بقلم/ عبدالباري عطوان
ساركوزي مُهندس دمار ليبيا وسورية واليمن واغتِيال القذافي يُريد تحسين صُورته بانتِقاد أمريكا في حرب أوكرانيا.. فهل ينجح؟ ولماذا يخرج إلى السّطح الآن وفي تزامنٍ مع احتِمالات الحرب في النيجر ومجزرة طرابلس الليبيّة؟

يعود نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق المحكوم عليه بالسّجن ثلاث سنوات بتُهم الفساد والرّشوة، يتصدّر العناوين الرئيسيّة في أجهزة الإعلام المرئي والمكتوب والرّقمي، بسبب إدلائه بتصريحاتٍ إلى صحيفة “لوفيغارو” الفرنسيّة بمُناسبة صُدور كتابه الجديد “زمن المعارك” أكّد فيها شرعيّة القرار الروسي باستِعادة شِبه جزيرة القِرم، ويتّهم أمريكا بإطالة الحرب الأوكرانيّة، ويُعارض انضِمام أوكرانيا لحِلف “الناتو”، ومُطالبته الرئيس إيمانويل ماكرون بعدم إقامة “صداقة مُصطَنعة” مع الجزائر.



اللّافت أن هذا الظّهور الإعلامي المُكثّف لرئيس فرنسا الأسبق، يتزامن مع اندلاعِ اشتباكاتٍ دمويّةٍ في العاصمة الليبيّة طرابلس بين الميليشيات المُتصارعة التي يتباهى بتحريرها، وإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، أدّت إلى مقتل 55 مُواطنًا بريئًا واصابة 146 جريحًا، بعد أكثر من 12 عامًا من إسقاط النّظام، وتطبيق الوعود الكاذبة بنشر الديمقراطيّة، ونقل ليبيا إلى عصر الرّخاء والأمن والاستِقرار والخدمات العامّة النموذجيّة، وحُقوق الإنسان، والحِفاظ على المالِ العام، ومن المُؤلِم أن ما حدث هو العكس تمامًا، الأمر الذي حذّرنا منه مُنذ اليوم الأوّل.

ساركوزي الذي يتحرّك هذه الأيّام وبعد إدانته بالسّجن، وفي ساقه إسوارة إلكترونيّة تُحَدّد لدى الشّرطة مكانه، كان مُهندس خراب ليبيا وسورية واليمن لأنّه يميني عُنصري فاشِي لا يكنّ أيّ احترامٍ وتقديرٍ للعرب والمُسلمين، ويسعى لبَذْر بُذور الفِتنة بينهم، وارتكب جرائم دمويّة ضدّ المُهاجرين في أحياء حِزام الفقر المُحيط بالعاصمة الفرنسيّة، وهو الذي وقف بقُوّةٍ خلف تدخّل طائرات حلف “النّاتو”، وقصفها المُدن الليبيّة وإسقاط النّظام، وقتل رئيسه بطريقةٍ بشعةٍ ومُخجلةٍ، انتصارًا لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، وإخفاء فساده حيث أكّد مُستشاره وصديقه الصهيوني برنارد هنري ليفي هذه الحقيقة في كِتابه الذي أصدره حول دوره في تحقيق هذه الأهداف انطِلاقًا من عقيدته الصهيونيّة.

وثائق البريد الإلكترونيّة لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة التي أعطت الضّوء الأخضر لمقتل الزعيم القذافي، والتّمثيل بجُثمانه بطريقةٍ لا أخلاقيّة، وتتناقض كُلِّيًّا مع قيم الديمقراطيّة وحُقوق الإنسان التي تدخّل حِلف “النّاتو” في ليبيا تحت راياتها، كشفت إحداها مُؤرّخة في 2 نيسان (إبريل) عام 2011 أن التدخّل العسكريّ للحِلف في ليبيا كان بتحريضٍ من ساركوزي، ومُشاركة طائرات جيشه بالدّور الأكبر فيه، جاء خوفًا من تسريبِ أنباءِ ووثائق الرّشوة التي تلقّاها، أيّ ساركوزي، من الزّعيم الليبي بقيمة 50 مِليون يورو لتمويل حملته الانتخابيّة، التي أوصلته لقصر الإليزيه، بالإضافة إلى القلق من مشروع إصدار القذافي الدّينار الإفريقي، واستِخدام 143 كيلوغرامًا من الذّهب، وأضعاف هذا الرّقم من الفضّة، لتوفير الغِطاء الماليّ لدعمه، وبِما يُؤدّي إلى إطاحة الدولار والعُملات الأوروبيّة الأُخرى من عرش هيمنتها على القارّة الإفريقيّة واقتِصادها، وإنهاء النّفوذ الفرنسيّ تحديدًا في مُعظم دُولها.

من محاسن الصّدف أن فتح ملفّات ساركوزي السّوداء هذه يتصادف مع التّحريض الفرنسيّ، ومن قِبَل ماكرون هذه المرّة، على تدخّل منظومة غرب إفريقيا الاقتصاديّة (إيكواس) عسكريًّا لإسقاط المجلس العسكري في النيجر الذي قاد الانقلاب للإطاحة بحُكم الرئيس الفاسِد محمد بازوم المُوالي لفرنسا، وهو التدخّل الذي يُواجَه بمُعارضةٍ شَرِسَةٍ من الاتّحاد الإفريقي لمخاطره على وحدة القارة الإفريقيّة وأمنِها واستِقرارها.

