جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-14@18:00:55 GMT

"خذوا زينتكم عند كل مسجد"

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

'خذوا زينتكم عند كل مسجد'

 

سعيد بن سالم البادي

 

قال تعالى في كتابه العزيز الحكيم: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف: 31].. حينما نتأمل هذه الآية الكريمة نجد فيها أوامر الله تعالى لنا بأخذ الزينة عندما المساجد؛ أي عندما ندخلها للعبادة أو لأي مقصد من مقاصد الدخول وهذا تكريم لها وتعظيم لشعائر الله التي أمرنا بها سبحانه وتعالى.

وهذا الأمر يتسع لكل أماكن العبادة التي تدخل في مسمى المساجد أو تقوم مقامها كالمصليات المخصصة لصلوات العيدين وغيرها وهذا امتثالًا لأمره بتعظيم الشعائر التي فرضها الله علينا في قوله جل جلاله في كتابه العزيز: "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).

وجب علينا أن نمتثل أمر الله تعالى وأن نعظم شعائره وأماكن إقامة هذه الشعائر مهما كانت مسميات تلك الأماكن التي تقام فيها الشعائر.

وتعظيم شعائر الله وأماكن العبادة يكون من خلال احترامها والإلتزام بما يسن لها من تنظيم وقواعد وقوانين وآداب يقوم عليها احترامها وتعظيمها وأن يتبع ما شرعه الله تعالى وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه علماء المسلمين العاملين بما أنزله الله وما أقره وأستنبطه فقهاء الشريعة الغراء من النصوص الشرعية سواء كانت قرآنية أو سنة نبوية في شأن دخول المساجد ودور العبادة.

ومن تعظيم شعائر الله أن يتعلم المرء ما يجب عليه القيام به والاهتمام بذلك واتباعه أثناء تأدية الشعيرة الدينية وكيفية الحرص على قبول العبادة عند الله تعالى، لأن العبادة بدون العلم بكيفية أدائها والقيام بها تكون أقرب للخطأ من الصواب ومعرضة لكثير من الأخطاء لتي تعرضها إلى عدم اكتمالها على الوجه الصحيح الذي ينبغي على المتعبد أن يكون على علم به.

فقد أمرنا الله تعالى بأن نأخذ الزينة عند كل مسجد والزينة لا تقتصر على وقت مُعين أو مكان مُعين أو مُناسبة دينية معينة فقد جاء الأمر عامًا ولم يخصص.

ومما يأخذه المرء من الزينة  ويحرص عليه كل الحرص التطهر من كل ما يمكن أن يبطل العبادة أو ينقص منها والغسل والوضوء واللباس المناسب المشروع والتطيب وحسن المنظر والهيئة وما يعكس تعظيمه لشعائر الله وحرصه على أن يكون دائمًا بمظهر يليق بمكانة المسجد أو مكان العبادة الذي يدخله، وكل ذلك من الإيمان الذي ذكرته السنة النبوية الشريفة وأقرته وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله فقد روى مالك بن نضلة رضي الله عنه في شأن ذلك فيقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون، فقال: ألك مال؟ قال: نعم، قال:من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك الله مالًا فَلْيُر أَثرُ نعمة الله عليك وكرامته وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .

ومن ذلك يستنبط ما يدل على أن الهدي النبوي الشريف يحث المسلم على التجمل والظهور بمظهر جميل أثناء العبادة وغيرها.

