"خذوا زينتكم عند كل مسجد"
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
سعيد بن سالم البادي
قال تعالى في كتابه العزيز الحكيم: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف: 31].. حينما نتأمل هذه الآية الكريمة نجد فيها أوامر الله تعالى لنا بأخذ الزينة عندما المساجد؛ أي عندما ندخلها للعبادة أو لأي مقصد من مقاصد الدخول وهذا تكريم لها وتعظيم لشعائر الله التي أمرنا بها سبحانه وتعالى.
وهذا الأمر يتسع لكل أماكن العبادة التي تدخل في مسمى المساجد أو تقوم مقامها كالمصليات المخصصة لصلوات العيدين وغيرها وهذا امتثالًا لأمره بتعظيم الشعائر التي فرضها الله علينا في قوله جل جلاله في كتابه العزيز: "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).
وجب علينا أن نمتثل أمر الله تعالى وأن نعظم شعائره وأماكن إقامة هذه الشعائر مهما كانت مسميات تلك الأماكن التي تقام فيها الشعائر.
وتعظيم شعائر الله وأماكن العبادة يكون من خلال احترامها والإلتزام بما يسن لها من تنظيم وقواعد وقوانين وآداب يقوم عليها احترامها وتعظيمها وأن يتبع ما شرعه الله تعالى وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه علماء المسلمين العاملين بما أنزله الله وما أقره وأستنبطه فقهاء الشريعة الغراء من النصوص الشرعية سواء كانت قرآنية أو سنة نبوية في شأن دخول المساجد ودور العبادة.
ومن تعظيم شعائر الله أن يتعلم المرء ما يجب عليه القيام به والاهتمام بذلك واتباعه أثناء تأدية الشعيرة الدينية وكيفية الحرص على قبول العبادة عند الله تعالى، لأن العبادة بدون العلم بكيفية أدائها والقيام بها تكون أقرب للخطأ من الصواب ومعرضة لكثير من الأخطاء لتي تعرضها إلى عدم اكتمالها على الوجه الصحيح الذي ينبغي على المتعبد أن يكون على علم به.
فقد أمرنا الله تعالى بأن نأخذ الزينة عند كل مسجد والزينة لا تقتصر على وقت مُعين أو مكان مُعين أو مُناسبة دينية معينة فقد جاء الأمر عامًا ولم يخصص.
ومما يأخذه المرء من الزينة ويحرص عليه كل الحرص التطهر من كل ما يمكن أن يبطل العبادة أو ينقص منها والغسل والوضوء واللباس المناسب المشروع والتطيب وحسن المنظر والهيئة وما يعكس تعظيمه لشعائر الله وحرصه على أن يكون دائمًا بمظهر يليق بمكانة المسجد أو مكان العبادة الذي يدخله، وكل ذلك من الإيمان الذي ذكرته السنة النبوية الشريفة وأقرته وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله فقد روى مالك بن نضلة رضي الله عنه في شأن ذلك فيقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون، فقال: ألك مال؟ قال: نعم، قال:من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك الله مالًا فَلْيُر أَثرُ نعمة الله عليك وكرامته وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .
ومن ذلك يستنبط ما يدل على أن الهدي النبوي الشريف يحث المسلم على التجمل والظهور بمظهر جميل أثناء العبادة وغيرها.
فما بال أقوام إذا دخلوا المساجد يدخلون بلباس النوم وآخرون تفوح منهم روائح الأفواه وروائح العرق الطعام كروائح البصل والثوم التي تتطاير منها روائح تضايق المصلين وحينما يذهبون لمقابلة أحد الخلق يستعدون لهذا اللقاء بوقت كافٍ، فيذهبون للمزيِّن (الحلاق) ليتزينوا ويرتبون منظرهم ليظهروا بأجمل ما يكون ثم يعودون للمنزل ليتطهروا ويلبسوا أحسن ما لديهم من ملابس ويتطيبوا بأحسن الطيب ويتبخروا بأطيب ما يوجد من بخور ويتألقوا في الهيئة وربما مكث أحدهم أمام المرآة وقتًا طويلًا ليتأكد من ضبط العمامة، ثم يذهب للمقابلة وهو قلق من أن تكون هيئته غير مناسبة لحدث اللقاء أو أن تصدر منه روائح غير مناسبة للشخص موضوع اللقاء، ويدخلون عليه في سكينة وتمام الهدوء والوقار، وإذا تكلموا يكاد أن لا يسمع لهم حسًا، ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ويتمتمون في سرهم بأن يقضي لهم حاجاتهم وهو راضٍ عنهم.
