سلطان بن محمد القاسمي

 

بينما نقف اليوم على أعتاب نهاية عام مضى بكل ما حمله من تحديات وصعوبات، تتكشف أمامنا صفحات الأيام التي طُويت، لتبرز منها لحظات الأمل والرجاء في مُستقبل أفضل. خلال هذا العام، كتبت مقالًا بعنوان "خريج بلا أمل منذ 2009"؛ حيث رويت فيه قصة شاب عُماني امتلأت حياته بالطموحات والآمال، لكنه واجه طريقًا شاقًا من البحث عن وظيفة دون جدوى.

كانت تلك القصة مرآة تعكس معاناة الكثير من الشباب الذين يجدون أنفسهم عند مفترق طرق بين الأمل والخذلان. واليوم، ونحن نستعد لاستقبال عام جديد، حريٌّ بنا أن نرفع راية التفاؤل ونجدد العزم، لأنَّ الأمل ما زال ممكنًا، والفرص لا تزال تنتظر من يصر على تحقيقها.

كان ذلك الشاب مثالًا لقصة تتكرر في مجتمعنا. فبعد سنوات من الدراسة والجهد، تخرج حاملًا شهادة أكاديمية تملؤه الثقة بقدراته، لكنه وجد نفسه يواجه واقعًا لا يشبه أحلامه. ورغم كل محاولاته في التقديم للوظائف وحضوره للعديد من المقابلات، كانت الأبواب تغلق أمامه باستمرار، وتلاشت الفرص أمام عينيه كما يتلاشى السراب في صحراء ممتدة. تلك النظرات الحائرة التي كان يراها في عيون أسرته لم تكن تزيده إلا إصرارًا، رغم ما خلفته من حزن دفين وشعور بالخذلان. ومع كل يوم كان يمضي دون تحقيق حلمه، كان يشعر أن الزمن يمضي بلا هوادة، وأن سنوات عمره تنزلق من بين أصابعه دون أن يحقق ذاته.

لكن مع كل هذا الإحباط، لم يكن ذلك الشاب مستسلمًا. لقد أيقن أن الأمل لا ينطفئ إلّا إذا سمح له هو بذلك. بدأ بتطوير نفسه، وتعلم مهارات جديدة، وحاول أن ينظر إلى الأشياء من زوايا مختلفة. لم يترك فرصة للتعلم أو للتطوير إلّا واغتنمها، مهما بدت صغيرة أو بعيدة عن مجاله. كان مؤمنًا بأن السعي الجاد لا بد أن يؤتي ثماره، حتى وإن تأخرت. وبينما كان يُحاول مرة تلو الأخرى، كانت هناك رغبة خفية تحثه على الصبر. كان يقول لنفسه إن كل خطوة وإن كانت تبدو بلا نتيجة، هي في الحقيقة تقرّبه من تحقيق حلمه.

ومع اقتراب عام جديد، لا يزال هذا الشاب ينظر إلى المستقبل بعينين يملؤهما التحدي. ورغم أنه لم يحصل على وظيفة حتى الآن، إلا أنه يرى في كل يوم فرصة جديدة للنجاح. لقد أصبحت رحلته الطويلة مدرسة لتعلم الصبر والإصرار، وبات مؤمنًا بأن النور سيشرق في نهاية النفق مهما طال الظلام. إن تلك السنوات التي قضاها في البحث عن عمل لم تكن ضياعًا، بل كانت جزءًا من تكوين شخصيته وصقل مهاراته وتوسيع مداركه. كل تجربة رفض واجهها، وكل باب أُغلق أمامه، كان في الحقيقة يدفعه ليبحث عن أبواب جديدة ومسارات أخرى لم يكن يتخيلها من قبل.

إن هذه القصة ليست مجرد حكاية فردية، بل هي صورة تعكس واقع الكثير من الشباب العُماني الذين يعانون في صمت. هؤلاء الذين لم يكسرهم الفشل، ولم يقهرهم اليأس، بل جعلوا من كل إخفاق سلاحًا يقوي عزيمتهم. ونحن على مشارف عام جديد، يجب أن نجعل من هذه القصص مصدر إلهام ودافعًا للعمل الجاد. فالأمل يجب أن يكون رفيقنا، ليس مجرد شعور عابر، بل خطة عمل واضحة تبدأ بتطوير الذات والإيمان بقدرتنا على تحقيق الأفضل.

كما يجب علينا أن ندرك أن تحقيق الأهداف مسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع. لذلك، من الضروري أن تسهم المؤسسات الحكومية والخاصة في فتح أبوابها لاستيعاب الكفاءات الوطنية، مع السعي الحثيث لتوفير فرص عمل تلبي طموحات الشباب. وبالتوازي مع ذلك، ينبغي على الجامعات تطوير مناهجها بما يتماشى مع تطورات سوق العمل، وإعداد برامج تعليمية تؤهل الخريجين لمتطلبات العصر الحالي. كذلك، يتطلب الأمر تعزيز التعاون المُستمر بين القطاعين العام والخاص لضمان رسم مسار واضح للخريجين، بما يضمن عدم بقائهم عالقين في دوامة البحث المستمر عن عمل دون جدوى.

