سوريا الجديدة.. مستقبل غامض وتغيير مستمر
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
لبست سوريا ثوباً جديداً بنهاية حقبة حكم عائلة آل الأسد حين أسقطت مجموعة فصائل مسلحة تقودها "هيئة تحرير الشام" بشار الأسد يوم الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، معلنة بذلك عهداً جديداً يصعب التنبؤ به، في ظل التغيرات السريعة الجارية، وأطماع القوى الخارجية، وقوة نفوذها في ذلك البلد العربي.
واستغرق التغيير السريع أسبوعاً واحداً لشطب حكم استمر 5 عقود، فاتحاً الباب أمام سيل تساؤلات هادر، وحيرة تدعو إلى عدم التسرع والاستعجال في استشراف مستقبل سوريا الجديدة.
وبدأت رحلة التغيير الحقيقية حين انطلق مسلحو الفصائل المختلفة المنضوية تحت راية هيئة تحرير الشام من جيبهم في الشمال الغربي للاستيلاء على سلسلة من المدن الكبرى، قبل الوصول إلى العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد، بعد 13 عاماً من بدء الحرب الأهلية في البلاد.
ولكن بينما يحتفل الكثيرون في البلاد بسقوط الأسد، ونهاية حكم عائلته الطويل لسوريا، فإن المستقبل غير مؤكد، والوضع على الأرض لا يزال في حالة تغير مستمر، مع سيطرة عدد من الجماعات المسلحة المختلفة على أجزاء عديدة من البلاد، وفق تقرير لبي بي سي.
وعلى الرغم من سيطرة الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام على المدن الرئيسية في سوريا، بدءاً من حلب فحماة فحمص ودمشق، إلا أنها لا تحكم البلاد بأكملها.
ومنذ 2011، دخلت سوريا في نفق مظلم وصراع طويل أدى إلى بروز خرائط عدة للبلد، فحكمت هيئة تحرير الشام إدلب ومحيطها، وسيطر الأكراد على شمال شرق البلاد، في حين وسعت روسيا نفوذها على ساحل البحر المتوسط، وأنشأت الولايات المتحدة مجموعة قواعد عسكرية، ومدت تركيا فصائل مسلحة موالية لها بالمال والسلاح لتوسيع رقعة سيطرتها في شمال سوريا.
وكان أبرز سؤال يطرح في اليوم التالي لسقوط الأسد، هو كيف يمكننا إيجاد إجماع مطلق حول طريقة إدارة البلاد، بينما لا تزال الاشتباكات المسلحة في شمال سوريا مشتعلة بين الفصائل المتنافسة.
أين تقع سوريا وكيف تتدخل دول الجوار؟تطل سوريا، البالغ عدد سكانها حوالي 22 مليون نسمة، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وتحدها تركيا من الشمال، ولبنان، وإسرائيل من الغرب والجنوب الغربي، والعراق من الشرق، والأردن من الجنوب.
وخلال سنوات الصراع الطويل الدامي، دعمت تركيا وقوى غربية أعضاء مختلفين من المعارضة السورية بدرجات متفاوتة أثناء الصراع.
وانخرط "حزب الله" اللبناني الموالي لإيران في القتال، إلى جانب الجيش السوري، واستطاعا معاً استعادة مناطق كبيرة، ودحر الفصائل المسلحة وحصرها في إدلب، لكن في الهجوم الأخير، تخلف الحزب عن القتال، بسبب خروجه للتو من صراع عنيف مع إسرائيل.
وفور سقوط الأسد، بدأت إسرائيل بتنفيذ مئات الغارات الجوية في أنحاء سوريا، مستهدفة منشآت عسكرية تابعة للجيش السوري، بما في ذلك مستودعات أسلحة وذخيرة ومطارات وقواعد بحرية ومراكز أبحاث.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة، إنه وثق أكثر من 350 غارة شنتها إسرائيل منذ سقوط الأسد يوم الأحد، بما في ذلك العاصمة دمشق وحلب وحماة.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه دمر نحو 80% من القدرات العسكرية للجيش السوري، رغم أن هذا الرقم لم يتم التحقق منه بشكل مستقل.
