سوداني يروي قصة الهروب من جحيم الحرب إلى رحلة البقاء
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
إبراهيم شاب سوداني انغلقت في وجهه كل الأبواب باندلاع الحرب، نظراً لأنه اُستهدف بصفة شخصية، لكنه كافح حتى وصل إلى بر الأمان.
التغيير: فتح الرحمن حمودة
في الساعات الأولى من صبيحة يوم 15 أبريل من العام الماضي كانت العاصمة السودانية الخرطوم تعيش على إيقاع الحياة المعتاد، قبل أن تتحول إلى مشاهد أفلام الحروب، فأصبحت مدينة تعبق برائحة البارود وتعلو فيها أصوات الرصاص، عقب اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أجبر الآلاف على الفرار إلى مناطق أخرى داخل وخارج البلاد.
وقتها كان «إبراهيم» أستاذ اللغة الإنجليزية ومساعد المشروعات في معهد دراسات الحياة والسلام أحد هؤلاء الفارين بعد أن وجد نفسه في قلب معارك دامية يواجه واقعاً جديداً أفقده وظيفته وممتلكاته بين عشية وضحاها.. وهكذا بدأ حديثه لـ(التغيير).
الخرطوم والخطرقال إنه استيقظ على دوي الحرب التي قلبت حياته رأساً على عقب، بعد أن كان يملك أكاديمية تعليمية في السوق العربي ويعيش حياة مستقرة بجوار أسرته وأصدقائه، وقلبت كل موازين حياته التي يحلم باستعادتها يوماً ما.
وأضاف إبراهيم لـ(التغيير) بأن الفقد لم يكن محصوراً في ممتلكاته فقط، بل في أول أيام عيد الفطر قتل شقيقه أمام منزلهم برصاص طائش أثناء المواجهات العسكرية بين الأطراف المتقاتلة.
وتابع بنبرة تعكس مدى مرارة الفقد أن أخاه كان الأقرب له، فمشهد وفاته ظل محفوراً في ذاكرته ولم يستطع التعافي من الحزن والألم حتى اللحظة.
وروى أنه بعدما أضحى البقاء في الخرطوم خطراً يهدد حياته وحياة أسرته قرر مغادرة المنطقة بعد أن خطط لذلك معهم قائلاً: لكننا اختلفنا في اختيار الوجهة وبسبب وضعي كناشط لم أستطع الذهاب إلى الوجهة التي اختاروها لكنني اخترت مدينة كوستي غير أني سرعان ما اكتشفت أنني لست بأمان هناك لأن عدداً من أفراد الأجهزة الأمنية الذين كان يعرفوني أيام التظاهرات في الخرطوم كانوا قد وصلوا إلى كوستي أيضاً.
تواصل التحدياتوهرب إبراهيم بعدها إلى الجبلين حيث بدأ حياة بسيطة من أجل البقاء، وقال إنه فتح دكاناً صغيراً يبيع فيه الفحم والبصل والحطب مستعيناً بأموال أرسلها له أصدقاؤه من الخارج، لكن التحديات لم تتوقف هنا.
قال إنه في الجبلين كانت السلطات تشدد قبضتها الأمنية واعتقلت العديد من الأشخاص بمن فيهم صديقه المقرب الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن.
وأضاف أنه شعر بالخطر مجدداً فقرر الفرر مرة أخرى تاركاً خلفه كل أوراقه الثبوتية ليبدأ فصلاً جديداً من المعاناة.
وأشار إلى أنه أصبح بلا هوية وبلا مأوى وأمل واضح حيث قضى أربعة أشهر قاسية في الجبلين، تنقل بين الخوف والجوع ولم يكن لديه خيار سوى البحث عن ملاذ جديد.
الطريق إلى أوغنداوأوضح إبراهيم أنه بفضل دعم أصدقائه تمكن من جمع مبلغ صغير مكنه من الوصول إلى جنوب السودان ومن ثم إلى أوغندا.
وبحسب حديثه أنه “عبر وساطات ودفع رشاوى” وصل إلى العاصمة كمبالا حيث استقبله أصدقاؤه ومن هناك بدأ يبحث عن حياة جديدة حتى حصل على بطاقة لجوء وبدأ مشروعاً صغيراً ليتمكن من العيش.
وأشار إلى أن الأعباء الاقتصادية وضغوط الحياة دفعته للانتقال مجدداً إلى منطقة بيالي حيث تكاليف المعيشة أقل لذلك قرر العودة إليها ليوفر أموال الإيجار في كمبالا واستخدامها لدعم مشروعه الصغير.
وقال: “هنا نحاول البقاء على قيد الحياة رغم التحديات الكبيرة مثل قلة فرص العمل واضطرارنا للاعتماد على التعاملات التجارية بيننا كلاجئين سودانيين”.
