جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@21:09:52 GMT

مُمتنون للنعم

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

مُمتنون للنعم

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

شوشرة عالية وأصوات الحافرات من أعلى تصل إلى مسامعنا، لكن لا حول لنا ولا قوة مكبلين بالأصفاد لا نملك غير الدعاء؛ فالبدعاء نصل.. هناك أمر مخيف يحدث وهل يا ترى قامت القيامة!

ما الذي يحدث في الأعلى؟ تساؤلات كثيرة ونحن المغيبين من سنوات طويلة لم يُغيبنا الموت ولا الجن ولا سحرة الإنس، وإنما أحداث البلد، ومن هو قائم عليها والجنود الذين كانوا عبدًا للمأمور؛ هكذا حال أغلب المساجين في سجن صيدنايا السوري سيئ السمعة، عالقون بين الحياة والموت يتنفسون ولكن بقدر بسيط، يأكلون بقدر بسيط، ينامون بقدر بسيط، يحلمون بقدر بسيط، ولكن مصيرهم آلة التذويب ومشنقة الإعدام، وهم يعيشون بين أسوار بلدهم العظيم، بلدهم الذي تغنى به الشعراء، وكان مقصدًا سياحيًا يتباهى به الجميع، وكان قبلة الناس ومزارات التاريخ؛ حيث الجامع الأموي الكبير ومقام السيدة زينب وحارات دمشق القديمة والشام ودرعا وإدلب وحمص والجولان وحلب وغيرها.

. هنا كان هناك الكثير من الحكايات ومن هنا انطلق الكثير من العلوم والمعارف وكانت هنا حياة جميلة جدًا.

لا زلنا ننتظر ماذا سيحدث أو ما الذي يدور في الأعلى؛ حيث إننا لا نملك إلّا الانتظار فالوقت كالسيف إن لم تقتله قتلك والغريب أننا ننتظر موت الذي يجلس بقربنا كي نأخذ حصته من الأكل أو كي يخلو مكانه، لكي نستطيع أن نتحرك قليلًا. ويساورني الشك هل نحن في الدنيا أم هذه جهنم؟

أن تقبع في السجون أكثر من 30 عاماً هذا عمر، أو أكثر من ذلك وربما أقل، لكن سنوات عمرك تمر وأيامك تمر بلا صلاة ولا عبادة ولا مكان جيدًا، وإنما ما أنت عليه أصبحت تتمنى أن تموت على أن تعيش تلك الأيام بانتظار ساعة الفرج أو ساعة الإعدام؛ فالإعدام في صيدنايا يحدث في الأسبوع مرتين وربما تكون العدد القادم ولكن ما يختلف هنا أنَّه ليس لديك أي تهمة سوى أنك مواطن حُر.

كنت أعتقد أنَّ العالم يعيش بسلام مثلما نحن في بلدنا نعيش بسلام نحن ننام ملء العين نؤدي عباداتنا التي خلقنا الله لتأديتها بكل حب نحن هنا نسافر ونستمتع ونقضي أوقاتاً جميلة مع بعضنا البعض. وفي بلادنا نحن هنا أقصى مطالبنا وظيفة، ولكن بعد ما رأيت حال الناس صرت أقول في نفسي.. وظيفة وحزينة.. النَّاس لا يستطيعون التنفس ولا النوم..

نحن ممتنون للنعم يا الله.. ممتنون للخالق سبحانه وتعالى، الذي جعلنا من أسعد البشر الذين لا يضطرون أن يناموا على ألم وفقدٍ وأسى.. ممتنون للساعات والأيام ونحن غارقون في النعم في بلادنا الحبيبة عُمان.

إن لم يكتب لي الله أن أتوظف فلربما هو خيرـ وأنا رضيت يا ربي بخيرك، ولكنني أصبحت ممتنة أكثر وأكثر؛ فالوطن غالٍ، والأمان الذي نعيشه يحسدنا عليه الكثير، فلك الحمد والشكر والثناء يا الله على ما أنعمته علينا جميعاً.

عُمان وبلاد الخليج عمومًا هي نعمة كبيرة ويجب المحافظة على تلك النعمة فنحن جميعًا في خير وسلامة، وعلينا أن نكون ممتنين؛ كوننا نعيش بسلام وراحة.