وتدّعي إسرائيل أن تحركاتها تهدف إلى منع وقوع الأسلحة "في أيدي المتطرفين" مع انتقال سوريا إلى مرحلة ما بعد الأسد.
كما سيطرت إسرائيل أيضاً على المنطقة العازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان، بعد إعلان رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو إنهاء العمل باتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 مع سوريا مع استيلاء الفصائل المسلحة على البلاد.
ماذا يحدث في شمال سوريا؟في مدينة منبج الشمالية، اندلعت اشتباكات بين القوات المدعومة من تركيا والمتمردين بقيادة الأكراد، وادعى كل من الجانبين الاستيلاء على أجزاء من المدينة، ويُقال إن القتال لا يزال مستمراً في بعض الأحياء.
ويعمل نهر الفرات كخط فاصل بين الأراضي التي تسيطر عليها الجماعات المدعومة من تركيا في الغرب والقوات التي يقودها الأكراد في الشرق.
في عام 2015، أرسلت روسيا آلاف الجنود إلى سوريا للمساعدة في إبقاء الرئيس الأسد في السلطة، ولقاء ذلك حصلت على عقود إيجار لمدة 49 عاماً لقاعدتين عسكريتين رئيسيتين.
ويعد ميناء طرطوس القاعدة البحرية الرئيسية الوحيدة لروسيا في الخارج، كما أنه القاعدة البحرية الوحيدة لها على البحر الأبيض المتوسط.
وإلى جانب القاعدة الجوية في حميميم، التي تُستخدم غالباً لنقل المقاولين العسكريين الروس إلى داخل وخارج أفريقيا، تلعب القاعدتان دوراً مهماً في قدرة روسيا على العمل كقوة عالمية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا بشار الأسد سوريا الولايات المتحدة تركيا إسرائيل روسيا سقوط الأسد سوريا إسرائيل تركيا روسيا الولايات المتحدة هیئة تحریر الشام
إقرأ أيضاً:
تركيا ومهمة ملء الفراغ العسكري الإيراني في سوريا
لم يقتصر تأثير سقوط النظام السوري على الوضع الداخلي في البلاد، وإنما امتد تأثيره ليشمل منطقة الشرق الأوسط عامة، ولا سيما الدول التي دعمت الثورة السورية على المستوى الإنساني والعسكري والسياسي كتركيا، التي من المتوقع أن تتمتع بنفوذ اقتصادي وعسكري خاص في عملية تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في سوريا.
وبالمقابل، شكل سقوط نظام الأسد ضربة قاسية للمصالح الإستراتيجية للدول التي ساندت النظام وقدمت له مختلف أنواع الدعم الذي أخَّر سقوطه كل هذه السنوات مثل روسيا وإيران، والتي كانت قواعدها العسكرية تنتشر في المناطق السورية، إلى جانب وجود عشرات المليشيات المسلحة التابعة لها.
ومع انحسار الدور الإيراني بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وانهيار حزب الله في لبنان، يبدو واضحا اليوم تصاعد المنافسة الإقليمية لملء الفراغ في الساحة السورية، مما يفتح الباب واسعا للسؤال بشأن من سيملأ هذا الفراغ عسكريا بين الدول الإقليمية، في الوقت الذي يشير فيه مراقبون إلى أن تركيا قد تكون أهم رابح جيوإستراتيجي مباشر في سوريا بعد الأسد.
قدمت تركيا الدعم لقوات المعارضة السورية قبل وأثناء معركة الإطاحة بالنظام المخلوع (رويترز) الدور العسكري التركيإلى جانب تقديم الدعم السياسي والعسكري لفصائل المعارضة السورية منذ بداية العمل العسكري ضد قوات النظام المخلوع، شنت القوات التركية بين عامي 2016-2020 أربع عمليات عسكرية في الأراضي السورية وهي: درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام، ودرع الربيع. وقد استطاعت من خلال تلك العمليات بالتعاون مع قوات المعارضة السيطرة على عدة مناطق في الشمال السوري، كانت خاضعة لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" ووحدات حماية الشعب (قسد) الكردية.
