أثير – الروائي العربي واسيني الأعرج

علاقة بيكاسو بالجزائر تاريخية ومهمة، انتهت بإنجازه واحدة من أهم لوحاته وأغلاها: “نساء الجزائر”، التي اشتغل عليها ما بين 1954م- 1955م، وكان قد زار الجزائر في 1953م. اللوحة ذات المقاسات المتوسطة (146×114) هي من مقتنيات أحد عشاق بيكاسو، وزير الخارجية القطري الأسبق، حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني.

فقد تنقلت كثيرا بين الأيدي بعضها معروف، وبعضها الآخر ظل محتفظا بسريته.

كنت دائما أتساءل: لماذا لم يقتنها أحد ميسريها ويضعها في المتحف الوطني للفنون مثلا، أو حتى الدولة الجزائرية عن طريق أحد قنواتها الرسمية. لنا أن نتخيل الأثر الثقافي والفني الذي كانت ستحدثه. لكني أعتقد أن مافيا التجار والمضاربين غير معنية بالفن.. تفضل الربح السريع دون خسران أي شيء.

باعت غاليري كريستيز لوحة “نساء الجزائر” بأكثر من 160 مليون دولار. وهو رقم عالمي خيالي في سعر لوحة فنية. هذه اللوحة سمحت لبيكاسو كما يقول في أحد حواراته، بشراء فيلا كاليفورنيا في مدينة “كان” المنفتحة على المتوسط (وقتها باع بيكاسو سلسلة (15 لوحة) نساء الجزائر كلها بمليوني دولار).

نساء الجزائر تندرج فنيا ضمن هواجس غريمة ماتيس (أوداليسك) واستشراق دولاكروا (نساء الجزائر في بيتهن 1834) وتقليد باريسيات بلباس جزائري، لبيير أوغست رونوار Parisienne en costume algérien 1872. فقد رفض بيكاسو هذا التصور للفن على الرغم من تقديره لمواهب أصحابه. كان يرى فيها استشراقا صنّعه غرب منتصر، عن شرق لا يوجد إلا في ذهنية هذا الأخير. الشرق الحقيقي بمعناه الحضاري، كان قد مزق بعد حروب الاستعمار، وكانت الحرب العالمية الأولى النهاية التراجيدية لبقايا هذا الشرق الذي ظل مريضا زمنا طويلا. غاب كليا شرق الثقافة والعلوم والإنسان، وحل محله شرق آخر منتكس حضاريا، يتجلى اليوم في أسوأ صور الانحطاط، وليس الإرهاب المصنَّع إلا إحدى هذه الصور.

بلوحته “نساء الجزائر”، جرد بيكاسو لوحة دولاكروا، من كل الأغلفة الرومانسية والزوائد الاستشراقية التي تخفي بصعوبة تصورا استعماريا للآخر، وفونتازما لا علاقة لها بالحقيقية.
نساء الجزائر مكونة من 15 لوحة وليس من واحدة كما يظن الكثيرون. بدأ بيكاسو رسمها ما بين 1954م- 1955م، مباشرة بعد عودته من الجزائر في 1953م. المجموعة اشتراها كلها فيكتور وسالي غانز في 1956م، من معرض غاليري لويس ليريس بحوالي مليوني دولار. باع غانز لاحقا 10 لوحات من المجموعة لغاليري سايدنبرغ، محتفظا بالبقية، التي بيعت منفردة في أمكنة عديدة، عبر العالم.

بيكاسو جاء إلى الجزائر قبل هذه الفترة، بعد أن تم تهريبه في سنة 1944م، من فرنسا بسبب المتابعات النازية والفرانكاوية ورعب الغيستابو بسبب لوحته غرنيكا. بقي قليلاً في الجزائر العاصمة قبل أن ينقل عند أحد أصدقائه من المعمرين الإسبان في مدريسا (تيارت) (أبعد نقطة في العالم كما كانت تسمى) ويبقى هناك في بيته متخفياً، يرسم طوال الوقت. ماذا رسم يا ترى؟ اللوحات السبع التي عثر عليها، تتحدث عن ماذا؟ عن طبيعة المكان الذي أقام فيه؟ عن خوفه من مطارديه؟ يقال إنه تزوج هناك من امرأة من المنطقة تدعى جوهر معمر أو ابن معمر؟ من تكون جوهر؟ بكل تأكيد ليست هي دورا مار (مقالة الوطن) لأن هذه الأخيرة معروفة وكانت مصورة بيكاسو، وهي التي صورت تفاصيل نشوء غرنيكا لقطة لقطة، وتوفيت في التسعينيات؟ عائلة بن عمر موجودة في مدريسا كما عرفت؟ ليتها تتكلم إذا كانت تملك معلومات عن هذا الموضوع تحديدا. فقد قرأت في أحد المواقع شخصا لم يترك اسمه، يقول إن بيكاسو أقام عند عائلته؟ من هو هذا الشخص؟ أشعر بنفسي كأني في فيلم بوليسي أتتبع شيئاً غريباً. أسئلة لا بد من أن تفضي بنا يوماً هذه الأسئلة إلى كشف واحد من أهم أسرار مدينة مدريسا النائمة في سكينتها الطبيعية. نشر اللوحات المسروقة يجيب عن بعض هذه الأسئلة. قبل ذلك لا بد من سؤال الشاب الذي وجد اللوحات وتحديد المكان الذي عثر فيه على هذا الكنز، وسلمها لمديرية الثقافة. من كان مديرا للثقافة في 2009م؟ الأمر ليس صعباً. قبل الذهاب إلى متحف الفنون والتأكد من وصول اللوحات إلى المتحف ومن استقبلها؟ الأمر خطير ولابد من أن تكون هناك وثائق تدل على دخول اللوحات إلى المخبر للتأكد من نسبتها، ووثيقة خروج، إذا خرجت…

