جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-11@07:50:59 GMT

تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم

 

محمد بن حمد البادي **

mohd.albadi1@moe.om

 

في مقالي السابق بجريدة الرؤية، تحت عنوان "التحول الرقمي في قطاع التعليم"، أشرت إلى ضرورة التوجه الكلي ـ بأقصى ما يمكن من سرعة ـ نحو التحول الرقمي في هذا القطاع واستخدام التقنيات الحديثة لتحسين وتطوير المنظومة التعليمية وتوفير بيئة تعليمية مطورة ومبتكرة، من أجل مواكبة التطورات التقنية العالمية في هذا المجال، كما أشرت إلى أهمية وضع الاستراتيجيات والرؤى المناسبة لتطبيق هذه التجربة بشكل متكامل والاستفادة القصوى من كل ما هو متاح في المجال التقني، وتوظيف مواهب وقدرات الشباب العُماني في التعامل مع البرامج والتقنيات الحديثة التي هي بوابة الدخول لدائرة التحول الرقمي في قطاع التعليم.

ولكي تكون البداية قائمة على أسس صحيحة لا بُد أن نضع في اعتبارنا أن الطريق إلى التحول الرقمي الكلي لن يكون مفروشًا بالورد، ولا يجب أن نرفع سقف طموحاتنا في أن نبدأ هذا المشوار دون أن نواجه أي عائق، لا بد أن ننظر إلى المشهد من كل الزوايا، نهتم بمعرفة التفاصيل والجزئيات مهما كانت صغيرة، لنتدارك الاصطدام بالتحديات التي قد تواجهنا، وأن نضع الاستراتيجيات المناسبة لمعالجتها قبل أن تكون حجر عثرة في سبيل التطور والتقدم الذي يوصلنا لمصاف الدول المتقدمة؛ والتي سبقتنا بسنوات ضوئية في هذا المجال.

وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى بعض هذه التحديات:

أولًا:  تفاوت فرص الوصول إلى الموارد التعليمية، فالطلبة الذين لا تتوفر لديهم أجهزة رقمية قوية تكون فرص مشاركتهم في العملية التعليمية القائمة على التحول الرقمي ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا أبناء أسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود والمسرحين من العمل؛ حيث أن غالبية هذه الأسر ليس لديها إمكانيات مادية لتوفير أجهزة داعمة للتحول الرقمي، وليس مستغربًا حين نجد أن عدة أبناء في هذه الأسر ـ رغم اختلاف مراحلهم الدراسية ـ يتشاركون جهاز واحد فقط بغض النظر عن عددهم.

ثانيًا: ربما تكون شبكة الانترنت أحد أبرز التحديات في هذا المجال؛ فبعض القرى لا توجد بها خدمة انترنت، وإن وجدت الشبكة فإنها تكون ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا في القرى الجبلية أو القرى ذات الكثافة السكانية القليلة، أو القرى ذات التضاريس الوعرة، مما يؤثر ذلك على فرص مشاركة الطلبة في الدروس التي تعتمد على تطبيقات وبرامج تشترط وجود شبكة انترنت، هذا من جانب، ومن جانب آخر تسعيرة الانترنت لا بد أن تكون في متناول الجميع، فأحدهم يقول عندي أربعة أبناء وعند تطبيق التعليم عن بعد عبر الانترنت كمثال؛ فإن مقدار ما أتكلفه يوميًا يزيد عن عشرة ريالات، مع العلم أنه من ذوي الدخل المحدود، فماذا عساه أن يفعل إن كان هذا الأمر يوميًا، وكيف سيكون الأمر عند أسر الضمان الاجتماعي، كيف سيوفرون لأبنائهم بيئة تعليمية كأقرانهم المقتدرين؟

ثالثًا : يجب أن نضع في الاعتبار أن العوائد المجزية للتحول الرقمي لا يجب أن تكون على حساب الخصوصية، فجمع وتخزين كميات هائلة من بيانات الطلبة على سيرفرات المؤسسة التعليمية قد يثير بعض المخاوف بشأن التعدي على الخصوصية وأمن البيانات. لذلك يجب على المؤسسات التعليمية تنفيذ تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية المعلومات الحساسة.

رابعًا: يتطلب التنفيذ الناجح للتحول الرقمي من الهيئات التعليمية في المؤسسات التعليمية التكيف مع التقنيات الجديدة، وخصوصًا أن البعض يرفض خوض تجارب جديدة؛ أو تعلم أشياء جديدة، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو والتطور.

ومقاومة التغيير وعدم كفاية التدريب قد تؤدي إلى إعاقة التكامل السلس للأدوات الرقمية في الفصل الدراسي أو تأخيرها في أحسن الأحوال، لذلك لا بُد من مراعاة إعداد برامج التطوير المهني باستمرار، ومواكبة التطورات المتلاحقة في القطاع التقني لتمكين الهيئات التعليمية بالمهارات اللازمة للاستخدام الفعال للتكنولوجيا.

