دراماتيكية الأحداث وآلية المواجهة
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
د. شعفل علي عمير
تدرك جميع الشعوب والحكومات في العالمين العربي والإسلامي وجود مؤامرة تُحاك ضدها، حَيثُ باتت ملامح هذه المؤامرة واضحة وجلية، وقد بدأ تنفيذها على أرض الواقع، لتظهر أولى فصولها في غزة، ثم انتقلت إلى لبنان، وها هي الآن تتجلى في سوريا، وتظل هذه المخطّطات بعيدة عن تعقيدات النزاعات الأيديولوجية والسياسية أَو التناقضات الفكرية التي تعيشها الحكومات في منطقتنا، حَيثُ إن الجميع يظل ضمن دائرة استهداف أعدائهم ومرمى نيرانهم.
نحن نقف على أعتاب عهد جديد، بدأت ملامحه تتشكل وبدأت كذلك مكوناته تتبلور في كيانات بأدوات ووسائل جديدة.
إنه زمن زاخر بالأحداث غير المتوقعة، مما يستدعي من أمتنا الاستعداد والتهيئة النفسية والروحية والمادية لمواجهة كُـلّ التحديات المحتملة بفعالية وكفاءة، أن ما تشهده منطقتنا من أحداث متسارعة بشكلها الدراماتيكي يحتم عليها تطويع سياساتها وأدواتها بالشكل الذي يستجيب لتطورات الأحداث بما يضمن لأمتنا أمنها وسيادتها، وأن تستفيد من تلك الأحداث لتعزيز التعاون والشراكة فيما بينها؛ فالأحداث أظهرت جوانب من الضعف في البعض منها، والتي بطبيعة الحال كانت سببًا ونتيجة لما آلت إليه الأحداث من تداعيات خطيرة كانت كلها تصب في مصلحة خصومها المتربصين بها.
تستدعي الظروف الحالية من كُـلّ دولة عربية أَو إسلامية لإعادة تقييم سياساتها وتعزيز قوتها، التي لا يمكن تحقيقها إلا بفهم العدوّ الحقيقي الذي انكشفت ملامحه البشعة مؤخّرًا في غزة ولبنان واستباحته السافرة للأرض والإنسان في سوريا، متحديًا بذلك بشكل واضح كُـلّ الأعراف والمواثيق الدولية، ومن النتائج التي تمخضت عن العدوان على سوريا، نجد الكيان الصهيوني يقوم باحتلال مواقع استراتيجية لمناطق وقرى جديدة في القنيطرة وجبل الشيخ، وتكثيف غاراته على دمشق، وانفراده بارتكاب المجازر ضد سكان غزة على مرأى ومسمع من أمتنا العربية والإسلامية.
ازداد طمع العدوّ واشتدت شراسته في احتلال الأرض العربية، متبنيًا نهجًا دمويًّا ووحشيًّا ضد أهلنا في غزة، ومهدّدًا الشعب الفلسطيني في الضفة، يتم كُـلّ ذلك تحت مظلة الدعم الأمريكي الواضح والصريح، أضحت جميع الأماكن غير آمنة، حَيثُ تجرأ العدوّ على انتهاك كافة المواثيق الدولية والمبادئ الإنسانية.
في هذا السياق، يجب أن يدرك العالم العربي والإسلامي أنه مستهدف بلا استثناء، سواءٌ أكانت الحكومات أَو المعارضة، سواءٌ أكانت مواقفها تطبيعية أَو مقاومة، لم يعد هناك قاربًا للنجاة أمام أمتنا إلا عبر تغيير النهج القائم على تعميق هوّة الخلافات البينية والاعتماد التام على الأعداء في أمنها وقوْتها، ومن ثم التحول نحو التكامل والتعاون الاقتصادي والعسكري لتعزيز قدرات الأُمَّــة وحماية شعوبها من القتل وأراضيها من الاحتلال وثرواتها من الاستغلال، عملاً بقوله تعالى: {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جميعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
سلطة وحكومة الجولاني في سوريا تفرض حذراً إقليمياُ أبرزها الإمارات التي تتبع سياسة التريث
سرايا - يوسف الطورة - لعل المتابع للشأن السوري الجديد، في اعقاب سقوط نظام "المخلوع" بشار الأسد، وتصاعد وتيرة النفوذ التركي في المنطقة، وهواجس نفوذ الإسلام السياسي، تتعامل عدد من الدول بحذر وتأني، خصيصا مع قيادة وحكومة إسلامية في سوريا.
ابو ظبي، على الرغم من ترحيبها بزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأثنين، لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أسباباً كافية للتعامل بحذر مع المرحلة الانتقالية في سوريا، وهي المعروفة بصلتها الوثيقة مع نظام الأسد.
في الوقت الذي تبنت كل من الرياض والدوحة بطريقتيهما التغيرات في سوريا عبر إرسال المساعدات، وفي حالة قطر بفتح بعثة دبلوماسية، فضلت الإمارات إتباع سياسة الترقب والتريث.