منذ أن كتبت عن هذه الحادثة على صفحتي في الفيسبوك قبل ثلاث سنوات، تحول الموضوع إلى سجال بين المجتمع المدني والهيئات الوصية. حادثة اللوحات السبع، طفت على المشهد الثقافي. الكل يسأل: وين راحت لوحات بيكاسو السبع؟ الكثير من القنوات اتصلت بي لأتحدث عن موضوع بيكاسو، لكني رفضت. ليس لأني أرى نفسي فوق هذه الوسائط، فهذا أمر لا قيمة له، ولكن لأني دخلت في دوامة البحث كعادتي في كل رواياتي، ولم أكن أريد لأحد أن يشوش عليّ، ولأن المسالة شديدة الأهمية وشديدة الخطورة، تنيط اللثام عن أمر شديد الخطورة في الجزائر، فمنذ الاستقلال إلى اليوم، تم تضييع وتخريب وتبذير جزء كبير مما يصنع وجدان الأمة. فبيكاسو ليس حدثاً ثانوياً، أو عرضياً، فهو جزء من الإنسانية العظيمة في أرقى درجات تفكيرها. ولهم فيه كما لنا فيه. أكثر من هذا، هو جزء من الذاكرة الأندلسية التي تهزنا من حين لآخر بشيء غير منتظر ينام في أعماقنا.

هل هو تحقيق.
كل شيء بدأ بالشكل التالي…

كنت أنشر واحتج على تحويل بيت الأمير، أو بالأحرى آخر بيت نام فيه الأمير عبد القادر في مدينة “الغزوات” إلى مقهى بائس ومتخلف وبلا روح، ثم إلى عدمية الغلق. بعد أن اتفق الأمير مع بوهراوة، هكذا كان الأمير يسمي الجنرال الفرنسي لامورسيير، في تلك الليلة الممطرة والمظلمة والخطيرة (لو يكتب لي أن أكتب أميرا آخر بوعي اليوم، كنت سأبدأ من تلك اللحظة الممطرة والقاسية)، وهو يتفرس الوريقات الأخيرة ليدون عليها شروطه ويبعث بها للامورسيير ويتفق معه على توقيف الحرب وفق تلك الشروط وهو ما تم وقد احترم لاموريسيير بعض تلك الشروط ومنها السماح له بأداء آخر صلاة له في سيدي إبراهيم وجامع الصخرة، بالغزوات. ننسى أحيانا أنه آخر جامع صلى فيه الأمير رفقة ما تبقى من قادته، هو هذا المكان، بعد صراعه على حواف وادي الملوية وبعد اتفاقية طنجة التي جرمت الأمير. وبقدر ما كانت معركة إيسلي عظيمة، حيث اجتمع الدم المغربي والجزائري في الدفاع عن المنطقة، لأن المغرب يومها دفع ثمن تعاطفه وتضامه مع الأمير المقاوم، كان يجب يمتزج هذا الدم في مواجهة آلة عسكرية مرعبة ومتقدمة، كانت اتفاقية طنجة قاسية على الأمير إذ اعتبر من خلالها شخصاً ليس فقط غير مرغوب فيه، لكن أي طرف من الطرفين، الفرنسي والمغربي، يلقي عليه القبض يسجنه ويحاكمه، وإذا لم يستطع، يسلمه للطرف الثاني. وكان على الأمير إن يتخطى الجيش الذي كان يقوده الأمير سيدي محمد، ابن الملك مولاي عبد الرحمن، وتخطى الحواجز بعد معركة قاسية ليجد نفسه في مواجهة قدر آخر، مما جعل المرور نحو منطقة ابن زناسن الذين رحبوا به وأكرموه، هناك كتب شروطه ووجهها للامورسيير. وسلم نفسه مع بعض قادته. ثم اقتيد إلى طولون بعد أن قضى ليلته الأخيرة في مدينة الغزوات.

كتبت يومها محتجا على تحويل البيت الذي نام فيه الأمير إلى مقهى، وصرخت برفقة قرائي بصوت عال. وكان قد سبقني إلى ذلك الكثيرون. لكن الأمر صادف زيارتي لمدينة بو Pau، لرؤية لوحة زيتية عن الأمير التي اكتشفت بمحض الصدفة في أحد الأسواق الشعبية قبل أن ترمم وتوضع في متحف المدينة، في قصر هنري الرابع. كنت حزينا لأن الأمير لم ينل هذا الشرف في بلاده. الشرف الحقيقي وليس المهرجانات التي كانت تجري هنا وهنا والتي ليست في عمومها أكثر من زرادي لا أكثر ولا أقل، مع استثناءات طفيفة. وكعادتي أتقاسم مع قرائي الكثير من هذا الشجن.
بدأت اقرأ التعليقات الصغيرة لقرائي لبوست الأمير. كانت كلها تكشف عن الخواء الروحي الذي خلفه الإهمال. فجأة شد انتباهي تعليق شاب، أيقض في شيئا قديما، خاصاً باللوحات السبع لبيكاسو التي لم يظهر لها أثر. هذا الشاب هو سبع عقبة. شعرت أن في كلامه شيئا من الجزع والنداء العفوي والعميق، شدني إليه بقوة، إذ ما يزال ما قرأته قبل سنوات عن الحادثة يملأ مخي: كيف يمكن لحدث كبير مثل سبع لوحات لبيكاسو، أن يمر وكأنه لا حدث.