ونجاح التحول الرقمي في قطاع التعليم مرهون بالتغلب على جميع التحديات التي لا نستطيع اختزالها في مقال واحد، والتي من المؤكد أنها ستطفو على السطح لترى بعين الواقع حينما نتوغل في تطبيق هذه التجربة بشكل متكامل، كما يجب الحرص التام على أن الأهداف العامة للتعليم في هذه المرحلة لا تخرج عن دائرة التوافق مع رؤية "عُمان 2040"، لذلك على المؤسسات القائمة على التعليم بذل الجهود اللازمة للحفاظ على ذلك.

إنَّ التحول الرقمي في قطاع التعليم لا يجب أن يكون حبيس الغرف الدراسية؛ بل يجب أن يتعداها إلى الأروقة الإدارية؛ حيث صناعة القرار ووضع الرؤى والاستراتيجيات، لنُطَوِّع هذا التحول ليكون عاملًا مساعدًا في تبسيط العمليات الإدارية في المؤسسات التعليمية؛ إذ إنَّ أنظمة الإدارة المستندة إلى الحوسبة والتخزين السحابي والتصنيف الآلي وتحليلات البيانات لا بد أن تعمل على تحسين المهام الإدارية، مما يعد تمكينًا للهيئات التعليمية والمسؤولين من أجل التركيز على الجوانب التي تمثل أهمية استراتيجية أكبر في تحقيق الأهداف العامة للمنظومة التعليمية في سلطنة عُمان.

** أخصائي توجيه مهني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"غارديان": المعاناة في غزة لا ينبغي أن تكون حتمية

ترى صحيفة "غارديان" البريطانية في افتتاحيتها، أن المعاناة التي يشهدها قطاع غزة المحاصر والمستمرة منذ أكثر من عام، لا ينبغي التعامل معها على أنها كارثة حتمية.

وتقول الصحيفة إن العام الجديد بدأ بشكل كئيب في غزة، مثل نهاية عام 2023. ومع اقتراب شهر ديسمبر (كانون الأول) 2024 من نهايته، أعلنت الأمم المتحدة أن نظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار التام بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وفي غضون أيام من بداية العام الجديد، حذر مسؤول في الأونروا من أن النظام الاجتماعي سينهار إذا أنهت إسرائيل كل تعاونها مع وكالة الإغاثة للفلسطينيين "الأونروا" في وقت لاحق من هذا الشهر، كما هو مقرر.
أزمة مألوفة

وفيما بينهما، قتل عشرات الأشخاص في غارات إسرائيلية مكثفة، بما في ذلك في منطقة تم تصنيفها كمنطقة آمنة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 45 ألف شخص لقوا حتفهم هناك خلال 15 شهراً منذ هجمات حماس في جنوب إسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أن أزمة غزة أصبحت مألوفة ولا هوادة فيها الآن لدرجة أنها باتت تتصدر العناوين الرئيسية والاهتمام الدولي. ومع ذلك، فمن المؤسف للغاية أن ما يحدث من معاناة هناك يتكرر ويصبح حقيقة واقعية.
وعن معاناة الغزيين توضح الصحيفة أن ما لا يقل عن سبعة أطفال توفوا بسبب البرد في الأسابيع الأخيرة. وتم تهجير جميع السكان البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة تقريباً، وفي معظم الحالات بشكل متكرر. إنهم مرهقون ومصدومون، كما تقول الصحيفة، حيث تشير التقديرات إلى أن 91% يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقاً للأمم المتحدة.

WATCH ????????

UNRWA CHIEF: “We are running out of words to describe the situation in Gaza. Our colleagues describe “a post-apocalyptic environment and people are just living among garbage, sewage water, in the rubble, and they are struggling because they are confronted on a daily… pic.twitter.com/MowgnB8zlg

— Open Source Intel (@Osint613) December 16, 2024

كما أن هناك تقارير تفيد بأن إسرائيل تدرس الحد من المساعدات الإنسانية بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. على الرغم من أن تلك المساعدات هي بالفعل إلى حد كبير أقل من المستوى المطلوب.
فوفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، دخلت 2205 شاحنة مساعدات فقط إلى غزة في ديسمبر (كانون الأول)؛ وتقول إسرائيل إن العدد كان أكثر من 5000 شاحنة. وقبل الحرب، عندما كانت الاحتياجات أقل بكثير، كان يدخل حوالي 15000 شهرياً.

