من دمشق للقاهرة: قراءة بانعكاسات المشهد السوري على مستقبل حقوق الإنسان بمصر
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
تمثل التجربة السورية نموذجا للدول التي تعتمد على القمع كوسيلة لإدارة الحكم، حيث أظهرت نتائجها أن تجاهل المطالب الشعبية والاعتداء على حقوق الإنسان يقود إلى زعزعة الاستقرار وخلق أزمات طويلة الأمد. نظام الأسد القمعي دفع ثمن تجاهله لهذه المطالب، مما أدى إلى انهيار مؤسساته وتحول البلاد إلى ساحة صراع داخلي وإقليمي.
في السياق المصري، تحمل هذه التجربة دلالات بالغة الأهمية. إن استمرار القمع السياسي وقمع الحريات العامة في مصر يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويضعف مناعة الدولة أمام التحديات الداخلية والخارجية. فقد يؤدي تآكل الثقة بين المواطنين والنظام إلى تزايد حدة الأزمات، مما يترك البلاد أمام خيارات محدودة وغير سلمية.
التجربة السورية ليست مجرد سرد للماضي، بل تُعتبر إنذارا يوضح أن القمع يولّد أزمات لا رجعة فيها. إن تعزيز الإصلاح السياسي، وضمان احترام حقوق الإنسان، والانفتاح على مطالب الشعب، ليست خطوات تجميلية، بل هي حجر الزاوية لضمان استقرار مستدام. تجاهل هذه الدروس قد يدفع الدول ذات السياقات المشابهة إلى مسارات من الفوضى والانهيار، وهو ما يجعل من الضروري أخذ العبرة قبل فوات الأوان.
الاعتماد على القمع في كل من سوريا ومصر يُظهر تجاهلا واضحا لأهمية الحقوق والحريات كركائز أساسية لبناء دولة مستقرة. الأنظمة التي تعتمد على القمع تُعرض نفسها لخطر الانهيار عند أول مواجهة كبيرة مع احتجاجات شعبية واسعة، فالقمع لا يُعالج الأسباب الجذرية للاحتجاجات، مثل الفساد، وغياب العدالة الاجتماعية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، بل يزيد من تعقيدها
انعكاسات المشهد السوري على حقوق الإنسان في مصر
استمرار القمع كأداة للحكم
في سوريا، أدت سياسات القمع إلى تدمير العلاقة بين الدولة والمجتمع، والاحتجاجات السلمية التي انطلقت في عام 2011 قوبلت برد فعل أمني عنيف، شمل الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإخفاء القسري. هذه السياسات لم توقف الحراك الشعبي، بل على العكس زادت من حجم الغضب والتوتر، مما دفع البلاد نحو دوامة من العنف والانهيار السياسي. النظام السوري، الذي اعتمد على القمع لضمان استمراريته، وجد نفسه في مواجهة انهيار شامل لمؤسساته، بما في ذلك الجيش الذي فقد سيطرته تدريجيا أمام المعارضة الوطنية المسلحة. هذا الوضع يُظهر أن القمع قد ينجح في تأجيل الأزمات، لكنه لا يمكن أن يوفر حلا مستداما.
في المقابل، النظام المصري يُظهر توجهات مشابهة في اعتماده على القمع كوسيلة للحفاظ على السلطة. منذ عام 2013، شهدت مصر موجة واسعة من الاعتقالات والمحاكمات السياسية التي استهدفت المعارضة والنشطاء الحقوقيين. والقضاء تم تسييسه، وأصبحت الأجهزة الأمنية أداة قمعية تُستخدم لتثبيت النظام بدلا من حماية المواطنين. هذه السياسات قد توفر استقرارا ظاهريا على المدى القصير، لكنها تضعف الثقة بين الشعب والدولة وتُعمق حالة الاحتقان المجتمعي.