هذا تعليق الشاب سبع عقبة الذي كان بداية الحركة، أنقله حرفيا:
‏Sbaa Okba

“أود أن أخبر الأستاذ المحترم أنني من ساكنة تيهرت بلدية مدريسة حيث لجأ إليها الفنان العالمي بيكاسو إبان فترة الاستعمار الفرنسي واستقر بها لسنوات. أود إخباركم بأسف شديد أن بيته حول لمحل خضر (بطاطا) هو أيضا أصبح بلا روح. عبر مختلف المنابر بهذه الجريمة الشنعاء ولا حياة لمن تنادي. وقد نادى وندد رجل القانونLarbi Mohamed. . “هناك بعض الأشياء لا تقبل التأخير أبدا”. بكل أدب اتصلت بالعربي وعقبة أسألهما عن المزيد من التفاصيل. بالموازاة مع العودة إلى بعض الأخبار الصحفية التي توافرت لدي في وقت سابق في ملف عندي في حاسوبي: أعطيته عنوانا موحيا: النهب المنظم. أذكر منها تهريب تمثال ماسينيسا والذي استرجعته الجزائر لاحقا، تمثال ابوليوس من مداوروش الذي لم يظهر له أثر، التمثال النصفي لسيرفانتس الذي كان موضوعا عند مدخل مغارة سيرفانتيس، التي هرب نحوها الكاتب واختفى فيها. النصب التذكاري المسروق شبيه بنسخة تمثال متحف مدريد. أتذكر أني عندما كنت أنشط حصة أهل الكتاب في الجزائر في نهاية القرن الماضي كانت آخر حصة، خصصتها، لجريمة تحويل مغارة سيرفانتيس إلى مزبلة. هدفي الأوحد كان هو إثارة الانتباه لمسألة هي جزء من تاريخ الأمة الذي يثبت أن هذا البلد لم يكن يوم من الأيام مغلقا أو مسدودا. بل كان بوابة متوسطية مفتوحة على العالم. التاريخ الثقافي والتبادلات المختلفة جعلته ليس فقط ميناء تجاريا عظيما، ولكن أيضا مساحة للحياة الممكنة.

في إطار هاجسي البحثي، تركت رسالتين لكل من عقبة وللأستاذ العربي. اتصلا بي عن طريق المسنجر كتابة.
أخبرت الأستاذ العربي بمصدر الاتصال به، واني ببساطة أريد أن أعرف القصة المتعلقة ببيكاسو واللوحات السبعة. وأن عقبة بطيبته وعفويته وجهني نحوك. وقصصت عليه قصة مقالة جريدة Le Temps d’Algérie. وقصة الشاب الذي بحث طويلا وأخرج سبع لوحات من أعماق البئر يفترض أنها لبيكاسو. أو هذا ما صرحت به الجريدة. كنت مستغربا من سلسلة أشياء، لوحات في بثر؟ بيكاسو؟ سبع لوحات؟ صمت الدولة على ذلك؟ هل جاء بيكاسو حقيقة إلى المنطقة؟ مع من جاء؟ وكيف جاء؟ كنت قد بدأت في عملية البحث. فجأة شعرت لا شعوريا أني كنت في عمق القصة التي بدأت ملامحها تتضح، لكني لم أكن متحمسا لكتابتها، إذ ما يزال ورائي نص معلق، حيزية، وأحتاج إلى أن أنهيه لأني بعد الزيارتين لبسكرة لم أوفق في الزيارة الثالثة بسبب وباء كورونا الذي كان قد تحول إلى جائحة. عجوز سيدي خالد التي منحتني بعض المفاتيح للدخول في عمق قضية حيزية عمرها فوق التسعين سنة، لكن مخها صاف كسماء ربيعية. آخر جملة قالتها لي وأنا أغادرها، ما تزال في دماغي: “إذا حدث وعدت إلى سيدي خالد مر علي. وإذا وجدتني قد غادرت هذه الحياة، احفظني في قلبك وتذكر أنه على ظهرك أمانة حيزية. خلّ الناس تعرف الحقيقة. وإذا وجدتني قد غادرت هذه الدنيا، اجلس على ركبتيك أمام الشاهدة، واقرأ الفاتحة على روحي. قلت لها طول العمر يا حنّا.”

تحاورت طويلا مع العربي ليلاً حول قضية بيكاسو. وجدت فيه شابا لطيفا ومهذبا، ورزينا. أحالني إلى مقالة الوطن معتذرا أن فرنسيته ضعيفة، وبعث لي بالرابط، فتحته وانغمست في قراءته. قرأت المقالة مرتين. اربكتني جدا، وهزت للحظات كل يقينياتي وما أعرفه عن دورا مار التي أصبحت فجأة جوهر عمار، وأنها تزوجت بيكاسو في الجزائر، في بلدية العاصمة. وأنها هي التي رسمت غرنيكا، بعد زيارة قصيرة لملاغا Malaga ، وأنها ماتت مصابة بالجنون؟ كل ما كنت أعرفه عنهما ارتبك كليا. فعدت إلى المراجع المتخصصة في بيكاسو ودورا ما لأختبر من جديد معلوماتي. ما قرأته في المقالة بدا لي كأنه كلام يحتاج إلى الكثير من الدقة، على الرغم من أن صاحبه زكاه بوثائق لم تقنعني.

