تحديات التحول الرقمي في قطاع التعليم
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
محمد بن حمد البادي **
mohd.albadi1@moe.om
في مقالي السابق بجريدة الرؤية، تحت عنوان "التحول الرقمي في قطاع التعليم"، أشرت إلى ضرورة التوجه الكلي ـ بأقصى ما يمكن من سرعة ـ نحو التحول الرقمي في هذا القطاع واستخدام التقنيات الحديثة لتحسين وتطوير المنظومة التعليمية وتوفير بيئة تعليمية مطورة ومبتكرة، من أجل مواكبة التطورات التقنية العالمية في هذا المجال، كما أشرت إلى أهمية وضع الاستراتيجيات والرؤى المناسبة لتطبيق هذه التجربة بشكل متكامل والاستفادة القصوى من كل ما هو متاح في المجال التقني، وتوظيف مواهب وقدرات الشباب العُماني في التعامل مع البرامج والتقنيات الحديثة التي هي بوابة الدخول لدائرة التحول الرقمي في قطاع التعليم.
ولكي تكون البداية قائمة على أسس صحيحة لا بُد أن نضع في اعتبارنا أن الطريق إلى التحول الرقمي الكلي لن يكون مفروشًا بالورد، ولا يجب أن نرفع سقف طموحاتنا في أن نبدأ هذا المشوار دون أن نواجه أي عائق، لا بد أن ننظر إلى المشهد من كل الزوايا، نهتم بمعرفة التفاصيل والجزئيات مهما كانت صغيرة، لنتدارك الاصطدام بالتحديات التي قد تواجهنا، وأن نضع الاستراتيجيات المناسبة لمعالجتها قبل أن تكون حجر عثرة في سبيل التطور والتقدم الذي يوصلنا لمصاف الدول المتقدمة؛ والتي سبقتنا بسنوات ضوئية في هذا المجال.
وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى بعض هذه التحديات:
أولًا: تفاوت فرص الوصول إلى الموارد التعليمية، فالطلبة الذين لا تتوفر لديهم أجهزة رقمية قوية تكون فرص مشاركتهم في العملية التعليمية القائمة على التحول الرقمي ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا أبناء أسر الضمان الاجتماعي والدخل المحدود والمسرحين من العمل؛ حيث أن غالبية هذه الأسر ليس لديها إمكانيات مادية لتوفير أجهزة داعمة للتحول الرقمي، وليس مستغربًا حين نجد أن عدة أبناء في هذه الأسر ـ رغم اختلاف مراحلهم الدراسية ـ يتشاركون جهاز واحد فقط بغض النظر عن عددهم.
ثانيًا: ربما تكون شبكة الانترنت أحد أبرز التحديات في هذا المجال؛ فبعض القرى لا توجد بها خدمة انترنت، وإن وجدت الشبكة فإنها تكون ضعيفة أو شبه معدومة، وخصوصًا في القرى الجبلية أو القرى ذات الكثافة السكانية القليلة، أو القرى ذات التضاريس الوعرة، مما يؤثر ذلك على فرص مشاركة الطلبة في الدروس التي تعتمد على تطبيقات وبرامج تشترط وجود شبكة انترنت، هذا من جانب، ومن جانب آخر تسعيرة الانترنت لا بد أن تكون في متناول الجميع، فأحدهم يقول عندي أربعة أبناء وعند تطبيق التعليم عن بعد عبر الانترنت كمثال؛ فإن مقدار ما أتكلفه يوميًا يزيد عن عشرة ريالات، مع العلم أنه من ذوي الدخل المحدود، فماذا عساه أن يفعل إن كان هذا الأمر يوميًا، وكيف سيكون الأمر عند أسر الضمان الاجتماعي، كيف سيوفرون لأبنائهم بيئة تعليمية كأقرانهم المقتدرين؟
ثالثًا : يجب أن نضع في الاعتبار أن العوائد المجزية للتحول الرقمي لا يجب أن تكون على حساب الخصوصية، فجمع وتخزين كميات هائلة من بيانات الطلبة على سيرفرات المؤسسة التعليمية قد يثير بعض المخاوف بشأن التعدي على الخصوصية وأمن البيانات. لذلك يجب على المؤسسات التعليمية تنفيذ تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية المعلومات الحساسة.
رابعًا: يتطلب التنفيذ الناجح للتحول الرقمي من الهيئات التعليمية في المؤسسات التعليمية التكيف مع التقنيات الجديدة، وخصوصًا أن البعض يرفض خوض تجارب جديدة؛ أو تعلم أشياء جديدة، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو والتطور.
ومقاومة التغيير وعدم كفاية التدريب قد تؤدي إلى إعاقة التكامل السلس للأدوات الرقمية في الفصل الدراسي أو تأخيرها في أحسن الأحوال، لذلك لا بُد من مراعاة إعداد برامج التطوير المهني باستمرار، ومواكبة التطورات المتلاحقة في القطاع التقني لتمكين الهيئات التعليمية بالمهارات اللازمة للاستخدام الفعال للتكنولوجيا.
