سقط النظام الحاكم في سوريا .. فعلى من الدور الآن؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
سقط فجر الأحد الماضي ٨ ديسمبر ٢٠٢٤م نظام الحكم في سوريا، بعد ٦١ عامًا من حكم نظام البعث و٥٣ عامًا من حكم عائلة الأسد. وليست الغرابة هنا في سقوط النظام، بل في سرعة سقوطه، والذي لم يتجاوز ١٠ أيام منذ قيام جبهة تحرير الشام بقيادة أبي محمد الجولاني أو أحمد الشرع، التي نجحت في التقدم من الشمال الشرقي والوسط إلى الجنوب السوري، لتستولي على كل من حلب وبعدها حماة، ثم حمص وصولًا إلى العاصمة دمشق، في مشهد مفاجئ للانهيار السريع للجيش السوري.
فسقوط النظام الحاكم في سوريا كان متوقعا، لأسباب داخلية وخارجية. وتتجلى أهم الأسباب الداخلية، في قيام طائفة معينة بحكم سوريا على مدى ٥٣ عاما بالحديد والنار، وتهميش صريح لبقية الطوائف في مواقع صنع القرار السياسي والأمني والعسكري، ما تسبب في اندلاع الثورة السورية أو ما يسمى بالحرب الأهلية في ١٥ مارس ٢٠١١م، بخروج مظاهرات في مدن سورية عدة، للمطالبة بإطلاق الحريات وإخراج المعتقلين السياسيين من السجون ورفع حالة الطوارئ، والذي ارتفع تدريجيًا سقفها حتى وصلت إلى المطالبة بإسقاط النظام بالكامل، والذي بدوره تعامل معها النظام الحاكم بقوة وعنف مبالغ فيه، تسبب في مقتل مئات الآلاف و تهجير -حسب المصادر- ما يقارب ٦ ملايين لاجئ إلى الدول المحيطة و٦ ملايين لاجئ في الداخل السوري، في بلدٍ يبلغ تعداد سكانه آنذاك ٢٣ مليون نسمة.
وبالطبع كانت سوريا خلال هذه الحرب هدفًا لقوى إقليمية ودولية من ضمنها الكيان الصهيوني، من خلال الدفع بعشرات الحركات والجماعات ذات الميول والانتماءات المختلفة، للمشاركة في هذه الحرب ضد النظام السوري الحاكم، مستغلة حالة الاحتقان الشعبي بسبب الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الشعب السوري وكذلك القبضة الأمنية القمعية المتشددة. وخلال هذه الفترة تأثرت بشكل كبير سيادة الدولة على الأرض السورية، بسبب هذه العوامل الداخلية والخارجية -التي هي معروفة للجميع-، خاصة أن سوريا، تعد أحد أهم عناصر محور المقاومة والممانعة، وهو تحالف عسكري سياسي مناهض للكيان الصهيوني، ويتكون بالإضافة إلى سوريا، من إيران وحركتي المقاومة في فلسطين، حماس والجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني، فبالتالي، لا بد للكيان الصهيوني وداعميه كالولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الغربية -الداعمة لهذا الكيان- من القضاء على هذا المحور، وبشكل نهائي، أو أقله إضعافه. وبالطبع لا يمكن أن يسقط النظام الحاكم بهذه السهولة، بدون أن يكون هناك تخطيط وعمل استخباراتي عالي المستوى إقليميًا ودوليًا. وفور سقوط النظام الحاكم وانشغال الشعب السوري بفرحة هذا السقوط والترحيب بالمجاهدين أو المحررين، قام الكيان الصهيوني في يوم انهيار النظام الحاكم ٨ ديسمبر ، بإلغاء اتفاقية فض الاشتباك التي وُقعت في ٣١ مايو من عام ١٩٧٤م بين سوريا وإسرائيل عقب انتهاء حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣م، والتي تهدف إلى الفصل بين القوات المتحاربة في الجانبين، وفك الاشتباك بينهما، وحددت خطين رئيسيين، عُرفا بـ«ألفا» و«برافو» يفصلان بين المواقع العسكرية السورية والإسرائيلية، وأنشأت منطقة عازلة بين الخطين، وتخضع لإشراف قوة من الأمم المتحدة تُعرف بـ«الأندوف»، وقد برر رئيس وزراء الكيان الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو هذا الإجراء بسبب انهيار النظام الحاكم في سوريا، مخترعًا نظرية جديدة في القانون الدولي، تلغي مفهوم التوارث أو الاستخلاف، الذي يلزم الحكومات الجديدة -بغض النظر عن طريقة وصولها للحكم- باحترام الالتزامات القانونية الدولية السابقة على هذه الدولة، كالمعاهدات والاتفاقيات وغيرها. كذلك توغلت