سوريا خارج معادلات الصراع العربي الصهيوني
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
عبدالله علي صبري
ونحن نتابع المشهد السوري وما أفضى إليه من تغيير دراماتيكي ومستحق لهذا الشعب العربي، الذي انتظر طويلا ودفع ثمنا كبيرا من أجل هذه اللحظة التاريخية، يتعين أن لا نستعجل كثيرا في تقييم ما حدث واستكناه المستقبل المنظور، لولا أن ثمة مقدمات في مكان ما لا يمكن أن تفضي إلى نتائج معاكسة لما نرجوه ونتمناه.
فبالنسبة لمتابع مهتم بالقضية الفلسطينية، ويعتقد أن المقاومة هي السبيل الأوحد لتحرير فلسطين، فإنه لا يمكنه إغفال حقيقة أن سوريا كانت القلعة الحصينة للمقاومة في فلسطين ولبنان، سواء لناحية الموقف الرسمي السوري، أو لجهة الموقع الجغرافي الجيوستراتيجي.
ومهما حاول المرء أن يحسن الظن، فلا يمكن له أن يقفز على حقيقة أن تحرك الجماعات المسلحة من أدلب إلى حلب، جاء في اليوم الذي دخل فيه اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، بل وربما في الساعة الأولى، وبعد أقل من 20 ساعة على التهديد الذي أطلقه المجرم نتنياهو تجاه الرئيس السابق بشار الأسد، وتحذيره من ” اللعب بالنار”.
وبالمثل لا يمكن إغفال أن الكيان الصهيوني استغل الظروف والمستجدات في سوريا، وأقدم في اليوم التالي للإطاحة بالأسد على خرق هدنة 1974، واحتلال مناطق جديدة في الجولان وجبل الشيخ والقنيطرة، وكثف من غاراته العدوانية على وسط دمشق وريف دمشق، ودرعا وطرطوس ومختلف مواقع ومقدرات الجيش السوري، فيما لزمت قوات المعارضة المسلحة وإدارة عملياتها العسكرية والسياسية الصمت على هذا الاعتداء الصارخ والمتغير الخطير.
حتى لو تجاوزنا ما سبق، فإن العوامل والقوى الخارجية التي ساعدت على وصول قوات المعارضة إلى دمشق، وبالذات تركيا، كانت ولا تزال على علاقة جيدة بالكيان الصهيوني، ولم يصدر من أنقره والرئيس أردوغان موقف حقيقي ينتصر لدماء غزة ومظلومية شعبها، طوال يوميات طوفان الأقصى.
سيكتب التاريخ أنه بينما كانت غزة تذبح من الوريد إلى الوريد كانت تركيا تتأبط شرا بسوريا، وكان رئيسها ” الإسلامي ” مشغولا بتصفية حسابات شخصية مع رئيس عربي كانت قضية فلسطين على رأس ثوابت سياسته الخارجية. وربما لو كان توقيت هذا التحرك مختلفا لكان لنا رأي آخر.
من جهة ثانية، فقد أدى هذا التحرك إلى إغلاق معبر البوكمال، لكن بتعاون القوات الكردية المدعومة أمريكيا، وهذا التخادم الأمريكي التركي ليس هدفه تحرير الأرض السورية، بل فصل سوريا عن حزب الله وإيران والمقاومة، في خدمة مكشوفة للمشروع الصهيوني.
لقد احتفل المجرم نتنياهو بسقوط الأسد، وتفاخر بأنه لولا الضربات الإسرائيلية الموجعة لحزب الله في سوريا ولبنان، لما أمكن للمعارضة السورية تحقيق هذا الإنجاز الكبير.
هذه المقدمات وغيرها تجعلنا نقول إن سوريا قد خرجت من معادلات الصراع العربي الصهيوني، كما خرجت مصر السادات منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، وهو ما يعني أن المقاومة كانت خسارتها فادحة جدا، حتى يثبت العكس.
قد تكون سوريا تخلصت من النفوذ الإيراني والهيمنة الروسية، لكنها على طريق اللحاق بالمحور التركي الأمريكي، وقد تكون في طريق العودة للحضن العربي، لكنه الحضن الذي خذل غزة وفلسطين في موقف هو الأكثر انحطاطا ومهانة للأسف الشديد.
ومع ذلك نتمنى لسوريا وشعبها الأمن والاستقرار والازدهار، وأن تخيب توقعاتنا بشأن الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل برسم أمريكي، ولا مكان فيه لمن يرفع سبابته في وجه اليهود والصهاينة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: قدرات الجيش السوري كانت كفيلة بإيذاء إسرائيل
قال العميد سعيد القزح، الخبير العسكري والاستراتيجي، إنه من الطبيعي أن تخاف إسرائيل من المستقبل ومن النظام القادم على حدودها مع سوريا، ولذلك تعمدت تدمير القدرة العسكرية المتبقية من الجيش السوري التي كان يمتلكها قبل يومين.
وأضاف «القزح»، خلال مداخلة عبر شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أن القدرات العسكرية التي كان يمتلكها الجيش السوري كانت كفيلة بإيذاء إسرائيل إن عاداها النظام السوري القادم، على عكس نظام الأسد الذي كان صديقًا لإسرائيل، وكان يستعمل كل الأسلحة التي يمتلكها تجاه قتل شعبه، ولمجازر ارتكبها كثيرًا في سوريا، وليس تجاه الحرب مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن منذ عام 1974 لم تطلق رصاصة واحدة في الجولان وفي خلال معارك غزة واجتياحها لم تسمح سوريا لحزب الله أو لأي ميليشيات بأن تقوم بأي عملية من الجولان.
وتابع: «ما قامت به إسرائيل حماية لنفسها من أن تقع هذه الأسلحة بأيدي أي عناصر تعادي أو تؤذي إسرائيل وتستعملها ضدها».