هل تخلى "الجرار" عن "الديمقراطية الاجتماعية" بعد انضمامه إلى "الليبرالية الدولية"؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
قال مسؤول في حزب الأصالة والمعاصرة، إن انضمام هيئته السياسية إلى منظمة الليبرالية الدولية، « ليس تخليا من حزبه عن « الديمقراطية الاجتماعية » التي سار على نهجها منذ تأسيسه عام 2008، وكانت تسمح بإدراجه في خانة أحزاب وسط اليسار كما كان يؤكد قادته السابقون.
والأربعاء، رحب المكتب السياسي للحزب في بيان، بانضمامه إلى هذه المنظمة التي تضم أيضا كلا من حزبي الحركة الشعبية، والحزب المغربي الحر.
تفترض الديمقراطية الاجتماعية، كما تشير إلى ذلك مواد منشورة في موقع الحزب، « الاهتمام بنموذج « الدولة الاجتماعية » والإعلاء من قيمة العنصر البشري، واعتبار السوق أداة للكسب المالي في خدمة المجتمع، وليس العكس ». صدرت هذه المواد غالبا قبل 2020، أي في الفترة التي سبقت تحول « الدولة الاجتماعية » إلى خيار استراتيجي للسلطات المغربية بعد أزمة وباء كوفيد. يثير ذلك أسئلة حول هذا التحول في الحزب.
يشدد « الجرار » على أن عضويته في هذه المنظمة « تفتح أفاقا للدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وتعزيز التعاون الدولي مع الأحزاب الليبرالية ». يوضح مصدرنا بالحزب أن قرار الانضمام « كان مدفوعا برغبة الحزب في مواجهة خصوم البلاد في ما يتعلق بالوحدة الترابية على صعيد هذه المنصة، دون أي تخل عن المبادئ الأساسية التي شكلت هويته السياسية منذ 2008 ».
في الوثيقة المذهبية للحزب التي صودق عليها في مؤتمره الخامس فبراير الفائت، لم تجر الإشارة بوضوح إلى « الديمقراطية الاجتماعية »، وكذلك الليبرالية نفسها. لكنها كالت انتقادات حادة إلى الليبرالية الجديدة.
ظل الحزب يدافع باستمرار عن تموقعه كحزب وسط. وفي 2012، رست بوصلة الحزب على مرجعية “الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة” كمذهب عام يحكم ممارسته.
وقد أفضى المؤتمر الاستثنائي للحزب في ذلك العام، إلى هذه المرجعية بالمصادقة على وثيقة أطلق عليها « في تأصيل المرجعية الفكرية والسياسية لحزب الأصالة والمعاصرة: الديمقراطية الاجتماعية المنفتحة ».
وهكذا تصبح هذه المرجعية، كما قال إلياس العماري، وكان وقتها عضو بالمكتب السياسي للحزب، « بوصلة الحزب التي تنفتح على الاجتهادات الأخرى »، ومذهبا عاما يحكم الممارسة السياسية داخل هذه الهيئة، ليكون كذلك « عنوانا عريضا » له.
وفي 2016، حرص العماري وقد أصبح أمينا عاما للحزب، على إدراج حزبه ضمن خانة « وسط اليسار »، بعدما صادق المؤتمر الثالث في يناير من ذلك العام على وثيقة « الديمقراطية الاجتماعية ورهانات التحديث السياسي ». وزكى خلفه عبد الحكيم بنشماش هذا الاتجاه بعدما أحاط نفسه بنخبة من السياسيين ذوي الخلفية اليسارية.
سيتغير ذلك في عام 2020، مع إبعاد بنشماش، وحلول عبد اللطيف وهبي مكانه في قيادة الحزب. وهبي، اليساري المتشدد سابقا، باعتباره كان عضوا نشطا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي (قومي. يساري)، لم يمنح مساحة للنقاشات حول هوية الحزب، مركزا على تطوير بنيته التنظيمية بدلا عن ذلك. وبحلوله في المرتبة الثانية في الانتخابات التي أجريت عام 2021، ومشاركته في الحكومة مع التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، توارت الهوية السياسية للحزب حتى كادت تضمحل.
وتشكل فاطمة الزهراء المنصوري، بمعية القيادة الجماعية التي أوكل لها إدارة الحزب منذ فبراير 2024، امتدادا لهذه النظرة إلى أولويات الحزب. وفي مرحلتها، سيُتخذ القرار بشأن الانضمام إلى منظمة « الليبرالية الدولية ». لنذكر أن المكتب السياسي للحزب في الوقت الحالي، يضم شخصيات عرفت بأصولها اليسارية.
يعتقد قادة في الحزب تحدث إليهم صحفي « اليوم24″، أن الهوية السياسية أو المرجعية المذهبية « توقفت عن البروز في أجندة الحزب منذ أربع سنوات على الأقل، لكن كما قال لنا قيادي، مستدركا، أصبحت هذه الهوية متجسدة في الممارسة السياسية لأعضاء الحزب، في الحكومة، كما في البرلمان أو الشارع، « دون الحاجة إلى مزيد من التنظير ».
