هل تصنع العملات المشفرة تحولاً جذرياً في النظام المالي العالمي مستقبلاً؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
تشهد العملات المشفرة تطورًا متسارعًا، وتُعد ابتكاراً ثورياً يغيّر قواعد المال والتداول، وفي ظل التحولات الرقمية الكبيرة التي يشهدها القرن الحادي والعشرون تزداد التساؤلات حول مستقبلها وأثرها على اقتصاد العالم.
وفي هذا السياق، لفتت رند الخراشي، رائدة الأعمال السعودية ومؤسسةQuintes Protocol، إلى أن العملات المشفرة تمثل تحولًا جذريًا في النظام المالي العالمي، حيث تقدم فرصًا كبيرة لإعادة تشكيل الاقتصاد من خلال الابتكار في المعاملات المالية، تخفيض التكاليف، وتعزيز الشمول المالي.تحسين الشفافية وأكدت رند الخراشي عبر 24، أن مستقبل العملات المشفرة هو زيادة التبني العالمي، وأصبحت جزءًا من النظام المالي التقليدي، حيث تبنتها شركات كبرى وحكومات كأداة لتحسين الشفافية وتعزيز الاقتصاد الرقمي، وقالت إنه مع ظهور حلول مثل Quintes Protocol، وهو أول بروتوكول يطرح عملة مشفرة غير قابلة للتراجع في قيمتها، يتضح مستقبل العملات المشفرة كأداة لحماية الثروات.
وأشارت إلى أن هذه التكنولوجيا تعتمد على بناء نظام يوازن بين الاستدامة المالية والاستثمار الذكي، مما يجعلها حلاً للمخاوف التقليدية حول تقلبات الأسواق. مستقبل الاقتصاد من جانبه، لفت أليكس مانسون، الخبير المالي، إلى أن العملات المشفرة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من مستقبل الاقتصاد الرقمي، إذ تقدم فرصًا هائلة لتعزيز الشمول المالي وتسهيل المعاملات عبر الحدود، ومع ذلك، فإنها تحمل أيضًا تحديات كبيرة تتعلق بالتنظيم والتقلبات السوقية، وإذا تمكنت الحكومات والمؤسسات من وضع أطر تنظيمية متوازنة، فقد تصبح العملات المشفرة ركيزة أساسية في النظام المالي العالمي.
وأوضح أن العملات المشفرة تقدم فرصًا اقتصادية ضخمة للأسواق الناشئة من خلال تمكين المعاملات العابرة للحدود وزيادة الوصول إلى التمويل دون الحاجة للبنوك التقليدية، حيث يمكن للعملات المشفرة أن تخدم ملايين الأشخاص غير المتعاملين مع البنوك في جميع أنحاء العالم من خلال توفير وسائل سهلة وآمنة لتحويل الأموال، بالإضافة إلى زيادة الكفاءة وخفض التكاليف مما ينعكس إيجابياً على الشركات والمستهلكين. تحول جذري بدوره، قال أحمد العمار، الخبير الاقتصادي: "تشكل العملات المشفرة تحولًا جذريًا في النظام المالي العالمي، حيث تفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والابتكار، ويمكن للعملات المشفرة أن تصبح أدوات استثمار موثوقة وآمنة تسهم في استقرار الاقتصاد والتأثير إيجابيًا على الاستثمارات العالمية".
ومضى قائلاً: "ومع ذلك، فإن نجاحها في تشكيل اقتصاد المستقبل يعتمد على قدرتها على تحقيق الاستقرار المالي وتجاوز المخاوف المتعلقة بغسيل الأموال والأمن السيبراني."
