أم كلثوم نجيب محفوظ تكتب: أبي نجيب محفوظ!
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
مع الذكرى الـ113 على ميلاد والدى نجيب محفوظ، يحضرنى قول أمير الشعراء أحمد شوقى: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا»، وأنا أتذكر ما عانيته بالفعل كابنة نجيب محفوظ، وآخر أفراد أسرته مع أشخاص وبعض الجهات المحسوبة على الثقافة، وهو شىء مؤسف بالنسبة لى، ويترك فى نفسى عميق الأسى والألم النفسى!
بدأت تلك التجربة والمعاناة عندما قررت فى 2018، إصدار كتاب يحمل عنوان «أبى نجيب محفوظ»، بالتعاون مع أحد السادة الصحفيين، ليكون دوره تسجيل أحاديث معى، على أن يتولى هو مهمة تفريغ التسجيلات وتحرير الكتاب المقصود، وبدأنا بالفعل فى تسجيل مجموعة من التسجيلات.
وللأسف فوجئت بنشر مقاطع من هذه التسجيلات وما تتضمنه من معلومات باعتبارها أحاديث صحفية أجراها معى لحسابه، وبعد نشرها أرسلها إلىَّ ليضعنى فى الأمر الواقع، ثم أصدر فيما بعد كتاباً باسمه عن نجيب محفوظ مستخدماً فيه جزءاً من المعلومات التى حصل عليها منّى، وللأسف كان اتفاقنا شفوياً ولا يوجد تعاقد مكتوب، وسعى هذا الشخص لاحتكار الكلام عن نجيب محفوظ، ولما راجعته قال «انت اللى وافقتى»، مع أن هذا لم يكن ضمن الاتفاق بيننا، والأغرب ما وصلنى من ضمن كلامه أنه هو مَن كان يمدنى بالمعلومات عن والدى!
هو وغيره يستندون لما روَّجه بعض المنتفعين من مزاعم مضمونها أن أصدقاء نجيب محفوظ يعرفون عنه أكثر مما تعرفه عنه أسرته، وهو زعم باطل، من المتاجرين باسم والدى والمتربحين مادياً وأدبياً من الحديث عنه فى الندوات، فى حين أن ما يمتلكونه من معلومات عن نجيب محفوظ ما هى إلا من تصريحات سبق له الإدلاء بها فى البرامج التليفزيونية وما زالت موجودة.
فما يقال فى هذا الشأن هو مجرد ادعاءات ومحض افتراء، ولا يليق أن يصدر ممن ينسبون أنفسهم لأهل الثقافة والإبداع، كما تحدث والدى عن تفاصيل كثيرة من حياته وتجربته مع الكاتب الصحفى والناقد الكبير الراحل رجاء النقاش، وبالتالى لا يوجد أحد يمتلك معلومات حصرية أو أسراراً لم تُروَ عنه بخلاف أسرته.
وهذا الصحفى لم يكن الأول، فقبله قال أحد الذين تربطهم بوالدى علاقة عمل لا أكثر: «أنا أعرف عنه أكثر من زوجته وأولاده».
للأسف هى حرب توحشوا فيها، حتى أدخلوا الأسرة على ساحة المنافسة، ولسان حالهم يقول: «نجيب محفوظ كان بيحبنا أكتر من أسرته وأهل بيته»، ونحن لسنا طرفاً فى هذا الصراع الطفولى بالتأكيد، ومثل هذا الكلام بعيد كل البعد عن المنطق.
ونتيجة لتلك التجارب والمعاناة تعثَّر بالطبع مشروع الكتاب الأول والأخير لى مع هذا الشخص، بعدها لجأت إلى صحفية أخرى لاستكمال الكتاب، لكنها بادرت بالإعلان عن المشروع بطريقة لم تعجبنى، فلم تكن على قدر الموضوع، لكن وللأمانة لم أتعرض منها لأذى، واكتفيت بوقف التعاون معها.
كانت غلطة، وتركت الكتاب لفترة، وأتمنى أن أتمكن من إنجاز الكتاب قبل موتى، وقد تعاقدت مع شخص ثالث ثقة، وأتمنى أن يكون عند حُسن ظنى فى الفترة المقبلة، لكتابة سيرة نجيب محفوظ من منظور الابنة ووجهة نظرى، وسأكتفى فى الكتاب بتوثيق ما شهدته بعينى وما وجدته من يوميات لدى والدى، والهدف من الكتاب مجرد محاولة للرد على الكلام الذى أساء لأبى نجيب محفوظ ولأسرته بعد رحيله، وأنا أسعى لتصحيح الأقاويل المتداولة عنه وتوضيح الأمور بدقة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نجيب محفوظ أم كلثوم نجيب محفوظ نجیب محفوظ
إقرأ أيضاً:
محمد نجيب عوضين: آيات الميراث التفصيلية نزلت بسبب امرأة
عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان “فريضة الميراث شبهات وردود”.
وذلك بحضور كل من؛ الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وأدار اللقاء الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
في بداية الملتقى قال الدكتور محمد نجيب عوضين، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إن الميراث من المسائل القليلة التي نظمها الحق سبحانه وتعالى تفصيلًا في القرآن الكريم، لكي يغلق الباب أمام الأهواء الشخصية نظرًا لأهمية هذه المسائل، لذلك نرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يوحى إليه عدل فرضًا واحدًا من فروض الميراث، لأن الله سبحانه وتعالى تولى بيانها بشكل قاطع، والمتخصصون في الميراث يعلمون هذا جيدًا، لأنهم يفهمون الفلسفة الحقيقية من القيود التي وضعها الحق سبحانه وتعالى في أنصبة المواريث.
