قصر الشعب عاد له.. سوريون يتجولون داخل حياة الأسد الفارهة
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
قصر الشعب عاد له.. سوريون يتجولون داخل حياة الأسد الفارهة.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي
إقرأ أيضاً:
في تفسير التعذيب في محاكم التفتيش الأسدية
إن أعظم الكنوز الوجودية ليس الذهب والفضة واللآلئ والدرر، ليس الذهب الأبيض ولا الأسود ولا الأصفر، إنما هو الإنسان، تقول عبارة ماركسية شهيرة صيغت صياغة اقتصادية: الإنسان أكبر رأسمال. أما المؤمنون، فيروون هذا الحديث الشريف في قدر الإنسان وشرفه على سائر المخلوقات: "لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قال: مرحبا بك من بيت، ما أعظمك، وأعظم حرمتك! وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك"، وشتان بين العبارتين مبنى ومعنى، لكنْ كلاهما تعظمان الإنسان وتشرفان حرمته.
كان روبنسون كروزو في راوية دانيال ديفو التي اعتُبرت إنجيل الغرب الاستعماري، قد وجد نفسه وحيدا في الجنة، وكان أكبر محاصيله، ليس زراعة القمح ولا استئناس الماعز ورعاية الدجاج، وعدّ الأيام (الهيمنة على التاريخ)، إنما استرقاق فرايدي استرقاقا ناعما بذريعة تخليصه من القتل. وجمعة (فرايدي) اسم إسلامي، ويمكن أن يتأول الباحث، فيجد في روايته مثلية مبكرة، ومضمرة، اختار المؤلف ذكرا وليس أنثى في جنة روبنسون كروزو المشتهاة.
وكان حافظ الأسد كروزو سوريا، قد تسنم زمام السلطة العامة، في سوريا بالمكر والكيد والتآمر، فوطّأ له الغرب البلاد والأكناف والأكتاف، وقال له: احمِ لنا إسرائيل، وصنها، وحافظ عليها وافعل ما شئت بالشعب السوري، فحوّل سوريا إلى معتقل ومستعمرة عقاب، بل إن بعض معتقلات أمريكا اللاتينية المفتوحة، وهي قرى محصورة، أكثر حرية من سوريا، بل إن غزة كانت قبل حرب طوفان الأقصى أكثر حرية من سوريا بمراحل، لكن السؤال الذي يحير العقلاء هو ما سبب هذا الغلو والإفراط في التعذيب والتنكيل بالمعتقلين في معتقلات الأسد الرهيبة، وقد استحوذ على كل ثرواتها، وهي ثروات عظيمة، من بر وبحر وسماء، وتاريخها؟ وكانت غاية الأسد الأساسية هي روح السوري العظيم ولحمه وعظمه، وأهل الشام قوم أعزّة، فحوّلهم إلى مستعبَدين، أسرى الخبز والبطاقة التموينية، التي رُقيتْ فصار اسمها البطاقة الذكية في عصر الابن.
لا يقدم كتاب بيرنهارت هيرودوت "تاريخ التعذيب" تفسيرا شافيا للتعذيب، وإن التعذيب الأسدي لم يُر مثله إلا في محاكم التفتيش، فلم يكن في محاكم التفتيش اغتصاب أطفال كالتي في معتقلات الأسد، أما تفسير التعذيب بالعلل والأمراض مثل السادية، فهي علل فردية تصيب الأفراد، فهل يعقل أن تصاب فئة كلها بوباء السادية؟ في الغالب الأعم أن أسباب التنكيل في معتقلات الأسد هي:
- الانتقام، فالعلويون يعتقدون أن إقطاع السنّة ظلموهم وألجؤوهم إلى الجبال، وسبوا نساءهم واسترقوهن، فانتقموا من الفلاحين والإقطاع جميعا.