الاعتماد على القمع في كل من سوريا ومصر يُظهر تجاهلا واضحا لأهمية الحقوق والحريات كركائز أساسية لبناء دولة مستقرة. الأنظمة التي تعتمد على القمع تُعرض نفسها لخطر الانهيار عند أول مواجهة كبيرة مع احتجاجات شعبية واسعة، فالقمع لا يُعالج الأسباب الجذرية للاحتجاجات، مثل الفساد، وغياب العدالة الاجتماعية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، بل يزيد من تعقيدها. التجربة السورية تُظهر أن القمع الممنهج لا يؤدي فقط إلى زعزعة استقرار النظام، بل قد يُشعل صراعات داخلية تؤدي إلى تفكك الدولة.
إذا لم يأخذ النظام المصري العبرة من التجربة السورية، فقد يجد نفسه في مواجهة تحديات مشابهة. الاستقرار الحقيقي لا يمكن تحقيقه من خلال القمع، بل يتطلب احترام الحقوق الأساسية والحريات العامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية. الإصلاح السياسي هو المفتاح لبناء نظام شرعي ومستقر يستطيع مواجهة الأزمات دون اللجوء إلى العنف أو القمع.
الحاجة الي الإصلاح السياسي
التجربة السورية تسلط الضوء على عواقب إنكار الإصلاح الفعلي واستبداله بإجراءات شكلية تهدف إلى الحفاظ على الوضع القائم. فنظام الأسد تجاهل المطالب الشعبية بالإصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية، واعتمد على تغييرات سطحية في الدستور وانتخابات بلا معنى لتعزيز قبضته على السلطة. هذه الإجراءات لم تفلح في تهدئة الشارع أو معالجة جذور الأزمة، بل عمّقت التوترات، ما أدى إلى انهيار النظام أمام ثورة شعبية تحولت إلى صراع شامل.
في مصر، يتكرر النهج ذاته. منذ عام 2013، شهدت البلاد محاولات لإظهار إصلاحات شكلية، مثل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تفتقر إلى التنافسية، وتعديلات دستورية تُرسخ السلطة بدلا من توزيعها بشكل عادل. بدلا من فتح المجال أمام عمليات إصلاحية حقيقية تستوعب المعارضة والمطالب الشعبية، اكتُفي بإجراءات تجميلية تهدف إلى إضفاء شرعية زائفة على النظام القائم، مثل الحوار الوطني. هذه الممارسات قد توفر استقرارا ظاهريا، لكنها تترك جذور الأزمات دون معالجة.
غياب الإصلاح الحقيقي يعني أن الأنظمة الاستبدادية تستنزف مصداقيتها تدريجيا، وتفقد ثقة الشعب في مؤسساتها. في سوريا، أدى هذا النهج إلى تآكل شرعية النظام وانهيار مؤسساته الأساسية، ما فتح الباب أمام التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية. ومصر تواجه تحديا مشابها: استمرار تجاهل المطالب الشعبية والإصلاحات الجادة قد يهدد استقرار الدولة ويعرضها لأزمات لا يمكن احتواؤها
غياب الإصلاح الحقيقي يعني أن الأنظمة الاستبدادية تستنزف مصداقيتها تدريجيا، وتفقد ثقة الشعب في مؤسساتها. في سوريا، أدى هذا النهج إلى تآكل شرعية النظام وانهيار مؤسساته الأساسية، ما فتح الباب أمام التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية. ومصر تواجه تحديا مشابها: استمرار تجاهل المطالب الشعبية والإصلاحات الجادة قد يهدد استقرار الدولة ويعرضها لأزمات لا يمكن احتواؤها.
الإصلاح السياسي الحقيقي يتطلب فتح المجال أمام مشاركة حقيقية من كافة الأطياف السياسية والاجتماعية، واحترام سيادة القانون، وإعادة بناء المؤسسات على أسس من العدالة والشفافية. الدرس الواضح من سوريا هو أن الإصلاح ليس خيارا شكليا، بل ضرورة لحماية الدولة وضمان استقرارها في وجه الأزمات المستقبلية. مصر لديها فرصة للتعلم من هذا الدرس، لكن أي تأخير في تبني إصلاحات جادة قد يجعلها تواجه مصيرا مشابها.