وإلى جانب القواعد العسكرية المنتشرة في أعزاز وعفرين وجرابلس في ريف حلب، ورأس العين وتل أبيض في الرقة، أقامت تركيا بدءا من عام 2017 عددا من نقاط المراقبة العسكرية (بلغ عددها 81 نقطة بحسب بعض الأرقام المتداولة) داخل محافظات إدلب وحماة وحلب في المناطق التي كانت تفصل بين قوات النظام والمعارضة، وذلك بالاتفاق مع الجانب الروسي والإيراني، بهدف تطبيق ما يعرف باتفاق خفض التصعيد.
هذا التدخل العسكري التركي المباشر في الحرب السورية أوجد -بحسب خبراء عسكريين- وضعًا جعل من الصعب على النظام وحلفائه في تلك الفترة تحقيق انتصار حاسم في الحرب والقضاء على ما تبقى من المعارضة في شمالي غربي البلاد.
إعلانوفي معركة "ردع العدوان" التي أدت لسقوط النظام السوري، شارك عدد من فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا في هذه العملية، إلى جانب تشكيل غرفة عمليات "فجر الحرية" التي نجحت بدعم تركي في السيطرة على مدينة تل رفعت وعدد من القرى التابعة لها، إضافة إلى مدينة منبج بعد انسحاب قوات "قسد" من تلك المناطق.
وفي مقابلة مباشرة عرضتها قناة "إن تي في" التركية، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكريا في سوريا خلال هجوم فصائل المعارضة السورية، الذي أفضى إلى إسقاط بشار الأسد. وقال فيدان إن "الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكريا في المعادلة".
توسيع الحضور العسكري
على الرغم من نفي مصدر مسؤول في وزارة الدفاع التركية ما أوردته وكالة رويترز قبيل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى أنقرة الثلاثاء الماضي من أن الجانبين سيناقشان تشكيل تحالف عسكري يشمل إنشاء قواعد جوية تركية وسط سوريا، وتدريب الجيش السوري، فإن الكثير من المصادر ما زالت تؤكد أن أنقرة ماضية في هذا السياق لاعتبارات جيوسياسية تتعلق بأمن تركيا ومصالحها الإستراتيجية.
وكالة بلومبيرغ للأنباء ذكرت الخميس الماضي، نقلاً عن مسؤولين أتراك، أن أنقرة تدرس بناء قواعد عسكرية في سوريا في إطار خطة تشمل أيضا توفير أسلحة وتدريب عسكري للجيش السوري.
وتواترت تقارير في الأيام القليلة الماضية، قبل زيارة الشرع إلى أنقرة، عن عزم تركيا إنشاء قاعدتين عسكريتين في سوريا ونشر 50 مقاتلة "إف-16" ضمن اتفاقية تعاون دفاعي، قد تبرم قريبا، تعمل بوصفها قوة جوية مؤقتة لسوريا إلى حين إعادة بناء أسطولها الجوي.
وتعليقا على هذا الموضوع، يرى الباحث المختص بالعلاقات العسكرية بمركز عمران للدراسات محسن المصطفى أن هذه التقارير ليست مجرد تكهنات، بل خطوات عملية قيد التنفيذ، مما يجعل مسألة التوسع العسكري التركي في سوريا مسألة وقت لا أكثر.
إعلانويتوقع المصطفى، في حديثه للجزيرة نت، أنه مع تنامي الحضور العسكري التركي من المرجح أن نشهد تمدد القواعد العسكرية التركية ووجود ضباط أتراك في بعض مراكز التدريب، إضافة إلى عمليات تسليح جديدة للجيش السوري الجديد بما يتناسب مع احتياجات القطاع الدفاعي.