هناك في بعض التجارب الإبداعية من الغرابة والصدف ما يدهش. تبدأ بسيطة ثم فجأة تتعقد، بل تجد نفسك طرفا فيها وهي لا تعني لك الشيء الكثير إلا ما تعنيه لأغلبية المواطنين الغيورين على تراث بلادهم. قضية بيكاسو ذهبت بي بعيدا، بل ذهبت بنا بعيدا، حتى الذين يملكون خيوط اللعبة ويخافون أن تتكشف بعض أسرارهم من خلال لعبة بدأت كإثارة لموضوع يتعلق بجزء من التاريخ الثقافي لبلد، ثم فجأة غرقت في وحل قضية أكبر وأعقد مما تصورت. كلما تقدمنا قليلا في البحث، اتسعت الطرق والمسالك وتعددت الأسئلة: لماذا هذا كله؟ من المستفيد؟ ليس القصد إدانة وزارة أو مسؤول بعينه، ولكن البحث عن الحقيقة الغائبة في قضية لا تتعلق بفرد ولكن بميراث بلد وأرض أصبحت اليوم تشبه قارة، في ظل التمزقات العربية. فتغرق في الوثائق التي تصلك من جهات متعددة أحيانا دون أن تطلبها أو تلح عليها، من مدريسا أو حتى من خارجها. تفترض بحسن نية أن الذي يزودك بالوثيقة، النادرة أحيانا على الأقل في مظهرها، يريد مثلك أن يصل إلى الحقيقة. الأمر يهمه وطنياً ومدنياً. فجأة تكتشف بحاستك الثقافية أولاً، وبمعرفتك الذهنية، أن الكثير من هذا الوثائق مشكوك في صحتها. تتعمق فيها بلعبة التقاطعات المعرفية والتاريخية من خلال مصادر مسلم بها من قبل المختصين الذين قضوا العمر يعملون عليها، فتكتشف فجأة أن الكثير من هذه الوثائق القديمة؟ بني على كذب مفضوح أحيانا، وفبركة يراد من ورائها حرفك عن الطريق أو تتويهك في التفاصيل الثانوية التي هي عبارة عن لملمة لموضوعات يكذبها التاريخ الفني لبيكاسو نفسه. وتتساءل لماذا؟
لمصلحة من ذلك كله؟ أكاد أجزم أن وراء العملية شخص وربما أشخاص لا يريدوننا أن نصل إلى منبع الحقيقة. والأغرب أن نفس الأخطاء اللغوية، والإملائية، والتركيبية، والإدارية التخصصية أيضا، تجدها في كل الوثائق، مما يعني أن كاتبها شخص واحد، ومعرفته باللغة الفرنسية ليست بكل تلك القوة، وغير منتبه للصياغات الإدارية المتخصصة، عقد زواج في الفترة الاستعمارية لا يصاغ بتلك الطريقة، أن الخبرة الفنية على اللوحات التي تمت في مخبر في فرنسا، غير حقيقة أيضا لأن صياغات الخبرة تسير وفق أرقام وتقاليد معينة وليست مطلقا بتلك الطريقة.
وينتابك الشك، بل اليقين أن الخبرة الفرنسية التي تقول إن اللوحات السبع حقيقة، مما ينمي النقاش مع المؤسسة الفنية في المتحف الوطني للفنون الجميلة، التي حكمت على اللوحات بأنها مجرد تقليد، ويضعها في وضعية المتهم. وهذا لا يعني مطلقا أن عملها كان جيدا أو مثاليا؟ وهذا ما أحاول تفكيكه، بناء على هذه الوثائق.

بدأ لقائي بمسألة بيكاسو من ناحية الوثائق، بالمقالة التي نشرتها جريدة الوقت الجزائري Le temps d’Algérie كما ذكرت سابقا، حيث كانت أول من أثار قضية اللوحات السبع التي أرسلت إلى الخبرة ولا نعرف بعدها أين وصل الموضوع؟ كان ذلك بتاريخ 11-09-2009م، وأعادت الكثير من الجرائد نقل الخبر ومنها الوطن باللغة الفرنسية من خلال مقالة صغيرة للإعلامي الكبير مزيان فرحاني، في 22 مايو 2010م، ويؤكد فيه على فكرة العثور على هذه اللوحات على الرغم من أن المعلومات عن زيارة بيكاسو لتلك المنطقة تبقى محدودة جدا ولا يوجد ما يقويها. الأمر الذي جعل من الاكتشاف حدثا كبيرا.

ثم نقلت نفس الخبر صفحة مدريسا Medrissa ، على موقعها، على Over Blog، حيث يظهر السيد ناصر مسعودي، الذي عثر على اللوحات السبع بالصدفة وهو يحفر بئرا، في تصريحه الأول، لأنه يكاد يكون هو الوحيد الذي كان يملك الحقيقة، قبل أن تصبح الحقيقة المفترضة ملكا مشاعا على مستوى الإعلام الجزائري والدولي، وقبل أن يتراجع هو نفسه عن تصريحه، في حوار مع جريدة الشروق أداره سليمان بودالي، حيث نفى فكرة البئر، وأكد أنه قدم هذه الصيغة بسبب التهديدات التي تعرض لها طويلا، منذ سنوات، وفق وعود مسبقة، حتى قبل قصة اللوحات السبع. وهذا رابط اللقاء الذي يوضح فيه ناصر جوانب من خلفية اللوحات والتهديدات التي تعرض لها ودفعت به إلى فبركة قصة البئر، بينما اللوحات وقطع أثرية أخذت من بيت المعمر فرانسوا غوميز، وبيكاسو.

لكن كل الحكاية، بالنسبة لي على الأقل، ترجع إلى أولى الفبركات التي جاءت في المقالة التي نشرت في الوطن بالفرنسية في 02 سبتمبر 2018م وتحمل عنوان: Réhabilitation de Amara Jawhar, dite Dora Maar, épouse légitime de Picasso après l’assassinat parfait .

ندخل في صلب الموضوع. المقالة التي تكشف سر الأسرار، هي لكاتبها: أزواو عمر، الملقب بـ: حسين. مقالة تفصل في رحلة بيكاسو إلى الجزائر بين 1938-1945، أي نهاية الحرب، التي جاءها مطروداً. وكيف تزوج بسيدة اسمها جوهر عمار ليس في النهاية إلا صديقته: دورا مار. التي تزوجت به بوثيقة رسمية (يورد كاتب المقال نسخة مصورة عن العقد) الذي سجل، كما يدعي، في بلدية الجزائر سريا، بتاريخ 17 يونيو 1938. ومسجلة في المكتب المركزي لأرشيف الإدارة العسكري (BCAAM).