قوات الكيان الصهيوني في الداخل السوري مسافة ١٤كلم، وقام هذا الكيان المجرم خلال يومين بشن أكثر من ٣٢٠ غارة جوية، في أكبر عملية جوية في تاريخه، دمر خلالها كل القواعد والقدرات العسكرية السورية بما فيها من طائرات ومعدات وسفن حربية ومستودعات ومراكز أبحاث ومواقع تسليح، أي بمعنى آخر، تدمير القوة العسكرية السورية كليًا. وذلك لعدم وجود جيش، بسبب انهيار النظام الحاكم في سوريا. لم يكن الكيان الصهيوني و-الدول الداعمة له- ليتجرأ على القيام بمثل هذا الفعل الفاضح والخارق للقانون الدولي في هذه الظروف التي تمر بها سوريا، لولا أنهم قرأوا بوضوح الضعف المهين للنظام الرسمي العربي، من خلال ما حدث ويحدث بشكل يومي من مجازر وإبادة جماعية في غزة، فنظام -بكل قدراته العسكرية والاقتصادية والبشرية- لا يستطيع أن يدخل عبوة ماء أو كيسًا من الطحين لفلسطينيين عزل يموتون من الجوع، لن يكون هناك ما يمنع من استهداف دول عربية أخرى، فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما الدولة العربية القادمة في المشروع الصهيوني-الأمريكي الغربي؟ والذي أعتقد أنها مسألة وقت فقط.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکیان الصهیونی
إقرأ أيضاً:
المنظمة السورية للطوارئ قلقة من التضليل المتعلق بأحداث الساحل
أعربت المنظمة السورية للطوارئ عن بالغ قلقها إزاء حملة الإعلام المضللة التي تنشر أخبارا كاذبة عن أحداث العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري الأسبوع الماضي.
وقالت المنظمة في بيان نشرته على منصة "إكس"، أمس الأربعاء، إنها تعرب عن بالغ قلقها حيال الحملة الإعلامية المضللة التي تهدف إلى تأجيج الفتنة الطائفية في سوريا من خلال نشر مزاعم كاذبة تتحدث عن استهداف ممنهج تمارسه الحكومة ضد الأقليات الدينية.
وشدد البيان على أن "أعمال العنف جرى تنفيذها من قبل فصائل مسلحة منفلتة"، وأن "القوى الأمنية كانت في طليعة الجهود الرامية لحماية السكان واحتواء الموقف في مواجهة محاولات فلول النظام السابق إثارة الفوضى وتأجيج الصراع الطائفي".
ولفت إلى أن "هذه الادعاءات تروج لها جهات مرتبطة بنظام الأسد وتضخمها بعض وسائل الإعلام، وتهدف إلى تشويه الحقائق الميدانية وعرقلة الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في البلاد".
رفض التحريض الطائفيودعا البيان جميع الأطراف إلى ضبط النفس ورفض كل أشكال التحريض الطائفي التي تسعى إلى تأجيج الصراع وإعادة البلاد إلى دوامة العنف.
كما أعرب البيان عن دعم المنظمة لكافة الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة وتعزيز المصالحة الوطنية وبناء مستقبل تسوده المواطنة المتساوية، بعيدا عن رواسب الماضي وصراعاته.
إعلانوفي السادس من مارس/آذار الجاري، شهدت منطقة الساحل السوري توترا أمنيا على وقع هجمات منسقة لفلول نظام الأسد، هي الأعنف منذ سقوطه، ضد دوريات وحواجز أمنية، ما أوقع قتلى وجرحى.
وإثر ذلك، استنفرت قوى الأمن والجيش ونفذت عمليات تمشيط ومطاردة للفلول، تخللتها اشتباكات عنيفة سقط فيها قتلى من رجال الأمن والجيش والمدنيين، وانتهت باستعادة الأمن والاستقرار وبدء ملاحقة الفلول وضباط النظام البائد في الأرياف والجبال.
يُشار أنه بعد إسقاط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت السلطات السورية مبادرة لتسوية أوضاع عناصر النظام السابق، من الجيش والأجهزة الأمنية، شريطة تسليم أسلحتهم وعدم تلطخ أيديهم بالدم.
واستجاب عشرات الآلاف لهذه المبادرة، بينما رفضتها بعض المجموعات المسلحة من فلول النظام، لا سيما في الساحل السوري، حيث كان يتمركز كبار ضباط نظام الأسد.
ومع مرور الوقت، اختارت هذه المجموعات الفرار إلى المناطق الجبلية، وبدأت بإثارة التوتر وزعزعة الاستقرار وشن هجمات متفرقة ضد القوات الحكومية خلال الأسابيع الماضية.