بوابة الوفد:
2024-12-16@15:26:07 GMT

غزة إلى نفق مظلم!

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

يقول الرسول (ص) فى حديث منقول عنه «بشروا ولا تنفروا»، وربما كان ذلك ينطبق على نوع من العلاقات الإنسانية، غير أنه فى التحليل السياسى المتعلق بمسار العلاقات بين الدول، فإن التبشير والتنفير ربما لا يكون له موضع كبير، حيث يجب أن تسير الأمور بمنطق التعامل مع الحقائق. صحيح أن ذلك يجب أن يتم بعيدا عن منطق زرع اليأس فى النفوس ومحاولة بث الأمل، لكن هذا يجب أن يتم بقدر حتى لا يتحول الأمر لنوع من خداع الذات، وخداع الآخرين.

هدف هذه الكلمات التى ربما تكون قد طالت الإشارة إلى أننا وصلنا على صعيد الوضع فى غزة لحالة لا نحسد عليها، حالة تمثل انتصارا شبه مطلق لإسرائيل وهزيمة شاملة للمقاومة والقضية الفلسطينية. ليس معنى ذلك من وجهة نظرنا بأى حال من الأحوال أن فعل المقاومة كان فعلا خاطئا وأنه لم يكن له أن يتم، بالعكس وهذا الجانب ليس هو محور تناولنا الآن.

فبعد أكثر من عام كامل من حرب شاملة ربما لم تخضها تل أبيب من قبل، أصبح قطاع غزة بالكامل تحت سيطرة إسرائيل، وخسر الفلسطينيون كما يقول المثل «الجلد والسقط».. ورغم ملامح الأمل التى كان يمثلها لهم مساندة حزب الله، بمنطق دعم المقاومة فى غزة، فإن ما جرى من تطورات نالت من قدرة الحزب وأدت به إلى التخلى عن منطق وحدة الجبهات زاد من الخسارة التى لحقت بغزة. وربما كان ثالثة الأثافى ما جرى فى سوريا، غير منظور له من زاوية السوريين أنفسهم على صعيد التخلص من حكم طاغية، وإنما من زاوية كونه يصب فى مصلحة إسرائيل، بمنطق أن عدم استقرار دمشق، يمثل رصيدا إضافيا لصالح تل أبيب، وهو ما بدا فى استغلال الأخيرة للموقف هناك والقيام ببعض العمليات العسكرية ضد أهداف حيوية سورية وآخرها ما أعلنت عنه من تدمير الأسطول البحرى السورى.

فى النهاية لم يبق من سلاح أخير بيد المقاومة سوى مجموعة الأسرى أو الرهائن، وهؤلاء فى تصور من يدير المواجهة فى إسرائيل وهو نتنياهو ليس لهم أى قيمة، ويعتبرهم من خسائر الحرب مثلهم فى ذلك مثل الجنود على أرض المعركة. ويزيد من قتامة الصورة قرب تولى الرئيس ترامب مهام الحكم، مع ما هو معروف من مواقفه المتحيزة لإسرائيل والقادرة على إخضاع العرب لتوجهاته، وفى ذلك الصدد فإن الرجل لم يخف قبل فوزه رغبته فى أن يرى إسرائيل الصغيرة تتمدد!

وسط كل ذلك، فإن الأمل الذى كان يستند عليه الفلسطينيون فى كفاحهم وهم العرب، وعبرت عنه صرخاتهم فى ذروة عملية الإبادة من قبل إسرائيل «وين العرب» يبدو سرابا. وإذا كانت بعض المواقف العربية المعلنة تبدو مبشرة بالخير إلا أنها فى الحقيقة غير ذلك، فمن ناحية فإن الدول العربية لا تملك من القدرات ما يمكنها من خوض أى نوع من المواجهة السياسية أو غير السياسية، سواء فى مواجهة الإدارة الأمريكية أو مخططات إسرائيل، ومن ناحية ثانية وهذه حقيقة مؤسفة فإن بعض المواقف العربية تتماهى مع الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المنطقة بغض النظر عن كون هذه الرؤية قاصرة أم غير ذلك.

على هذه الخلفية التى قد تبدو للبعض مأساوية ينبغى لمثلى أن يعتذر عنها، فإن كل المؤشرات تشير إلى أن القادم أسوأ، وأنه على هذا الأساس كانت إشارتنا إلى أن مستقبل غزة يسير نحو نفق مظلم.. لا لتقصير من قبل الفلسطينيين فى القطاع الذين سيضرب بهم المثل فى الدفاع عن وطنهم ولكن لتقصير من علق أهل غزة عليهم الآمال ولكنهم فى النهاية خانوا رابطة العروبة!