ويحدد صاحب المقالة حتى المكان الذي كان يوجد فيه محل التصوير الذي كانا يملكانه في شارع سعيدي كارنو بالجزائر العاصمة. في الفترة نفسها زارت دورا مار مالقا سريا وصورت غرنيكا، ورسمت اللوحة الشهيرة ومنحتها لبيكاسو وفاء به وحبا فيه، للتوقيع عليها ولكنه خاف وتردد لأنه لم يكن له موقف واضح من مقاومة الجمهوريين ضد فرانكو.

وكان قد أنجز وقتها لوحة عن المقاومة فاطمة نسومر؟ وكان الزوجان يزوران من حين لآخر صديقهما الفنان فرانسوا (دييغو) غوميز أنطونيو وزوجته إيفا غوال، في مدريسا التي كان يسمها: أبعد نقطة في العالم. ويصبح بيكاسو مراقبا من طرف فوانسواز جيلة، العملية مع الغيستابو الألمانية، فتحولت إلى معشوقة له. هذه الأخيرة كانت تغار من جوهر، فتدفع بها في النهاية إلى الجنون قبل أن تموت في 16 جويلييه 1997.

من أين لصاحب المقالة بكل هذه المعلومات السرية عن بيكاسو؟ كنز كبير عثر عليه وهو ينطف محله في سعدي كارنو وكان يقيم فيه بيكاسو، فجمع أبناءه أكياسا من الوثائق ظلت مركونة ما بين 2005-2017 عندما أراده أبناءه التخلص منها. طلب أن يتأمل المحتويات، وإذا به يجد كل الكنوز التي رواها. اتصل بمؤسسة بيكاسو لكنها لم تستلم منه الوثائق وطلبت منه أن يبعثها عن طريق البريد. وهو ما فعله دون أن يتلقى ردا منها.

هذا هو بالضبط موضوع مقالة السيد أزواو عمر، المدعو الحسين.

رواية ساحرة لو فقط أرادها صاحبها رواية. المشكلة أنها قدمت كحقائق تاريخية. طبعا المعني بالأمر ترك تليفونه وعنوانه الإلكتروني في المقالة. لكن لا التليفون يشتغل ولا الإيميل يجيب. المشكلة الكبيرة ليست هنا. ولكن فيما رواه اعتماداً على الوثائق الإدارية الملفقة بالفوتوشوب. ثم الأخطاء الفادحة في الوثائق الإدارية الصارمة التي لا يقبل فيها الخطأ المضحك. الذي وضعها لم يتفطن إلى أخطاء الروابط اللغوية الفاضحة مما جعلني أشك منذ اللحظة الأولى عندما بعثها لي الصديق محمد العربي من أجل مساعدتي في مشروعي الاستقصائي. قلت له أشك في صحة الوثائق من الناحية الشكلية ومن ناحية محمولها. مثلا عقد الزواج. كتب في أعلاه عقد زواج، وفي النص الداخلي لا يوجد أي شيء يحيل حتى شكلياً إلى عقد، ما عدا السطر الأخير. قراءة بسيطة للوثيقة تبين أن كلمة عقد الصقت. ولا يوجد حتى اسم الزوجة (المفروض دورا مار). الوثيقة في الداخل تتحدث عن بيكاسو وكيف كانت لوحته غرنيكا حدثا كبيرا؟ تخيلوا هذا في عقد زواج؟ ثم أن الأخطاء اللغوية البدائية مثال: par. devant le gouverneur d’Alger monsieur George le beau هذه هي الجملة التي تحتوي على سلسلة أخطاء تتعلق بالحروف الكبيرة Les majuscules في بداية الجملة وأسماء العلم، والتي تعني احتراما ًللشخصية عندما يتعلق الأمر بحاكم الجزائر كلها. ورد في النص: أمام حاكم الجزائر (العاصمة) وليس الجزائر. نعرف جيدا أن جورج لو بو كان حاكما للجزائر كلها، وليس للعاصمة من 1935م- 1940م، ثم اسم Georges يكتب بحرف S في الفرنسية على العكس من الإنجليزية. أكتفي بالجملة الأولى لأقول بلا تردد إن الوثيقة مزورة. طبعا لا أتحدث عن مستوى لغة النص الركيكة جدا ولا تعني أن صاحبها يعرف اللغة الفرنسية. من الصعب قبول ذلك، في العرف الإداري.

من بين الموضوعات التي اثارها كاتب المقالة وسبق أن ذكرتها، قضية غيرنيكا. فهو ينسب لوحة غيرنيكا إلى دورا مار؟ شيء لا يصدق. يقول إن دورا مار رسمتها بعد زيارة سرية لمالقا في 1938م بينما اللوحة رسمت في 1937م؟ مباشرة بعد قصف 1936م، وكانت وقتها دورا ملهمة بيكاسو برفقته في فرنسا. وهي المرأة التي بقيت برفقته زمنا طويلا، بعد أولغا خوخولوفا، وماري تيريز والتر، ثم دورا مار، وبعدها فرانسواز جيلو، وجاكلين روك.

رافقته دورا مار بكاميرتها وصورته فوتوغرافيا لحظة بلحظة عند إنجازه غيرنيكا. وألبوم صور إنجاز اللوحة موجودة في النت ويمكن رؤيته بسهولة من لحظة كانت تخطيطا حتى أصبحت لوحة. لاحظت أن كاتب المقالة يرتكز دوما على عنصرين لتكون الكذبة مستساغة. يأتي بالخبر الصحيح، أي حضور دورا مار لحظة إنجاز غيرنيكا (كمصورة) ثم يخلق للباقي قصة من عنده (سفرها للمدينة المنكوبة، وإنجاز اللوحة). على الصورة، غيرنيكا في بداية تخطيطها وتشكلها. والصور الفوتوغرافية لدورا مار طبعا.