ورغم الدوافع القوية لتركيا لتعزيز وجودها العسكري في سوريا، فإن نجاحها في ذلك يعتمد على مدى تقبل القوى الإقليمية والدولية لهذا الدور، إضافة إلى إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع روسيا والولايات المتحدة، كما قد تواجه أنقرة تحديات من داخل سوريا، بحسب الباحث المصطفى.
الشرع أكد خلال لقائه بأردوغان سعي سوريا لتحويل العلاقات مع تركيا إلى شراكة إستراتيجية (الفرنسية) من الدعم إلى الشراكةأكد الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع أن سوريا تسعى لتحويل العلاقات مع تركيا إلى شراكة إستراتيجية عميقة في كل المجالات، مشددا على أن الشعب السوري "لن ينسى وقفة تركيا معه".
وخلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع الرئيس أردوغان في أنقرة، قال الشرع "بدأنا العمل ضمن هذا الإطار على التعاون المشترك في كافة الملفات الإنسانية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية"، مضيفا "نعمل معا على بقية الملفات الإستراتيجية الكبرى، وعلى رأسها بناء إستراتيجية مشتركة لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة، وبما يضمن أمنًا واستقرارا مستدامين لسوريا وتركيا".
وكان الرئيس أردوغان قد وصف زيارة الشرع لتركيا بالتاريخية، وأضاف أنها بداية مرحلة صداقة وتعاون دائمين بين البلدين، مشيرا إلى أنه أبلغ الشرع باستعداد أنقرة لتقديم الدعم اللازم لسوريا في "مكافحة كل أشكال الإرهاب".
وعن العلاقات المستقبلية بين البلدين، يرى الباحث المختص بالشؤون التركية محمود علوش أن الوضع الجديد في سوريا يعيد تشكيل العلاقات مع تركيا بشكل مختلف عن العقود الماضية، لافتا إلى أن هذا التحول يفتح الباب أمام بناء شراكات إستراتيجية متعددة الأوجه. واعتبر علوش، في حديثه للجزيرة نت، أن استقرار سوريا يمثل مصلحة أمن قومي لتركيا التي تسعى جاهدة لتحقيق هذا الاستقرار وإنجاح عملية التحول السياسي.
إعلانلكن ما يدعم بناء هذه الشراكة هو دعم أنقرة لمختلف الفصائل المعارضة المسلحة سياسيا وعسكريا منذ سنوات من جهة، وتمكنها من بناء شبكة واسعة من العلاقات داخل الإدارة السورية الجديدة من جهة أخرى؛ لأن العديد من السوريين الذين عاشوا في تركيا لسنوات طويلة أصبحوا الآن يشغلون مناصب مؤثرة في البيروقراطية الناشئة وأجهزة الاستخبارات والمشهد السياسي في سوريا، بحسب الباحث والأكاديمي التركي حمد الله بايكار.
ويوضح بايكار أن "هذه الروابط العميقة سيكون لها دور في تسهيل قدرة تركيا على التعامل بفعالية مع الإدارة الجديدة في العديد من الملفات، وعلى رأسها إعادة الإعمار ورفع العقوبات ومكافحة التنظيمات الإرهابية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقود "قسد" وتنظيم الدولة".
هواجس إسرائيلية
هذه التحركات التركية تثير قلق إسرائيل التي عملت منذ اليوم الأول من سقوط النظام على التوسع في الأراضي السورية واحتلال قمة جبل الشيخ الإستراتيجية، إلى جانب قصف عشرات المواقع العسكرية التابعة للجيش السوري.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا سيغير خريطة علاقات القوة في الشرق الأوسط، مع عودة تركيا كقوة إقليمية قد تدخل في صراع مباشر مع إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء الإسرائيليين تعليقه على الدور التركي "بعد أن نجحوا في إخراج إيران وروسيا بسرعة، فإنهم يسعون لملء الفراغ الذي خلقه في سوريا".
