لجريدة عمان:
2025-05-02@14:02:05 GMT

صوت من جنب الشرق..

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

إنّ الأيام التي نمرّ بها فـي هذه البقعة الجغرافـية من العالم، أيامًا يندى لها الجبين، ويختلط الحابل فـيها بالنابل، وليت هذا الاختلاط كان فكريا فحسب، بل فـيه مآسٍ لا يقوى العقل على استيعابها أو على تجاهلها حتى! إن من يكتب عن أمور أخرى غير ما يحصل فـي غزة أو سوريا أو لبنان -كم من البلدان العربية يجب أن أذكر!- ليس شخصًا منفصلا عن الواقع لا يشعر به أو يعيشه أو يعاني ويخاف منه؛ بل هو شخص يعيش الواقع كما هو، لا كما يتمناه.

يحق لنا أن نحلم بعالم يسود العدل فـيه، ويتحقق فـيه الأمان للناس ويعيش الناس فـي وئام، ولكنها جُبلت على كدر، فكيف نريدها صفوا من الأقذاء والأكدار وهي طبيعتها وجِبلَّتها؟ يدفع التشاؤم المرء إلى العدمية التي لا ترى خيرا قط، والعدمية كما أرى إنما هي نتاج استسلام محض ينزع من المرء طاقته ورغبته فـي الحياة والعمل والكفاح، فـيظل يائسا كدرا يترقب الشمس تفتح ستارة غرفته، ولكن الشمس فـي علوّها الشاهق لا تنزل إلى الأرض، فـيظل يلعن الشمس لأنها لم تنزل لأجله ولم تفعل له ما يريد وكما يريد، دون أن يفعل ما ينبغي! هذا هو اليائس المتشائم العدمي.

فـي النقيض، هنالك الإنسان الكامل. والإنسان الكامل برأيي هو الذي يحاول فعل الخير والصواب ولو كلفه ذلك ما كلفه، غير مكترث للظروف إن تهيأت له أم لم تفعل، يصنعها بما يستطيع وكيفما اتفق. بل إنه يفعل الخير حتى حين يكون معذورا فـي تركه، ومثال ذلك فـي غزة. لن أقول جديدا عمّا يحدث فـي غزة وجراحها النازفة، لكن ما يلفت الانتباه إلى العقلية التي تتجسد فعلا عند ثلة غير قليلة من الغزاويين، فهناك من يقدم حصته التي يحتاج إليها بشدة من الغذاء إلى إنسان آخر يرى بأنه أشد احتياجا إليها. وهناك من يقدم الدواء الذي فـيه علاجه لصاحبه الذي فـي مثل حالته أو أشد، وهناك من هو خارج من المعادلة أصلا ويأتي من مشارق الأرض ومغاربها ليساعد الغزاويين بالطعام (كمنظمة المطبخ العالمي) أو الدواء والعلاج والدفاع المدني ممن يعلمون بأنهم معرضون لفقدان حياتهم بمدهم يد العون. أتفكر فـي هذه الحياة التي نعيشها، خمسين؟ ستين؟ سبعين سنة؟ هذا ما سنعيشه فـي أحسن الأحوال زاد أو نقص الرقم؛ لكنها سنوات سريعة مقارنة بعمر الكون وبالحياة الأبدية التي نؤمن بها، فما جدوى أن يعيش المرء حياة لا مبدأ له فـيها ولا قناعة يقاتل ويعيش لأجلها، بل ما جدوى أن يعيش المرء حياة مليئة بالمنغصات التي لا يمد يده ليزيحها ويزيلها ما دام قادرا على ذلك، كي لا يكون كصاحبنا الذي يقبع فـي الظلمة منتظرا الشمس لتزيح ستارة غرفته وتُدخِل أشعتها.

الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه وطن واحد، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، بل إن ما يفرقنا حادث ومصطنع ولم يكن من لب الحضارة العربية والإسلامية أصلا. ولأنه كذلك، نجد الشيوخ يألمون لواقع البلدان المجاورة أشد من آلام أبدانهم التي تقاوم المرض والهرم ووهن الجسد.

ما الذي يدفع شيخا ينتظر الأجل لأن يكترث بأخيه الإنسان المجاور له؟ إنه المبدأ والدين وسلامة المنطق وسواء النفس والروح. ما حدث فـي سوريا فـيه دروس وعبر تجعلنا نستعيد رؤية الشيوخ وبصيرتهم ونتفكر فـيها.

