يقول الرسول (ص) فى حديث منقول عنه «بشروا ولا تنفروا»، وربما كان ذلك ينطبق على نوع من العلاقات الإنسانية، غير أنه فى التحليل السياسى المتعلق بمسار العلاقات بين الدول، فإن التبشير والتنفير ربما لا يكون له موضع كبير، حيث يجب أن تسير الأمور بمنطق التعامل مع الحقائق. صحيح أن ذلك يجب أن يتم بعيدا عن منطق زرع اليأس فى النفوس ومحاولة بث الأمل، لكن هذا يجب أن يتم بقدر حتى لا يتحول الأمر لنوع من خداع الذات، وخداع الآخرين.
هدف هذه الكلمات التى ربما تكون قد طالت الإشارة إلى أننا وصلنا على صعيد الوضع فى غزة لحالة لا نحسد عليها، حالة تمثل انتصارا شبه مطلق لإسرائيل وهزيمة شاملة للمقاومة والقضية الفلسطينية. ليس معنى ذلك من وجهة نظرنا بأى حال من الأحوال أن فعل المقاومة كان فعلا خاطئا وأنه لم يكن له أن يتم، بالعكس وهذا الجانب ليس هو محور تناولنا الآن.
فبعد أكثر من عام كامل من حرب شاملة ربما لم تخضها تل أبيب من قبل، أصبح قطاع غزة بالكامل تحت سيطرة إسرائيل، وخسر الفلسطينيون كما يقول المثل «الجلد والسقط».. ورغم ملامح الأمل التى كان يمثلها لهم مساندة حزب الله، بمنطق دعم المقاومة فى غزة، فإن ما جرى من تطورات نالت من قدرة الحزب وأدت به إلى التخلى عن منطق وحدة الجبهات زاد من الخسارة التى لحقت بغزة. وربما كان ثالثة الأثافى ما جرى فى سوريا، غير منظور له من زاوية السوريين أنفسهم على صعيد التخلص من حكم طاغية، وإنما من زاوية كونه يصب فى مصلحة إسرائيل، بمنطق أن عدم استقرار دمشق، يمثل رصيدا إضافيا لصالح تل أبيب، وهو ما بدا فى استغلال الأخيرة للموقف هناك والقيام ببعض العمليات العسكرية ضد أهداف حيوية سورية وآخرها ما أعلنت عنه من تدمير الأسطول البحرى السورى.
فى النهاية لم يبق من سلاح أخير بيد المقاومة سوى مجموعة الأسرى أو الرهائن، وهؤلاء فى تصور من يدير المواجهة فى إسرائيل وهو نتنياهو ليس لهم أى قيمة، ويعتبرهم من خسائر الحرب مثلهم فى ذلك مثل الجنود على أرض المعركة. ويزيد من قتامة الصورة قرب تولى الرئيس ترامب مهام الحكم، مع ما هو معروف من مواقفه المتحيزة لإسرائيل والقادرة على إخضاع العرب لتوجهاته، وفى ذلك الصدد فإن الرجل لم يخف قبل فوزه رغبته فى أن يرى إسرائيل الصغيرة تتمدد!
وسط كل ذلك، فإن الأمل الذى كان يستند عليه الفلسطينيون فى كفاحهم وهم العرب، وعبرت عنه صرخاتهم فى ذروة عملية الإبادة من قبل إسرائيل «وين العرب» يبدو سرابا. وإذا كانت بعض المواقف العربية المعلنة تبدو مبشرة بالخير إلا أنها فى الحقيقة غير ذلك، فمن ناحية فإن الدول العربية لا تملك من القدرات ما يمكنها من خوض أى نوع من المواجهة السياسية أو غير السياسية، سواء فى مواجهة الإدارة الأمريكية أو مخططات إسرائيل، ومن ناحية ثانية وهذه حقيقة مؤسفة فإن بعض المواقف العربية تتماهى مع الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المنطقة بغض النظر عن كون هذه الرؤية قاصرة أم غير ذلك.
