جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-11@20:36:48 GMT

تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم

 

محمد بن حمد البادي **

mohd.albadi1@moe.om

 

في مقالي السابق بجريدة الرؤية، تحت عنوان "التحول الرقمي في قطاع التعليم"، أشرت إلى ضرورة التوجه الكلي ـ بأقصى ما يمكن من سرعة ـ نحو التحول الرقمي في هذا القطاع واستخدام التقنيات الحديثة لتحسين وتطوير المنظومة التعليمية وتوفير بيئة تعليمية مطورة ومبتكرة، من أجل مواكبة التطورات التقنية العالمية في هذا المجال، كما أشرت إلى أهمية وضع الاستراتيجيات والرؤى المناسبة لتطبيق هذه التجربة بشكل متكامل والاستفادة القصوى من كل ما هو متاح في المجال التقني، وتوظيف مواهب وقدرات الشباب العُماني في التعامل مع البرامج والتقنيات الحديثة التي هي بوابة الدخول لدائرة التحول الرقمي في قطاع التعليم.

ولكي تكون البداية قائمة على أسس صحيحة لا بُد أن نضع في اعتبارنا أن الطريق إلى التحول الرقمي الكلي لن يكون مفروشًا بالورد، ولا يجب أن نرفع سقف طموحاتنا في أن نبدأ هذا المشوار دون أن نواجه أي عائق، لا بد أن ننظر إلى المشهد من كل الزوايا، نهتم بمعرفة التفاصيل والجزئيات مهما كانت صغيرة، لنتدارك الاصطدام بالتحديات التي قد تواجهنا، وأن نضع الاستراتيجيات المناسبة لمعالجتها قبل أن تكون حجر عثرة في سبيل التطور والتقدم الذي يوصلنا لمصاف الدول المتقدمة؛ والتي سبقتنا بسنوات ضوئية في هذا المجال.

وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى بعض هذه التحديات:

أولًا:  تفاوت فرص الوصول إلى الموارد التعليمية، فالطلبة الذين لا تتوفر لديهم أجهزة رقمية قوية تكون فرص مشاركتهم في العملية التعليمية القائمة على التحول الرقمي ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا أبناء أسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود والمسرحين من العمل؛ حيث أن غالبية هذه الأسر ليس لديها إمكانيات مادية لتوفير أجهزة داعمة للتحول الرقمي، وليس مستغربًا حين نجد أن عدة أبناء في هذه الأسر ـ رغم اختلاف مراحلهم الدراسية ـ يتشاركون جهاز واحد فقط بغض النظر عن عددهم.

ثانيًا: ربما تكون شبكة الانترنت أحد أبرز التحديات في هذا المجال؛ فبعض القرى لا توجد بها خدمة انترنت، وإن وجدت الشبكة فإنها تكون ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا في القرى الجبلية أو القرى ذات الكثافة السكانية القليلة، أو القرى ذات التضاريس الوعرة، مما يؤثر ذلك على فرص مشاركة الطلبة في الدروس التي تعتمد على تطبيقات وبرامج تشترط وجود شبكة انترنت، هذا من جانب، ومن جانب آخر تسعيرة الانترنت لا بد أن تكون في متناول الجميع، فأحدهم يقول عندي أربعة أبناء وعند تطبيق التعليم عن بعد عبر الانترنت كمثال؛ فإن مقدار ما أتكلفه يوميًا يزيد عن عشرة ريالات، مع العلم أنه من ذوي الدخل المحدود، فماذا عساه أن يفعل إن كان هذا الأمر يوميًا، وكيف سيكون الأمر عند أسر الضمان الاجتماعي، كيف سيوفرون لأبنائهم بيئة تعليمية كأقرانهم المقتدرين؟

ثالثًا : يجب أن نضع في الاعتبار أن العوائد المجزية للتحول الرقمي لا يجب أن تكون على حساب الخصوصية، فجمع وتخزين كميات هائلة من بيانات الطلبة على سيرفرات المؤسسة التعليمية قد يثير بعض المخاوف بشأن التعدي على الخصوصية وأمن البيانات. لذلك يجب على المؤسسات التعليمية تنفيذ تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية المعلومات الحساسة.