واضاف أنه من فلسلفات الميراث أن المحجوب في الميراث يؤثر في غيره، كما أن العدد من الأخوة ينزلون الأم من الثلث إلى السدس، وهي فلسفة راعى فيها الشرع مصلحة الجميع، وكلها أحكام روعي فيها المصلحة، ولدقة هذه الأحكام تكفل الحق سبحانه وتعالى بتوزيعها دون تركها لأهواء البشر.
وبين أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن الإسلام هو الذي حفظ حق المرأة في الميراث " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا" لكن الأنصبة وضعها الشرع الحكيم لفلسفة معينة وليس بشكل عشوائي، وأن الدعوات التي تطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، لم يقف أصحابها على حقيقة وفلسفة الميراث.
وتابع: لو نظرنا إلى آيات الميراث التفصيلية نجد أنها نزلت بسبب امرأة "عندما توفى سعد بن الربيع في غزوة أحد، ولم تكن آيات الميراث نزلت بعد، فذهب أخوه وحمل تركته وانصرف، ولم يترك لزوجته وبناته شيئا، فذهبت زوجته للرسول صلى الله عليه وسلم تشكو له مما حدث، فقال النبي صلى الله: اصبري لعل الله ينزل في شأنك شيئا، ونزلت بعدها بوقت قصير آيات الميراث، وهو دليل على أن آيات الميراث على وضعها الحالي جاءت لإنصاف المرأة.
وذكر أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أن أضخم فروض الميراث النصيب الأكثر فيها للنساء، فتحصل المرأة على الثلثين في أربعة مسائل (البنت، وبنت الأبن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب) ولا توجد مسأَلة واحدة للذكر يحصل فيها على هذا الفرض، كما أن النصف تحصل عليه المرأة في أربعة مسائل (البنت، بنت الأبن، الأخت الشقيقة، الأخت لأب) ويحصل عليه الذكر في حالة واحدة وهي (الزوج)، ونجد أن نسبة 1% من مسائل الميراث تأخذ فيها المرأة نصف نصيب الرجل، وباقي المسائل قد تساوي الرجل أو تأخذ أضعافه، وأحيانا تحجب المرأة الرجل فلا يرث مع وجودها كما في مسأَلة (العصبة مع الغير) وهي البنت أو بنت الابن (الفرع الوارث) مع الأخت الشقيقة أو لأب، في هذه الحالة تحجب (الأخ الأب، ابن الأخ الشقيق، ابن الأخ لأب، العم الشقيق، العم لأب، ابن العم الشقيق، ابن العم لأب)، وما ظهر من دعوات بخلاف ذلك فهي إنكار لمعلوم من الدين بالضرورة، ووصف الميراث بأنه "حكم بشري" هو ضرب من العبث.
من جانبه قال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء: مسائل الميراث من المسائل القطعية التي لا تحتمل الخلاف، لأن القرآن الكريم حسمها تفصيلا بكل حالاتها، وادعاء بأن المرأة مظلومة في الميراث هي دعوة باطلة، لأن الذي قسم أنصبة المواريث هو الحق سبحانه وتعالى، وما فرضه الله هو عين العدل، لأن المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في الميراث، تظلم النساء وتضيع عليهن الكثير من الحقوق، كما في حالة الزوجة مع البنت (الفرع الوارث)، فالبنت تأخذ النصف والزوج يأخذ الربع، ثم تأخذ البنت الباقي تعصيبًا، وفي حالة الجدة لأم والجد لأم، فالجدة لأم تأخذ كل التركة، فتكون بذلك أخذت ثلاثة أضعاف الرجل، أما مساواة الرجال والنساء في المسائل التي تأخذ فيها المرأة أقل من الرجل، وهي حالات قليلة جدًا في الميراث، تعد انتقائية وهو أمر مخالف للمنهج العلمي، وجميع المسائل التي طرحها دعاة إنصاف المرأة في حقيقتها هي ظلم للمرأة، فالمرأة لم تُظلم في الميراث لأن الذي فرض الأنصبة في المواريث هو الحق سبحانه وتعالى، لهذا بدأت الأنصبة بقوله سبحانه وتعالى "نصيبًا مفروضًا" أي مقدرة وواجبة.
وبين وكيل الأزهر الأسبق، أن أنصبة المواريث إلزامية ومن خالفها كما جاءت في القرآن الكريم فهو ضال ومضل للناس "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم" لهذا جاء النص القرآني، بقوله "أن تضلوا" محذرا من الوقوع في مثل هذا الجرم، ولا يجوز لبشر كائن من كان أن يعدل على أحكام الميراث التي فرضت من قبل الحق سبحانه وتعالى، والقول بأن آيات المواريث تحتمل اختلاف الأفهام، هو تدليس واجتراء على كتاب الله.
في ختام الملتقى قال الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، آيات المواريث حسمت قضية الميراث بين المستحقين له، ومن يتكلم بخلاق ما جاء في القرآن الكريم، إنما يحاول أن يلبس على الناس دينهم، ومن ينظر إلى الإسلام في فقه المواريث، يجد أن الله سبحانه وتعالى قسمها بما يضمن المصلحة الحقيقية لمستحقي الميراث.