بوابة الوفد:
2025-04-26@03:17:51 GMT

«البروسيلا».. القاتل الصامت

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

ينتقل من خلال الألبان ويهدد الصحة العامة«سوق الوقيعة» فى انتظار الحيوانات المصابةبيطريون: لا علاج له.. و«الإعدام» ضرورة للتخلص من المرض

 

تعتبر منتجات الألبان من السلع الأساسية فى كل بيت مصرى، ولا سيما اللبن الطازج الذى نشتريه من عند «اللبّان» أو «من الفلاحين»، فهناك كثيرون يفضلون هذه المنتجات بدلاً من الاعتماد على المنتجات «المبسترة».

لكن المؤسف أن معظم منتجات الألبان الطازجة المتواجدة فى الأسواق مهددة بالتلوث والأمراض المعدية، خاصة مرض «البروسيلا» الذى تشترك عدوَاه من الإنسان إلى الحيوان عبر منتجات الألبان التى لم تتعرض لدرجة غليان مناسبة، وتصبح حياته مهددة بالخطر.

وأثار مرض «البروسيلا» الذعر بين المواطنين خلال الفترة الأخيرة، خاصة الفلاحين ومربى الماشية، وذلك بعد تداول تحذيرات من المختصين بوجود حالات مصابة فى مصر، إلا أن عددا كبيرا من المربين يرفضون الإفصاح عن هذه الحالات، لطرحها فى سوق «الوقيعة».

وكانت وزارة الزراعة قد أكدت على تخصيص تعويض مادى يصل لـ30 ألف جنيه لكل مربٍ يبلغ عن ماشيته المصابة بـ«البروسيلا»، حتى يتم التخلص منها بـ«الحرق»، أو «الدفن الصحى».

قال محمد إبراهيم، أحد مربى الثروة الحيوانية، بمحافظة الجيزة، إن مرض «البروسيلا» و«السل» من أكثر الأمراض التى تهدد صحة الحيوان والإنسان، خاصة مع عدم معرفة أعراضه لدى بعض المربين، بالإضافة إلى قلة ثقافة بعضهم بكيفية التعامل مع الحيوان المصاب، مما يزيد من احتمالية انتقال المرض للإنسان، وبالتالى تكون الخسارة للطرفين.

وأوضح «إبراهيم» أن الفلاح البسيط يعرض منتجات الماشية «اللبن والجبن» فى الأسواق، حيث تحلب الماشية وتحضير الأجبان بالأدوات البدائية، مما يشكل خطورة على صحة المواطنين من انتشار المرض دون العلم بذلك، كما أنه قد ينتقل للإنسان فى حالة التعامل مع الماشية المصابة، ولذلك نطالب الجهات المختصة بتكثيف الندوات التثقيفية للفلاحين والمزارعين عن خطورة هذا المرض، وكيفية التعرف على أعراضه وطريقة التعامل معه لتجنب انتشاره وللحفاظ على الثروة الحيوانية.

من جانبه، أكد محمد خالد، مزارع ومُربى ماشية، بمحافظة أسيوط، أنه توجد حالات كثيرة بالمحافظة مصابة بالمرض ولكن لم يتم الإفصاح عنها رسميا، كما أن الجهات البيطرية لم تقم بحملات فحص وتحصين للماشية ضد المرض بشكل كافٍ، مؤكدا على عدم وعى المربين بخطورة هذا المرض، ومن يعلم بإصابة ماشيته يتم عرضها فى سوق «الوقيعة» لبيعها بأقل خسارة ممكنة، دون إخطار الجهات المختصة لإعدام الحالة المصابة، رغم التعويض المادى الجيد الذى تقدمه وزارة الزراعة للمربى.

وأوضح «خالد» أن سوق «الوقيعة» يهدد حياة المواطنين ويقضى على الثروة الحيوانية فى مصر، كما أنه يشوه سمعة سوق اللحمة ومنتجات الألبان، ولابد من وقفة حاسمة من قبل الحكومة للتصدى لهذه الأسواق وتجارها، فهم يتاجرون بحياة الإنسان ويضربون اقتصاد مصر بالقضاء على الثروة الحيوانية وانتشار الأمراض بين قطيعها.