يعود التريث الإماراتي جزئياً إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفتها كمنظمة إرهابية عام 2014، وتعد هيئة تحرير الشام، التي تولت السلطة في سوريا بعد سقوط الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر، جماعة إسلامية وفرعا سابقاً لتنظيم القاعدة.
أضافت الإمارات، الأربعاء، 11 فرداً وثماني جهات مقرها المملكة المتحدة إلى قائمة الإرهاب لديها، بسبب صلات بجماعة الإخوان المسلمين، وفق وصفها.
يفرض وصول هيئة تحرير الشام للسلطة في سوريا، قراءة المشهد وتداعياته في المنطقة، خاصة مع مساعي وجهود إعادة استيعاب بشار الأسد في الصف العربي خلال السنوات القليلة الماضية.
قبل سقوط الأسد بأيام فقط، ظهرت تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة والإمارات حاولتا إقناعه "نأي النفس" عن إيران، وحزب الله من خلال ووقف وإغلاق الطريق لسلاح الحزب الذي يدخل في "مماحكات" مع إسرائيل، مقابل فرضية تخفيف العقوبات.
ومع تقدم الثوار في حلب، سارع رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، الاتصال بالأسد في مكالمة هاتفية، وأصدرت أبوظبي بياناً، مؤكدة دعم الإمارات لدمشق والتزامها بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
كما تواصل وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان مع نظرائه الإقليميين بشأن التطورات الجارية في سوريا.
الثابت أن النموذج السوري الجديد لم يحصل على اجماع دولي، بوصفه غير مرغوب أو مرضي عنه بالإجماع، بوصفه أيضا "ليس صديقاً ولا عدواً".
غير أنه وخلال زيارة الشيباني، الأثنين، إلى العاصمة ابو ظبي واجتماعه مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد ، بدا أن موقف الإمارات قد تغير بعض الشيء.
وأصدر مكتب وزير الخارجية الإماراتي بياناً، عقب الاجتماع، أكد فيه دعم بلاده لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وأضاف أن أبوظبي تقف إلى جانب الشعب السوري الشقيق لتحقيق تطلعاته للأمن والاستقرار والحياة الكريمة.
وكانت أبوظبي قد دعت في وقت سابق الحكومة الانتقالية إلى تلبية تطلعات "جميع شرائح الشعب السوري".
يرى مطلعون، عدم تضخيم المخاوف ووضعها في سياقها المفترض، خاصة المتعلقة العدوى على غرار تجربة الثورة الإسلامية في إيران بعد سقوط الشاه، 1979.
دولياً وإقليمياً ينظر إلى زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشراع الملقب " أبو محمد الجولاني"، حتى وأن كانت دون إجماع، على أنه شخصية تركز أكثر على الشأن السوري، وأقل ميولًا للقومية العربية، مقدما نفسه إصلاحياً سورياً، وبعيداً عن التجربة "الناصرية" أو "الخمينية" الإيرانية.
رغم أن هناك تحديات بحاجة إلى تسوية وأكثر وضوحاً، ثمة حالة من الارتياح لدى الخليج ودول في الإقليم، خاصة وان رسائل دمشق الجديدة خلال شهر واحد بعثت برسالة جديدة، مفادها "أن سوريا الجديدة هي سوريا جيدة".
الثابت ستظل دول إقليمية أكثر حذراً عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع سوريا الجديدة، بمخاوف وقلق من تاريخ وصول الاسلاميين للسلطة السياسية، وهو ليس بالأمر الجديد، وآخره وصول محمد مرسي لرأس السلطة في مصر، ينظر إليه تهديداً خاصة على الصعيد الإقليمي.
تزايد النفوذ التركي في الشرق الأوسط، وعلاقتها الوثيقة مع الحكام الجدد في سوريا، يعزز سياسية التريث في الشأن السوري بصورته الجديدة.
وأقامت الإمارات علاقة وثيقة مع الأحزاب الكردية في سوريا، وانحازت بشكل أوثق إلى قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وغيرها من الجماعات المتمردة جنوب البلاد.
ستمثل تقديم المساعدات الإنسانية، وجهود إعادة التأهيل هناك، بوصفها اختباراً حقيقياً لاستعداد الانخراط في سوريا من عدمه.
حتى الآن، لم تضاه أبوظبي جهود السعودية أو قطر من حيث الانفتاح على سوريا، فقد أنشأت الرياض جسراً جوياً إلى دمشق لتقديم الإمدادات، وتدرس إقامة جسر بري لتقديم الوقود بديلاً عن المصادر الإيرانية، كما أرسلت الدوحة أيضاً مساعدات إلى سوريا، لكن الإمارات لا تزال أكثر تحفظاً في المشاركة.
قادم الأيام سيتضح مدى القلق الدولي والإقليمي من عدمه حيال الحكومة السورية الجديدة، ومدى الارتياح للتعامل معها من عدمه أيضاً، من خلال إعادة البعثات الدبلوماسية وتفعيلها، إضافة إلى تقديم المساعدات، وسط ترجحات أن بعضها ستأخذ وقتها أكثر، تريثاً.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1731
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 10-01-2025 08:40 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...