أدام الله على حكوماتنا وشعوبنا الخير واليمن والبركات، وسهّل الله لنا أمورنا كافة ومن على إخوتنا في بلاد المسلمين بالنصر التام والعزة والكرامة والسلام، فنحن جميعًا أمة الإسلام نحزن لما أصابهم، ونفرح لفرحهم، ونتمنى لهم السلام الدائم، وأن تكون حقبة قد انتهت بخيرها وشرها وحقبة جديدة قادمة بنصر قريب بأمر الله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!

جيد أن يتحول إشباع رغبة تعظيم النفوذ والوصول للسلطة من استخدام القوة وإشعال الحروب إلى إبهار الناس وكسب المؤيدين عبر مشاريع "الإعمار" والاحتفالات وإطلاق الألعاب النارية ابتهاجا بها، وجميل أن تشهد البلاد تنفيذ مشروعات غربا وشرقا، ويحل البناء والتشييد محل الهدم والدمار، وإني لا أجد غضاضة في أن يكون لبنغازي ملعب حديث أو في طرابلس طريق دائري ثالث طويل، بل هما إضافة، ولكن!

ينبغي أن لا يجرنا الابتهاج بالمشروعات الجديدة بعيدا عن التقدير الصائب للأمور والفهم الصحيح لعملية التنمية الشاملة، وسيكون نوعا من التضليل الإصرار على إطلاق مسمى الإعمار على ما نراه من مشروعات.

ينبغي أن يقوم الإعمار على أرضية صلبة مستقرة، وأن يتأسس وفق منهجية صحيحة، فالإعمار له شروطه ومرتكزاته، ولك أن تكتب أخي القارئ عبارة "مفهوم الإعمار" في محرك البحث "غوغل" لتطلع على بعض ما أعنيه، فالإعمار مقاربة لها أسسها وغاياتها، لا تنفك عن التخطيط السليم المقترن بدراسات معمقة تأخذ في الاعتبار المعطيات الجغرافية والديمغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التاريخية بمدلولها الواسع والإيجابي.

الإعمار مقاربة لها أسسها وغاياتها، لا تنفك عن التخطيط السليم المقترن بدراسات معمقة تأخذ في الاعتبار المعطيات الجغرافية والديمغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التاريخية بمدلولها الواسع والإيجابي.الاتجاه غير المطمئن في ما نشهده من مشروعات تنموية هو أنه لا يقع ضمن تحول شامل يأخذ في الاعتبار كل الإشكاليات القائمة والتحديات الحاضرة، وأنه يتحرك بدوافع تعلو فيها السياسة على المصلحة العامة، أو يختلطان بشكل لا يحقق المرجو في نهاية المطاف.

هناك قرى وأحياء في بعض مناطق الجنوب، على سبيل المثال، تفتقر إلى أبسط أساسيات العيش وتواجه ظروفا حياتية بائسة، لكنها خارج دائرة الاهتمام، والسبب ليس فقط أمني أو لوجستي، بل أيضا لأنها  تتطلب جهدا ووقتا في مقابل مردود قليل بالحساب السياسي، ذلك أن الجنوب لا يمثل في ميزان التنافس ثقلا كما يمثل الغرب والشرق، والتمييز يظهر حتى بين مدن الغرب والشرق، فما تحظى به المدن الكبرى لا يتوفر لتلك الأقل في عدد السكان والوزن السياسي والاقتصادي.

ويظهر على تنفيذ المشروعات الاستعجال كما تغيب اشتراطات مهمة في التعاقدات الأمر الذي ينتهي بها إلى نتائج غير إيجابية على صعيد التكلفة والجودة، دع عنك الفساد الذي يعشش عندما تتعطل أو تتعثر الدورة الصحيحة للتعاقد والتنفيذ والتقويم.

هناك أيضا مشكلة الاستنساخ الأعمى والانغماس في البهرج على حساب المضون، والاحتفاء بالمظهر أكثر من الغاية والهدف، وهي آفة لن تتسبب في هدر الاموال فحسب، بل تفسد العقول وتجعلها أسيرة ما تراه حولها من تكلف زائد وترف مفسد.

إن من أخطر ما يواجه البلدان التي مرت بفترات تخلف على مستوى الإدارة العامة، وواجهت ازمات سياسية وأمنية كشفت عوار التخلف، أنها تُدفع إلى مسارات بعيدة عن المأسسة والمؤسساتية، وما نراه من توجهات قائمة يؤكد هذا الافتراض، ولو أن مشروعات وبرامج وطنية كبرى من مثل الدستور ونظام الحكم والمؤسسات الفاعلة وسيادة القانون ومجابهة الفساد والإصلاح الاقتصادي القائم على رؤية استراتيجية وتطوير قطاعي التعليم والصحة لقيت احتفاء واهتماما من المسؤولين وكانت مطلبا أساسيا يتحرك لأجله الجموع، لتحقق الإعمار بمفهومه الصحيح، وما يقلقني أننا بالترتيب الخاطئ للمسارات والغفلة عن الأولويات نكون كمن يبني على "شفا جرف هار"، قد يأتي على ما أنجز في أول هزة لا سامح الله.

إننا مجتمع عانى من الحرمان وعايش أوقاتا وظروفا صعبة جدا ومُورس عليه التجهيل وتزييف الوعي فانحرفت عنده المفاهيم، وعندما تضيف إلى ما سبق سلوك طابور المتعاقبين على كرسي السلطة الذين يفسدون ولا يصلحون وياخذون ولا يعطون ينتهي الحال بالمواطن إلى تقديس المسؤول الذي يقدم له خدمة أو يحقق له مصلحة أو تنفذ على يديه بعض المشروعات، وهي من المترض حقوق ملزم من تولى أمرهم بها، لا يقابلها بالضرورة مدح ولا تهليل.

الاتجاه غير المطمئن في ما نشهده من مشروعات تنموية هو أنه لا يقع ضمن تحول شامل يأخذ في الاعتبار كل الإشكاليات القائمة والتحديات الحاضرة، وأنه يتحرك بدوافع تعلو فيها السياسة على المصلحة العامة، أو يختلطان بشكل لا يحقق المرجو في نهاية المطاف.الإعمار الحقيقي يهتم بالإنسان باعتباره مرتكز التغيير وأداة التطوير ومحرك الإصلاح، ويلاحظ المتابع المدقق أن عقول وتفكير المعنيين بمشروعات التنفيذية مرتهنة إلى "الأسمنت والحديد" ومظاهر التجميل المكملة، ولم استمع إلى حديث رصين عن قيمة الإنسان في التنمية والإعمار، وطرح جاد عن سمات وخصائص العنصر البشري الفعال، التي يفتقرها إليها شريحة واسعة من الليبيين، وكيفية غرسها فيهم عبر خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، وهذا كافي للحكم بأننا مانزال تائهون عن الإعمار.

فلنفرح بملاعب القدم والطرق والكباري وغيرها من مشاريع البناء، لكن لا نتوقف عندها لتكون بالنسبة لنا هي معيار التقدم والازدهار، ولنبتهج بالزينة والأفراح، على أن لا تكون نهاية المطاف عندنا، ولنعي أنه ما لم تستقم القاطرة على سكة البناء المؤسسي بمفهومه الواسع والدقيق، ويكون المواطن الليبي الواعي والمسؤول والمدرب والمبادر هوي الغاية الأولى في مشروعاتنا وبرامجنا فنحن لا نسير في خط مستقيم صوب الاستقرار والإعمار.

مقالات مشابهة

  • هل الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه كلب أو صورة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • هل الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه كلب أو صورة؟.. أمين الفتوى يجيب |فيديو
  • الدويري .. أتفق مع النتنياهو.. ولكن!!
  • شاهد| هذا هو المكان الذي سيدفن فيه جثمان الأمين العام الأسبق لـ”حزب الله” اللبناني الشهيد السيد حسن نصر الله (فيديو)
  • القصة الكاملة لتحطيم تمثال سقارة.. مصطفى بكري يتهم زاهي حواس والأخير يعترف: خطأ بسيط
  • زاهي حواس يرد على أزمة تسببه في كسر تمثال أثري: خطأ بسيط
  • كاميرون هديسون: من المثير للاهتمام رؤية البيان الفاتر من الأمم المتحدة الذي يحذر من إنشاء الدعم السريع لحكومة موازية ولكن دون إدانته
  • سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!
  • روبيو يدعو الأمم المتحدة لتأييد مشروع قرار أمريكي "بسيط" بشأن أوكرانيا
  • سرّ جديد عن اغتيال نصرالله.. من الذي خطط لذلك؟