وكشف الدكتور محمود عصام، الخبير الدولى لـ«البروسيلا» بالمنظمة العالمية لصحة الحيوان، أن المرض قديم، واكتشفه عالم إنجليزى بجزيرة مالطة، عام 1886، وهو من الأمراض المنتشرة فى عدد كبير من دول العالم، وهو مرض بكتيرى يصيب الحيوانات، ويسبب الإجهاض فى الأبقار والجاموس، حيث أن الحيوان يفقد الجنين عند 7 شهور.

وأضاف «عصام» أن مرض البروسيلا يقلل من إنتاج الحليب، كما أنه مرض مشترك بين الإنسان والحيوان، وعادة ينتقل للإنسان عن طريق شرب اللبن غير المعرض للغليان الشديد، واللبن غير المبستر.

وأشار إلى أن المرض لا يمكن أن ينتقل عن طريق اللحوم لأنها تتعرض لدرجة حرارة عالية، ولا بد أن يكون لدى المواطن الثقافة الصحية، كما يجب أن يتردد على أماكن موثوقة عند شراء اللحوم ومنتجات الألبان، لافتا إلى أن تعرض اللبن للغليان فإن ذلك يقضى على المرض تماما، حيث أن الميكروب لا يستطيع العيش فى درجة الحرارة العالية، وبالتالى فإبقاء اللبن على درجة غليان لمدة 5 دقائق يقضى عليه تماما.

وأوضح أن مصر تقوم بإنتاج اللقاحات المضادة لهذا المرض بمعهد اللقاحات والأمصال بالعباسية، ويتم تسليمها للهيئة العامة للخدمات البيطرية، وتوزيعها على جميع الوحدات البيطرية بالمحافظات، لتحضيرها وبدء عملية تحصين الأبقار والجاموس، بجانب الأغنام، «مجانا».

وأهاب الخبير الدولى بضرورة توجه المربين إلى الوحدات البيطرية لتحصين المواشى، وذلك حفاظا على الثروة الحيوانية، حيث إن المربى إذا أنفق جنيها واحدا لتحصين الماشية، فإن ذلك سيوفر عليه 40 جنيها «خسائر» فى حالة إصابة الماشية بأى مرض وليس «البروسيلا» فقط، وذلك بسبب فقدان الجنين وقلة إنتاج اللبن، وعدم تسمين العجول، بجانب حجز المزارع المصابة وعدم توريد منتجاتها للأسواق.

وشدد على أنه يجب على كل مُربٍ للثروة الحيوانية، التوجه إلى الوحدة البيطرية لتحصين ماشيته «مجانا»، مع ضرورة التأكد من صحة الحيوان الجديد قبل إدخاله على القطيع الموجود بالمزرعة أو «حوش المربى»، لمنع نقل العدوى بين الماشية، كما أن «حقنة تحصين» واحدة تعطى مناعة مدى الحياة للحيوان، وفى حالة اكتشاف حالات إيجابية فيتم إبلاغ الجهات المختصة لسحب الماشية وإعدامها من قبل السلطات البيطرية، مقابل تعويض مادى قيم، لتشجيع مربى الثروة الحيوانية للتخلص من هذا المرض.

وذكر الدكتور محمود عصام، أن مصر لديها 41 قطيعا منتجا للألبان ويخلو من مرض «البروسيلا»، والسل البقرى، واعتبر هذان المرضان أكثر الأمراض المنتشرة التى تضر بصحة الإنسان والحيوان.

وقال حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن مرض «البروسيلا» جاء إلى مصر مع السلالات الأجنبية، ويعرف لدى الإنسان باسم «الحمى الملطية».

وأضاف «أبوصدام» أن مصر لديها حالات ضئيلة، ومع ذلك فوجود حالة واحدة، يعد أمرا مقلقا للغاية، لأنه مرض مُعدٍ، وهو يصيب الإبل والأبقار والجاموس والماعز والأغنام والكثير من الحيوانات الأخرى، مثل القطط والكلاب الضالة، ويمكن أن ينتقل من الحيوانات المريضة للإنسان بالاختلاط المباشر، أو إفرازاته أو دمه أو تناول لحوم مصابة غير مطبوخة جيدا أو أحد منتجاته كالألبان غير المبسترة.