رابعًا: يتطلب التنفيذ الناجح للتحول الرقمي من الهيئات التعليمية في المؤسسات التعليمية التكيف مع التقنيات الجديدة، وخصوصًا أن البعض يرفض خوض تجارب جديدة؛ أو تعلم أشياء جديدة، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو والتطور.

ومقاومة التغيير وعدم كفاية التدريب قد تؤدي إلى إعاقة التكامل السلس للأدوات الرقمية في الفصل الدراسي أو تأخيرها في أحسن الأحوال، لذلك لا بُد من مراعاة إعداد برامج التطوير المهني باستمرار، ومواكبة التطورات المتلاحقة في القطاع التقني لتمكين الهيئات التعليمية بالمهارات اللازمة للاستخدام الفعال للتكنولوجيا.

ونجاح التحول الرقمي في قطاع التعليم مرهون بالتغلب على جميع التحديات التي لا نستطيع اختزالها في مقال واحد، والتي من المؤكد أنها ستطفو على السطح لترى بعين الواقع حينما نتوغل في تطبيق هذه التجربة بشكل متكامل، كما يجب الحرص التام على أن الأهداف العامة للتعليم في هذه المرحلة لا تخرج عن دائرة التوافق مع رؤية "عُمان 2040"، لذلك على المؤسسات القائمة على التعليم بذل الجهود اللازمة للحفاظ على ذلك.

إنَّ التحول الرقمي في قطاع التعليم لا يجب أن يكون حبيس الغرف الدراسية؛ بل يجب أن يتعداها إلى الأروقة الإدارية؛ حيث صناعة القرار ووضع الرؤى والاستراتيجيات، لنُطَوِّع هذا التحول ليكون عاملًا مساعدًا في تبسيط العمليات الإدارية في المؤسسات التعليمية؛ إذ إنَّ أنظمة الإدارة المستندة إلى الحوسبة والتخزين السحابي والتصنيف الآلي وتحليلات البيانات لا بد أن تعمل على تحسين المهام الإدارية، مما يعد تمكينًا للهيئات التعليمية والمسؤولين من أجل التركيز على الجوانب التي تمثل أهمية استراتيجية أكبر في تحقيق الأهداف العامة للمنظومة التعليمية في سلطنة عُمان.

** أخصائي توجيه مهني

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بشأن الموقف الحالي من التحول الرقمي

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك بشأن الموقف الحالي من التحول الرقمي. 

وقالت "عبد الناصر" في مستهل طلب الإحاطة، أنه مما لا يخفى على أحد أن التحول الرقمي الشامل أصبح خلال السنوات الماضية قضية محورية في تطوير الأداء الحكومي والخدمي، وتحقيق طفرة في تقديم الخدمات، وتقليل التكدس والبيروقراطية الإدارية والتنفيذية التي تعرقل حياة المواطنين.

وتابعت: غير أن الواقع الحالي يشير يوم تلو الآخر إلى وجود فجوة واضحة بين التصريحات الحكومية التي تؤكد على تطور عملية الرقمنة، وبين معاناة المواطنين المستمرة عند التعامل مع الجهات الحكومية التي يُفترض أنها رقمية، لكنها ما زالت تتبع الأساليب التقليدية المعقدة.

كما أشارت عضو مجلس النواب، إلى أنه على سبيل المثال البسيط، نرى جميعاً المعاناة التي يعيشها أولياء الأمور عند نقل أبنائهم بين المدارس أو التقديم لهم في مدارس جديدة، حيث يُطلب منهم التنقل بين الإدارات التعليمية وجلب المستندات بشكل ورقي، وإجراء معاملات تستغرق أسابيع وربما شهورًا، رغم الوعود المتكررة بأن هذه الإجراءات ستتم رقميًا، بل وأنها من المفترض أن تكون قد تم رقمنتها منذ فترة.

كما أشارت "عبد الناصر" إلى مثال آخر على تلك الإشكالية في قطاع المرور، حيث أنه على الرغم من تعميم الملصق الالكتروني مؤخرًا على جميع المركبات، والذي يقوم بربط كافة بيانات المركبة بمركز المعلومات التابع للمرور و غرف العمليات على مستوى الجمهورية، وذلك للحد من عمليات سرقة المركبات وسهولة تحديد المخالفات المرورية على المركبة وغيرها من الأمور الاخرى إلا أن ذلك الملصق لا يتضمن إمكانية مرور المركبات من بوابات المحافظات أو نقاط الكارته على الطرق بشكل تلقائي، والاستمرار في تحصيل تلك الرسوم بشكل تقليدي، ما يؤدي إلى زيادة معدلات التكدس والازدحام بتلك النقاط دون داعي، وهو ما يهدر الكثير من المجهود والوقت.