تجنب عسكرة السياسة
أخشى بشدة من الترويج لفكرة أن التغيير السياسي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اللجوء إلى السلاح، متجاهلين التكاليف الباهظة لهذا المسار على الشعوب والدول. هذه الفكرة الخطيرة تُزرع في أذهان البعض خلال نشوة الانتصار، وكأنها الخيار الوحيد لإحداث تحول في الأنظمة.
التجربة السورية تبرز بشكل واضح مخاطر عسكرة السياسة وتحول الصراعات السياسية إلى مواجهات مسلحة. ما بدأ كاحتجاجات سلمية تطالب بالحرية والكرامة والإصلاح السياسي قوبل بعنف مفرط من النظام السوري، مما أدى إلى عسكرة الصراع. هذا التحول كان له تأثير كارثي على المستويات الإنسانية والسياسية والاقتصادية، حيث تحولت سوريا إلى ساحة حرب مستمرة أدت إلى تشريد الملايين ومقتل مئات الآلاف، فضلا عن تفكك الدولة والمجتمع.
في مصر، يشكل الحفاظ على سلمية المعارضة السياسية ضمانة أساسية لتجنب سيناريو مشابه. ورغم الضغوط الهائلة على المعارضة من اعتقالات وقمع للحريات، إلا أنها ظلت متمسكة بسلمية نضالها. المفارقة أن النظام المصري نفسه، يعمل على عسكرة الحياة السياسية والاجتماعية بطرق غير مباشرة. أمثلة ذلك تشمل دعم مليشيات مثل "مليشيات العرجاني" في سيناء، التي توسع نفوذها تحت مظلة رسمية، ومليشيات "نخنوخ" التي تُستخدم كأداة للسيطرة وإرهاب المعارضين على المستوي المحلي. هذه السياسات لا تزيد فقط من تعقيد المشهد، بل تزرع بذورا لفوضى قد تكون مستدامة.
هذا الوضع المزدوج يبعث برسائل خطيرة إلى الداخل والخارج على حد سواء. فمن جهة، يتهم النظامُ زورا المعارضةَ بالسعي لإثارة الفوضى، بينما هو من يعمل على عسكرة المجتمع. ومن جهة أخرى، يُرسل إشارة خاطئة بأن حمل السلاح قد يكون الخيار الوحيد المتبقي للتغيير، وهو أمر يعرض البلاد لخطر الانزلاق نحو مسارات مشابهة لما شهدته سوريا.
لتجنب هذه المخاطر، يجب أن يعمل النظام المصري على التخلي عن استراتيجيات عسكرة المجتمع، وتعزيز سيادة القانون كبديل عن دعم المليشيات. فتح المجال السياسي والحوار مع المعارضة هو السبيل الوحيد لاستعادة الثقة بين الدولة والمجتمع، وعلى المعارضة أن تستمر في التمسك بسلميتها مهما كانت الضغوط، لأن اللجوء إلى السلاح لن يؤدي إلا إلى تكرار السيناريو السوري بكل مآسيه.
القبول بانهيار الجيوش
انهيار الجيش السوري، الذي كان رمزا لسلطة النظام وأداة قمع فعّالة، حظي بترحيب دولي وإقليمي باعتباره ضرورة للتخلص من نظام استبدادي أضعف البلاد لعقود. هذا القبول لم يكن سعيا لزعزعة الاستقرار، بل استجابة لحقيقة أن الجيش لم يعد يُمثل مؤسسة وطنية حامية للشعب، بل أداة قمع تضر بمصالحه، وانهياره فتح المجال لإعادة بناء مؤسسات تُعبر عن الشعب وتعزز الاستقرار.