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية العملات المشفرة النظام المالي العالمي الاقتصاد الإمارات الاقتصاد فی النظام المالی العالمی العملات المشفرة
إقرأ أيضاً:
تحولات الاقتصاد العالمي وتحدي العمل اللائق
« تحولات الاقتصاد العالمي وتحدي العمل اللائق »، هذا هو موضوع مداخلتي في لقاءات الجامعةً الأورومتوسطية بفاس حول « تحالف الحضارات » يومي 6 و7 ديسمبر 2024. في الواقع، كان العمل والتوظيف دائمًا رهينين بالبُنى السياسية والاقتصادية السائدة. لقد تطورت طبيعة العمل تبعًا لنمط الإنتاج المهيمن: حيث انتقلنا تدريجيًا من العمل القسري إلى العمل المأجور. إلا أن هذا الأخير أصبح اليوم موضع تساؤل بسبب الروبوتات، والتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي.
هل هذا يعني أننا سنشهد نهاية العمل كما يتوقع بعض المفكرين؟ لا نعتقد ذلك: فمكانة العمل تتغير، لكنه لن يختفي بالمطلق. سيظل الذكاء البشري متفوقًا على الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الإنجازات المذهلة التي يحققها هذا الأخير.
بالطبع، الانتقال من مرحلة تاريخية إلى أخرى لا يتم بطريقة سلسة وسلمية. نجد دائمًا رابحين وخاسرين. هذا هو المعنى الحقيقي للثورات المتعددة التي حدثت عبر التاريخ. وإذا كان الانتقال من نظام العبودية إلى الإقطاعية ثم إلى الرأسمالية قد شكل تقدمًا لا يمكن إنكاره للبشرية، فهذا لا يعني أن ظروف العيش في المجتمعات الرأسمالية كانت مثالية. بعيدًا عن ذلك. فقد أُجبر آلاف العمال على العمل لساعات طويلة دون أي ضمانات، وفقدوا حياتهم في أماكن العمل، وتلقوا أجورًا بالكاد تكفي للبقاء على قيد الحياة لهم ولعائلاتهم. استغرق الأمر عقودًا من النضالات الاجتماعية بدعم من النقابات الناشئة لفرض تشريعات العمل التي أقرت تعميم الضمان الاجتماعي، ووضع حد أدنى للأجور، وتحديد سن قانوني للعمل… وقد لعب إنشاء منظمة العمل الدولية عام 1919 دورًا كبيرًا في توفير إدارة ثلاثية (حكومات، أصحاب عمل، وعمال) للقضايا المتعلقة بالعمل. وتمثل العشرات من الاتفاقيات التي تبنتها هذه المنظمة بشأن مختلف جوانب العمل مرجعًا لا غنى عنه للشركاء الاجتماعيين.
بالموازاةً مع هذا التطور الميداني، تطورت النظرية الاقتصادية المتعلقة بالعمل وفقًا للمدارس الفكرية. ودون الرجوع إلى ابن خلدون، الذي كان رائدًا في هذا المجال في عمله « المقدمة »، الذي ترجم إلى الفرنسية تحت عنوان « خطاب حول التاريخ الكوني » (3 مجلدات)، واعتبر العمل « مصدر خلق الثروة »، يمكننا أن نشير إلى مساهمة ثلاث مدارس: الاقتصاد السياسي الإنجليزي، النظرية الماركسية أو نقد الاقتصاد السياسي، والاقتصاد النيوكلاسيكي. من المدرسة الأولى، نستعير فكرة « قيمة العمل »، بمعنى أن قيمة السلع المنتجة تُحدد بكمية العمل المدمج فيها. بينما تجاوز ماركس هذه الفكرة بتقديمه تمييزًا بين العمل وقوة العمل. في الواقع، لا يبيع العامل عمله بل يبيع قوة عمله التي تُعتبر سلعة. الفرق بين هذين المفهومين كبير. بينما تعادل قيمة قوة العمل الأجر الذي يتلقاه العامل، فإن القيمة المنتجة (العمل) تعادل قيمة السلعة. والفرق بينهما يمثل فائض القيمة الذي يستولي عليه الرأسمالي. وهذا يفسر استغلال العمل من قبل رأس المال. وبذلك، قدمت النظرية الماركسية أداة فعالة للحركة العمالية للمطالبة بتحسين ظروف العمل وأرست أسس ما أصبح يُعرف لاحقًا بـ »العمل اللائق » كما هو منصوص عليه في اتفاقيات منظمة العمل الدولية
للحد منً تأثير هذه النظرية، ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تيار فكري يُسمى « النيوكلاسيكي ». لجأ هذا التيار إلى أدوات رياضية متطورة لإضفاء نوع من “العلمية” والدقة على الاقتصاد مثل العلوم البحتة كالرياضيات أو الفيزياء، ووضع دالة إنتاج تتكونً متغيراتها من العمل ورأس المال. ويتم تعويض كل عامل وفقًا لـ »إنتاجيته الحدية ». وهكذا، يعامل هذا التيار الليبرالي العمل، وبالتالي العامل (وهو إنسان من لحم ودم)، كما يعامل الآلة. هذه المقاربة، التي تفتقر بشدة إلى البعد الإنساني، أثرت على بعض مديري « الموارد البشرية » وبسطت نفوذها على نظرية بأكملها حول « رأس المال البشري ».