وأشار إلى أن أعراض «البروسيلا» قد لا تكون معلومة لدى المربى، وهو يتسبب فى إجهاض لإناث الحيوانات والتهاب الخصيتين للذكور، وقد يؤدى إلى العقم ونفوق الحيوان، كما أن وزارة الزراعة تحرص على تعويض أصحاب الحيوانات التى يثبت إصابتها بالمرض، نظرا لخطورته وما يتسبب فيه من خسائر فادحة للمربين، وحفاظا على الصحة العامة لمنع تداول لحوم ومنتجات الحيوانات المصابة، وكذلك فإن التعويض يعد نوعا من الدعم للمربين بما ينهض بالثروة الحيوانية، ويساهم فى السيطرة على الأمراض الوبائية الخطيرة ويخفف الأعباء على المربين.

وأكد «أبو صدام» أن مرض «البروسيلا»، خطير ولا يمكن الاستهتار به، ويدل على ذلك تأهب وزارة الزراعة له ومخاطبة المربين بضرورة الإبلاغ على الحالات المصابة ليتم إعدامها، وتعويض المربى بمبلغ قد يصل لـ40 ألف جنيه للرأس الواحدة، لافتا إلى أن «الزراعة» بدأت تدشين حملات بالتنسيق مع الطب البيطرى لفحص الحيوانات وتحصينها، ولكن هناك بعض الحالات المصابة لم يتم الإبلاغ عنها، وخطورة هذا الأمر فى بيع الماشية المصابة لمستقطبى «الوقيعة» ليتم طرح منتجاتها بالأسواق بمبالغ ضئيلة، وتحقيق أقل خسائر ممكنة للمربى.

وأوضح أن معظم الحيوانات المصابة لا تعالج لارتفاع التكاليف وعدم الجدوى الاقتصادية ولذلك يفضل ذبح الحيوان المصاب ودفنه دفنا صحيا لضمان عدم انتشار المرض، مطالبا المواطنين ببسترة الألبان قبل تناولها وطهى اللحوم جيدا كطريقة من طرق الوقاية، مع الالتزام بعدم شراء أية لحوم أو منتجات حيوانية من أماكن مجهولة أو غير مرخصة.

وأكد الدكتور السيد عوض، مدير الإدارة البيطرية بمحافظة القليوبية، سابقا، أن مرض البروسيلا مرض خطير، ويحتاج لجهود مكثفة من الدولة للقضاء عليه بالتعاون مع المربين بالإفصاح عن الحالات المصابة، وتدشين حملات بيطرية لفحص وتلقيح الماشية.

وذكر «عوض» أن أبرز أعراض «البروسيلا» هى ارتفاع درجات الحرارة، وقلة تناول الحيوان للطعام، وبالتالى ضعف تسمين العجول، ومن أبرز أضراره، تهديد الصحة العامة للإنسان والحيوان، كما أن المرض يضرب الثروة الحيوانية اقتصاديا.

وقال مصطفى وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، إنه حتى الآن لم يتم الإبلاغ بأية حالات مصابة بـ«البروسيلا» تم ذبحها بأحد المجازر التابعة لمظلة الطب البيطرى، كما أن الجزارين المهنيين لا يلجأون إلى جهات غير موثوقة لشراء المواشى، وعادة ما يتم ذبح الحيوان المصاب بالمرض فى المناطق النائية، خاصة محافظات الدلتا والصعيد، نتيجة ضعف الرقابة البيطرية على تلك الإمكان.

وأشار «وهبة» إلى أن مواشى «الوقيعة» معروفة وموجودة بالفعل ولها سوقها، وتتواجد بشكل مكثف بالمناطق النائية، كما أن منتجاتها دائما معروضة بأسعار رخيصة، خاصة اللحوم، حيث تتراوح أسعارها بين 150 و200 جنيه للكيلو الواحد، وهذا ما شهدناه خلال فترة ارتفاع أسعار اللحوم خلال الآونة الأخيرة، حيث نلاحظ بعض الجزارات غير الموثوق بها تعرض اللحوم بتلك الأسعار، وتكثف إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعى لإثارة الجدل بين المواطنين وتستغل الأزمة واستقطاب المواطنين البسطاء الذين ليس لديهم وعى عن سوق «الوقيعة» وخطورته.