فما بال أقوام إذا دخلوا المساجد يدخلون بلباس النوم وآخرون تفوح منهم روائح الأفواه وروائح العرق الطعام كروائح البصل والثوم التي تتطاير منها روائح تضايق المصلين وحينما يذهبون لمقابلة أحد الخلق يستعدون لهذا اللقاء بوقت كافٍ، فيذهبون للمزيِّن (الحلاق) ليتزينوا ويرتبون منظرهم ليظهروا بأجمل ما يكون ثم يعودون للمنزل ليتطهروا ويلبسوا أحسن ما لديهم من ملابس ويتطيبوا بأحسن الطيب ويتبخروا بأطيب ما يوجد من بخور ويتألقوا في الهيئة وربما مكث أحدهم أمام المرآة وقتًا طويلًا ليتأكد من ضبط العمامة، ثم يذهب للمقابلة وهو قلق من أن تكون هيئته غير مناسبة لحدث اللقاء أو أن تصدر منه روائح غير مناسبة للشخص موضوع اللقاء، ويدخلون عليه في سكينة وتمام الهدوء والوقار، وإذا تكلموا يكاد أن لا يسمع لهم حسًا، ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ويتمتمون في سرهم بأن يقضي لهم حاجاتهم وهو راضٍ عنهم.

لكن للأسف، هذا ما لا نلمسه من شريحة من المصلين، حينما يذهبون للقاء رب الخلق فلا يأبهون لشيء من ذلك فيلبسون ما يتيسر من اللباس ولو لم يناسب حتى الذوق العام لدي البشر وقد تكون ملابس النوم كما نشاهد في المساجد فربما يأذي أحدهم من يصلي بجانبه برائحته الكريهة التي تصدر منه ومن ملابسه ويدخل المسجد بهذه الهيئة.

كما إن شريحة أخرى لا يتورعون من كثرة الحديث في المسجد فيتكلمون فيما لا فائدة فيه بصوت مرتفع لا سكينة ولا هدوء ولا حرص على أن لا يؤذي أحد المصلين أثناء الصلاة وللأسف الشديد نلاحظ ذلك ليس فقط من المصلين؛ بل بعض الأحيان ممن قائمين بأمر المسجد الذين ينبغي عليهم أن يكونوا قدوة في تعظيم شعائر الله في المسجد.

ناهيك عن ذلك الذي يأتي متأخرًا ويتخطى رقاب الآخرين دون أي تورع رغم أنه دخل آخر الداخلين للمسجد وينبغي له أن يجلس أينما أنتهى به الصف، وهناك الكثير من السلوكيات التي يسلكها كثير من الناس أثناء دخولهم للمساجد.

رسالتي للمصلين التمسك بسُنَن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شعائر الله التي يجب الحرص عليها سواء كانت سلوكية أو غيرها مما يشعر الإنسان بأنها تعكس ذلك التعظيم المقصود في أمر الله تعالى، مثل ارتداء اللباس اللائق بمقابلة ملك الملوك أو التطيب وغيره من السُنَن التي أوجبتها علينا الشريعة الغراء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شهر رمضان شهر العبادة والنضال

بسم الله الرحمن الرحيم

#شهر_رمضان شهر العبادة والنضال

دوسلدورف/ #أحمد_سليمان_العمري

شهر رمضان هو شهر العبادة والطاعة، شهر التضحية والرحمة، حيث يسعى المسلمون في كل مكان للاغتراف من خيراته الروحية والجسدية. هو وقت من الفرح الروحي والنقاء النفسي، حيث تتجدد العزائم وتعلو الهمم في تقوى الله سبحانه وتعالى.

مقالات ذات صلة هل عادت …! 2025/03/14

يحلّ علينا الشهر هذا العام، كما العام الماضي وسط محن قاسية تعصف بالأمّة الإسلامية، أبرزها المجازر المستمرة في فلسطين، حيث يُحاصر أهل غزّة بلا ماء أو غذاء، ويواجهون حرب إبادة أمام أعين العالم.

ومع انسحاب الجيش الإسرائيلي جزئيا من قطاع غزّة بعد أكثر من عام من القصف المكثّف، انتقلت الحرب إلى شمال فلسطين، حيث بدأت القوات الإسرائيلية بتدمير مدن مثل جنين ومخيّمها وطولكرم ونابلس، مما زاد من معاناة الفلسطينيين في تلك المناطق، وفي ظل هذا المشهد، ينشغل كثير من المسلمين بالنوافل، بينما يتجاهلون أن الأولوية الشرعية في مثل هذه الظروف هي إنقاذ الأرواح ونصرة المستضعفين، فالإسلام لم يكن يوما دين العزلة والانطواء، وخاصّة في المحن، بل دين العمل والجهاد.

