كريم خان: محاكمة «كوشيب» تمثل بريق أمل في منتصف اندلاع صراع جديد
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
وصف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان محاكمة كوشيب بـ «اللحظة المهمة» للعدالة والمجني عليهم و الذين ينتظرون العدالة التي انتظروها منذ 20 عاماً.
التغيير: لاهاي ـــ أمل محمد الحسن
وبدأت أمس في لاهاي المرافعات الختامية في محاكمة علي عبد الرحمن التي تم الاستماع فيها إلى المدعي العام وفريقه وتستمر الجلسات حتى الثالث عشر من ديسمبر فيما ينتظر النطق بالحكم في غضون عشرة أشهر.
وقال خان في مرافعته الختامية الأربعاء مخاطبا القضاة: استمعتم للشهود والضحايا الذين أوضحوا أنهم يتوقون للعدالة ويريدون السلام والعودة لمنازلهم التي تركوها مراراً.
و أوضح خان أن المحكمة لن تتمكن من إيقاف الصراع المستمر عشرين عاما، ولكن ما يمكن أن يحدث أنها تضع في الاعتبار الأدلة الموثوقة من خلال محاكمة نزيهة والنظر للأدلة وتبعات الجرائم في 2003 و 2004 التي عانى منها شعب الفور وقال إنهم قاموا بكل ما بوسعهم مطالبين بالحكم بعد هذه القضية التي وصلوا فيها إلى مفترق طرق بحسب وصفه.
وقطع خان بأن روايات الشهود والأدلة ترسم الصورة للوقائع الإجرامية و تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن كوشيب قام بإرتكابها عندما كان قائدا للجنجويد تسلحه حكومة السودان فيما الحقيقة أن الضحايا لم يكونوا ثوارا بل مدنيين عانوا من ندبات عاطفية ونفسية.
وقال المدعي العام للمحكمة إن الشهود في رواياتهم ذكروا القتل الجماعي والاغتصاب وحرق قرى كاملة فيما لا يستطيعون حتى اليوم العودة لموطنهم وتحملت أجيال ولدت في معسكرات النزوح تبعات الأمر.
وأكد خان أن رجال من الفور تعرضوا للاعتقال في “مكجر” و”دليج” من خلال أوامر تم تنفيذها بدون ندم تركت الأسر تعاني من صدمات مشيرا لاستماع المحكمة لأدلة تعرض المدنيين لأكثر نوع مهين من الاغتصاب أمام الأسر كما تم اغتصاب الأطفال.
واقتبس المدعي العام من شهادة إحدى الناجيات من الاغتصاب التي أكدت عدم قدرتها على مواصلة الدراسة بسبب الوصمة والعار، فيما يقول الأطفال الذين ولدوا نتيجة الاغتصاب إن الناس يشيرون إليهم وتشعر النساء بخيبة أمل لإنجابهم أطفالا من عدوهم! و أصاف “يجب أن نركز على الأطفال “الضحايا الصاموت”.
ووصف خان حياة الناس بالممزقة ليس بسبب حادث أو تسونامي ولكن عبر قرارات متعمدة سلبت حياتهم مشيرا إلى روايات الشهود التي أكدت موت طفلين إلى ثلاثة أطفال يومياً في مكجر.
وكشف المدعي العام عن رؤيته لتبعات هذه الأحداث في الزيارات التي قام بها إلى مخيمات أدري في الحدود التشادية مشيرا إلى أن المحاكمة تمثل بريق أمل في منتصف اندلاع صراع جديد.
وأضاف خان في مرافعته أن اتخاذ مجلس الأمن إحالة الحالة في دارفور للمحكمة جاءت ادراكا منه بضرورة المحاسبة لمعالجة التهديد للأمن والسلم الدوليين معربا عن شكره للمجلس في استمراره في دعم المحكمة.
وختم حديثه قائلا: “اليوم نقترب من نهاية الفصل الأول للقصة ونفي بوعدنا الذي قطعناه للمجني عليهم” وأضاف: “أؤمن أن هذه المحاكمة خطوة للأمام في طلب العدالة التي يمكن أن تقدم للشعب السوداني وللدارفوريين الذين عانوا بصورة بشعة”.
ورد فريق المدعي العام على محامي الدفاع بنفيه أن يكون علي عبد الرحمن هو نفسه علي كوشيب بل هو مجرد صيدلاني بريء بعرض عدد من الفيديوهات التي تحدث المتهم بنفسه في إحداها قائلا إن ما قاله “راديو دبنقا” صحيح بأنه قتل كثير من الناس وأنه سيقتل المزيد!
وقال في ذات الفيديو “سوف نرشهم بالدم” متحدثا عن علاقته المباشرة مع البشير بافتخار.
كما تم عرض فيديو استسلام المتهم الذي قدم فيه اسمه الكامل ولقبه للشخص المتواصل معه وشدد محامي مكتب المدعي العام نيكولاس على عدم وجود دليل على أنه تم إجباره ليقول إن لقبه كوشيب واصفا الدليل بـ “القوي”.
وتساءل ممثل مكتب المدعي العام عن انتظار كوشيب 13 عاما حتى الإطاحة بحامية “البشير” واصفا حجة الدفاع بـ “السخيفة”!
وأضاف نيكولاس أن 16 من شهود الادعاء يعرفون المتهم باسم علي عبد الرحمن وكوشيب.
وتحفظ مكتب الإدعاء عن عرض أسماء الشهود أثناء المرافعات وحجب عرض بعض الأدلة عن الجمهور لحفظ سرية الأشخاص وكان يعرفهم بأرقام وحروف.