- إنَّ الأسد ادّعى الربوبية من غير جهر وإعلان، إنما بالشعارات، ولا يحل ربٌّ مكان رب إلا بقتل رب المربوبين أو استعبادهم، فلا يجتمع سيفان في قراب واحد، ورب أهل الشام هو الله، والله لا يُقتل، لذلك كان الأسد يعتقل ويعذب، فيقرُّ المعتقل بما يريد منه السجان، لكن السجان الجلاد لم يكن يقتنع بردة السوري عن دينه، فيقتله كل يوم. والقتل هو مقلوب الخلق، والخلق من خصائص الآلهة والأرباب، وفي قصة نمرود أنه عفا عن محكومين بالقتل، وعدّ ذلك إحياء لهم.
يبين فيلم العار المصري (إخراج علي عبد الخالق وكتابة محمود أبو زيد) أن الحاج عبد التواب كان يتاجر بالمخدرات، ويسوغ تجارته المحرمة شرعا بأنها نباتات. ويروي فيلم البريء المصري (عاطف الطيب ووحيد حامد) أنّ الدولة تجند العساكر الأبرياء والجهلة لتعذيب أشرف أبناء الوطن وأطهرهم، مدعية أنهم أعداء الوطن. ويظهر فيلم "Pierre point" (العشماوي أو الشنّاق الأخير)، وفيلم الأيرلندي (روبرت دينيرو وإخراج سكور سيزي)، أن المرء يمكن أن يعتاد القتل، ويستمرئ الذبح، فيصبح فعلا معتادا مثل إشعال سيجارة، ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه. وتبين لنا قصة عزيز نسين في قصة البرطمة العميقة أن تناول لعقة عسل مغشوش، تصيب البلدة كلها بوباء البرطمة!
إن فيلم جسر على نهر كواي (بالإنجليزية: The Bridge on the River Kwai) وهو فيلم بريطاني من إخراج دافيد لين وإنتاج سام سبيغل عام 1957 استنادا إلى رواية كتبها بيير بول تحمل نفس العنوان، يروي قصة عبودية الإنسان، وهي أن ضابطا مهندسا أسيرا لدى اليابانيين أخلص في بناء جسر سيسير عليه اليابانيون لاحتلال بلد الضباط المهندس الأسير إلى أن يقنعه زملاؤه بتدميره!
- نضيف إلى المنفعة التي ينتفع بها الجندي من رضا قادته عنه، وشعوره بالوطنية الكاذبة، ومتعةَ الصيد والتسلية إلى ما سبق.
لم يدّع حافظ الأسد الربوبية علنا، واعتذر إعلامه مرة عن إحاطة مجموعة من الطلائعيات به والانحناء له، على شكل سوار، فقال: إن الأمر تحية، وليس عبادة، لكن تصرفاته وسلوكه كان سلوك الفراعين، وشعاراته تؤلهه مثل شعار: إلى الأبد؛ المعتقلات جحيمه، والعيش في ظل فردوسه.
لقد ابتدع الأسد، أبا وابنا، فنا ثامنا هو فن تعذيب الكافرين به. استطاعت أمريكا نزع الألوهية عن إمبراطور اليابان، وهو أكرم وألطف وأكرم من الأسد، بقنبلتين نوويتين، ونحو مائة ألف قتيل، وتدمير مدينتين، أما الأسد، فلم ينزع السوريون ألوهيته إلا بنحو مليون شهيد، وتدمير عشرات المدن والقرى، ومئات الآلاف من الأيتام والأرامل والثكالى.
تبيّن تجربة سجن ستانفورد أن فريقا من طلاب جامعة ستانفورد، أخلص في عداوة الفريق الخصم في لعبة عرفت باسم اختبار ستانفورد، وهي لعبة عسكر وحرامية، فكيف لا يظلم فريق رضع عداوة الفريق الخصم منذ ألف سنة أو أزيد، وقد استولى على سلطة لا يستحقها بالمكر والحيلة، وقد تحولت الأوطان إلى سجون، واللعب إجباري، وعلى الطالب أن يختار أحد النجدين: إما قاتل وإما مطلوب، والمخيّر يختار أيسر الخيارين عادة.
x.com/OmarImaromar