خنق المساعدات

وتقول منظمة "أوكسفام" إن 12 شاحنة إغاثة فقط تمكنت من توزيع المساعدات على المدنيين الذين يتضورون جوعاً في شمال غزة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى أواخر ديسمبر (كانون الأول). وعلى الرغم من ذلك، فقد خلصت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن إسرائيل لا تمنع المساعدات وتخطط لبيع أسلحة أخرى بقيمة 8 مليارات دولار.
وسط هذه المعاناة، وبالنظر إلى الكثير من فرص وقف إطلاق النار الضائعة، فإن قلة من الناس يثقون في الاقتراحات بأن الهدنة المنتظرة وإطلاق سراح الرهائن يمكن أن يكونا قاب قوسين أو أكثر، بحسب الصحيفة.

.@guardian view on Gaza’s suffering: a deepening disaster should not be treated as inevitable "Oxfam says only 12 aid trucks managed to distribute aid to starving civilians in northern #Gaza from October to late December" https://t.co/xUJqEQRUOJ

— Oxfam News Team (@oxfamgbpress) January 8, 2025

وفي أحسن الأحوال، توضح "غارديان" أن الصفقة ستكون جزئية، بمعنى أن المناقشات قد تركزت على 34 رهينة جاءت أسماءهم على "القائمة الإنسانية" للنساء والأطفال وكبار السن، لكن لا أحد يعرف عدد القتلى من الرهائن حتى اللحظة.
وكما تدرك عائلات الرهائن الآخرين جيداً، فإن إطلاق سراحهم سيخفف معظم الضغط السياسي الذي يشعر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لإجباره على عودتهم. لكنه في كل الأحوال بات على بعد أقل من أسبوعين من شعوره بالطمأنينة بعد إعلان إدارة ترامب الثانية.
وأكدت حركة حماس مجدداً أنها لن تفرج عن أي شخص ما لم تلتزم إسرائيل بإنهاء الحرب بشكل كامل.

أمل في 2025

لكن الصحيفة البريطانية ترى أنه حتى إذا أعلن وقف إطلاق النار، فإن احتمالات استمراره تبدو سيئة.
وترى رؤية نتانياهو للحرب التي لا نهاية لها أن إسرائيل مستعدة لاستئناف معركتها في جنوب لبنان مع حزب الله، أو تكثيف الضربات على الحوثيين في اليمن، أو ربما المغامرة لأبعد من ذلك، في الضربات على إيران أو الصراع مع تركيا.

‘Death is everywhere’: fears grow that Israel plans to seize land in Gaza https://t.co/x4aBIrFBqj

— Guardian Australia (@GuardianAus) November 2, 2024

ولم يضع نتانياهو خطة أو رؤية لـ"اليوم التالي" في غزة، حيث تم التنصل رسمياً من "خطة الجنرالات" التي طرحت في إسرائيل والتي تتضمن فرض الحصار على الشمال ومعاملة جميع الذين لا يغادرون أو لا يستطيعون المغادرة كمقاتلين، لكن العديد من الفلسطينيين وغيرهم من المراقبين يعتقدون أنه يتم تفعيل هذه الخطة على الأرض بالفعل.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أنه حتى السلام الفوري والدائم لن يوقف مقتل المدنيين في غزة. فالاحتياجات هائلة للغاية والقدرة على تلبيتها تنهار بشكل دراماتيكي. لكن الإفراج الكامل عن الرهائن، والوقف الدائم لإطلاق النار، والزيادة الهائلة في المساعدات، التي يتم تسليمها من خلال الآليات القائمة، لا تزال هي الحد الأدنى المطلوب لتوفر الأمل الوحيد لسكان القطاع لعام 2025 والسنوات القادمة.

مقالات مشابهة

  • أكاديميون: الإمارات نموذج رائد في دعم صناعة المحتوى الرقمي الهادف
  • عقوبة رادعة لبائعي كتب المناهج التعليمية بدون ترخيص
  • خوري: دور الإدارة المحلية ومكاتب تمكين المرأة مهم في تحقيق الاستقرار
  • «أخلاقه تعبر عن أسرارك» .. كيف تربي ابنك في ظل العولمة والفضاء الرقمي؟| فيديو
  • أهالي جنود الاحتلال لنتنياهو: لن نسمح أن تكون غزة مقبرة لأبنائنا
  • "غارديان": المعاناة في غزة لا ينبغي أن تكون حتمية
  • "التعليم الفلسطينية": استشهاد 12 ألف طالب في قطاع غزة
  • بعد الموافقة.. تكنولوجيا التعليم في مصر: رحلة نحو المستقبل الرقمي| تفاصيل
  • اتفاقية لدعم التحول الرقمي في قطاع النقل البحري
  • تآكل الدماغ مصطلح أكسفورد الذي يكشف تأثير العصر الرقمي في عقولنا