ونجاح التحول الرقمي في قطاع التعليم مرهون بالتغلب على جميع التحديات التي لا نستطيع اختزالها في مقال واحد، والتي من المؤكد أنها ستطفو على السطح لترى بعين الواقع حينما نتوغل في تطبيق هذه التجربة بشكل متكامل، كما يجب الحرص التام على أن الأهداف العامة للتعليم في هذه المرحلة لا تخرج عن دائرة التوافق مع رؤية "عُمان 2040"، لذلك على المؤسسات القائمة على التعليم بذل الجهود اللازمة للحفاظ على ذلك.
إنَّ التحول الرقمي في قطاع التعليم لا يجب أن يكون حبيس الغرف الدراسية؛ بل يجب أن يتعداها إلى الأروقة الإدارية؛ حيث صناعة القرار ووضع الرؤى والاستراتيجيات، لنُطَوِّع هذا التحول ليكون عاملًا مساعدًا في تبسيط العمليات الإدارية في المؤسسات التعليمية؛ إذ إنَّ أنظمة الإدارة المستندة إلى الحوسبة والتخزين السحابي والتصنيف الآلي وتحليلات البيانات لا بد أن تعمل على تحسين المهام الإدارية، مما يعد تمكينًا للهيئات التعليمية والمسؤولين من أجل التركيز على الجوانب التي تمثل أهمية استراتيجية أكبر في تحقيق الأهداف العامة للمنظومة التعليمية في سلطنة عُمان.
** أخصائي توجيه مهني
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بحضور وزير العدل.. رئيس قضايا الدولة يفتتح مركز التدريب الرقمي والتطوير التقني
افتتح رئيس هيئة قضايا الدولة، المستشار عبد الرزاق شعيب، اليوم الأربعاء، مركز التدريب الرقمي والتطوير التقني بهيئة قضايا الدولة.
جرى حفل الافتتاح بمقر الهيئة في حدائق أكتوبر، بحضور معالي المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، والمستشار أحمد عبود، رئيس مجلس الدولة، وعددٍ من مساعدي وزير العدل، والمستشار محمد أبوضيف باشا، الأمين العام لهيئة النيابة الإدارية، والنائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، بالإضافة إلى عدد من قيادات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمجلس الأعلى للجامعات، ووفد من مفتي الديار المصرية.
كان في استقبال الحضور أعضاء المجلس الأعلى لهيئة قضايا الدولة، والمستشار رئيس التفتيش الفني، والمستشار رئيس المكتب الفني، والمستشار الأمين العام، والأمناء العموم المساعدون، ولفيف من السادة مستشاري وقيادات هيئة قضايا الدولة.
ومن جانبه، أكد المستشار عبد الرزاق شعيب، رئيس هيئة قضايا الدولة، أن مسيرة التحول الرقمي باتت ركيزة أساسية في استراتيجية الهيئة لتحقيق العدالة الناجزة، مشيرًا إلى أن التعاون الوثيق مع وزارة الاتصالات قد أثمر عن قطع شوط كبير في هذا الصدد.
وفي إطار سعيها لمواكبة رؤية القيادة الحكيمة، أنشأت الهيئة إدارة متخصصة بالتحول الرقمي تتبع الأمانة العامة، تعمل على وضع وتنفيذ استراتيجية شاملة تغطي كافة جوانب العمل القضائي.
وفي كلمته، أكد المستشار أحمد ثابت نائب رئيس الهيئة الأمين العام، أننا اليوم نحتفل بافتتاح مركز التدريب الرقمي والتطوير التقني، الذي يُعد خطوة غير مسبوقة بين الجهات والهيئات القضائية. هذا المركز المعتمد من المجلس الأعلى للجامعات يمنح شهادة معتمدة في أساسيات التحول الرقمي، ويأتي كأحد إنجازات الأمانة العامة بهيئة قضايا الدولة، التي تعمل على قدم وساق في تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي للهيئة. فإننا نؤكد أنه بداية مسار تطوري لا يعرف حدودًا ولا سقفًا، وهذا هو ما ننشده في ظل رؤية الدولة المصرية لعام 2030
وخلال الحفل، تفقد الحضور مركز التدريب الرقمي والتطوير التقني، وتم عرض فيلم تسجيلي عن إنجازات الأمانة العامة يخص كافة إنجازات الأمانة العامة بشان التحول الرقمي للهيئة.
تجدر الإشارة إلى أنه في 13 أكتوبر 2024، وقع المستشار أحمد ثابت، الأمين العام، بروتوكول تعاون تقني مع المجلس الأعلى للجامعات، بشأن اعتماد مركز التدريب الرقمي والتطوير التقني كمركز تدريب معتمد لدى المجلس الأعلى للجامعات. وبموجب هذا البروتوكول، يُمنح المركز صلاحية تقديم شهادات معتمدة في أساسيات التحول الرقمي (FDTC) لأعضاء هيئة قضايا الدولة، والجهات والهيئات القضائية الأخرى، والمجتمع المدني.
فضلاً عن عقد دورات تدريب المدربين من جانب المجلس الأعلى للجامعات (TOT)، وبمقتضاها يتولى المجلس الأعلى للجامعات تدريب المُرشحين من الهيئة وتأهيلهم ليكونوا مدربين معتمدين لتدريب بقية السادة مستشاري الهيئة وموظفيها الإداريين وغيرهم من منتسبي الجهات والهيئات الأخرى.