واختتم إبراهيم حديثه برسالة تحمل كل معاناته وأمله قائلاً: “رسالتي إلى أطراف الحرب في السودان واضحة كفاكم عبثاً.. هذه الحرب لا جدوى منها سوى المزيد من الدمار والمعاناة، لقد عشنا الويلات ولا نريد أن يمر بها أحد آخر.. نحن السودانيون لا نستحق هذا المصير”.
وقصة إبراهيم ليست سوى واحدة من آلاف القصص الإنسانية التي تروي معاناة السودانيين الذين فروا من ويلات النزاع الذي ما زال مستمراً داخل البلاد.. عانوا الكثير من المصاعب والمغامرات إلى جانب فقدهم للأقارب والممتلكات والتهجير القسري واليوم هم في منفاهم القسري لا يتمنون سوى توقف الحرب والعودة إلى ديارهم!!.
الوسومالجبلين الجيش الدعم السريع السودان النيل الأبيض جنوب السودان حرب 15 ابريل 2023م كمبالا كوستيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجبلين الجيش الدعم السريع السودان النيل الأبيض جنوب السودان حرب 15 ابريل 2023م كمبالا كوستي
إقرأ أيضاً:
البقاء لله فى "الجولانى"..
العرب إن وُجدوا هُمِّشوا
لم يعد للعرب وجود يذكر على مائدة أي مفاوضات تُجرى بشأن أية دولة عربية، وحتى إذا حضر العرب، فإن حضورهم يظل شكلياً"أن وجدوا همشوا" ، فهم بلا تأثير فعلي في رسم الخرائط السياسية التي تُحدد مصير بلادنا العربية. فالقرارات المصيرية تصنع و تُصاغ وتُنفذ وفقاً لمصالح إسرائيل وأمريكا، بينما تبقى الدول العربية، بما فيها جامعة الدول العربية، "كومبارس " شاهد عيان صامت.
جامعة الدول العربية، التي تأسست لتكون حامية المصالح العربية، لم تتخذ موقفاً حازماً حيال الاحتلال الإسرائيلي للمناطق العازلة بين سوريا وإسرائيل. ومع ذلك، لم نشهد دعوة لاجتماع طارئ أو حتى تصريحاً يُشعر المواطن العربي أن ثمة حراكاً يُدافع عن حق عربي مغتصب.
في المشهد السوري، ورغم الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد بحق شعبه، لا يمكن إنكار أن سوريا تعيش الآن مأساة ممثلة فى اصحاب السلطة الان، لذلك لابد أن نشعر بالخطر لأن الهوية السورية تُمحى، بتصدر المشهد أحمد الجولاني، الشخص المطلوب دولياً، والذي رصدت الولايات المتحدة ذات يوم ملايين الدولارات للإيقاع به. اليوم، بات الجولاني ضيفاً مرحباً به على الشاشات الأمريكية، لاعباً جديداً في المسرح السياسي،هو الآن من نجوم المجتمع الدولى، طبعا طبقا لدورة، إلى حين انتهاء دوره المرسوم له.
هذه التحولات ليست جديدة. من قبل، رأينا كيف أصبحت العراق مسرحاً لصراعات طائفية وملعباً للتنظيمات المتطرفة بعد سقوط صدام حسين، برعاية أمريكية مباشرة. الخريف العربي كان امتداداً لهذه السياسات، حيث أدت الانتفاضات الشعبية إلى تدمير دول عربية، ووقعت الكثير منها تحت سيطرة جماعات دينية متطرفة و الحمد لله ان مصر تعافت منها سريعا بفضل شعبها و جيشها الذى قام بحماية ثورة الشعب فى 30 يونيو .
لكن وسط هذه الفوضى، لم يكن الوضع العربي استثناءً. الخطط تُحاك في إسرائيل وأمريكا، تُدعمها قوى غربية، وتُنفذ في بلادنا.
اليوم، تُشعل النيران في غزة ولبنان، ويُعد المسرح لسقوط سوريا . التخلي الروسي والإيراني عن النظام السوري يطرح تساؤلات حول الثمن الذي دُفع مقابل هذا السقوط السريع.
أما أحمد الجولاني، الذي قُدِّم ليكون واجهة جديدة للسلطة في سوريا، فمصيره لن يكون مختلفاً عن غيره من أدوات الغرب في المنطقة. كما انتهى دور حسن نصر الله وغيرهم، سيأتي عليه الدور قريباً. الولاء الذي يُقدمه الجولاني الآن لن يشفع له عندما يحين موعد انتهاء دوره، فهكذا تدار الأمور في لعبة المصالح الدولية.
الخلاصة: إذا لم تُدرك الدول العربية ضرورة توحيد الصفوف لتصبح لاعباً دولياً مؤثراً، ستظل نهباً للطامعين. علينا أن نستيقظ، ونستعد لمواجهة الغرب بأساليبه. لأننا إذا استمررنا على هذا الحال، لن يبقى منا إلا الذكرى.
و بالنسبة للجولانى اقول له البقاء لله فيك ...دورك قادم قادم لا محاله.