 [email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات غزة إلى نفق مظلم د مصطفى عبد الرازق الرسول ص العلاقات الإنسانية ى النفوس الحقائق

إقرأ أيضاً:

أين المجتمع الدولى…؟

انتهزت إسرائيل فرصة التطورات التى جرت فى سوريا فى أعقاب سقوط نظام «بشار الأسد» ومضت فى ممارساتها الإجرامية للقضاء على البنية العسكرية للجيش السورى. ومن ثم سارعت بضرب مخزون الأسلحة الاستراتيجية فى سوريا تحت دعوى منع وقوعها فى أيدى عناصر إرهابية. وهاجمت منشآت بحرية وقواعد جوية ومخازن أسلحة وبطاريات دفاع جوى. اجترأت إسرائيل على شرعية الدولة السورية وتوغلت داخل المنطقة العازلة مع سوريا، وشنت غارات على مواقع عسكرية ومقرات حكومية فى عدة مناطق من سوريا. وأعلن الجيش الإسرائيلى أن سفنه الحربية استهدفت ميناء اللاذقية والبيضاء حيث ترسو خمس عشرة سفينة حربية لسوريا، كما دمرت عددا من الصواريخ البحرية. كما نفذت الطائرات مئات الغارات خلال 48 ساعة فى دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية.

استهدفت إسرائيل أيضا قواعد جوية ومواقع لتصنيع الأسلحة بطاريات دفاع جوى. كما دمرت صواريخ من أنواع متعددة وطائرات مسيرة، وطائرات حربية ومروحيات ورادارات ودبابات، إضافة إلى مخازن أسلحة ومنشآت عسكرية أخرى. بادر حزب الله وأدان احتلال إسرائيل لمزيد من الأراضى السورية، وضربها للقدرات العسكرية مؤكدا أن هذا يمثل عدوانا خطيرا ويستوجب الإدانة، وحمل مجلس الأمن والمجتمع الدولى والدول العربية والإسلامية المسؤولية فى حماية الشعب السورى لا سيما مع ما يمر به فى هذه المرحلة الحساسة والمفصلية من تاريخه.

وفى معرض التعليق على ما يجرى من أحداث وملابسات أعلن «جون فاينر» نائب مستشار الأمن القومى الأمريكى أن القوات الأمريكية الموجودة فى سوريا ستبقى فى إطار مهمة لمكافحة الإرهاب، وتركز فى الأساس على القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وأضاف قائلا: (أن وجودها لسبب محدد ومهم وليس ورقة مساومة). وفى سياق متصل قالت إدارة «جو بايدن» إنها ستعترف وتدعم حكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب، وتدمر مخزون الأسلحة الكيمائية، تحمى حقوق الأقليات والنساء. أما «أنتونى بلينكن» وزير الخارجية الأمريكى فلقد علق عبر بيان قائلا: (إن الولايات المتحدة ستعمل مع الجماعات فى سوريا والشركاء الإقليميين لضمان عملية انتقال السلطة فى سوريا بسلاسة). بينما قال مسئولون أمريكيون إن إدارة «بايدن» حثت المجموعة المعارضة التى قادت عملية الاطاحة بالرئيس الأسد على عدم تولى قيادة البلاد بشكل تلقائى، وأنه يتعين عليها إجراء عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية فى البلاد.

تأتى كل هذه التطورات فى الوقت الذى أمر فيه «نتنياهو» جيش إسرائيل بالسيطرة على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل التى يحكمها اتفاق 1974 لوقف إطلاق النار. وهنا يثور التساؤل: أين المجتمع الدولى مما يحدث؟.

 

مقالات مشابهة

  • ﺣــــــــﺮب اﻟﻠـــﺒﻦ اﻟﻤــــﺪﻋـــﻢ
  • سوريا إلى أين؟ ( 2 / 2)
  • «يديعوت أحرونوت»: التطورات داخل سوريا تصب فى مصلحة إسرائيل
  • فرفور.. «بواقى» و«فضلات» آخر السنة
  • أين المجتمع الدولى…؟
  • أول قطرة
  • عن الغيبوبة والمخ أتحدّث
  • ما بعد السقوط
  • الخطوط الحمراء
  • من أجل أفريقيا مزدهرة