رمضان شهر الجهاد الحقيقي.

رمضان ليس شهر الخمول أو الفتور، بل كان عبر التاريخ شهر التضحيات والفداء والنصرة والبطولات والتحولات الكبرى، حيث شهد أعظم الانتصارات الإسلامية التي غيّرت مجرى التاريخ:

غزوة بدر الكبرى (17 رمضان، 2 هـ): انتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم، وكانوا صائمين، ليؤكّدوا أن رمضان شهر العزيمة لا التراخي.

فتح مكة (رمضان، 8 هـ): دخل النبي ﷺ مكة منتصرا، محققا أعظم الفتوحات السلمية في الإسلام.

معركة حطين (رمضان، 583 هـ): سحق فيها صلاح الدين الأيوبي جيوش الصليبيين، واستعاد القدس بعد احتلال دام قرابة 90 عاما.

معركة عين جالوت (رمضان، 658 هـ): دمر فيها المسلمون بقيادة سيف الدين قطز جيوش المغول الذين اجتاحوا بلاد المسلمين.

هذه الأحداث تثبت أن رمضان لم يكن شهرا التقوقع والركود، بل شهر الحسم والتغيير، واليوم يشهد العالم صمود قطاع غزّة والضفة الغربية في مواجهة جيش الاحتلال المدعوم أمريكيا وأوروبيا بكل صلافة، حيث يتحدى أهلها الموت والجوع، بينما يكتفي كثير من المسلمين بالدعاء دون أي تحرّك فعلي، بين تبرّع بالدرجة الأولى والإعلام والضغط السياسي والدعوات القانونية والعمل التطوعي من خلال مُنظّمات الإغاثة والتعريف بالقضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية، عبر الحورات والكتب والمقالات.

وهناك جزئية مهمة جدا وهي النضال الإلكتروني عبر وسائل التواصل الإجتماعي بالرد على حملات التضليل الإعلامي وفضح الأكاذيب وتفنيد الإدعاءات المُغرضة، وفضح جرائب الحرب الإسرائيلية، التي أمتدت الآن إلى مدن الشمال في الضفة الغربية، فضلا عن المشاركة الجادة في حملات المقاطعة الدولية، وأخيرا الدعاء واليقين بالإستجابة.

الأولوية لإنقاذ الأرواح قبل النوافل

إنقاذ النفس البشرية ليس خيارا، بل هو فريضة في الإسلام، حيث يقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ (المائدة: 32)، وكما قال النبي ﷺ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ».

فكيف يمكن للمؤمن أن يقضي رمضان في راحة وسكينة بينما يُقتل الأبرياء أبناء الجلدة الواحدة جوعا وتحت القصف؟ هل يمكن أن تكون النافلة أولى من إطعام طفل يتضور جوعا؟ إلّا إذا اجتمعا معا.

إن الأولويات في الإسلام واضحة: الواجب مُقدّم على النافلة، وإنقاذ الأرواح عبادة واجبة، تماما كالعبادات الواجبة.

الإنفاق في سبيل الله فرض لا خيار

يعتقد البعض أن الصدقة في رمضان مجرّد فضيلة، لكنها في مثل هذه الظروف؛ كالعدوان الإسرائيلي في فلسطين عامّة وحرب الإبادة والتجويع الذي يُمارس على غزّة تتحوّل إلى فريضة شرعية. وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ… وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ﴾ (التوبة: 60). كما قال النبي ﷺ: «مَن فَرَّجَ عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرَّج الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة».

وأي كربة أعظم من المجاعة والحصار الذي يعانيه أهلنا في غزّة؟ التبرّع بالأموال والمواد الإغاثية الآن ليس إحسانا، إنما هو واجب على كل من يملك القدرة.