وقال الدكتور أحمد هايل خفيف، المتخصص فى الإرشاد الزراعى والإنتاج الحيوانى، إن بكتيريا البروسيلا تنتشر بين الحيوانات من خلال الجهاز التناسلى أو من خلال الجروح المكشوفة أو من الجهاز الهضمى.

وأوضح أن أهم أعراض «البروسيلا» هى زيادة حجم خصية الحيوان، والإصابة بالالتهابات، كما تصاب الإناث بالتهابات المشيمة، وقد تفقد حملها فى الشهر الرابع، بجانب الكسل الشديد، وارتفاع درجة الحرارة، والتنفس بسرعة كبيرة.

وأشار إلى أن علاج المرض يتم عن طريق حقن الحيوانات بالمصل الملائم لها، كما يجب أن يتم إخراج الأجنة الميتة بطريقة صحيحة، ويمكن وقاية باقى القطيع من خلال مراعاة نظافة الطعام ومياه الشرب، وإذا أصيب أى حيوان بجرح، يجب أن يتم علاجه فى الحال، لافتا إلى أن أكثر الفئات المعرضة للإصابة بالمرض هم العاملون بالثروة الحيوانية.

وأكد الدكتور ممتاز شاهين، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة، أن الهيئة تبذل أقصى جهدها لمكافحة مرض البروسيلا من خلال سياسات الاختبار والذبح والتعويض وتحصين الماشية «أبقار، جاموس، أغنام، ماعز»، وتنظيم حملات لذلك من عمر 4 إلى 7 أشهر مجاناً، منوها إلى أن مصر أصبحت من أوائل دول العالم التى تعتمد مزارع خالية من مرض البروسيلا وذلك من خلال إعلان المنظمة العالمية لصحة الحيوان.

وذكر«شاهين» أن نسبة وجود المرض فى مصر ضئيلة جداً ونوصى السادة المربين بتقديم حيواناتهم للجان الاختبار والتحصين ضد مرض البروسيلا للحفاظ على الثروة الحيوانية والحد من انتشار هذا المرض فى الحيوان والإنسان.

ونصح رئيس هيئة الخدمات البيطرية المواطنين بغلى الألبان لمدة 20 دقيقة للتخلص من مسببات المرض والحصول على المنتجات ذات الأصل الحيوانى من أماكن موثوق بها وخاضعة للإشراف الطبى البيطرى الكامل.

 

إنفوجراف:

30 ألف جنيه تعويض أصحاب الأبقار المستوردة المصابة بالمرض أقل من عامين

20 ألف جنيه لأبقار الخليط والجاموس

12 ألف جنيه للأبقار البلدى و15 ألفا لطلائق الأبقار والجاموس

2700 جنيه للأغنام و1500 للماعز

المواشى أكثر من 5 سنوات

الأبقار المستوردة

(15000) جنيه

الأبقار الخليط

(10000) جنيه

الأبقار البلدية

(8000) جنيه

الجاموس (11000) جنيه

أقل من سنتين

الأبقار الخليط والجاموس

10 آلاف جنيه

الأبقار البلدية

8 آلاف جنيه

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حيوان الإنسان الصحة العامة على الثروة الحیوانیة منتجات الألبان وزارة الزراعة مرض البروسیلا هذا المرض ألف جنیه من خلال أن مصر إلى أن کما أن

إقرأ أيضاً:

الدواء المغشوش.. سم قاتل !

أعظم نعمة قد يغفل عنها الناس هي الصحة، فإن كنت تنام بسلام دون الحاجة للأدوية، وتستيقظ دون ألم، وتتقلب بحرية دون معاناة، وتمشي دون عون، وتستمتع بتناول الطعام والشراب بحرية، فاعلم أنك في نعمة عظيمة. فلا تنسَ أن تشكر الله على هذه الهبة الغالية.

الصحة لا يشعر بقيمتها إلا المرضى، وكما قيل قديما «الصحة تاج على رؤوس الأصحاء»، فدائما وأبدا علينا أن نحمد الله سبحانه وتعالى بأننا قادرون على العيش دون «عناء أو ألم أو وجع»، ومن لم يجرّب رحلة العلاج الطويل والمواظبة اليومية على تناول الأدوية فلا يشعر بـ«المعاناة التي يعانيها المرضى»، حتى وأن تخيل بأنهم بصحة وعافية فهو لا يعلم كيف كانت حالته قبل بزوغ يوم جديد.