كما أكدت عضو البرلمان المصري، على أن هناك عدد كبير من المصالح والهيئات الحكومية عند قيام المتعامل بسداد رسوم الخدمة، أنه يُطلب منه سداد جزء من تلك الرسوم عن طريق الدفع الإلكتروني أو بطاقة الإئتمان والجزء الآخر يُسدد بشكل نقدي، وهو أمر غير مفهوم وغير مبرر ولا يتسبب إلا في  إبطاء عملية الدفع وإنجاز المعاملة أو الخدمة.

وأردفت "عبد الناصر" أن تلك الأوضاع بلا شك تمثل نموذجًا لما يواجهه المواطن في قطاعات مختلفة بالدولة، حيث نجد أن الرقمنة التي يتم الحديث عنها لم تصل إلى مرحلة التطبيق الفعلي بالكفاءة المطلوبة ولو حتى بشكل جزئي.

كما أكدت الدكتورة مها، على أنه بالرغم من المشروع الرقمي الضخم الذي أطلقته الحكومة وهو منصة مصر الرقمية والتي كان يُعوَّل عليها كثيرًا في تسهيل الإجراءات الحكومية عن بُعد، إلا أن هذه المنصة تعاني من أعطال متكررة، وضعف في الأداء، وغياب للتحديثات المستمرة التي تُضيف خدمات جديدة للمواطنين، فضلا عن أن معظم المتعاملين عليها في كثير من الأحيان يجدون أنفسهم مضطرين للذهاب إلى الجهات الحكومية لإتمام الإجراءات وإنجاز الخدمة، مما يفقد المنصة قيمتها كأداة رقمية تسهل الحياة اليومية

كما أكدت أيضًا على أن هناك نقصًا شديدًا في الوعي والتدريب على استخدام هذه المنصات، حيث لم تقدم الحكومة حملات توعية كافية للمواطنين، ولا يوجد دعم فني فعال يساعد على حل المشكلات التي يواجهونها أثناء التعامل مع المنصات الرقمية، وهو ما يجعل التحول الرقمي مجرد فكرة نظريًا، لكنها على أرض الواقع ما زالت تواجه عراقيل لا حصر لها.

وإذا نظرنا إلى دول أخرى مجاورة بدأت في تنفيذ خطط التحول الرقمي بعد مصر، سنجد أنها استطاعت تحقيق تقدم ملحوظ، حيث تمكنت من رقمنة معظم الخدمات الحكومية، وجعلت المواطن يحصل على الخدمة بسرعة وسهولة ملحوظة من خلال تطبيقات الهواتف الذكية والإنترنت دون الحاجة إلى الانتظار الطويل أو التعامل مع الجهات الحكومية بشكل مباشر أو اللجوء إلى المعاملات الورقية المعقدة.

وقالت: ذلك الأمر يثير تساؤلات مشروعة حول الأسباب التي تعيق مصر عن تحقيق نفس المستوى من النجاح الرقمي، رغم أن الحكومة تؤكد في تصريحاتها أنها تسير بخطى ثابتة في سبيل تحقيق الرقمنة الشاملة.

كما أكدت "عبد الناصر" على أن التحول الرقمي ليس مجرد إطلاق منصات إلكترونية أو توفير بعض الخدمات عبر الإنترنت، بل هو عملية متكاملة تتطلب تطويرًا للبنية التحتية، وتدريبًا للكوادر وتحديثًا مستمرًا للخدمات، وربطًا بين الجهات المختلفة لضمان سهولة وصول المواطن إلى الخدمة التي يحتاجها دون أي تعقيدات، ومع ذلك، يبدو أن هذه الجوانب الأساسية لم تنل الاهتمام الكافي من الحكومة حتى الآن.