في مصر، حيث يُعتبر الجيش عمود النظام السياسي، يُثير أي حديث عن انهياره قلقا كبيرا، لكن التجارب الإقليمية تُبرز أهمية الفصل بين الجيش والسياسة للحفاظ على دوره الوطني. استمرار الجيش في لعب دور سياسي واقتصادي مهيمن يهدد شرعيته الشعبية ويضعف كفاءته في أداء مهامه الأساسية كحام للدولة من التهديدات الخارجية.
رغم صعوبة القبول بانهيار الجيوش، فإنه في بعض الحالات يُصبح ضرورة لإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية وعادلة. ومع ذلك، يتطلب هذا المسار رؤية واضحة لإعادة تشكيل المؤسسة العسكرية كجزء من مشروع إصلاحي شامل يوازن بين الأمن واحترام الحقوق الأساسية.
التجربة السورية تُظهر أن تفكيك الجيوش المرتبطة بالأنظمة القمعية قد يكون خطوة شاقة، لكنها ضرورية لإنهاء الاستبداد وبناء مؤسسات تحترم إرادة الشعب. النجاح في هذا التحول يعتمد على تقديم بدائل قادرة على تحقيق الاستقرار وضمان الحقوق، مما يجعل من هذه العملية نقطة انطلاق نحو مستقبل أكثر توازنا وعدلا.
"إرهابيو" الأمس حكام اليوم
تُظهر ظاهرة "إرهابيو الأمس حكام اليوم" نمطا متكررا في مناطق النزاع، حيث تصبح أطرافٌ كانت تصنّف كإرهابية جزءا من المشهد السياسي بفعل تغييرات موازين القوى وأولويات المجتمع الدولي. في سوريا، برز هذا التحول بوضوح؛ فالجماعات التي وُضعت على قوائم الإرهاب الدولية والمحلية أصبحت اليوم لاعبا رئيسيا في المعادلة السياسية، بل وتمكنت من السيطرة على مواقع قيادية. تقبّل المجتمع الدولي هذا التحول كخطوة ضرورية لإنهاء الصراع، متجاهلا أحيانا مدى التزام هذه الجماعات بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
في المقابل، تسير مصر على مسار مشابه، حيث تُستخدم تهمة الإرهاب كوسيلة لإقصاء المعارضة وتهميشها. السلطات المصرية تصنّف العديد من القوى المعارضة ضمن قوائم الإرهاب، وهو نهج قد يحقق أهدافا قصيرة المدى لكنه يحمل في طياته مخاطر بعيدة المدى. فاستمرار هذا التصعيد قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يمكن أن تتحول هذه القوى المقموعة إلى قوى شرعية أو مسيطرة، سواء عبر فرض نفسها كأمر واقع أو نتيجة لتحولات محلية وإقليمية غير متوقعة، كما حدث في سوريا.
يلعب المجتمع الحقوقي المصري دورا مهما في متابعة ما يحدث في سوريا؛ ليس فقط من باب التضامن، ولكن أيضا كفرصة لاستلهام العبر والدروس لدعم التجربة السورية. فمن خلال مشاركة خبراته، سواء الإيجابية أو السلبية، يمكن للمجتمع الحقوقي المصري مساعدة نظيره السوري على تجنب الأخطاء التي وقعت فيها مصر خلال مراحلها الانتقالية. النجاح في سوريا لن يكون حكرا على الشعب السوري، بل ستكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة بأسرها، بما في ذلك مصر
لتجنب هذا المصير، على النظام والمعارضة في مصر أن يدركا أن وصم الخصوم بالإرهاب ليس استراتيجية مستدامة. المجتمع الدولي براغماتي في تقبّل التحولات على الأرض، لكنه لن يضمن استقرارا طويل الأمد دون احترام الحقوق الأساسية وفتح مساحة حقيقية للتعبير السياسي. الحل يكمن في بناء مصالحة وطنية شاملة، ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، والعمل على تأسيس بيئة سياسية تحترم التعددية وتضمن استقرارا مستداما بعيدا عن تكرار سيناريوهات الفوضى.