تعتقد بأن المرض هو مجرد حالة عابرة تنتهي بأخذ «حبة دواء أو شربة منه»، لكن ما لا يعرفه الكثير من الناس بأن المرض الذي يلازم المرضى لسنوات حياتهم في الدنيا أمر ثقيل للغاية ومؤلم لأبعد الحدود.

ومع المرض تنشأ رحلة أخرى تتمثل في البحث عن الأدوية الأكثر فعالية في قهر المرض والقضاء عليه أو التخفيف من آثاره، ومع كل ذلك يبقى الدواء له آثاره الجانبية على صحة المرضى، بمعنى أنك تعالج جانبا، وينشأ من هذا العلاج مرض آخر جديد!

لذلك، لا تظن أن الأمر بسيط، خاصة بالنسبة لأولئك المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، والذين يحتاجون بشكل دائم إلى الأدوية في مراحل حياتهم المختلفة. قد تعتقد أن الدواء متوفر بسهولة، رخيص الثمن، وفعّال في كل مكان، ولكن الحقيقة أن هذا ليس بالضرورة الحال، فالأدوية ليست دائمًا متوفرة بسهولة، وقد تكون باهظة الثمن أو غير متاحة في بعض الأماكن، مما يضيف عبئًا إضافيًا على المرضى.

يشهد العالم نقصًا في كميات الأدوية بشكل مستمر، وأحيانًا يستمر هذا النقص لفترات طويلة. في بعض الأحيان، لا يستطيع الناس العثور على الدواء في الأسواق، وإذا توفرت الأدوية فجأة، فإنها تظهر بأسعار جديدة ومختلفة، حيث تشهد بعض الأدوية قفزات هائلة في أسعارها قد تصل أحيانًا إلى الضعف أو أكثر. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأدوية التي لا تتوفر في المؤسسات الصحية الحكومية، مما يضطر المرضى إلى اللجوء لشرائها من الخارج لضمان استمرار علاجهم وتجنب تفاقم حالتهم الصحية.

يواجه بعض المرضى صعوبة كبيرة في الحصول على الأدوية التي تساعدهم على الصمود أمام معاناتهم من أمراض عضوية أو نفسية، خاصة خلال فترات نقص الأدوية في الصيدليات ولأسباب مختلفة. إضافة إلى ذلك، هناك مشكلة الارتفاع الجنوني المستمر في أسعار الأدوية، ما يزيد من الأعباء المالية على المرضى. والأخطر من ذلك هو انتشار الأدوية المغشوشة في الأسواق والمواقع الإلكترونية، والتي غالبًا ما تأتي من مصادر مجهولة، مما يعرض صحة المرضى للخطر ويزيد من تعقيد حالتهم الصحية.

في صناعة الأدوية، يُلاحظ وجود اختلاف واضح في أسماء الأدوية رغم تطابقها في التركيبة العلاجية وكفاءتها في معالجة المرض، هذا الاختلاف يعود إلى تعدد الشركات المصنعة، حيث تقوم كل شركة بتسمية أدويتها باسم تجاري يميزها عن غيرها من الشركات، رغم أن التركيبة الفعّالة تبقى واحدة.

بعض الشركات التي تتمتع بعلامات تجارية معروفة تبيع منتجاتها بأسعار مرتفعة، بينما توجد في السوق بدائل أو أدوية موازية لعلاج نفس المرض من شركات أخرى أقل شهرة عالمية وبأسعار أقل بكثير، هذا الأمر يعتبر معترفًا به قانونيًا وطبيًا، حيث يتم التأكد من أن الأدوية البديلة تحقق نفس الفاعلية والجودة.

بعض المرضى يحجم عن شراء الأدوية من بعض الشركات غير المشهورة، رغم أن الدواء معترف به عالميا ومصرح بتداوله، لكن سبب عدم الإقبال هو انتشار الصورة النمطية بين المرضى بأن أدوية الشركات غير المعروفة على نطاق واسع هو منتج «قليل الفاعلية ولا يفي بالغرض المطلوب»، بعكس ما تقدمه الشركات الكبرى المتعارف عليها دوليا حتى وإن كان سعره مرتفعا، وحتى هذه اللحظة لا يزال هناك جدل واسع حول هذه النقطة ما بين «مؤيد ومعارض»، فبعض المرضى يقبل على شراء الدواء البديل والرخيص نسبيا بسبب ضعف إمكانياته المادية التي تمنعه من شراء الدواء من شركة كبرى.