وكل هذا، كما يقول كاتب المقالة، من أجل رد الاعتبار لدورا مار التي جنّت وسرق منها حقها الفنّي مع رجل لم تكن تهمه المقاومة الباسكية مطلقا. طبعا كله كلام لا يستقيم. نعرف جيدا أن بيكاسو انضم إلى المقاومين الجمهوريين منذ البداية، منذ فوز الجمهوريين في الانتخابات الإسبانية وبداية انقلاب فرانكو. لم يكن في حاجة إلى أكثر من أربعة أيام ليبدأ في تجسد غيرنيكا. عندما رأى صور خراب المدينة بعد القصف الثلاثي المدمر، الألماني والإيطالي والإسباني للمدينة الباسكية المنتفضة، التي نشرتها جريدة لومانتي، أصيب بحالة هيستيريا الظلم، لم يتحكم فيها. اشترى قطعة قماش كبيرة من كاستالوتشو الواقع في شارع لاغروند-شوميير، وهو ملتقى التشكيليين الإسبان، لتجسيد مشروعه الكبير. يقول صديقه جون فيدال: “على الساعة العاشرة كنت عند باب مرسمه، وكنت أظن أني بكرت كثيرا، لكن بيكاسو انزعج من تأخري الكبير. فتحنا قطعة قماش الرسم الكبيرة، صنعنا لها هيكلا وثبتناها عليه، وهي على الأرض. وما كدت أرفعها لأثبتها على الحائط، حتى صعد بيكاسو على السلم الصغير، وبدأ يخطّ على البياض، بالفحم.” الشكل الأولي لما ستكون عليه غيرنيكا. هل يعقل استغباء الناس إلى هذا الحد؟ ولماذا كل هذا الإصرار على كذبة تهزمها الوقائع والتاريخ.

ظلت دورا مار ملهمة ومرافقة بيكاسو حتى افترقا في 1944م، نهائيا، واشترى لها بيتا ظلت ترسم فيه حتى وفاتها طبيعيا. عندما تعرفت فرانسواز جيلو على بيكاسو في 1943م، كانت العلاقة بين بيكاسو ودورا مار في نهايتها. ليبدأ علاقته بفرانسواز جيلو التي يقول عنها صاحب المقالة إنها السبب في جنون دورا مار، وإنها كانت تتعامل مع النازيين؟ مستغرب من أين له بكل هذا؟ في 1944م يتزوج بيكاسو بفرانسواز وينجبان ابنين هما كلود (1947)، ولالوما (1949). كرمت فرانسواز جيلو بكل الأوسمة الفرنسية التي يمكن أن نتخيلها من فارسة، إلى وسامي الشرف والاستحقاق الوطنيين. لو تعاملت مع النازية لأعدمت بعد الحرب العالمية الثانية، كما حدث للكثير من الكتاب ومنهم الشاعر برازياك الذي لم يستطع حتى الجنرال دوغول إنقاذه من رصاص الإعدام. هي المرأة التي كان يسميها بيكاسو المرأة الوردة. فمن خلال بعض المعلومات المشوشة حاول صاحب المقالة أن يثبت شيئا غير موجود بكل الوسائل حتى بتزوير الوثائق بشكل فج.

أكاد أجزم أن الوثائق التي وصلتني لاحقا، سواء حول زيارته للجزائر في 1941م بدعوة من سيارة سيمكا سبورت للدعاية للسيارة، ووثيقة الورقة الرمادية التي تحمل اسمه، المنشورة في جريدة Les nouvelles d’aujourd’hui (أخبار اليوم) الفرنسية كلها مزورة وتحمل نفس الأخطاء الموجودة في وثيقة زواج بيكاسو بجوهر عمارة، أو دورا مار كما شاء لها كاتب المقالة.

كل هذه الممارسات في قضية بيكاسو ترجح أمرا واحدا، وهو أن مخبر إنتاج هذه الوثائق الوهمية وتزويرها، مخبر واحد، مرت على يد نفس الشخص. حتى وثيقة الخبرة الفرنسية التي تقول بأن اللوحات السبع قد أخضعت لفحص مخبر فرنسي والذي أقر بثبات نسبة اللوحات إلى بيكاسو، تبين فداحة التزوير. اللغة المستعملة لا علاقة لها بلغة الخبير. لا توجد أية مرجعيات ولا أية أرقام. وهي لغة بتعبيرات ضعيفة مليئة بالأخطاء. ناهيك عن أن الخبرة تسمي اللوحات السبع بأسماء لم تكن موجودة عندما سلمت لمخبر المتحف الوطني للفنون الجميلة، أو بتسمية لوحات عالمية معروفة، مثل نساء الجزائر التي يعرف الجميع من اشتراها وأين هي موجودة اليوم؟ أو المرأة التي تبكي. السؤال ليس التزوير فقط، هذا نفهمه بسهولة، ولكن ماذا يريد المزورون من وراء هذا الفعل الذي يكشف نفسه بنفسه؟ لو نتمكن من الإجابة عن هذا السؤال تتضح خيوط اللعبة. ألا يخفي هذا التزوير حقيقة أخرى لا تريد مافيا المتاجرة بالفنون العالمية الوصول إليها وهي تستعمل المثلث التي تعبر من خلاله اللوحات المهربة: “الجزائر – المغرب- إسطنبول” في هذه القضية تحديدا.