كلمات دلالية أحزاب المغرب سياسية هوية
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أحزاب المغرب سياسية هوية الدیمقراطیة الاجتماعیة
إقرأ أيضاً:
المصلحة الوطنية فوق الضرورات الديمقراطية
دعوة كريمة كالعادة من قناة النيل للأخبار تلقيتها للتحليل والتعليق على جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد فراغ وشغور رئاسى، استمر لأكثر من عامين وأربعة أشهر. وبعيدا عما شهدته الجلسة الأولى من كوميديا سوداء سواء التلاسن بين النواب الذى بلغ حد التجاوز بالألفاظ النابية بين النائبة بولا يعقوبيان وسليم عون. أو الخلاف الكوميدى بين النواب حول كيفية كتابة اسم الرئيس المنتخب على بطاقة الانتخاب، هل هو «جوزيف» أم «جوزاف» عون!!! وهى مشاهد تعكس جميعها مأساة لبنان ما بعد اتفاق الطائف 1990، وكيف تتحكم الطائفية والمحاصصة الحزبية فى مصير دولة وشعب.
ورغم أن لبنان واللبنانيين اعتادوا مثل هذه المشاهد خاصة فى انتخاب الرئيس، إذ إن 2 فقط من أصل 13 انتخابا رئاسيا فى لبنان منذ 1943 تم بشكل دورى وطبيعى، والبقية تم فى ظروف استثنائية وأزمات داخلية وإقليمية. لكن المشهد الأسوأ تمثل فى التصويت الأول فى الجلسة الأولى الذى انتهى دون حصول الرئيس عون على الأغلبية المطلوبة (86 صوتا)، وحصل فقط على 71 صوتا من إجمالى 128 صوتا. بعد إبطال الثنائى الشيعي؛ حزب الله وحركة أمل أصوات نوابهم المقدرة بنحو 31 صوتا، إلى جانب أصوات كتلة التيار الوطنى الحر بزعامة جبران باسيل والمقدرة بنحو 18 صوتا. وسط جدل كبير حول مدى دستورية انتخاب العماد جوزيف عون استنادا إلى نص المادة 49 من الدستور اللبنانى التى تقضى باستقالة موظفى ومسئولى الفئة الأولى بالحكومة قبل الانتخابات الرئاسية بعامين على الأقل ورفع النواب المعترضون شعارات احترام الدستور وصيانة السيادة اللبنانية، وهى مطالبات صحيحة لا لبث فيها أو تأويل، لكن فى الأوضاع والظروف الطبيعية. فكيف يتم ذلك وكل ما فى لبنان استثنائى وغير طبيعى منذ 2019، بل حتى ما قبل ذلك بسنوات عديدة. ومع ذلك سبق فى ظروف مشابهة أن تم تجاوز هذا الشرط الدستورى فى انتخاب الرئيس ميشيل سليمان عام 2008 بعد حدوث التوافق السياسى المطلوب.
المحزن فى الأمر أن النواب أنفسهم عادوا فى التصويت الثانى بعد رفع الجلسة الأولى للتشاور مدة ساعتين، وصوتوا لصالح العماد جوزيف عون ليحصل على 99 صوتا من إجمالى 128 صوتا، لينتخب رئيسا للجمهورية اللبنانية. ومع نهاية الجلسة الأولى كان هناك تأكيد من السيد نجيب ميقاتى رئيس الوزراء بأنه فى الجلسة الثانية سوف يحصل العماد عون على الأكثرية المطلوبة. فكيف نفهم هذا الوضع؟؟؟!! وذلك التحول فى التصويت؟؟
الحقيقة أنه لا تفسير غير أن الثنائى الشيعى ومعهم التيار الوطنى الحر قاموا بالمناورة السياسية الأخيرة والمساومات السياسية للحصول على أى مكاسب فى المستقبل من جانب، ومن جانب آخر إرسال رسالة للخارج قبل الداخل اللبنانى أنهم لا يزالون فاعلين ومؤثرين فى المشهد السياسى حاليا وفى المستقبل أيضا.
الدرس والخلاصة من جلستى انتخاب الرئيس اللبنانى أنه فى الظروف الاستثنائية المصلحة الوطنية لا بد من أن تعلو فوق المصالح الحزبية الضيقة التى تعكس أنانية وانتهازية سياسية، لا تليق وواقع دولة منهارة فعليا، أزمة مالية واقتصادية طاحنة فقدت معها العملة الوطنية 95% من قيمتها، وحرب خسر لبنان الذى كان يعانى من قبلها بالأساس أكثر من 12 مليار دولار، ومعدل تضخم ارتفع من 100% عام 2021 إلى نحو 231.3% عام 2023. هنا المصلحة الوطنية التى تتطلب انتخاب رئيس للبلاد والخروج من حالة الجمود السيسى والمؤسسى، تأتى فوق الضرورة والمقومات الديمقراطية حتى تلك المرتبطة بسيادة الدستور والقانون كما تعلل البعض. وإن كلا من الدستور، واتفاقى الطائف والدوحة ليست قرآنا أو إنجيلا لا يمكن المساس به حتى فى حالات الضرورة والاستثناء. مع انتخاب الرئيس جوزيف عون يبدأ لبنان مرحلة جديدة بتحديات جمة، لكن انتخاب الرئيس هو جزء وبداية الحل وليس الحل النهائى. وسيادة لبنان الوطنية لن تتحقق إلا بدولة متماسكة ومستقرة داخليا.