كما أشارت عضو مجلس النواب، إلى أن  بعض القطاعات قد شهدت تطورًا في التحول الرقمي، مثل بعض خدمات الدفع الإلكتروني، وخدمات المرور، وبعض المعاملات القضائية، لكن هذا التقدم يظل جزئيًا وغير كافٍ لتحقيق نقلة حقيقية في الأداء الحكومي، حيث أن التحول الرقمي الناجح هو الذي يجعل المواطن العادي يشعر بفرق حقيقي في حياته اليومية، وليس مجرد أرقام وإحصائيات تُعلن في المؤتمرات الصحفية.

وأكدت "عبد الناصر" على ان من الأمور التي تثير القلق أيضًا حول ذلك الأمر، هو غياب الجدول الزمني الواضح للانتهاء من عملية الرقمنة الشاملة في مصر، فحتى الآن، لا يعلم المواطن متى ستنتهي هذه المرحلة الانتقالية، ومتى ستتحول مصر إلى دولة رقمية حقيقية، وما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لحل المعوقات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف، فالحكومة مطالبة بتقديم خطة واضحة ومحددة، تشرح فيها متى ستنتهي هذه المرحلة، وما هي الأولويات في عملية التحول الرقمي، وكيف سيتم التعامل مع المشكلات التي تعوق التنفيذ.

كما شددت عضو البرلمان المصري، على أن نجاح التحول الرقمي يتطلب متابعة حقيقية من الجهات المعنية، وإرادة سياسية جادة لتنفيذه على أرض الواقع، وليس فقط في التصريحات الإعلامية، فلا يمكن أن يستمر الوضع الحالي الذي يضع المواطن في معاناة مستمرة أثناء التعامل مع الخدمات الحكومية التي يُفترض أنها رقمية، لكنها في الحقيقة لم تخرج من عباءة البيروقراطية والتعقيدات الإدارية المعتادة.

كما أكدت "عبد الناصر" أيضًا على أن التحول الرقمي ليس رفاهية أو مجرد شيء كمالي، بل هو ضرورة حتمية لمواكبة التطور العالمي وتحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠، وإذا لم يتم التعامل معه بجدية وشفافية، فسنظل نراوح مكاننا بينما تتقدم الدول الأخرى، ويظل المواطن يعاني من الإجراءات العقيمة التي تعطل مصالحه اليومية، حيث أننا نرى أنه في حال أردنا تحقيق عملية رقمنة شاملة يجب أن يتم إعادة هيكلة وتنظيم تلك العملية من البداية للنهاية بشكل كامل وحقيقي من أجل أن تتم المعاملة أو الخدمة من بدايتها لنهايتها بجميع إجراءاتها وخطواتها بشكل رقمي كامل.

وتختتمت "عبد الناصر" طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة بضرورة توضيح الخطوات الفعلية التي تم تنفيذها حتى الآن لتحقيق التحول الرقمي ومتى سيتم الإنتهاء من عملية الرقمنة بشكل شامل في جميع القطاعات الحكومية، وما هي الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتحسين وتحديث أداء وخدمات منصة مصر الرقمية ومعالجة الأعطال المتكررة التي تواجهها، فضلا عن توضيح آليات التوعية التي ستعتمدها الحكومة لتثقيف المواطنين حول كيفية استخدام الخدمات  الرقمية بجانب توضيح أليات معالجة المعوقات القانونية والإدارية التي تؤثر على كفاءة التحول  الرقمي، كما طالبت أيضًا بتشكيل لجان رقابية فنية لضمان تنفيذ التحول الرقمي وفقًا للمعايير العالمية.

مقالات مشابهة

  • “stc” و”AWS” تعلنان عن شراكة استراتيجية لتسريع التحول الرقمي
  • محافظة مسقط تعزز برنامج التحول الرقمي
  • اورنچ تطلق هاكاثون الذكاء الاصطناعي 2025 لدعم الشباب وتعزيز التحول الرقمي
  • رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش مشروعات التحول الرقمي
  • طلب إحاطة بشأن تعثر التحول الرقمي في مصر
  • طلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بشأن الموقف الحالي من التحول الرقمي
  • اتصالات النواب: بعض المواقع التعليمية والحكومية طالبنا بأن تكون مجانية
  • التحول الرقمي وتوطين الصناعة و الاقتصاد الاخضر أهم أولوياتنا
  • وزير الصحة يبحث مع «e-health» سبل التعاون في مجال التحول الرقمي
  • وزير الصحة يستقبل ممثل شركة «e-health» لبحث سبل التعاون في التحول الرقمي