لكن للأسف، هذا ما لا نلمسه من شريحة من المصلين، حينما يذهبون للقاء رب الخلق فلا يأبهون لشيء من ذلك فيلبسون ما يتيسر من اللباس ولو لم يناسب حتى الذوق العام لدي البشر وقد تكون ملابس النوم كما نشاهد في المساجد فربما يأذي أحدهم من يصلي بجانبه برائحته الكريهة التي تصدر منه ومن ملابسه ويدخل المسجد بهذه الهيئة.
كما إن شريحة أخرى لا يتورعون من كثرة الحديث في المسجد فيتكلمون فيما لا فائدة فيه بصوت مرتفع لا سكينة ولا هدوء ولا حرص على أن لا يؤذي أحد المصلين أثناء الصلاة وللأسف الشديد نلاحظ ذلك ليس فقط من المصلين؛ بل بعض الأحيان ممن قائمين بأمر المسجد الذين ينبغي عليهم أن يكونوا قدوة في تعظيم شعائر الله في المسجد.
ناهيك عن ذلك الذي يأتي متأخرًا ويتخطى رقاب الآخرين دون أي تورع رغم أنه دخل آخر الداخلين للمسجد وينبغي له أن يجلس أينما أنتهى به الصف، وهناك الكثير من السلوكيات التي يسلكها كثير من الناس أثناء دخولهم للمساجد.
رسالتي للمصلين التمسك بسُنَن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شعائر الله التي يجب الحرص عليها سواء كانت سلوكية أو غيرها مما يشعر الإنسان بأنها تعكس ذلك التعظيم المقصود في أمر الله تعالى، مثل ارتداء اللباس اللائق بمقابلة ملك الملوك أو التطيب وغيره من السُنَن التي أوجبتها علينا الشريعة الغراء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«إمام المسجد النبوي»: الاحتفال بليلة 27 رجب بوصفها الإسراء بدعة.. ماذا قالت دار الإفتاء المصرية؟
عاد الجدل من جديد حول حكم الاحتفال بليلة 27 رجب، على اعتبار أنها ليلة الإسراء والمعراج، وهذا هذا الاحتفال يعد بدعة، أم لا؟، حيث أكد الشيخ، حسين آل الشيخ، إمام وخطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة اليوم 10 يناير الجاري، أن «ما يقوم به البعض من الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب زعمًا أنها ليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهذا من حيث الأصل بدعة محدثة، مشيرًا إلى أن الواقع لم يقم به دليل معلوم لا على شهرها ولا على عينها».
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي، خلال الخطبة الثانية، إلى أن ما ينتشر بين الناس، من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان»، فهذا الحديث نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تصح، فقد ضعفه النووي، وابن رجب، وجمع من الحفاظ المتأخرين كسماحة الشيخ ابن باز، والألباني رحمة الله عليهم أجمعين، بحسب وكالة الأنباء السعودية واس.
وقال خطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ: تجنبوا الأحاديث الموضوعة والبدع المتعلقة بشهر رجب
وفي نهاية خطبة الجمعة حذر الشيخ، حسين آل الشيخ، من نسبة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا وفق استيثاق علمي مؤصل لدى أهل العلم، مبينًا أن في الاتباع سعادة وفي الاقتداء بالشرع المطهر الفلاح والفوز.
ليلة الإسراء والمعراج الاحتفال بليلة 27 رجب زعمًا أنها ليلة الإسراء بدعة محدثةحول الاحتفال بليلة الإسراء، قال الشيخ، حسين آل الشيخ، إن: «ما يقوم به البعض زعمًا أن ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، هذا من حيث الأصل بدعة محدثة، موضحًا أن الواقع لم يقم به دليل معلوم لا على شهرها ولا على عينها.
دار الإفتاء المصرية دار الإفتاء الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج من الأمور المستحبةو لكن دار الإفتاء المصرية كان لها رأي آخر حول حكم إحياء ليلة 27 رجب و ليلة الإسراء والمعراج، حيث أكدت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، أن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج من الأمور المستحبة، حيث يجوز إحياؤها بجميع أنواع الطاعات، مثل: «الصلاة - الدعاء - الاستغفار - الذكر»، فرحًا وتعظيمًا لشأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشيرة إلى أن صيام يوم 27 من شهر رجب مستحب، وذلك فرحًا بما أنعم الله به على رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، وورد ذلك في نصوص بعض الفقهاء، الذين أكدوا أن الصيام في هذا اليوم يعد من أعمال البر التي يُثاب عليها المسلم.