إذن مشكلة الدواء ليس في «وجوده أو سعره وإنما في جودته» في بعض الأحيان، فسوق الدواء في العالم به «أدوية مغشوشة» أو لا تتوافق مع الشروط والمواصفات المطلوبة فهو دون المستوى المطلوب، ومع ذلك أصبحت تجارة الأدوية المغشوشة تحقق أرباحا خيالية بشكل سنوي وعالمي شأنها كشأن البضائع المغشوشة مثل قطع غيار المركبات وأدوات التجميل والأدوات الأخرى، باختصار «هوس المال على حساب الأرواح».

وبحسب ما هو موثق، فإن الأدوية الأكثر تزويرًا في الدول الغنية هي أدوية «نمط الحياة» باهظة الثمن، مثل الهرمونات والمضادات وغيرها، أما في الدول النامية أو كما يطلق عليه «العالم الثالث»، فقد تستخدم هذه الأدوية في علاج الأمراض التي«تهدد الحياة»، مثل الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز».

وفي نهاية العام الماضي، استضافت سلطنة عُمان حلقة عمل سلطت الضوء حول زيادة الوعي بالتهديدات التي تشكلها المنتجات الطبية دون المستوى (المغشوشة) وذلك بحضور٥٠ مشاركا من 22 دولة من دول إقليم الشرق المتوسط.

كان هدفها الفعلي هو استهداف مسؤولي التنسيق المعنيين بنظام المنظمة العالمية لترصد المنتجات الطبية متدنية النوعية ورصدها في إقليم الشرق المتوسط، وأيضا سعت إلى تعزيز القدرات الوطنية لإدارة المنتجات الطبية المغشوشة، وفتح سبل التعاون وتبادل المعلومات بين الهيئات الرقابية المختلفة في المنطقة، وعرض الاستراتيجية التي تتبعها منظمة الصحة العالمية للوقاية والكشف والاستجابة للمنتجات الطبية غير الآمنة والإبلاغ عنها.

كما ناقشت جلسات الحلقة دور أنظمة التيقظ الدوائي، عبر الإبلاغ عن المخاطر كإخطار سحب المنتجات المغشوشة على المستوى الوطني وإصدار التنبيهات، وتنفيذ حملات التوعية، وتنبيهات المنتجات الطبية العالمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية مع عرض نتائج التعلم والدعم المطلوب.

اختتم المشاركون في حلقة العمل بتقديم عدد من التوصيات المهمة، التي شملت تعزيز النظام الرقابي بشكل عام، وتأكيد دور الرقابة الفعّالة على الأسواق. كما تم التأكيد على أهمية التفتيش والمراقبة المبنية على تحليل المخاطر، بالإضافة إلى ضرورة تكثيف الجهود في مراقبة الحدود لمنع دخول المنتجات الطبية المزورة.

بناءً على ذلك، يواجه قطاع الأدوية في العالم تحديات متعددة، سواء كانت في الجوانب التصنيعية أو الاحتيالية، وهذه التحديات تمثل عوائق كبيرة تؤثر سلبًا على نفسية المرضى، مما يزيد من معاناتهم في الحصول على الدواء المناسب.

مقالات مشابهة

  • ياسر إبراهيم يهدي التعادل لصن داونز في الوقت القاتل
  • الزواحف في العراق.. تربية صنف من الحيوانات يتحول إلى ترند (صور)
  • الدواء المغشوش.. سم قاتل !
  • من القاتل؟.. تفاصيل الحلقة الأولى والثانية من مسلسل برستيج
  • تعادل مثير في الوقت القاتل يحسم مواجهة ليجانيس وجيرونا بالدوري الإسباني
  • طوربيد القضاء الصامت !؟
  • بشرى سارة .. موعد افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة بعد التطوير
  • موعد افتتاح حديقة الحيوان في الجيزة بعد تطويرها
  • محافظ كفر الشيخ يُطلق حملة توعوية للاهتمام بصحة الحيوان
  • مانشستر سيتي يسقط أستون فيلا بهدف قاتل