إننا أمام فرصة جديدة، أمام عام يحمل بين طياته أملًا جديدًا. فلنجعل من هذا العام عامًا للإنجاز، عامًا تتحقق فيه أحلام الباحثين عن عمل، عامًا نرى فيه الشباب العُماني ينهض بأحلامه ليخدم وطنه ومجتمعه. إن كل خطوة نتخذها، مهما بدت صغيرة، تقربنا من تحقيق هذا الهدف. فالأمل ليس أمنية نتمنى حدوثها، بل هو إصرار وعمل دؤوب حتى يتحول الحلم إلى واقع.

لننسج معًا قصة جديدة، قصة خريج فتح له الأمل أبواب النجاح بعد طول انتظار. قصة شاب لم تهزمه الصعاب، ولم ينطفئ فيه وهج الطموح، شاب آمن بأن إصراره سيقوده يومًا إلى المكان الذي يستحقه. لقد كتبت هذا العام عن "خريج بلا أمل منذ 2009"، لكنني كلي ثقة بالله -سبحانه وتعالى- أنني في العام القادم سأكتب مقالًا بعنوان "خريج بأمل". سأروي فيه عن شاب كافح وتحدى، حتى نال فرصة تُنسيه سنوات التعب، وتعيده إلى أحضان أهله مستقرًا وناجحًا.

إنَّ هذه القصة ليست حلمًا بعيد المنال؛ بل هي وعدٌ يتحقق لمن يؤمن بأن التغيير ممكن، وبأن الأمل أقوى من اليأس. فلنجعل من العام القادم بداية جديدة، وعهدًا لا نُخلفه، نرسم فيه مستقبلًا يليق بشبابنا، وطموحاتهم التي لا تعرف المستحيل.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

العميد يصدم أحمد حجازي بشأن الانضمام لمنتخب مصر ويمنح الأمل لـ إمام عاشور

وقع الكابتن حسام حسن المدير الفني لمنتخب مصر ضحية رامز جلال في برنامج المقالب رامز إيلون مصر.

وكشف الفنان رامز جلال عن تصريحات الكابتن حسام حسن في برنامجه رامز ايلون ماسك وذلك خلال فيديو نشره عبر حسابه علي انستجرام .


وكتب رامز جلال :"العميد : نسبة انضمام أحمد حجازي للمنتخب 1% .. وإمام عاشور لما ترضى الجماهير عنه وعن سلوكياته هينضم بنسبة 90% .. واتمنى ادرب فريق النادي الاهلي.

قدم رامز جلال عبر برنامجه رامز ايلون مصر مدرب منتخب مصر كابتن حسام حسن قائلا: حلقة النهاردة غير مسبوقة في عالم البرامج التلفزيونية.

وأضاف خلال برنامج رامز أيلون ماسك: "معانا المدرب اللي مأثر فينا من واحنا صغيرين، هو الهداف التاريخي لمنتخب الساجدين، صاحب الجول اللي صاعدنا في مونديال 90، ودلوقتي شايل فوق رأسه حلم المصريين".

وتابع: "معانا ومعاكم، الهداف التاريخي لمنتخب الساجدين، عميد لاعبي العالم، المدرب اللي خايف منه ومن اخوه، اللي في عصبيته ميعرفش ابوه .. حسام حسن".

مواعيد برنامج رامز ايلون مصر 

يُعرض برنامج رامز جلال الجديد في رمضان 2025، بعد الإفطار مباشرة، في الساعة 6 مساءً بتوقيت مصر، و7 بتوقيت مكة المكرمة.

تدور فكرة "رامز إيلون مصر" حول استدراج ضحية المقلب إلى المشاركة في لجنة تحكيم برنامج اكتشاف المواهب "جولدن تالنت"، إلى جانب النجمة نوال الزغبي، ونجم نادي الاتحاد والمنتخب السعودي محمد نور، بالإضافة إلى رامز جلال، والمذيعة بسنت شمس، التي تلعب دور مقدمة برنامج المواهب.

نوال الزغبي تغازل حسام حسن: أنا مطلقةحسام حسن: أنا أهلاوي وأتمنى تدريب النادي يوما ماحسام حسن: أكبر مكسب للأهلي في آخر 15 سنة عودة تريزيجيهحسام حسن ينصح زيزو بالتوقيع للنادي الأهليحسام حسن لـ رامز: صفقة انتقال ترزيجية للأهلي الأقوي من 15 سنة

مقالات مشابهة

  • اكتشاف جديد يعطى الأمل في محاربة الصلع
  • المستشفى الميداني الإماراتي برفح يزرع الأمل لدى المرضى
  • وزير الشؤون الاجتماعية يطلع على أحوال نزلاء مركز الرأفة للمتشردين ودار الأمل لرعاية الفتيات
  • خبراء يحذرون من تداعيات التفاؤل التقني المفرط بتحلية المياه في المغرب
  • السديس في خطبة العيد: التهنئة تزيد المودة وأظهروا التفاؤل والفرح اتباعًا لهدي النبي ﷺ
  • عيد الفطر: فرحة تعم القلوب وتجدد الأمل
  • "حين يكتب الحب".. أحمد الفيشاوي يعود بتجربة سينمائية جديدة
  • العميد يصدم أحمد حجازي بشأن الانضمام لمنتخب مصر ويمنح الأمل لـ إمام عاشور
  • 267 ألف عدد المؤسسات النشطة في سلطنة عُمان .. من بينها 27 ألف جديدة خلال العام الماضي
  • تفاصيل جديدة يكشفها المدرب العام للزمالك بشأن التجديد لزيزو