الحوصلة. وهذه استنتاجاتي الخاصة. شعوري العميق أن هناك شخصا/ أشخاصا يريدون لكل الباحثين عن الحقيقة في قضية بيكاسو، أن يسيروا في الطريق الخطأ. الشيء الوحيد المؤكد هو أن اللوحات الثلاث والقطع التراثية وتمثال الجزء العلوي لبيكاسو، حالات حقيقية، إذا صدقنا تقرير الدرك الوطني الذي القى القبض على مجموعة مهربي القطع الأثرية ولوحات بيكاسو، من غير السبعة، لأن قصة هذه اللوحات أصبحت الآن أكثر وضوحا.

مهربو الآثار حوكموا، بعد اكتشافهم ومداهمتهم واعتقالهم، وهم يحضرون لتهريب اللوحات، والقطع الأثرية في منطقة آثارها المهملة للأسف يكفي أن نورد مثال أهرامات لجدار التي لا تقل أهمية عن الأهرامات المعروفة، وهي في هندسيا أقرب إلى قبر الرومية ذات شكل هندسي خاص بالمنطقة، وهي أهم ما يمكن أن يجعلها على رأس المناطق الأثرية في الجزائر.

إلقاء القبض على مجموعة مهربي الآثار، واللوحات الثلاث لبيكاسو؟ هي الحقيقة الوحيدة الماثلة، لأنها مصحوبة بتقرير من رجال الدرك الوطني. الباقي يسقط كليا في الافتراضات أمام هذا التلفيق وأمام استغباء الناس بما في ذلك جريدة الوطن الرصينة والذكية التي نشرت المقالة في 02 سبتمبر 2018، وكأنها حققت سبقا فنيا.

وعلى الرغم من ذلك كله يصر مسعودي الناصر، مكتشف اللوحات أن ما قاله صحيح. وقد بعث لي برسالة أثبتها ليس لأهميتها التاريخية ولكن بوصفها شهادة حية. وهي بعنوان: إذا كنتم تريدون الحقيقة، ها هي أمامكم. من مسعودي الناصر (الذي عثر على لوحات بيكاسو) إلى الرأي العام. “السيد الدكتور واسينى الاعرج أرجو ان تنشر هذا النص عندك، لما له من علاقة بموضوع لوحات بيكاسو السبع. أنا السيد مسعودي الناصر صاحب قضية لوحات بيكاسو، والتي أصدرت وزارة الثقافة بيانا عنها بتاريخ 22 نوفمبر2020 بعد إحدى عشرة سنة انتظارا للتحقيقات. أتقدم للرأي العام وللجهات المعنية والمسؤولة لتنويره بالحقيقة كما حدثت، بالدليل والبرهان. إن أحداث القضية التي تحدث عنها الدكتور واسينى تعود الى سنوات عديدة، قبل تاريخ التبليغ عن الاكتشاف اللوحات، حيث إنني تعرضت للمحاكمة بمجلس قضاء تيارت، محكمة السوقر، قسم الجنح بتاريخ 26/05/2008 بتهمة عدم التصريح بممتلكات فجائية متأتية عن طريق حفر بالصدفة. الملف موجود لدى المحكمة ويمكن الاطلاع عليه. ودام التحقيق أكثر من سنة ونصف. تحدثت عنه في وسائل الإعلام وقتها.

وماهو مكتوب في الحكم الصادر، منصوص عليه كالتالي.
” حيث إن وقائع القضية تتلخص أنه وعلى إثر عملية حفر بالصدفة من طرف مسعودى ناصر، عثر على مجموعة من الألواح وتمثال، عند حفر بئر داخل مزرعته (بيته) الكائنة ببلدية مدريسة، وقد قام ببيعها الى أشخاص، أعادوا بيعها على أساس أنها لوحات فنية للرسام الإسبانى بابلو بيكاسو، حيث إن المتهم مسعودى ناصر وبحضور دفاعه، صرح للمحكمة أنه وجد الأشياء محل الحجز اثناء عملية حفر وقد صرح بها لرجال الدرك، ولكن لا يوجد له دليل لأنه وحسب أقواله إنهم لا علاقة لهم بالموضوع…”

فعلا هذا ما حدث بالضبط، كما حدث بعد التبليغ الرسمى لمدرية الثقافة (تيارت) وبحضور الدرك الوطني منذ إحدى عشرة سنة، لكن لا حياة لمن تنادى. هنا بداية اللغز في قضية لوحات بيكاسو؟ لهذا أطرح سؤالا للرأي العام: ما هو الدليل الذى أقدمه بعد التبليغ؟ ماذا أفعل؟ حتى الوزارة أثبتت ذلك. الى هنا انتهى دوري. هل المحكمة أثناء المحاكمة أثبتت صحة اللوحات أم زيفها؟ هل نطقت بإجراء الخبرة عليها من الجهة المعنية والمسؤولة عن ذلك، والتأكد من صحية اللوحات من عدمها؟ حتى في تحديد المكان، قالت بمزرعته ولم تقل بمسكنه؟ هل قامت بتحقيق عن المزرعة كما تدعى؟ و هل استجوبت مسؤولي البلدية لمن تعود ملكية المزرعة لتحدد مكانها، وتفحص مكان الحفر؟ و هل أخذت صورا للمكان وتثبت بعدها صحة الأقوال؟

أنا كان واجبي هو التبليغ فقد بلغت الدرك الوطني ومسؤولي البلدية في لحظة حدوث الوقائع التي تعود في البدايات الأولى لسنة 2006. المشكلة هي أن التبليغ تحول إلى تهمة قادتني إلى السجن.