حديث ساركوزي عن “رُوسيّة” إقليم القرم ومُعارضته لانضِمام أوكرانيا لحِلف “الناتو” أو الاتّحاد الأوروبي، لن تنجح في تحسينِ تاريخهِ الدمويّ البَشِع، أو ينفي دعمه المُطلَق للاحتِلال في فِلسطين وسِياساته الفاشيّة العُنصريّة ومجازره في حقّ الشّعب الفِلسطيني.

عندما يقول وزير الخارجيّة الإيطالي أنطونيو تاجاني اليوم الخميس “إن الغرب ارتكب خطأً فادحًا بالبقاء مُتفرّجًا على مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي” وإنّه “لم يكن القذافي من أفضل نماذج الديمقراطيّة، ولكن بعد مقتله بدأت حالة عدم الاستِقرار في ليبيا وإفريقيا”.. فعلى ساركوزي، وكُل مُؤيّدي تدخّل فرنسا وحِلف “النّاتو” في ليبيا، وتدميرها وسرقة ثرواتها وتجويع شعبها، وربّما قريبًا في النيجر أن يعتذروا وأن يتواروا خجلًا.

نقلاً عن رأي اليوم

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

وزير الطيران المدني: مصر تحرص على تحسين الربط الجوي بين رحلات دول أفريقيا

استقبل الدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني، اليوم، عبد الرحمن بيرثي، السكرتير العام لاتحاد الشركات الطيران الأفريقية بمقر ديوان عام الوزارة؛ إذ جرى استعراض الاستعدادات النهائية لاستضافة شركة مصر للطيران، الناقل الوطني المصري، فعاليات الجمعية العمومية الـ56 لاتحاد شركات الطيران الأفريقية (AFRAA)، المقرر انعقادها خلال الفترة من 17 إلى 19 نوفمبر 2024، التي تعد أكبر تجمع لشركات الطيران الأفريقية.

وخلال اللقاء بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون بين قطاع الطيران المدني المصري واتحاد شركات الطيران الأفريقية؛ لتحقيق التكامل الإقليمي تحت مظلة سوق نقل  جوي أفريقي موحد.

كما جرى مناقشة عدد من القضايا المؤثرة على شركات الطيران الأفريقية، والتحديات التي تواجهها وعلى رأسها قضايا السلامة وأمن الطيران، فضلا عن استعراض الأنشطة الحالية وخطط الاتحاد الأفريقي المستقبلية لتطوير خدمات المطارات لشركات الطيران الأفريقية، وتعزيز التعاون فيما بينهم .

وأكد الدكتور سامح الحفني، أن وزارة الطيران المدني تواصل تعزيز دورها الريادي في دعم التكامل الأفريقي في مجال الطيران المدني؛ بما يتماشى مع رؤية الاتحاد الأفريقي، مشددًا على حرص الدولة المصرية على تحسين الربط الجوي بين رحلات دول القارة الأفريقية؛ بما يدعم حجم التبادل التجاري والاقتصادي، مع الالتزام بأعلى معايير السلامة الجوية.

وزير الطيران المدني يشدد على  تعزيز مكانة النقل الجوي الأفريقي

كما شدد على أهمية تعزيز مكانة النقل الجوي الأفريقي على المستوى الدولي، ودعم الكيانات الأفريقية في هذا القطاع الحيوي.

وأشار الحفني إلى أن قطاع الطيران المدني المصري يسعى لتحقيق بيئة مستدامة للأجيال القادمة من خلال تبني مبادرات تهدف إلى تطوير البنية التحتية للمطارات، وتعزيز قدرة الدول الأفريقية على تطبيق خطط السلامة والملاحة الجوية العالمية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال.

ومن جانبه، أعرب عبد الرحمن بيرثي السكرتير العام للاتحاد الأفريقي، عن بالغ تقديره بلقاء الدكتور سامح الحفي وزير الطيران المدني المصري، مؤكدا أهمية هذا اللقاء في تعزيز التعاون المشترك بين دول القارة في مجال الطيران المدني. 

مصر تلعب دورا في تعزيز العلاقات الأفريقية 

كما أشاد بالدور البارز الذي تلعبه مصر في دعم وتعزيز العلاقات الأفريقية على جميع الأصعدة، وأثنى على جهود مصر للطيران في تنظيم الجمعية العمومية التي توفر منصة حيوية لمناقشة القضايا المتعلقة بالسلامة وأمن الطيران وتعزيز التعاون بين شركات الطيران الأفريقية.

وأثنى بيرثي على الجهود التي تبذلها مصر للطيران في استضافة الجمعية العمومية رقم 56 لاتحاد شركات الطيران الأفريقية (AFRAA)، التي تشكل منصة مهمة لمناقشة القضايا المتعلقة بالسلامة وأمن الطيران، إضافة إلى تعزيز التعاون بين شركات الطيران في القارة الأفريقية. 

مقالات مشابهة

  • السيسي: مشروع "حياة كريمة" استهدف تحسين مستوى معيشة نصف سكان مصر
  • تحسين العلاقات الصينية الأمريكية يحتاج إلى الجهود المشتركة
  • وزير الداخلية يدعو إلى تحسين جودة خدمات الطاكسيات قبل حلول المونديال
  • دمار واسع في هندوراس بسبب المنخفض "سارا"
  • الحوثي لترامب: سلاحكم جُرِّب بالكامل.. واليمن لن يركع!
  • أبوظبي.. منتدى القطاع الثالث يناقش تحسين حياة الأفراد والمجتمعات
  • وزير الطيران المدني: مصر تحرص على تحسين الربط الجوي بين رحلات دول أفريقيا
  • كيف تساعد ممارسة الرياضة في تحسين عمل الرئة والتنفس؟
  • شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي شمال غزة.. دمار هائل في جباليا
  • شرب الماء يومياً.. كيف يساهم في تحسين صحة جسمك؟