إلى جانب ذلك، ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي أن لجنة حكومية إسرائيلية قدمت تقريرا إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحذر من نشوب "صراع" مع تركيا، وأضافت الصحيفة أن اللجنة حذرت "من خطر التحالف الجديد بين دمشق وأنقرة".
وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تبدي أي موقف رسمي من ازدياد النفوذ التركي في سوريا، فإنها في المقابل كانت لعبت على "وتر حساس" بالنسبة لأنقرة، مبدية دعمها للأكراد في شمالي وشرقي سوريا، وقالت أيضا إنها "تريد معرفة ما يريدون"، في إشارة إلى "قسد".
إعلانوعن احتمال نشوب صراع بين تركيا وإسرائيل في سوريا، يستبعد الباحث المختص بالشأن التركي طه عودة أوغلو حصول مواجهة بين الطرفين، بسبب وجود إدارة أميركية جديدة داعمة لإسرائيل ونتنياهو، وأكبر دليل على ذلك موضوع غزة.
لذا، يرى عودة أوغلو، في حديثه للجزيرة نت، أن تركيا لا تريد أن تفتح جبهة مع الإدارة الأميركية الجديدة، بل بالعكس هي تريد أن تفتح قنوات من التعاون والتنسيق وخاصة في الملف السوري خصوصا للتفاهم حول موضوع "قسد".
وبالمقابل، يشير الباحث محسن المصطفى إلى أن إسرائيل -ورغم ذلك- تبقى قلقة من أي تحرك عسكري تركي قد يؤدي إلى فرض حماية جوية للأجواء السورية، مما قد يحد من حرية عملياتها العسكرية سواء الجوية أو البرية.
وبالتالي، يضيف المصطفى، فإن توسع النفوذ التركي في سوريا قد يفرض على إسرائيل إعادة حساباتها بشأن إستراتيجيتها في المنطقة، خاصة في ظل احتمال حدوث تنسيق تركي روسي يفرض معادلات جديدة على الأرض.
يذكر أن قضية التوسع الإسرائيلي كانت ضمن الملفات التي ناقشها الشرع خلال لقائه بأردوغان في أنقرة، حيث عبّر عن ذلك بالقول خلال المؤتمر الصحفي "ناقشنا ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من المنطقة العازلة"، مشددا على "التزام سوريا باتفاقية فض الاشتباك الموقعة في العام 1974".
ملء الفراغ بطريقة مختلفةوبشأن الدور التركي القادم في سوريا، يوضح الباحث التركي عودة أوغلو أن أنقرة لن تكون بديلا لإيران التي استخدمت سوريا قاعدة لمشروعها التوسعي في المنطقة وجندت عشرات المليشيات من السوريين لهذا الغرض، إذ ستتعامل تركيا بمبدأ احترام المصالح المتبادلة بين الدول.
لذا، فإن الجهود التركية في سوريا تتم -بحسب عودة أوغلو- بالتنسيق مع الدول العربية كالسعودية وقطر ودول الجوار كالأردن والعراق، وهذا كان دليلا واضحا على أن تركيا لا تريد أن تغضب هذه الدول في موضوع تدخلها في سوريا.
إعلانولا يقتصر الهدف التركي من التدخل في سوريا على الجانب الأمني فقط، بل يمتد إلى تعزيز النفوذ الإقليمي لتركيا، مما يجعلها البديل الطبيعي لإيران في سوريا، لكن بأسلوب مختلف يعتمد على الحماية والبناء بدلًا من العنف والتدمير، مما يؤكد أن طهران خسرت دمشق بشكل نهائي، وفق الباحث محسن المصطفى.
وكان وزير الخارجية التركي فيدان قد أكد في أكثر من مناسبة أن بلده يعمل مع الحكومة السورية الجديدة لضمان وحدة البلاد وأمنها، وتوفير الدعم الاقتصادي والتجاري اللازم لإعادة الإعمار، مؤكدا استعداد تركيا لتقديم المساعدة لكل الأطراف في سوريا.