فقد أثبتت أن الناس ينسون الأحقاد عند انجلاء الشدة والفتنة، وأن الأصل فـيهم الخير والصلاح والإصلاح، فكلهم محب لوطنه مدافع منافح عنه، بانٍ له ومُعمِّر. لكن ما تعلمناه أيضا، أن الاحتلال الصهيوني لن يهدأ ولن يستكين حتى يحتل كل شبر من البلاد العربية. فما إن سقط الجيش السوري وانسحب أمام فلول المعارضة، حتى وثب الكيان على أراضيها، ودمر البنى الأساسية والمدرعات والطائرات الحربية، بل ويعلنها صراحة أن الجولان أرض محتلة إلى الأبد! إن هذه العقلية تنسف ما حاول الصهاينة بثه من دعاية بأنه يمكن التعايش معهم دون خوف أو قلق من غدرهم، وهي حماقة لم يدرك رئيس وزراء الكيان أثرها، فقد نسف ما حاول أسلافه تصويره على أنه حقيقة وواقع يمكن تجسيده، وأن على الشعوب أن تتقبل هذا الأمر كواقع وردي يتعايش فـيه صاحب الأرض والوطن مع من يحتل وطنه فـي سلام ووئام! ثم إن واقع انسحاب الجيش من مواقعه يمثل درسا لا ينبغي إغفاله من دول المنطقة بتاتا، فالجنود ليسوا موظفـين فحسب، بل هم حماة الوطن ودرعه الأول أمام الأطماع الخارجية. وللأسف إن هذا الدرس جاء عمليا وتطبيقيا فـي سوريا ولم يقتصر على كونه شيئا نظريا فحسب. وما حصل هناك، يجعلنا ندرك أهمية التكوين الفكري للمواطن، بأن هذه الأرض مقدسة ويدفع روحه ونفسه فداء لها أمام كل معتد ومحتل، بغض النظر عن القائد الذي يتبعه، ووجوده من عدمه.

من واجبنا أن نحمي بلادنا من أقصاها لأقصاها، من شرقها لغربها، كلٌّ يحميها بما وهبه الله من ملكات ومؤهلات وقدرات. وكما أن وسائل التأثير اليوم أقوى وأنجع فـي تسييس الشعوب وتغيير المعادلات على أرض الواقع، فكذلك يمكن للفرد أن يكون مؤثرا ويغير الحال والواقع إلى الأحسن. فكم من غزاوي أكل مما زرعه يوسف أبو ربيع الذي قاوم الاحتلال بالزراعة وأطعم أهل الشمال ، وكم لمحمود المدهون من يد فـي إطعام الناس ومقاومة الاحتلال بالطبخ للمساكين! وكم من معلم ظل يعلم الأطفال فـي البيوت المهدمة والخيام الممزقة وفـي العراء، كلهم يقاومون الاحتلال بما يستطيعون، وكلهم فلسطيني وفـيٌّ لأرضه وأمته ودينه وعائلته، وهو ما جعلهم يدفعون أرواحهم ثمنا وفداء لوطنهم ومبدئهم فـي نهاية المطاف، فكأنما هم يتمثلون أبيات ابن بيئتهم ووطنهم الشهيد «عبدالرحيم محمود»:

فإمّا حياة تسرّ الصديق

وإمّا مماتٌ يغيظ العدى

ونفسُ الشريف لها غايتان

ورود المنايا ونيلُ المنى

وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن

مخوف الجناب حرام الحمى

أرى مصرعي دون حقّي السليب

ودون بلادي هو المبتغى

أما من يسأل عن السبب الذي يدعونا لاستحضار مآسي الواقع العربي الذي نعيشه اليوم ونتأُثر به ونحن بعيدون عنه جغرافـيا -بشكل نسبي- فهل نسوا قول أمير الشعراء!

كُلَما أَنَّ بِالعِراقِ جَريح

لَمَسَ الشَرقُ جَنبَهُ فـي عُمانِه

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

القوات المسلحة تترجم بشارات السيد القائد على الواقع

يمانيون../
في الـ27 من مارس الماضي، تحدث السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، بثقة عالية منقطعة النظير، عن بشارات قادمة في تطوير القدرات العسكرية اليمنية، وهو ما ترجمته القوات المسلحة على أرض الواقع اليوم، بعد أن تمكنت من تغيير قواعد الاشتباك لصالحها، وتلقين العدوّ الأمريكي درساً قاسياً لن ينساه في سواحل البحر الأحمر.