دروس مشتركة للمجتمع الحقوقي
المجتمع الحقوقي المصري والمجتمع الحقوقي السوري يواجهان تحديات متشابهة في التعامل مع المراحل الانتقالية التي تعقب الانتفاضات الشعبية أو الثورات. فكلا المجتمعين يعملان ضمن بيئات سياسية وأمنية معقدة تُعيق تحقيق الأهداف الأساسية لحقوق الإنسان، مع وجود ضغوط داخلية وخارجية تجعل من مسيرة الإصلاح مهمة شاقة. ومع ذلك، تقدم التجربة المصرية بعد ثورة يناير 2011 دروسا قيمة للمجتمع الحقوقي السوري، خاصة في كيفية التعامل مع التحديات في المراحل الانتقالية، مع ضرورة استلهام العبر من هذه التجربة لتجنب الأخطاء وتعزيز فرص النجاح.
بعد ثورة يناير، شهد المجتمع الحقوقي المصري نشاطا مكثفا، حيث برزت منظمات حقوق الإنسان والنشطاء كقوى مؤثرة في المشهد السياسي والاجتماعي. كان هناك أمل كبير في أن تساهم هذه المرحلة الانتقالية في بناء نظام ديمقراطي يحترم الحقوق والحريات، ولكن سرعان ما واجه المجتمع الحقوقي المصري تحديات خطيرة، أبرزها الانقسامات الداخلية وأدلجة الحقوق والحريات، إلى جانب إنكار حقوق المخالفين في الرأي، ما أدى إلى تراجع تأثيره وفقدانه لجزء كبير من شرعيته أمام الرأي العام.
هذه الدروس تُظهر للمجتمع الحقوقي السوري أهمية تجاوز الانقسامات والعمل بروح الوحدة والتضامن. من الضروري أن يركز المجتمع الحقوقي السوري على بناء تحالفات واسعة تشمل مختلف القوى السياسية والاجتماعية، مع التركيز على قضايا جوهرية مثل العدالة الانتقالية، وحقوق الضحايا، وإعادة بناء المؤسسات. هذه القضايا ليست فقط أساسية لتحقيق الاستقرار، بل تمثل حجر الزاوية لأي تحول ديمقراطي ناجح.
من جهة أخرى، يلعب المجتمع الحقوقي المصري دورا مهما في متابعة ما يحدث في سوريا؛ ليس فقط من باب التضامن، ولكن أيضا كفرصة لاستلهام العبر والدروس لدعم التجربة السورية. فمن خلال مشاركة خبراته، سواء الإيجابية أو السلبية، يمكن للمجتمع الحقوقي المصري مساعدة نظيره السوري على تجنب الأخطاء التي وقعت فيها مصر خلال مراحلها الانتقالية. النجاح في سوريا لن يكون حكرا على الشعب السوري، بل ستكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة بأسرها، بما في ذلك مصر.
التعاون بين المجتمعات الحقوقية في البلدين ضروري لتعزيز فرص نجاح التجربة السورية، التي تُعتبر امتدادا طبيعيا للتطلعات الديمقراطية في المنطقة.
استقرار سوريا ونجاحها في بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان سيكون بمثابة دفعة قوية للمجتمعات الحقوقية في مصر والمنطقة بأكملها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القمع حقوق الإنسان الاستقرار المصري سوريا تغييرات ديمقراطية سوريا مصر حقوق الإنسان قمع استقرار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدالة الاجتماعیة التجربة السوریة ت الحقوق والحریات الإصلاح السیاسی النظام المصری حقوق الإنسان هذا التحول السوری على فتح المجال ما أدى إلى على القمع فی سوریا من خلال لا یمکن التی ت فی مصر
إقرأ أيضاً:
من سيملأ الفراغ السياسي في سوريا؟
الدولة في سوريا ستستمر فقوة المجتمع والحضارة والمدنية العميقة ووجود كادر بيروقراطي متعلم، كل ذلك سيمنح الدولة قابلية للاستمرار في ظل النظام الجديد، لكن من سيملأ الفراغ السياسي ويحدد وجهة النظام؟
سوريا ستتحول بكليتها نحو اعتماد صيغ غربية في الحل، وسيطل القرار ٢٢٥٤ من الأمم المتحدة بصيغة جديدة محسنة النظام البعثي خارجها تماما، دعوات التسامح اليوم لن تصمد طويلا مع الزمن لأنها تطرح كيوتوبيا معلقة بالسماء.
