حكم تكرار سورة الإخلاص ثلاثة بعد ختم القرآن جماعة
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
سورة الإخلاص.. قالت دار الإفتاء المصرية إن قراءة سورة الإخلاص بعد ختم القرآن في جماعة أمر جائز شرعًا، كونها تعدل ثُلُثَ القرآن، وهو ما جرت عليه عادة الناس ومضى عليه عملهم، كما أقروا الفقهاء باستحباب تكرارها ثلاثًا بعد الختم لجبر أي نقص يكون قد دخل في قراءة بعض الختمة.
حكم قراءة سورة الإخلاص بعد ختم القرآن جماعةواوضحت الإفتاء أن العلماء متفقون على أن قراءة سورة الإخلاص بعد ختم القرآن في جماعة جائز في أصله؛ عملًا بالخبر الصحيح الوارد في كونها تعدل ثُلُثَ القرآن؛ فقد روي الإمام البخاري في "صحيحه" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ».
آراء الفقهاء في حكم تكرار قراءة سورة الإخلاص ثلاثًا عند الختم
واختلف الفقهاء في استحباب تكرارها ثلاثًا عند الختم، مع نصهم على أن تكرارها هو الذي جرت عليه عادة الناس ومضى عليه عملهم، واختلفوا أيضًا هل تكرر إذا كان الختم في الصلاة:
ذهب الحنفية إلى استحسان تكرار سورة الإخلاص ثلاثًا عند الختم خارج الصلاة، ولكنهم لم يستحسنوا تكرارها إذا كان الختم في الصلاة المكتوبة؛ جاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 317، ط. دار الفكر): [قراءة ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ ثلاث مرات عَقِيبَ الختم لم يستحسنها بعض المشايخ، واستحسنها أكثر المشايخ لجبر نقصان دخل في قراءة البعض، إلّا أن يكون ختم القرآن في الصلاة المكتوبة فلا يزيد على مرة واحدة؛ كذا في "الغرائب"، ولا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهرًا عند ختم القرآن، ولو قرأ واحد واستمع الباقون فهو أولى؛ كذا في "القنية"] اهـ.
وذهب الشافعية إلى استحسان تكرار سورة الإخلاص عند الختم؛ قال الإمام التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (10/ 285-286، ط. هجر): [حضرت الوالد رحمه الله -يعني الإمام تقي الدين السبكي شيخ الشافعية في زمنه- مرة في ختمة وقد وصل القُرّاء إلى سورة الإخلاص؛ فقرؤوها ثلاث مرات على العادة، وكان على يمينه قاضي القضاة عماد الدين علي بن أحمد الطرسوسي الحنفي، فالتفت إلى الشيخ الإمام وقال: في خاطري دائمًا أن أسأل عن الحكمة في إطباق الناس على تكريرها ثلاثًا.
ونقلوا الحنابلة عن الإمام أحمد المنع من ذلك، ولكن المذكور في كتبهم أنه إن فُعِل فلا بأس به؛ حملًا للمنع على عدم الاستحباب،
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سورة الإخلاص تكرار سورة الإخلاص الإخلاص قراءة سورة الإخلاص بعد ختم القرآن ثلاث ا
إقرأ أيضاً:
حكم الحث على الصبر والبلاء وإن طال وقته
قالت دار الإفتاء المصرية إن الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يجعل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته العطف، والمحن تحمل المنح، فكلُّ ما يصيب الإنسان من ابتلاءات هي في حقيقتها رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه.
الحث على الصبر والبلاءوورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب، ورفع العقاب] اهـ.
وابتلاء الله تعالى لعباده لا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع؛ لانطوائه على أسرار غيبية وأحكامٍ علوية لا يعلم حقيقتها إلَّا رب البرية؛ قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: 168].
وأوضحت الإفتاء أن ليس المقصود هو الحكم بظاهر الابتلاءات؛ بل العلم بقدرة الله تعالى، والإسراع في الرجوع إليه، وأن يتفقد الإنسان نفسه بالسكون إلى قضاء الله تعالى والإذعان إلى مراده؛ قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون: 76].
وقد سمَّى الله تعالى غزوة "تبوك" التي استمرت شهرًا «ساعةَ العُسرة» كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 117]، تهوينًا لأمرها وتيسيرًا لهولها، وإخبارًا بعِظَمِ أجرها.
قال الإمام البقاعي في "نظم الدرر" (9/ 36، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وسمَّاها "ساعة": تهوينًا لأوقات الكروب، وتشجيعًا على مواقعة المكاره؛ فإنَّ أمدها يسير وأجرها عظيم خطير، فكانت حالهم باتباعه في هذه الغزوة أكمل من حالهم قبلها] اهـ.
وأضافت أنه لا ينبغي للإنسان أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء؛ لأنه لا يعلم حكمة البلاء ولا يعي كنه أسراره، وأن تَفَقُّدَ الله تعالى للمكلفين بالمصائب والابتلاءات إنما هو رحمة بهم، وحفظًا لصحة عبوديتهم؛ قال الإمام ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص: 439، ط. دار القلم): [فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء] اهـ.
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (4/ 179، ط. مؤسسة الرسالة): [لولا محن الدنيا ومصائبها: لأصاب العبد -من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب- ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا، فمن رحمة أرحم الراحمين: أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حِمْيَةً له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان مَن يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه] اهـ.