وأما الخبرة والتي تفصل في قضية الحقيقة من الزيف والتقليد، لست خبيرا في ذلك، ولست مسؤولا عنها. البعض ممن لا يعرف الحقيقة يتهمني بتقليد اللوحات لأنني كنت من الثمانينات طالبا في مدرسة الفنون الجميلة، بوهران؟ بل أن البعض هددني في حياتي، والبعض الآخر بسرقتها؟ كيف أسرق شيئا بلّغت عنه بنفسي؟ هل لوحات بيكاسو كانت مخزنة بمتاحف الجزائر والناس لا تعلم، وأنا سطوت عليها؟

أنا فنّان، وأعرف قيمة اللوحات. طلبت وقتها بتأطيرها ووضعها بالنادي الريفي للبلدية، لكن اللوحات اختفت وأنا في السجن، وطمست كل آثار الجريمة، وتم بيع المنزل وهو ملكية للدولة بعد أن تنازلت البلدية عنه، ثم أعيد بيعه مرات عديدة. ألا يستحق ذلك تحقيقا دقيقا؟ وبعد 11 سنة مضت، منذ الإعلان الرسمي عن وجود اللوحات السبع، تعود قضية بيكاسو من جديد، وتصدر وزارة الثقافة بيان تبرئة ذمة، غير واضح، ولا يقدم شيئا جديدا سوى فكرة كونها مزيفة دون أي مصدر يوثق الخبرة ومصدرها.
الآن أصل إلى نهاية شهادتي، إذا كنتم تريدون الحقيقة فها هي ذي قد وضعتها أمامكم. أمام الرأي العام لأنني من خلال هذا الموضوع، أعرف أني أصبحت مهددا. لكن على الحقيقة أن تظهر.

تحياتى لمن قرأ موضوع لوحات بيكاسو السبع والتي سلط عليها الضوء الدكتور واسينى الأعرج، له كل الاحترام والتقدير.

السلام على الجميع.”

أغرب قصة، خرجت من الحقيقة لتصبح رواية أو تكاد.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: الدرک الوطنی على الرغم من الجزائر فی فی الجزائر الکثیر من الذی کان فی قضیة أکثر من لا یوجد من خلال عن طریق کان قد ما حدث بعد أن قبل أن جزء من

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!


 

نتحدث عن البطالة، ونتحدث عن إرتفاع مؤشراتها، والحلول التى تقدم حلول حكومية، حيث هناك مثل شعبى قديم يقول ( إن فاتك الميرى إتمرغ فى ترابه ) وهذا ينطبق على عصور قديمة، حينما كانت الوظيفة الحكومية محترمة !!
وظلت هذه العادة مترسخة فى الضمير المصرى حتى تكدست المصالح الحكومية "بملايين ستة " من الموظفين وهو عكس ما يحدث فى كل إدارات المصالح فى دول العالم بالتنسيب لعدد السكان، وربما قرأنا وسمعنا عن عشرات ومئات الوظائف الخالية الباحثة عن قدرات ومهارات بشرية غير متوفرة حيث لا صلة بين مخرجات التعليم وسوق العمل فى "مصر"!!.
وهذا ربما جعل بعض الوزراء  يخلق أسواق موازية للتعليم والتدريب فنجد وزارة الصناعة والتجارة قد أنشئت مركز تدريب وتحويل المهارات العلمية الخارجة من الجامعات، إلى مهارات جديدة يحتاجها سوق العمل فى الصناعة وهو نفس ما يتم فى وزارة السياحة ووزارة النقل ووزارة البيئة ووزارة الإستثمار وغيرها من الهيئات والشركات، كل هذه الجهات الحكومية وبعض الخاصة، أنشأت وزارات صغيرة للتربية والتعليم والتعليم العالى لكى تعمل

 

على سد الحاجة فى مجال تخصصها من خريجى جامعات غير مناسبين لأسواق العمل المتاحة !!.
والجديد فى الأمر أن "مصر" تعانى من نقص شديد فى المهن الحرة الصغيرة مثل السباكين والنقاشين والمبيضين ومركبى السيراميك والكهربائية وغيرهم من المهنيين 
هذا القطاع الضخم من السوق العقارى لا يجد أى عمالة مدربة إلا على بعض (قهاوى) "الإمام الشافعى أو فى السيدة زينب وسيدنا الحسين"، وحتى هذه الطوائف إنقرضت، فأصبح المهنى الذى تستدعيه للعمل فى صيانة أى منشأة حسب حظك وحسب قدراته، وحسب ما يتراءى للطرفين من إتفاق شفهى على أتعاب شيىء من الخيال !!
والسؤال هنا، لماذا لا نساعد على انتشار مكاتب مقاولين صغار؟؟، مقاول صيانة صغير خريج هندسة، دبلومات (الصنايع) المدارس الصناعية، لماذا لا نخلق مكاتب لمهندسين صغار ونؤهلهم ونزودهم بشهادات خبرة للعمل فى مجالات الصيانة(تراخيص بالعمل من جهات ذات صلة بالخدمة).
نحن فى أشد الإحتياج لعشرات الآلاف من هذه الفئات بشرط أن نضمن مهارة، ونضمن سمعة ونضمن، أن لا نستعين (بغبى) أو (حرامى)، من المسئول عن مثل هذا القطاع فى البلد !!؟؟


[email protected]

مقالات مشابهة

  • لعنة الكهرباء تحصد الضحية الـ 32 خلال 2024 في ديالى
  • مؤمن الجندي يكتب: سفير جهنم
  • مشاهير وقعوا ضحية التزوير.. أعمال فنية بمبالغ خيالية تكشف جانبًا مظلمًا من الشهرة (تقرير)
  • د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!
  • رفع دعوى قضائية ضد الروائي “كمال داود”
  • د. منجي علي بدر يكتب: مشاركة مصر في «قمة العشرين»
  • لعنة "تاريخية" تلاحق قصراً في البندقية
  • رزق الشبول يكتب .. عن عُمير غرايبة و احمد حسن الزعبي وسجن الصحفيين
  • المرور: استخدام الهاتف المحمول (الجوال) أثناء قيادة المركبة يتصدّر مسببات الحوادث المرورية في منطقة المدينة المنورة
  • د.حماد عبدالله يكتب: مطلوب تطوير النظم !!