كيف ننصر غزّة في رمضان؟

النصرة ليست شعارا، بل عمل مستمر يتطلّب خطوات عملية، ومن أهم ما يمكن القيام به:

التبرّع عبر الأشخاص أو المنظمات الموثوقة كي تصل المساعدات إلى أصاحبها في القطاع، إضافة إلى فضح جرائم الاحتلال إعلاميا من خلال مشاركة الحقائق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكشف الانتهاكات، وأيضا مقاطعة الشركات الداعمة للصهاينة، لأن أموالنا لا يجب أن تتحوّل إلى رصاص يُقتل به أهلنا في فلسطين.

الضغط السياسي عبر التظاهرات والعرائض والضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف حقيقية ضد مماراسات الجيش الإسرائيلي، ويمكن توضيف الجهاد الإلكتروني بافضل وجه لفضح الأكاذيب الصهيونية، والتصدي للحملات الإعلامية المضللة. وأخيرا الدعاء المقرون مع العمل، الذي لا يوقوم دون خطوات عملية لتحقيقه، كهذه التي ذكرناها آنفا.

ما هو الجهاد اليوم؟

قد يتساءل البعض: هل الجهاد اليوم محصور بالسلاح فقط؟ والجواب هو أن الجهاد له أشكال عديدة، وكل فرد يمكنه أن يساهم فيه حسب قدرته:

جهاد المال: بدعم المحتاجين وإغاثة المنكوبين، كما هو الحال الآن في قطاع غزّة وشمال الضفة.

جهاد الكلمة: بالتصدي للحملات الإعلامية المضللة.

جهاد المقاطعة: بعدم تمويل الاحتلال بطريقة غير مباشرة.

جهاد الاحتجاج: بإيصال صوت المستضعفين للعالم.

الإسلام ليس دين الشعارات، بل دين الأفعال، وكل من يستطيع تقديم مساعدة ولم يفعل، فهو مسؤول أمام الله يوم القيامة.

إعادة تعريف العبادة في رمضان

شهر رمضان المبارك لم ينحصر بالصيام والقيام، بل هو شهر الجهاد بمعناه الواسع: جهاد النفس، وجهاد المال، وجهاد الكلمة، وجهاد المقاومة. قال النبي ﷺ: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».

واليوم، هذه الكلمة، كلمة الحق يجب أن تكون لنصرة المستضعفين في فلسطين، ولا ننسى السودان، وفضح الاحتلال، والعمل بجد لإنهاء حرب الإبادة في القطاع على بعد كيلوا مترات منّا.

رسالة رمضان هذا العام

إذا لم يكن رمضان وقتا للتحرّك من أجل غزّة وجنين ومخيّمها وطول كرم والضفة برُمّتها والسودان المنسية، فمتى يكون؟ لنضع الفريضة قبل النافلة، ولنثبت أن الإسلام دين حركة لا خمول، دين عدل لا استسلام، دين نصر لا هزيمة.

اللهم اجعل رمضان هذا العام شهر نصر وعزّة للمسلمين، وأعنّا على القيام بواجبنا تجاه أمتنا.

Ahmad.omari11@yahoo.de

مقالات مشابهة

  • خطيب مسجد المشير: الشهداء أعلى مكانة من غيرهم يوم القيامة.. فيديو
  • شهر رمضان شهر العبادة والنضال
  • الوقف.. «الصدقة الجارية»
  • “أنا اللي مجدد الجامع”| القصة الكاملة لصفع مصلي داخل مسجد بطنطا.. والأوقاف تعلق
  • صلاة تجعل الملائكة تسأل عنك في رمضان.. يغفلها الكثيرون
  • المفتي يؤكد: مصادر المعرفة في الإسلام تقوم على الوحي والعقل والتجربة
  • أعمال تأهيل وترميم “مسجد الفسح” بالمدينة المنورة تجسْد جهود العناية بمعالم التاريخ الإسلامي
  • الشيخ أحمد الطلحي: هذه هي العلامة العظمى لمحبة العبد لله
  • أفضل عبادة في رمضان ويحبها الله تعالى.. لا تكلفك شيئا
  • أفضل الأعمال الصالحة في رمضان.. انتهز الفرصة لتفوز بالشهر كله