على هذه الخلفية التى قد تبدو للبعض مأساوية ينبغى لمثلى أن يعتذر عنها، فإن كل المؤشرات تشير إلى أن القادم أسوأ، وأنه على هذا الأساس كانت إشارتنا إلى أن مستقبل غزة يسير نحو نفق مظلم.. لا لتقصير من قبل الفلسطينيين فى القطاع الذين سيضرب بهم المثل فى الدفاع عن وطنهم ولكن لتقصير من علق أهل غزة عليهم الآمال ولكنهم فى النهاية خانوا رابطة العروبة!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات غزة إلى نفق مظلم د مصطفى عبد الرازق الرسول ص العلاقات الإنسانية ى النفوس الحقائق
إقرأ أيضاً:
تأسيس وكالة لتشجيع الشركات المصرية على التواجد في الأسواق الإفريقية
افتتح الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة ومحمود ثابت كومبو وزير الخارجية والتعاون الشرق افريقى بجمهورية تنزانيا منتدى الأعمال المشترك المصرى التنزانى وذلك بمشاركة مجموعة من كبار رجال الأعمال المصريين ووفد رفيع المستوى فى القطاعات المختلفة ومنها البناء والتشييد والصناعات الكيماوية والزراعة والأدوية والمستلزمات الطبية والنقل البحرى، وذلك بجانب مشاركة واسعة من رجال الأعمال من الجانب التنزانى وممثلى وزارة الاستثمار، بالإضافة إلى نواب من البرلمان من الجانبين.
وبحسب بيان وزارة الخارجية المصرية ، فقد شدد الوزير عبد العاطى على الاهتمام الذي توليه مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول الأفريقية، وتشجيع الشركات المصرية على تكثيف عملها على كافة الأصعدة من أجل تعزيز التنمية في أفريقيا وخلق شراكات حقيقية قائمة على تحقيق المنفعة المتبادلة خاصة مع ما تمتلكه مصر من قدرات صناعية وتجارية تؤهلها لتلبية الاحتياجات التنموية في القارة الأفريقية، مشيراً في هذا الصدد إلى تأسيس الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار لتشجيع الشركات المصرية على تعزيز تواجدها وزيادة استثماراتها في الأسواق الإفريقية.
واستعرض وزير الخارجية الامكانات التصنيعية المصرية لتلبية احتياجات الدول الأفريقية في العديد من القطاعات منها المنتجات الغذائية والسلع الصناعية والكيماوية ومنتجات الأخشاب ومستلزمات التشييد والبناء، وذلك بجانب نشاط الشركات المصرية في مجال الإنشاءات وبناء شبكات الكهرباء في أفريقيا، لاسيما في تنزانيا.
كما أشار إلى ما يتمتع به قطاع الصناعات الدوائية المصري من قدرات، وما يمكن أن يوفره للسوق التنزانية من منتجات دوائية هامة بأسعار تنافسية، وحث رجال الأعمال التنزانيين على التوصل لشراكة مع القطاع الخاص المصري والنظر في التعاون في المجالات التجارية والصناعية لزيادة حجم التبادل التجاري وبحث سبل إقامة مشروعات مشتركة في المجال الزراعي وإقامة مشروعات صناعية في مصر لتلبية الاحتياجات التنزانية والاستفادة من المقومات الصناعية الواعدة التى تتمتع بها مصر، خاصة وأن القاعدة الصناعية المصرية تُمثل فرصة مواتية أمام رجال الأعمال التنزانيين الراغبين في الاستفادة من المزايا الاستثمارية التى تقدمها مصر.
وسلط الوزير عبد العاطى الضوء على الاتفاقات التجارية التى تربط مصر بالعديد من الدول لاسيما اتفاقية الكوميسا، وتطلع الحكومة المصرية للتعاون مع الشركات الأجنبية من أجل توفير المعلومات اللازمة حول فرص الاستثمار المتاحة في مصر وضمان سهولة دخول الشركات للعمل في السوق المصرية بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في قيادة عملية التنمية الاقتصادية، مشيراً كذلك إلى الفرص الاستثمارية المتاحة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتي تستهدف أن تكون أحد أهم المراكز اللوجيستية في المنطقة.