وبحسب دار الإفتاء المصرية، فإنه مع اختلاف العلماء في تحديد وقت الإسراء، إلا أنهم جعلوا تتابع الأمة على الاحتفال بذكراه في السابع والعشرين من رجب شاهدًا على رجحان هذا القول، ودليلًا على غلبة الظَّنِّ بصحَّتِه، إذ قال العلَّامة الزُّرقاني في «شرح المواهب اللدنية» (2/ 71، ط. دار الكتب العلمية) عند قول صاحب «المواهب» (وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من رجب).
والمشهور من أقوال العلماء أنَّ الإسراء والمعراج وقع في شهر رجبٍ الأصمِّ، وقد حكى الحافظ السيوطي ما يزيد على خمسة عشر قولًا، أشهرُها: أنه كان في شهر رجب، حيث قال في «الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء» (ص: 52-53، ط. دار الحديث): [وأما الشهر الذي كان فيه: فالذي رجَّحه الإمام ابن المنير على قوله في السنة ربيع الآخر، وجزم به الإمام النووي في «شرح مسلم»، وعلى القول الأول في ربيع الأول، وجزم به النووي في فتاويه، وقيل: في رجب وجزم به في «الروضة»، وقال الإمام الواقدي: في رمضان، والإمام الماوردي في شوال، لكن المشهور أنه في رجب] اهـ.
الأزهر الشريف حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراجوأكد الدكتور السيد عبد الباري، أحد علماء الأزهر الشريف، أن ليلة الإسراء والمعراج، هي ليلة مباركة وذكرى لمعجزة إلهية عظيمة، والاحتفال بها من الأمور المستحبة والمحمودة، وعلى العباد الحرص على اغتنامها بشتى الطرق الممكنة.
وقال «عبد الباري»، خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس، أن حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج يمكن عن طرق الصدقة أو الصوم أو الذبح أو الدعاء، لافتًا إلى أن الحمد هو أفضل تسبيح يمكن أن يردده العبد في هذه الليلة المباركة.
وأضاف أن هناك عبادات مستحبة في تلك الليلة المباركة، ومنها الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقيام الليل، وإحياء ما بين العشائين، وقال: «على العباد السعي في قضاء الحاجات وقضاء ساعة من النهار أو الليل في شكر الله سبحانه وتعالى وغيره من القربات والعبادات».
أدعية ليلة الإسراء والمعراجوننشر في السطور التالية أكثر أدعية ليلة الإسراء والمعراج والتي جاءت كالآتي:
- كان رسول صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل رجب: «اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَارِكْ لَنَا فِي رَمَضَانَ.. اللهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ».
- «اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم، واحفظنا من النفاق والرياء، اللهم تقبل منا، وطهّر قلوبنا من الإثم والمعاصي يا رب العالمين».
- «يارب استودعك أدعية فاض بها قلبي فاستجب لي يا لله اللهم لا ترد لنا دعاء ولا تخيب لنا رجاء ولا تسكن أجسادنا داء وادفع عنا كل هم وغم وبلاء واشف مرضانا وارحم موتانا يا رب العالمين».
- «اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي».
- «اللهم إني أسأَلُكَ مِن الخيرِ كلِه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ وأعوذ بكَ مِن الشَّرِ كلِه عاجلِه وآجلِه ما علِمْتُ منه وما لَمْ أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن خيرِ ما سأَلكَ عبدُك ونَبيُّكَ وأعوذُ بكَ مِن شَّرِّ ما عاذ به عبدُك ونَبيُّكَ وأسأَلُكَ الجنَّةَ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأعوذُ بكَ مِن النَّارِ وما قرَّب إليها مِن قولٍ وعمَلٍ وأسأَلُكَ أنْ تجعَلَ كلَّ قضاءٍ قضَيْتَه لي خيرًا، اللهم وسع رزقي في الأرض وفي السماء».
- «اللّهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللّهم اجعلنا في هذه الليلة من الذين نظرت اليهم وغفرت لهم ورضيت عنهم، اللّهم اجعلنا في هذه الليلة من الذين تُسلّم عليهم الملائكة، واكتبنا فيها ممن وسعت لهم في رزقهم وباركت لهم في عملهم ومالهم وذريتهم يا رحمن»
اقرأ أيضاً«أرض الإسراء يارب».. أصوات الجامع الأزهر تعلو في ليلة السابع والعشرين من رمضان
دعاء الإسراء والمعراج 2024.. أعمال مستحبة في هذه الليلة
الأوقاف تعقد 1444 ندوة علمية تحت عنوان «الإسراء والمعراج.. دروس وعبر»