لا يمكن نفي وكالة الذين أسقطوا نظام بشار عن أنفسهم وعن قضيتهم، ولكن في أي سياق عام تبرز القضية وتحت أي مظلة تتحرك؟ الغرب موجود والكيان المحتل موجود وتركيا كذلك، ولا يمكن نفي حقيقة أن النظام القديم دافع عن بقائه من خلال الدعم الخارجي أيضا، ومع تغير ظروف إيران وروسيا وفي توقيت مضطرب يسقط النظام.
الغرب ووكلاؤه هم من سيملؤون الفراغ، سيشكلون نظام جديد لسوريا منقسمة على نفسها بقيادة نخبة سورية جديدة عاشت زمنا طويلا في الخارج، سيعملون من أجل تحويل سوريا لنموذج جديد، يشجع بعض السوريين على العودة فتحل مشاكل كثيرة لدى تركيا والغرب، لكن هل هي حقيقية واستراتيجية ومستمرة؟ من سيكسب؟ ومن سيخسر؟
الرابح الفعلي هو الغرب والكيان المحتل، لن يتجرأ أحد ويقول أن الشعب السوري هو الخاسر اليوم فستقدم صفقة من قبيل: استقرار هش برعاية القوى المهيمنة مع العمل المستمر لتغيير سياسات النظام الاقتصادية والاجتماعية مقابل الخضوع للقوى المهيمنة. هذه الصفقة لا يوجد في المدى القريب ما يمنع استمرارها ولكن طبيعة القوى المهيمنة غير منسجمة، ووكالة بعض الثوار عن أنفسهم وعن قضيتهم قد تطل مستقبلا وتدفعهم للمقاومة، وسيقمع من يرغب في مشروع خارج ما تسمح به الدول المهيمنة. أما حين تتعارض المصالح الخارجية هنا وهناك ستكون حلبة الصراع المباشر هي الداخل السوري نفسه، وبالوكالة وقتها وبالتالي لا استقرار.
ما أخشاه ويخشاه كثير من المتحفظين هو فرص وجود المشروع الوطني السوري المستقل ولو خارج خيال البعثيين ونظامهم القديم، التحفظ بروح متشائمة لا يعني غياب الأمل فالتاريخ يتحرك وتموت الأنظمة ووتخثر لكن القضايا الحقيقية لن تموت، وسيعرف التاريخ كيف يعيد بعثها من جديد، كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي فتلك سنن الله في الكون.
نحن السودانيون لن نستطيع منح السوريين الحكمة، وبشكل أكثر تواضعا وصدقا يجب أن نتعلم من تجربتهم، وخلاصتها هو أن الحفاظ على الدولة القائمة أمر مهم، وأن تقليل التدخل الخارجي على بلادنا أمر استراتيجي ومن كافة الأطراف، أن نجعل مدافعتنا دوما أخلاقية وذكية، وأن نحارب النخبة المستقوية بالخارج من عملاء الغرب ونواجه الظروف التي تصنعهم. وأن ننتبه لألاعيب الخارج ووسائل إعلامه، تأمل كيف نظر للثوار هناك في وقت من الأوقات كإرهابيين متشددين، ثم نظر لهم في سياق آخر كمعارضة وطنية. كذلك اليوم عندنا في السودان يتحدثون عن إسلاميين بتضخيم يطرحهم كمشكلة، والهدف عداء الدولة وجيشها الوطني وإعادة صياغتها بطريقتهم. الدرس هو أن نحافظ على ما نملك وأن نمد الجسور ونقلل حدة الصراع ولا نستثني أحدا إلا الخونة.
هشام الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتساب