هل نحتاج إلى مفاعل نووي في عُمان؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
فايزة سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
تُواجه سلطنة عُمان تحديات فيما يتعلق أسعار الطاقة الكهربائية، خاصة وأن الكثير من المواطنين يشكون من ارتفاع فواتير الكهرباء، وتقول الشركات إن قيمة الكهرباء مرتفعة نتيجة لارتفاع أسعار مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز، ومع تزايد الطلب على الكهرباء وتذبذب أسعار الوقود الأحفوري، أصبح من الضروري البحث عن حلول بديلة ومستدامة، ومن بين هذه الحلول، يبرز استخدام المفاعلات النووية في إنتاج الكهرباء كخيار واعد يُساهم في استقرار أسواق الطاقة وتقليل الأعباء المالية على المُواطنين.
إنَّ أهمية التوجه إلى استخدام الطاقة النووية المدنية السلمية في سلطنة عُمان تكمن في قدرتها على توفير مصدر طاقة موثوق ومستدام؛ مما يُساعد في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي هو عرضة لتقلبات الأسعار والعرض والطلب. وتعد المفاعلات النووية من أكثر وسائل توليد الكهرباء كفاءة ونظافة؛ حيث يمكنها إنتاج كميات ضخمة من الكهرباء باستخدام كميات صغيرة من الوقود النووي، وهذه الميزة تجعل من الطاقة النووية خيارًا مثاليًا لدولة مثل سلطنة عُمان التي تحتاج إلى تأمين إمدادات مستدامة وموثوقة من الكهرباء. ومن خلال استخدام الطاقة النووية، ستتمكن سلطنة عُمان من تحقيق استقرار أكبر في أسعار الكهرباء؛ حيث لن تتأثر التكلفة بشكل كبير بتقلبات أسعار الوقود العالمي؛ ما يساهم في تقليل الأعباء المالية على المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الفواتير.
في هذا السياق، يمكن الاستفادة من تجارب الدول الكبرى في استخدام الطاقة النووية، وعلى سبيل المثال، تُعتبر فرنسا من أبرز الدول التي تعتمد على الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء؛ حيث تشكل المفاعلات النووية أكثر من 70% من إجمالي إنتاجها، وهذه النسبة العالية من الطاقة النووية أسهمت بشكل كبير في توفير طاقة رخيصة ومستدامة للمواطنين، حيث استطاعت فرنسا تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص الانبعاثات الكربونية، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد واحدة من أكبر منتجي الكهرباء من الطاقة النووية، حيث تشكل المفاعلات النووية حوالي 20% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، مما يساعد في تحقيق استقرار أكبر في سوق الطاقة.
وتعد الصين من أكبر الدول في استخدام الطاقة النووية مدنيًا؛ حيث تحتل المركز الثالث عالميًا في إنتاج الكهرباء من هذه الطاقة، وتسهم المفاعلات النووية بما يقارب 5% من إجمالي إنتاج الكهرباء. وتمتلك الصين حاليًا أكثر من 20 مفاعلًا نوويًا قيد التشغيل، إضافة إلى العديد من المشاريع المستقبلية. وتهدف الصين إلى زيادة قدرتها النووية إلى 70 جيجاوات بحلول عام 2030؛ مما يعكس التزامها بتطوير قطاع الطاقة النووية كجزء من استراتيجيتها للطاقة المستدامة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
أيضًا نُشير إلى تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في استخدام الطاقة النووية السلمية، والتي تعد نموذجًا رائدًا في منطقة الخليج؛ حيث بدأت الإمارات تنفيذ مشروعها النووي السلمي من خلال محطة "براكة" للطاقة النووية، وهي أول محطة نووية في العالم العربي، ومن المتوقع أن تساهم محطة براكة في توفير حوالي 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء، مما يقلل من اعتماد الدولة على الغاز الطبيعي، الذي كان المصدر الرئيسي للطاقة في الإمارات، وقد شكل هذا المشروع خطوة كبيرة نحو تحقيق استدامة الطاقة في الدولة، ويعكس قدرة الإمارات على تبني الطاقة النووية بشكل آمن وفعال.
لا شك أن تبني سلطنة عُمان للطاقة النووية في إنتاج الكهرباء سيعود بالفائدة على المواطنين من خلال تقليل ارتفاع أسعار الفواتير، كما سيسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية ويساعد في تحقيق استدامة بيئية تتماشى مع الاتجاهات العالمية، كما إن تطوير هذه الطاقة سيتطلب إنشاء بنية تحتية قوية وإجراءات أمان صارمة لضمان سلامة المنشآت النووية، وهو ما يُمكن تحقيقه من خلال التعاون مع الدول المتقدمة في هذا المجال مثل فرنسا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
في الختام.. إنَّ التوجه لاستخدام المفاعلات النووية في سلطنة عُمان خطوة مُهمة نحو تأمين إمدادات طاقة مستدامة واقتصادية للمستقبل. ومن خلال هذا التوجه، ستتمكن عُمان من تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الطاقة وتقليل الأعباء المالية على المواطنين؛ مما يُعزز من استقرار الاقتصاد الوطني ويراعي المعايير البيئية في الوقت نفسه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
من المحركات إلى المفاعلات.. رولز رويس تُحدث ثورة في الطاقة النووية
أعلنت شركة رولز رويس عن توقيع أكبر عقد في تاريخها مع وزارة الدفاع البريطانية لتصميم وتصنيع ودعم المفاعلات النووية التي تغذي غواصات البحرية الملكية.
سيمتد عقد الوحدة الذي تبلغ قيمته أكثر من 11 مليار دولار (9 مليارات جنيه إسترليني) المبرم بين وزارة الدفاع البريطانية ورولز رويس على مدى 8 سنوات لدعم البحرية الملكية، ويشمل نطاق العقد جميع أسطول الغواصات التابع للبحرية الملكية البريطانية في الخدمة طوال الفترة، وفق "إنترستينغ إنجينيرينغ".
وعلاوة على ذلك، سيوفر أيضاً دعماً مستمراً لبناء وتشغيل غواصات فئة دريدنوت، وبداية عقود SSN-AUKUS المعلن عنها سابقاً.
ووفقاً لشركة رولز رويس، يجمع العقد التاريخي جميع الأعمال الحالية والمقبلة في محفظة واحدة، وتم تصميمه لتحفيز علاقة عمل أكثر تعاوناً بين رولز رويس ووزارة الدفاع البريطانية.
وسيوفر هذا العقد، الذي أطلق عليه اسم "الوحدة"، 1000 وظيفة في المملكة المتحدة وسيَحمي 4000 وظيفة أخرى.
وصرح ستيف كارلير، رئيس شركة رولز رويس للغواصات، أن عقد الوحدة يؤكد التزام رولز رويس بالبحرية الملكية ومؤسسة الدفاع النووي.
وقال: "سيسمح عقد الوحدة لأعمال الشركة بالعمل بشكل تعاوني مع وزارة الدفاع، لتلبية الاحتياجات المتطورة للبحرية الملكية البريطانية، وتحسين تصميم محطة المفاعل، والتسليم والدعم أثناء الخدمة، وضمان استمرار أمن أمتنا في وقت من عدم اليقين العالمي".
وقال وزير الدفاع جون هال: "إن هذه الصفقة مع رولز رويس، وهي قصة نجاح بريطانية تاريخية، ستدعم الوظائف ذات المهارات العالية في المملكة المتحدة والتي تزود الآلاف من الغواصات التي تحافظ على سلامتنا جميعاً، إن الأمن القومي هو أساس خطة حكومتنا للتغيير، وهذا دليل واضح على التزامنا بالردع النووي للمملكة المتحدة، وهو بوليصة التأمين النهائية لدينا في عالم أصبح أكثر خطورة".