري في جنوبها وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق. فقوات العدو الإسرائيلي وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا. وقد استغل جيش العدو انسحاب قوات الجيش السوري من مواقعها العسكرية بعد مغادرة الرئيس بشار الأسد، البلاد، من دون إخطار أعضاء حكومته أو جيشه بخطته للمغادرة، ودخول فصائل المعارضة الى العاصمة، ليتوغل في مناطق استراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا، فضلاً عن "تدميره مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل" وفق ما أعلنت الإذاعة الاسرائيلية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "بلاده تريد إقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة، محذرًا من أن إسرائيل سترد بقوة على أي تهديدات أمنية".
ومما لا شك فيه أن تغييرات حقيقية طرأت وقلبت المشهد السوري، وما قامت به تركيا حصل بموافقة الإدارة الأميركية الحالية والمنتخبة، وما يجري ينبئ بمتغيرات كثيرة في المنطقة خلال الفترة الفاصلة عن العشرين من كانون الثاني والتي قد تشهد ما لم يكن في الحسبان أيضاً، والأكيد أن المنطقة كلها لن تنسى حقبة الرئيس الديمقراطي جو بايدن التي استغل أشهرَها الأخيرة بنيامين نتنياهو متجاوزاً كل الخطوط الحمر، فهو يخرق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان ويعلن انهيار اتفاق فض الاشتباك بشأن الجولان، وبالتالي فإن جنون ترامب مستمر حتى الربع الساعة الأخير من ولاية بايدن، ومرد ذلك أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد تصفير المشاكل والحروب فور دخوله البيت الأبيض.
مصادر لبنانية- أميركية تقول لـ"لبنان24": شتان ما بين السياسة الأميركية الديمقراطية التي انتهجت في السنوات الماضية تفاهمات مع إيران والتي استنسخت سياسات الرئيس الأسبق باراك اوباما، وما بين سياسة الإدارة الأميركية المنتخبة. فبعد عقود من توجه الديمقراطيين إلى تفاهم مع إيران باعتبار أنه أساس الاستقرار في المنطقة ويحمي الغرب من التطرف السني إلى حد أن الرئيس أوباما وفي خلال الحرب السورية التي بدأت في العام 2011، بعث المسؤول السابق في الشرق الأوسط في البيت الابيض ستيفن سيمون إلى دمشق يومذاك ليطمئن الرئيس الأسد بأن الولايات المتحدة الأميركية ليست في وارد دعم أي انقلاب ضده، سيعود ترامب لينسف سياسة الديمقراطيين الخارجية والتي يعتبر أنها أضرت بالولايات المتحدة. أما إسرائيل فكانت ترى لسنوات خلت ضرورة في بقاء النظام السوري على اعتبار أن العدو الذي تعرفه أفضل من العدو الذي لا تعرفه، وأن الأسد كان لسنوات طوال ملتزماً بالاتفاق بشأن الجولان.
عملية طوفان الاقصى التي قلبت المعادلات ونسفتها، أعقبها بعد عام وشهر انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية والذي سوف يستلم السلطة في 20 كانون الثاني. وبعد هذا التاريخ ستدخل المنطقة في منعطفات جديدة، تقول المصادر نفسها. فواشنطن سوف تنتقل من الاتفاق مع إيران إلى عقد اتفاقات وتفاهمات مع دول الخليج العربي لا سيما السعودية، وتركيا.
وتضيف المصادر: لا إيران ولا أصدقاؤها في المنطقة تنبهوا لما يحاك لهم ولم يأخدوا التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، والكلام الذي كان يطرح عن الحلول السياسية سقط في غزة ولبنان وسوريا، والتي شهدت كلها بشكل متتالي منذ تشرين الأول 2023 حتى اليوم حلولاً عسكرية، علماً أن التطور الجديد في سوريا، منح تركيا مدى إقليمياً كبيراً بدعم من الإدارة الأميركية التي تتحضر للانسحاب من سوريا، فأرادت أن لا تترك سوريا في فراغ وسلمتها لتركيا التي كانت لمواقفها في مؤتمر الدوحة خلال اجتماع استانا الكلمة الفصل.
أمام ما تقدم، فالأمور في لبنان لن تكون بأفضل حال، فالانهيار في سوريا والذي صب في مصلحة تركيا يبشر، بحسب المصادر نفسها، بنهاية النفوذ الإيراني وتراجع قوة حزب الله. وفي الماضي أدى التفاهم الأميركي مع إيران في عهد أوباما إلى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وفي ولايته الأولى أيضاً تم التوصل إلى اتفاق الدوحة الذي حظي برعاية أميركية دولية والذي كرس ما يسمى بالثلث المعطل، أما اليوم فالأحداث في سوريا تلقي بظلالها على لبنان وتجعل من المستحيل انتخاب رئيس مقرب من حزب الله أو إيران، وربما قد تُصعب من انتخاب رئيس توافقي، فمواقف حزب القوات والقوى المسيحية الأخرى توحي بذلك، وكأنما هناك تحضير لكي يترشح الدكتور سمير جعجع للرئاسة، من دون أن يعني ذلك أن طريق بعبدا مفتوح أمامه.
ويمكن القول، بحسب المصادر اللبنانية - الأميركية إن الأحداث في سوريا أعادت إلى حد ما مشهداً شبيهاً بمشهد 14آذار في ما يتصل بالتقارب المسيحي- السني، لكن مع اختلاف وحيد، وهو أن سوريا اليوم ليست ضد هذا الفريق، في حين أن الثنائي الشيعي بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان ورحيل الأسد عن السلطة، في وضع صعب لا يحسد عليه، مع إشارة المصادر إلى أن العلاقة الإيجابية بين الرئيس نبيه بري والإدارة الأميركيّة الديمقراطية سوف ينتهي مفعولها في 20كانون الثاني، لذلك يفترض أن يدفع كل ذلك إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون وسطياً، فما بعد 20كانون الثاني سيكون من الصعب انتخاب رئيس وسطي توافقي، لأن السياسة الأميركية سوف تتغير بسرعة وربما يكون لبنان أمام سياسة أميركية أكثر تشدداً في ما يخص الملفات الداخلية كاستحقاق رئاسة الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة وتأليف الحكومة، علماً أن مستشار الرئيس ترامب لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط مسعد بولس، اعتبر، عقب دعوة الرئيس بري الى جلسة لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني المقبل، أن موضوع الرئاسة في لبنان شائك ومن صبر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين او ثلاثة بعد"،لكن الأهم، بحسب المصادر، هو في التحول الجذري في السياسة الأميركية "الترامبية"والتي تتمثل في الإبتعاد عن سياسات أوباما وبايدن التفاهمية إلى حد ما مع إيران، والانفتاح على القوى السنية ومنها تركيا التي سوف تغطي ولو جزئياً الإنسحاب الأميركي من سوريا.
المصدر: خاص "لبنان 24"