مثل هذه الأفكار تتجلى في التايلوربة والفوردية اللتين واجهتا انتقادات عديدة، لا سيما في جانب « إلغاء إنسانية » عملية الإنتاج بفرض وتيرة عمل شاقة على العمال لمواكبة الآلات، مما جعلهم عبيدًا جددًا. فيلم تشارلي تشابلن « الأزمنة الحديثة » (1936) هو بمثابة لائحة اتهام ضد العمل الآلي وظروف عيش جزء كبير من السكان الغربيين خلال فترة الكساد الكبير، المفروضة من أجل تحقيق مكاسب الكفاءة التي تطلبتها الصناعة الحديثة. ناهيكم عن ظروف العمل اللاإنسانية التي فُرضت على سكان الدول المستعمَرة.
وحتى لو تم التخلي عن هذين النظامين (التايلورية والفوردية)، فإن روحهما لم تختفِ تمامًا. فالعمل عن بُعد، والروبوتات، والتقنيات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، رغم أنها تحمل وعودًا بتقدم حقيقي، فإنها تمثل في الوقت ذاته مخاطر كبيرة على العمال والمجتمع ككل. هذه الاكتشافات التقنية الجديدة ليست في المقام الأول موجهة لخدمة الإنسان أو تسهيل حياة العمال، بل تأتي ضمن منطق إنتاجي وتنافسية مبالغ فيها لا تزيد إلا من تعميق الهوة بين البلدان وبين الفقراء والأغنياء داخل كل بلد. وهكذا، يحل العمل الفردي تدريجيًا محل العمل الجماعي، مما يعزز اغتراب العامل وإضعاف الحركة النقابية. في عصر تتطور فيه التقنيات بسرعة كبيرة، وتصبح دورة المنتوجات أقصر، يجد العمال أنفسهم بحاجة مستمرة للتكيف مع التكنولوجيا كي لا يفقدوا وظائفهم. مما يجعلهم يعيشون في وضعية غير آمنة. وبالتالي ينظر إلى العمل وكأنه « تعذيب » وليس وسيلة لتحقيق الذات .
إنه عمل يتحكم فيه الكمبيوتر، وغالبًا ما يُدفع مقابل الإنجاز، ويؤديه أشخاص لا هم عمالً ولاهم رجال أعمال حقيقيين. وهكذا، نشهد نوعًا من الاستغباء الذي يذكّرنا في بعض جوانبه بأشكال الاستعباد الأسوأ للعمل البشري. هذه « الرأسمالية القائمة على المنصات » ليست سوى عودة إلى نوع جديد من الترحال.
في النهاية، فإن رهانات هذه التحولات ليست اقتصادية واجتماعية فقط، بل هي أيضًا مجتمعية، وحتى حضارية.