موقع 24:
2025-05-03@03:27:56 GMT

ثقافة التخييم المفقودة

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

ثقافة التخييم المفقودة

شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في ثقافة الرحلات والتخييم، إلى جانب الأنشطة الرياضية مثل الهايكينج وتسلق الجبال. هذه الهوايات لم تعد مجرد أنشطة ترفيهية، بل أصبحت وسيلة لاستكشاف جمال الطبيعة المحلية بما تحويه من كثبان رملية وجبال شامخة ووديان خلابة.

اللافت في الأمر أن هذه الظاهرة لم تقتصر على المواطنين فقط، بل جمعت بين المقيمين من مختلف الجنسيات، ما أضاف بعدًا ثقافيًا واجتماعيًا مميزًا لهذه التجارب، حيث بات من المألوف مشاهدة مشاهد التناغم والتفاهم بين أفراد المجتمع الإماراتي المتنوع خلال هذه الرحلات، الأمر الذي يعكس المستوى الحضاري الذي بلغته الدولة.

إلى جانب هذه الأنشطة، أسهم إنشاء أندية متخصصة في تعزيز ثقافة التخييم والرياضات الطبيعية، إذ أصبحت تقدم تدريبات وفعاليات منظمة تُثري التجربة وتضمن الاستمتاع بها بطريقة آمنة ومستدامة. هذه الأندية تمثل نقطة التقاء لهواة الطبيعة وتوفر لهم بيئة تساعد على التواصل وتبادل الخبرات، ما يجعل من الرحلات فرصة للاستجمام والتأمل في جمال الطبيعة.
لكن، وسط هذا المشهد الجميل، تظهر ممارسات سلبية من قِبل بعض الأفراد الذين يفتقرون إلى أدبيات وأخلاقيات التخييم والرحلات. بدلاً من استغلال هذه الرحلات للابتعاد عن الضوضاء والاستمتاع بالهدوء، تلجأ هذه الفئة إلى إحضار مكبرات الصوت وتشغيل الموسيقى الصاخبة لساعات متأخرة من الليل، دون أدنى مراعاة لوجود الآخرين في المكان. الغريب أن وقت نشاطهم هذا يبدأ عادة من حوالي الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً ويستمر حتى مطلع الفجر، وهو الوقت الذي يخلد فيه معظم الرحالة إلى النوم طلبًا للراحة، وكأنهم ذاهبون إلى حفلة صاخبة، متناسين أن الهدف من التخييم ليس الاحتفال بل الاستجمام والهدوء.
علاوة على ذلك، لا يلتزم هؤلاء الأفراد بمبدأ المسافة الاجتماعية الذي يُعتبر ضروريًا في رحلات التخييم. فمن المؤسف أن تجدهم ينصبون خيامهم على مسافات قريبة جدًا من الآخرين، أحيانًا لا تتجاوز مترين أو ثلاثة أمتار، مما يسبب شعورًا بعدم الراحة ويقلّل من خصوصية التجربة التي يسعى إليها الجميع.
لا شك أن الهدف الحقيقي من التخييم هو الانسجام مع الطبيعة والاستمتاع بجمالها، وهو ما يتطلب التزامًا بالأخلاقيات واحترامًا للآخرين. لكن يبدو أن البعض قد أساء فهم هذا المفهوم، فأصبحوا يرون في الرحلات فرصة لإحداث الفوضى والضوضاء، ما يجعلهم يفوتون جوهر هذه التجربة. الأغرب أن هؤلاء الأشخاص يغادرون المكان بعد أن أنهوا جلساتهم الصاخبة دون أي اكتراث للأثر الذي خلفوه على الآخرين.
من المهم جدًا أن يتم تعزيز التوعية بأخلاقيات التخييم، سواء عبر وسائل الإعلام أو من خلال القوانين التي تنظم السلوكيات في الأماكن الطبيعية. يمكن أن تشمل هذه الجهود وضع تعليمات واضحة تحدد مستوى الصوت المسموح به وفرض غرامات على المخالفين. كما أن الأندية المتخصصة يمكن أن تلعب دورًا في نشر ثقافة التخييم المسؤولة، من خلال تقديم ورش عمل تثقيفية تركز على كيفية احترام الطبيعة والمساحات المشتركة.
في النهاية، تبقى الطبيعة إرثًا مشتركًا ينبغي الحفاظ عليه واحترامه. الاستمتاع بها لا يتطلب فقط معرفة أفضل الأماكن للتخييم، بل أيضًا الالتزام بسلوكيات تعكس احترام الآخرين والمحافظة على البيئة. إن رحلات التخييم ليست مجرد مغامرة عابرة، بل هي فرصة لبناء ذكريات جميلة مشتركة، يمكن أن تتحقق فقط عندما يسود الاحترام والتفاهم بين الجميع. نأمل أن يدرك كل من يخرج إلى الطبيعة أن الرحلات هي وسيلة للهدوء والاستجمام، وليست منصة لإزعاج الآخرين أو العبث بجمال الطبيعة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات

إقرأ أيضاً:

«نحن والآخر» في جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية

الشارقة: «الخليج»
ضمن فعاليات حفل تكريم الفائزات بجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية في دورتها السابعة، التي نظمها المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، عقدت ندوة «نحن والآخر..أبعاد ثقافية وإنسانية»، شارك فيها د.سعيدة بنت خاطر الفاسي، د.صباح بنت عبد الكريم عيسوي، ود.نادية سعدون هناوي، وأدارت الحوار الكاتبة صالحة عبيد حسن.
وضمت الندوة عدة محاور منها: هل هناك ضرورة ملحّة لوجود أدب الرحلات في ظل انتشار الصورة؟، وكيف استطاع أدب الرحلات أن يرسم الصورة الجمعية للإنسان؟، وغيرها من المحاور المتنوعة التي ناقشتها الأديبات خلال الندوة.

مقالات مشابهة

  • عرض "علماء الطبيعة" لفرقة كفر الشيخ يناقش العلاقة المعقدة بين الإنسان والعلم بمهرجان نوادي المسرح
  • صراع على قطرة: اليمن بين جفاف الطبيعة واستنزاف السياسة
  • «نحن والآخر» في جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية
  • برج الأسد حظك اليوم السبت 3 مايو 2025.. احرص على التعاون مع الآخرين
  • حملة "دوووس"..لعبة الحياة التي تُعيد القيم المفقودة للشباب المصري من طلاب إعلام عين شمس
  • مكتب المطارات يعلن عودة الرحلات إلى إسبانيا بشكل طبيعي
  • ضبط مخالف لارتكابه مخالفة التخييم في محمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • اليمن بين جفاف الطبيعة واستنزاف السياسة
  • ألمانيا تطفئ محركاتها وتولّد الكهرباء من الطبيعة
  • محافظ الغربية يشدد على الإسراع في توقيع الأحوزة العمرانية على الطبيعة