ما مستقبل العلاقات الروسية التركية بعد سقوط الحكومة السورية؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
موسكو- كان للحرب السورية التي اندلعت عام 2011 تأثير كبير على العلاقات بين تركيا وروسيا في البداية، بسبب الخلافات حول دعم أنقرة لقوات المعارضة ودعم موسكو لنظام الرئيس بشار الأسد، وبلغت التوترات ذروتها عندما أسقط الأتراك طائرة حربية روسية.
مع ذلك، لم تمنع المخاوف الأمنية التركية، بما فيها ما اعتبرته تهديدات من النظام والأحزاب الكردية ورغبة روسيا في وضع عقبات أمام مصالحها في سوريا، من بدء تعاون إستراتيجي بين البلدين والعمل سويا على إيجاد حل سياسي للأزمة في دمشق.
واتضح هذا التعاون في صيغ مختلفة كعملية أستانا التفاوضية وصفقات الأسلحة بين روسيا وتركيا، وجدت فيها موسكو فرصة لإضعاف حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتعزيز قوة النظام السابق.
توتر قويلكن الأحداث الأخيرة في سوريا التي انتهت بسيطرة المعارضة على البلاد طرحت تساؤلات عن مستقبل العلاقات بين موسكو وأنقرة، لا سيما أنه تمخض عنها تبدلات عميقة في الواقع السوري أثرت بشكل ملموس على مستقبل الوجود الروسي في سوريا، وربما في المنطقة عموما.
ويؤكد محلل الشؤون الإستراتيجية رولاند بيجاموف وجود توتر قوي حاليا في العلاقات بين روسيا وتركيا، لكن الكرملين يحرص على عدم إظهاره.
إعلانووفق ما يقوله للجزيرة نت، فإن العلاقات ستتواصل مع ذلك، ولكن يلزم مرور بعض الوقت قبل أن يتم إعادة تقييمها، وهذا أمر حتمي، لأن الوقائع تغيرت على الأرض في سوريا، لا سيما في المرحلة الحالية طالما بقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه في سدة الحكم.
ويصف بيجاموف أردوغان "بالحليف والشريك غير المربح لروسيا، لكنه الأفضل ضمن الخيارات الحالية، لأنه إذا استلم حزب الشعب الجمهوري المعارض السلطة في تركيا، فإن العلاقات معها لن تبقى على حالها نظرا للتوجهات السياسية لهذا الحزب الذي ينظر إلى روسيا بعدائية".
ويتابع أنه رغم التوترات التي تظهر بشكل أو بآخر بين موسكو وأنقرة، فإن القيادات في كلا البلدين تمكنت من إظهار القدرة على إدارة المشاكل البينية وإيجاد نقاط مشتركة والتفاهم عليها.
مسألة عاجلةوبخصوص ما قاله المفكر الروسي ألكسندر دوغين، الذي يوصف بـ"عقل بوتين"، عن أن تركيا "وقعت في الفخ السوري، وضربت موسكو في الظهر"، يوضح المحلل بيجاموف أن هذا الكلام يعكس مزاج شريحة واسعة من المواطنين الروس وآراء كثير من النخب السياسية التي اعترضت على الطريقة والنتائج التي انتهت إليها الأوضاع في سوريا.
وكانت مواقع روسية نشرت -نقلا عما قيل إنها صفحة دوغين على منصة إكس- قوله إن "روسيا حتى اليوم كانت تدعم أردوغان، وبذلت قصارى جهدها لتجنب التوترات معه في عام 2015، وساعدته كثيرا خلال انقلاب جماعة غولن، لكن نتيجة القضية السورية مؤلمة للغاية بالنسبة لنا، وما حصل هناك من محاباة لإسرائيل ودعاة العولمة هو سوء تقدير من جانب أردوغان".
من جانبه، قال المحلل السياسي أينور كرمانوف إنه من المبكر الحديث عن شكل محدد لمستقبل العلاقات بين روسيا وتركيا على ضوء المشهد السياسي والأمني الحالي في سوريا، موضحا أن الأخيرة ليست وحدها فقط هي الساحة المشتركة لتناقض مصالح الجانبين، بل ساحات أخرى كجنوب القوقاز وملفي أوكرانيا والطاقة وسلاسل توريدها والوضع في البحر الأسود وغيرها.
إعلانووفقا له، فإن النقطة العاجلة تتعلق حاليا بأمن القواعد الروسية ومصيرها في سوريا، وكيف سيتم الاتفاق على مستقبلها، على ضوء تصريحات السلطات الجديدة بأنه سيتم معالجة هذا الأمر على أساس مصلحة الشعب السوري. ويرى أن المصلحة التركية هي التي ستحسم هذا الأمر، مما سيترتب عليه معاملة موسكو أنقرة بالمثل في ملفات أخرى إذا كان القرار بإنهاء الوجود الروسي في سوريا.
السيناريو الليبيويشير المحلل كرمانوف إلى أن التطورات في سوريا قد تأخذ المنحى الليبي عندما كانت روسيا مرفوضة هناك بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، قبل أن تتبدل الأوضاع في خضم الحرب الشرسة التي اندلعت بين "أشقاء الأمس" وتنشأ حاجة لوجود ثقل موازن في الصراع بين الفرقاء الليبيين، تمثل تحديدا في روسيا، وتسبب في تجاذب وحالة تنافس بين موسكو وأنقرة.
وبرأيه، فإن هذا السيناريو غير مستبعد على المدى المتوسط أو البعيد في سوريا، لأن الأوضاع فيها قد تتغير بدورها بشكل دراماتيكي يقلب المشهد رأسا على عقب ولربما في المنطقة برمتها.
ويخلص كرمانوف إلى أن موسكو ستكون أمام مراجعة جديدة وجدية للتغيرات في المنطقة التي ستشكل مقدمة لتحولات جيوسياسية كبيرة في العالم، متوقعا أن يتم اللجوء أكثر إلى التركيز على الحدائق الخلفية لروسيا في الفضاء السوفياتي السابق، وعلى رأسها أوكرانيا، مع الحديث عن إمكانية أن يتخذ الناتو قرارا "مجنونا" بنشر قنابل نووية حرارية في بولندا أو أوكرانيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العلاقات بین فی سوریا
إقرأ أيضاً:
سلوتسكي يشيد بالعلاقات الروسية الجزائرية
أشاد ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس "الدوما" الروسي بجودة العلاقات الروسية الجزائرية، مشيرا إلى التنسيق الذي يميز العمل الدبلوماسي المشترك في المنظمات الدولية.
روسيا تُعلق على انضمام أرمينيا للاتحاد الأوروبي روسيا تُعلن استسلام 26 عسكرياً أوكرانياً في عمليات حربيةوبحسب روسيا اليوم، زار رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس "الدوما" الروسي ليونيد سلوتسكي، امس الخميس الجزائر في إطار زيارة رسمية تستغرق يوما واحدا، وكان في استقباله رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الوطنية بالخارج، محمد عمرون.
وأشاد عمرون بـ "العلاقات التاريخية الجزائرية - الروسية وباتفاق الشراكة الاستراتيجية العميقة الذي يؤطر تعاونهما في مختلف المجالات، وذلك في وجود إرادة سياسية واضحة لتعزيز التبادلات وتوسيع التعاون والوصول به إلى آفاق أرحب في ظل النهضة الاقتصادية التي تشهدها البلاد".
كما استعرض "الإنجازات التي حققتها الجزائر بفضل إصلاحات جذرية انبثقت عنها نصوص تشريعية محفزة للاستثمار وخلق الثروة وبناء علاقات بينية قائمة على المنفعة المتبادلة والمشتركة".
وذكر عمرون بمواقف الجزائر تجاه مختلف القضايا الدولية والعربية والإفريقية، مشيدا في ذات السياق بالشراكة الروسية - الإفريقية التي تسعى إلى "تعزيز القدرات الاقتصادية للدول الإفريقية".
ونوه سلوتسكي بجودة العلاقات العريقة بين البلدين وبوتيرة التنسيق والتعاون التي تطبعها في إطار "اتفاق الشراكة الاستراتيجية المعمقة الذي أبرمه قائدا البلدين"، مؤكدا أن بلاده "تحرص على تنفيذه، انطلاقا من أهمية الجزائر كشريك مميز".
كما أكد على "التنسيق الإيجابي الذي يميز العمل الدبلوماسي المشترك في المنظمات الأممية والدولية"، مشيدا بـ"الفاعلية التي تميز النشاط الدبلوماسي للجزائر في مجلس الأمن الدولي".
وأبدى سلوتسكي "تفاؤله بمستقبل تعاوني واعد يضاعف من جسور التقارب والشراكة بين روسيا والجزائر، حفاظا على مصالح الطرفان في ظل عالم متغير".
وأكد سلوتسكي على أن "كل الأطياف السياسية في روسيا مهتمة بتطوير وتعزيز العلاقات مع الجزائر ورفعها الى مستويات أرحب".
وتناول الطرفان المأساة الإنسانية في غزة والأراضي الفلسطينية، كما تطرقا إلى الوضع في منطقة الساحل، فيما دعا الجانبان إلى "تكثيف التعاون البرلماني من خلال تبادل الزيارات والخبرات وتفعيل مجموعتي الصداقة التي شكلها المجلسان من أجل ترقية علاقاتهما البرلمانية وتعزيز الحوار بين ممثلي الشعبين الصديقين".