وقطع فريق الإدعاء بأن حكومة السودان نفسها عرفته من خلال مخاطبتها للمحكمة في ديسمبر 2006 باسم كوشيب إلى جانب اسم علي عبد الرحمن مشيرا إلى أن هذا الأمر حدث قبل 13 عاما.
وسخر ممثل المدعي العام من دفوعات محامي كوشيب قائلا :”إنه ذكر أولا إنه شخص خيالي وغير موجود ثم قال إنه لا يملك سلطة، وذهب إلى أنه لم يرتكب الجريمة ولاحقا قال إنه لم تكن لديه طريقة لمعرفة إن أفعاله غير قانونية، وبعدها قال إذا كان يعرف فهو كان مكرها مشبها ذلك بأنه إذا كان لدي كلب وعضك فإنه خطأك لانك قمت باستفزازه”!.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المحكمة الجنائية الدولية دارفور كريم خان كوشيب علی عبد الرحمن المدعی العام
إقرأ أيضاً:
رمضان كريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهر رمضان له عبق خاص يميزه عن كل شهور السنة، يكفى أنه الشهر الذى أُنزِلَ فيه القرآن، والمسلمون يحتفون فى كل بقاع الدنيا بقدوم هذا الشهر احتفاءً كبيرًا، غير أن احتفاء المصريين واحتفالهم به يتخذ أشكالًا عجيبة وغريبة، سر غرابتها أنها تنطوي على تناقضات ومفارقات فجة، منها على سبيل الدلالة لا الحصر أن غالبية المصريين يتأهبون لاستقبال الشهر بتوفير ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات وبكميات كبيرة ترهق البطن والجيب معًا، رغم أن جوهر فريضة الصوم يتمثل فى العزوف عن شهوات النفس والبطن والغريزة.
يسلك المصريون المسلمون وكأنهم مقبلون على شهر «إفطار»، وليس شهر «صيام». أليس فى ذلك دلالة على أننا فى سلوكنا الدينى نغفل، بل نهمل الجوهر ونتمسك بالمظهر؟ وفقًا لما يحدث على أرض الواقع يمكننا أن نطلق على شهر رمضان «شهر المسلسلات» وليس «شهر العبادات» بسبب التفاف الناس حول التليفزيونات لمتابعة المسلسلات التليفزيونية الحافلة بالمشاهد الفاضحة والألفاظ والمصطلحات الشعبية القبيحة التي تتعارض مع أبسط القيم الأخلاقية والدينية التي يدعو إليها هذا الشهر الفضيل. هذا من ناحية، ومن ناحية أخري لو أن الملايين – بل المليارات – من الجنيهات التي أُنفقت على هذه المسلسلات؛ لو أنها أُنفقت على المستشفيات التي يلجأ القائمون عليها إلى التسول – عبر شاشات التليفزيونات - طوال شهر رمضان؛ لو أن هذه المبالغ الطائلة من المال صُرِفَت على كافة المستشفيات المصرية؛ لصارت فى وضع صحي عظيم.
اللافت للنظر، خلال نهار أي يوم من أيام رمضان، أن الواحد منا حين يصدر عنه ما ينم عن نفاد الصبر، نقول لبعضنا البعض: «معلهش.. أصله صايم!!»، وكأن الصيام يعطى رخصًة للمرء بارتكاب الأخطاء، فى حين أن الصيام يرقى بالنفس ويتسامى بها، فلا يصدر عن صاحبها إلا كل خير، أما نفاد الصبر وسرعة الغضب بحجة «أننى صائم»، فهى سلوكيات تتناقض تناقضًا تامًا مع الغاية الحقيقية لهذه الفريضة.
مشهد عجيب وغريب، ومؤسف فى الآن نفسه، نلاحظه جميعًا فى شهر رمضان خلال اللحظات التى تسبق أذان المغرب، نشاهد انطلاق السيارات فى شوارعنا بطريقة جنونية، الكل يسابق الزمن حتى لا يفوته الطعام حين يؤذن المؤذن، فى حين أن هذا المهرول قد فاته أن الهدف من الصيام هو الإحساس بألم الجوع الذي يعايشه الفقراء والمساكين طويلًا.
مشهد آخر نادرًا ما نراه في غير شهر رمضان، ونعنى به ازدحام المساجد بالمصلين حتى أن بعض الشوارع قد تُغلق بسبب كثافة عدد المصلين داخل المسجد، واضطرار عدد كبير منهم للجوء إلى الصلاة فى بحر الشارع.
هذا الإقبال المكثف لا نجده سوى فى رمضان، وكأن المعبود موجود فى هذا الشهر فحسب، وهذا فى ظنى تفكير أخرق، ينم عن عقلية سطحية، صاحبها «متدين موسمي» يتعبد موسميًا، إذا حل شهر رمضان صام وصلى، وإذا انقضى الشهر فلا صلاة ولا صيام!!
هل هكذا يكون التدين الحق؟ إنه تدين ظاهري، يتمسك صاحبه بالقشور، ويترك اللباب. إن كثيرًا مما نعانى منه مصدره التدين الظاهرى الذى يصل إلى حد الزيف.
حكى لى أحد الأشخاص أنه كان يرافق امرأة، وحدث أثناء زناه بها أن سمعت صوت الأذان فطلبت منه بحدة وصرامة أن يتوقفا حتى انتهاء الأذان ثم يكملا ما كانا يمارسانه.
انتبهت تلك السيدة لصوت الأذان، ولم تنتبه إلى كونها تمارس الفحشاء. تناقض فج فى السلوك ينبنى على تدين زائف لم يصل إلى شغاف القلب، ولم يمسس جوهر الروح!!.
أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس