قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أفتخر بأنني أنتمي إلى هذا الوطن العزيز، وأفرح له كلما رأيته يعلو ويتقدم ويقوى، وأحزن إذا رأيت ما يعرقله ويعوقه ويؤرقه ويعكر صفوه. أستبشر عندما أراه حرًّا مبدعًا، وأحمل الهم إذا رأيته مكبَّلًا أو رأيت من يحاول تشويهه. 

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه دائمًا يبحث عن الخير فيه وفي أبنائه، وقد صار هذا طبعًا لنفسي لا أستطيع الفكاك منه، والحمد لله رب العالمين.

وأتحيز تحيزًا أراه حميدًا أحمده ولا أفقده، ولا أسمح لأحد أن ينصحني بترك حب هذا الوطن أو يدعو إلى جلد الذات، التي يرغب البعض في إخراجها إلى الأوهام والأحلام. وأتذكر قول أبي العلاء:
وقُلْتِ الشّمْسُ بالبَيْداءِ تِبْرٌ  .. ومِثْلُكِ مَنْ تَخَيّلَ ثُمّ خالا  
وفي ذَوْب اللُّجَيْنِ طَمِعْتِ لمّا  ..  رأيْتِ سَرَابَها يَغْشَى الرّمَالا  
ومما يعرقل مسيرة الإصلاح تشويه فهم الحرية وتطبيق ذلك المفهوم. هل الحرية تعني التفلت؟ أم أن الحرية تستلزم الصدق؟ الحرية الحقيقية تعني الصدق والالتزام، وليست تفلتًا. مثال ذلك في الصحافة، حيث تُعد الحرية في أسمى صورها عندما يُتاح نشر المعلومات الصادقة الدقيقة، كما فعل الصحفيان بوب وودوارد (Bob Woodward) وكارل برنستين (Carl Bernstein) في قضية ووترغيت التي كشفت الحقيقة وأدت إلى استقالة الرئيس نيكسون. وهذا النوع من الصحافة الجادة يتطلب جهدًا كبيرًا وبيئة ثقافية تعزز الصدق وتفصل بين الصحافة الجادة وصحافة الإثارة.

يقول رسول الله ﷺ: " سيأتى على الناس سنوات خداعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة". قيل: يا رسول الله، وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" [أخرجه الحاكم في المستدرك]. ونطق الرويبضة علامة وليس له حكم في ذاته، وأعني بذلك أنه قد يكون ضروريًا للوصول إلى بناء الملكة عند القارئ حتى يميز الصحيح من القبيح.

ظاهرة انتشار "الرويبضة" الذين يتحدثون في الشأن العام بغير علم، ويسيئون للوطن والدين والتاريخ، داعين إلى إرهاب فكري وتحريف للحقائق، إنما هي نموذج لمن يروج فكرة "إما هو وإما الجحيم"، بينما جحيمه هو الجنة، وجنته هي الجحيم، لأنه دجال من الدجاجلة. والمخرج من ذلك كله هو الصبر، والتأكيد على الحرية الملتزمة، وترك الرويبضة ليكتشفهم الناس في تفاهتهم وهشاشة تفكيرهم. كما يجب الاستمرار في بناء الإعلام الجاد الملتزم، الذي سوف يطرد الهش والغث. وأنا مستبشر خيرًا بأن هذه الحالة من الكسل والتفاهة سوف تنتهي.

علينا بالصبر، كما قال الله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) ، وقال أيضًا: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا). كما يجب أن نتمسك بصفات عباد الرحمن: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرويبضة الصدق والالتزام المزيد

إقرأ أيضاً:

انتظرت 8 سنوات هذه اللحظة.. تفاصيل شهادة نتنياهو أمام المحكمة

أدلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، بشهادته لأول مرة في محاكمته الجنائية المستمرة منذ فترة طويلة في قضايا فساد، قائلا: “لقد انتظرت هذه اللحظة 8 سنوات لأقول الحقيقة كما أتذكرها، وهو أمر مهم للعدالة، ولا عدالة بدون حقيقة".

وأقسم نتنياهو اليمين أمام القاضية ريفكا فريدمان فيلدمان التي حذرته قائلة، إنه "يجب عليك قول الحقيقة، الحقيقة كاملة، وإلا فإنك ستخضع للعقوبات المنصوص عليها في القانون".

وتابع، في المحكمة المركزية في تل أبيب حيث تم نقل المحاكمة من المحكمة بالقدس لأسباب أمنية، بالقول: "هذه هي الفرصة لتبديد الاتهامات الموجهة ضدي. هناك سخافة كبيرة في الاتهامات وظلم كبير".

وقال رئيس وزراء الاحتلال إنه “اندهش” عندما قيل له إنه يخضع للتحقيق بسبب مزاعم بأنه حاول استخدام منصبه بشكل غير لائق للحصول على تغطية إعلامية إيجابية، مضيفا: "عندما قرأت المواد استعدادًا للمحاكمة، لم أر شيئا بهذا الحجم من قبل، وأنا مندهش ببساطة من كم السخافة والظلم".

وسط مظاهرات مناهضة.. نتنياهو يدلي بشهادته لأول مرة في محاكمته بالفسادنتنياهو: كل من تراهن عليهم حماس سقطواورطة نتنياهو.. القضاء الإسرائيلي يرفض طلب رئيس الوزراء بتأجيل المحاكمة

وأوضح: "استغربت عندما سألوني في التحقيقات، قلت: هل أنت جاد؟ هذا في لائحة الاتهام؟ هل يُنظر إلى هذا على أنه إجرامي؟‘‘.

ويقول نتنياهو إنه التقى لأول مرة بشاؤول إلوفيتش، الرئيس السابق لشركة الاتصالات العملاقة بيزك، التي تمتلك منفذ الأخبار الإسرائيلي والا، “في عام 1996 أو 1997… التقيت بقادة اقتصاديين، وكان من بينهم. لم أكن أعرفه شخصيا، لكنني حاولت أن أمنح الجميع فرصة للتحدث”.

وزعم: "لم تكن تلك معرفة شخصية، بل كانت معرفة بعيدة'. 'لم يتم تشكيل علاقة وثيقة. لقد تشكلت علاقات ودية، ولكن ليس أبعد من ذلك”.

وفي إحدى القضايا الثلاث المرفوعة ضد نتنياهو، اتُهم بالسماح بقرارات تنظيمية استفادت منها ماليا إلوفيتش مقابل تغطية إعلامية إيجابية من موقع والا.

وقالت المحكمة إن نتنياهو المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة سوف يدلي بشهادته ثلاث مرات خلال الأسبوع، رغم الحرب في غزة والتهديدات الجديدة المحتملة التي تفرضها الاضطرابات الأوسع في الشرق الأوسط، بما في ذلك من سوريا المجاورة.
 

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: إذا حسن حالك مع الله وصح حسن عملك
  • علي جمعة: إصلاح النفس وتربيتها أولى من الانغماس في أمر العامة
  • علي جمعة: من صفات الدعاء المستجاب الإلحاح
  • انتظرت 8 سنوات هذه اللحظة.. تفاصيل شهادة نتنياهو أمام المحكمة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • علامات دخول وقت صلاة الفجر بالدلائل
  • دعاء الوضوء.. 12 كلمة تغفر ذنوبك وتوسع رزقك فهل تعرفها؟
  • سر أهل الجنة.. كيف تفوز بالنعيم الأبدي؟
  • حكم الفتح على المصلي من شخص خارج الصلاة.. دار الإفتاء تجيب