جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-02@09:59:01 GMT

"الشرق الأوسط الجديد".. واقع مضطرب

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

'الشرق الأوسط الجديد'.. واقع مضطرب

 

عادل بن رمضان مستهيل

adel.ramadan@outlook.com

 

منذ سنوات، تتردد فكرة "الشرق الأوسط الجديد" كمشروع سياسي وجيوسياسي يستهدف إعادة تشكيل خارطة المنطقة بما يخدم مصالح القوى الكبرى ويضمن أمن إسرائيل كأولوية استراتيجية.

هذه الرؤية- التي ارتبطت بأسماء بارزة مثل المفكر الأمريكي برنارد لويس ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز- عادت لتطفو على السطح مع موجات الاضطرابات والفوضى التي شهدتها المنطقة في العقدين الأخيرين.

و-يشير المؤرخ الأمريكي برنارد لويس إلى أن إعادة رسم حدود الشرق الأوسط يمكن أن يتم من خلال تقسيم الدول القائمة إلى كيانات أصغر تقوم على أسس طائفية وعرقية. هذه الكيانات ستكون أضعف من أن تمثل تهديدًا حقيقيًا للقوى الكبرى أو لإسرائيل، وهو ما يضمن سهولة التحكم بها سياسيًا واقتصاديًا.

في السياق ذاته، قدم شمعون بيريز رؤيته الخاصة للمنطقة في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" عام 1993؛ حيث تحدث عن شراكة اقتصادية وسياسية بين دول المنطقة، لكن تحت مظلة الهيمنة الإسرائيلية. هذه الرؤية، وإن ظهرت بوجه دبلوماسي، فإنها تحمل في طياتها بعدًا استراتيجيًا يتمثل في ضمان بقاء إسرائيل القوة الإقليمية الأبرز.

وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، برز مصطلح "الفوضى الخلَّاقة" الذي تبنته كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية سابقًا، كأداة رئيسية لتحقيق هذا المشروع. الفكرة تقوم على إثارة الأزمات والصراعات في المنطقة، بهدف زعزعة استقرار الدول وإعادة تشكيلها وفق الرؤية المطلوبة. ومن الواضح أن موجات "الربيع العربي"، رغم تطلعات الشعوب للحرية والعدالة، تم استغلالها كأداة لإضعاف الدول وإشغالها بصراعات داخلية مدمرة.

وحين انطلقت شرارة "الربيع العربي" من تونس، كانت الآمال كبيرة في أن تشهد المنطقة تحولًا نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لكن سرعان ما تحول الحلم إلى كابوس في العديد من البلدان.

ليبيا: انهارت الدولة المركزية بعد سقوط نظام القذافي، ودخلت البلاد في دوامة صراعات مسلحة بين ميليشيات وقوى إقليمية ودولية.

سوريا: انتقلت الاحتجاجات السلمية إلى حرب شاملة، لتتحول البلاد إلى ساحة صراع دولي وإقليمي، أسفرت عن تهجير الملايين وقتل مئات الآلاف.

اليمن: دخلت البلاد في حرب أهلية مدمرة، زادت من تعقيداتها التدخلات الخارجية.

العراق ولبنان: تفاقمت الأزمات الطائفية فيهما، مع تصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، واشتداد الصراعات السياسية الداخلية.

ومن اللافت أن تنفيذ هذه الرؤية لا يتم دفعة واحدة، بل بشكل متدرج، وبما يخدم الأجندات المختلفة لكل طرف. القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، تستفيد من هذه التحولات لترسيخ نفوذها الاستراتيجي في المنطقة. القوى الإقليمية، مثل إيران وتركيا، تستغل الفوضى لتوسيع مناطق نفوذها الجيوسياسي. أما إسرائيل، فتبدو المستفيد الأكبر، إذ أن انهيار الدول الكبرى في المنطقة وظهور كيانات أصغر يجعل أمنها أكثر ضمانًا من ذي قبل.

ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط، من تفكك دول مثل سوريا واليمن وليبيا، وتصاعد النزاعات الطائفية في العراق ولبنان، يعكس ملامح هذا المشروع. ومع ذلك، لا يمكن إغفال دور القوى المحلية في تسهيل تنفيذ هذه المخططات، سواء بدافع المصالح الضيقة أو بسبب غياب رؤية استراتيجية موحدة للمنطقة.

وفي النهاية، يبدو أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة إعادة تشكل قد تستغرق سنوات طويلة. ورغم كل ذلك، يبقى الأمل معقودًا على وعي الشعوب وقدرتها على مواجهة هذه المخططات، والتأكيد على أن إرادة الشعوب قد تكون أقوى من كل المشاريع الخارجية.

ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أردوغان: لن نسمح بفرض الفيدرالية على سورية

أنقرة (زمان التركية) – صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن أنقرة لن تسمح بفرض أمر واقع في المنطقة يهدد استقرار سوريا.

وقال أردوغان في معرض رده على أسئلة الصحفيين على متن طائرته أثناء عودته من إيطاليا: “مسألة النظام الفيدرالي في سوريا ليست سوى حلم بعيد المنال، ولا مكان لها في واقع سوريا”.

وأضاف: “أنصح باتخاذ قرارات تخدم استقرار المنطقة، لا قرارات مبنية على أحلام بحكومة اتحادية في سوريا”.

وتابع: “لن نسمح بفرض أمر واقع في منطقتنا ولا بأي مبادرة تهدد أو تعرض الاستقرار الدائم في سوريا والمنطقة للخطر”.

وأشار أردوغان إلى أن “السلطات السورية أعلنت أنها لن تقبل بأي سلطة غير حكومة دمشق أو هيكل مسلح غير الجيش السوري في سوريا، وهم يواصلون عملهم في هذا الاتجاه، ولدينا نهج مماثل تجاه أمن الحدود”.

وأشار إلى أن تركيا تخدم السلام في المنطقة “ولن تسمح بفرض أي هيكل على الجانب الآخر من حدودها سوى سوريا موحدة”.

وشدد على أن “وحدة أراضي سوريا أمر لا غنى عنه بالنسبة لنا، ونعلم أن الحكومة السورية تتصرف أيضا بنفس المنطلق”.

وأضاف: “الخيار الأمثل هو أن تعمل جميع المكونات من أجل سوريا واحدة، وأن تحشد طاقاتها وقوتها لهذا الغرض”.

وأوضح أنه من المهم للغاية أن تتجمع الفصائل المسلحة تحت سقف وزارة الدفاع السورية، وتساهم في وحدة البلاد وسلامتها.

ولفت أردوغان إلى أن هناك اتصالا وثيقا بين المسؤولين السوريين والأتراك بشأن الهجمات الإسرائيلية على أراضي سوريا.

وأضاف أن “تركيا تؤمن باتخاذ العديد من الخطوات لبناء سوريا ونهضتها، فلدينا حدود بطول 910 كيلومترات مع سوريا، ولا يمكن الاستهانة بهذا الأمر”.

وتابع: “سنقف إلى جانب سوريا بكل الوسائل المتاحة في المرحلة المقبلة، بعض التطورات السلبية هناك تظهر ضرورة توخي الحذر الشديد”.

وأكد أردوغان أن إسرائيل تسعى لنشر الصراع والدماء والدموع في المنطقة.

وأردف: “موجة العنف والعدوان التي بدأت في المدن الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة، تتسع تدريجيا لتصل إلى لبنان وسوريا”.

وأشار أردوغان، إلى أن الغارات الإسرائيلية على سوريا محاولة لتقويض المناخ الإيجابي الذي بدأ مع الإدارة الجديدة في دمشق.

وختم قائلا: “ما تفعله إسرائيل استفزاز غير مقبول، وسنرد بطرق مختلفة على أي محاولة لجر جارتنا سوريا إلى مستنقع جديد من عدم الاستقرار”.

 

Tags: أردوغانإسرائيلالإدارة السورية الجديدةالعلاقات التركية السوريةتركياسورية

مقالات مشابهة

  • «النقد الدولي»: منطقة الشرق الأوسط ليست بمنأى عن التوترات التجارية
  • منطقة الشرق الأوسط ليست بمنأى عن التوترات التجارية (النقد الدولي)
  • أردوغان: لن نسمح بفرض الفيدرالية على سورية
  • صندوق النقد يخفض توقعاته لنمو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.6%
  • القوى السُنية العراقية الكبرى تخوض الانتخابات متسلحة بثقلها وقوائم صغيرة تنافسها صورياً
  • مع تراجع الأسعار.. توقعات قاتمة لاقتصادات النفط في الشرق الأوسط
  • صندوق النقد يخفض توقعاته تجاه أكبر مصدرين للنفط في الشرق الأوسط (تفاصيل)
  • “ديليفرو” تعلن عن تغييرات في الإدارة العليا
  • وزير خارجية أفغانستان للجزيرة: لن نكون ساحة للتنافس السلبي بين القوى الكبرى
  • قرقاش: الإمارات تدعم مسارات الاستقرار في المنطقة