وقال السيد القائد في كلمة له بمناسبة يوم القدس العالمي، إن هناك بشارات قادمة في تطوير القدرات العسكرية بحمد الله وقوته وعونه ونصر، كما أن هناك تصدياً قويًّا للعدوان الأمريكي على بلادنا، واستهدافاً مستمراً لقطعه البحرية، حيثُ وهي تهرب باستمرار إلى أقصى شمال البحر الأحمر.

وأوضح أن المستحيل هو أن يؤثر الأمريكي على موقفنا وموقف شعبنا مهما بلغ عدوانه علينا فلن يؤثر عليه أبداً، والعدوان الأمريكي لن يؤثر على موقفنا ولن يكسر إرادة شعبنا ولن يؤثر على قدراتنا، بل سيسهم في تطويرها أكثر وأكثر، لافتاً إلى أن الإعلان الأمريكي عن استقدام حاملة طائرات أخرى يثبت فشله وعدم نجاحه.

ومصداقاً لبشارات السيد القائد، كشف وزير الدفاع والإنتاج الحربي اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، مساء أمس الثلاثاء، عن تطور كبير وملحوظ تشهده الصناعات العسكرية اليمنية وباستخدام تقنيات حديثة ومتطورة، مبيناً أن العدوان الأمريكي على وطننا سيفشل كما فشل عدوانه في المنطقة طيلة السنوات العشر الماضية.

وأشار اللواء العاطفي إلى أن هذا التطور الهام، سببه الدعم اللامحدود الذي تقدمه القيادة الثورية ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، والمجلس السياسي الأعلى لهذه الصناعة الحيوية، موضحاً أن العدوان الأمريكي على اليمن مصيره الفشل المحتوم، مثلما فشل العدوان السابق الذي نفذه وكلاء واشنطن منذ عام 2015.

وبيّن أن العدوان الأمريكي لن يؤثر سلباً على قواتنا المسلحة وقدراتها التسليحية، بل على العكس، زادها قوة وصموداً وثباتاً وإصراراً على المضي قدماً في المواجهة، والاستمرار في تطوير قدراتها لمواجهة الأعداء، ورفع مستوى الإسناد والدعم لقطاع غزة.

ولفت وزير الدفاع إلى الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها، ممثلة بالقوة الصاروخية، والطيران المسيّر، والقوة البحرية، والتي كان آخرها إسقاط الطائرة الأمريكية المقاتلة “إف 18” في البحر الأحمر؛ الأمر الذي يؤكد على كفاءة وجاهزية القوات المسلحة في التصدي للعدوان.

وأفاد بأن القوات المسلحة في أعلى مستوى من الجاهزية القتالية والاستعداد التام للمضي في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني، والتصدي بحزم لأية تحركات قد يقوم بها المرتزِقة في الداخل بهدف دعم العدوّ الأمريكي والإسرائيلي.

تفوق عسكري يمني يتحدى أمريكا

في السياق سلط موقع أمريكي إخباري، الضوء على تطور القوات المسلحة اليمنية بشكل هائل وغير متوقع.

وقال موقع “ذا وور زون” الأمريكي، إن القوات اليمنية قد أثبتت امتلاكها ترسانة دفاع جوي تُشكل تهديدات حقيقية، كما يتضح من العدد المتزايد من عمليات إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار من طراز إم كيو -9.

وأضاف: “ومع ذلك لا تزال العديد من التفاصيل حول حجم ونطاق قدرات الدفاع الجوي للقوات المسلحة اليمنية غامضة جداً، لذا ما هي قدرات الدفاع الجوي لقوات صنعاء في الواقع؟ إنه سؤال واضح مع إجابة غامضة في أفضل الأحوال، بيد أننا نرى أن هناك ترسانة صواريخ أرض- جو وخسائر في الطائرات المسيّرة إم كيو- 9”.

ونوّه الموقع إلى أن التساؤلات تزايدت حول المدى الكامل لقدرات الدفاع الجوي اليمنية منذ أشهر، بعد أن تمكنت تلك القوات من إسقاط عدد مثير للقلق من طائرات بدون طيار أمريكية من طراز إم كيو 9- ريبر، حيثُ صرح مسؤول دفاعي أمريكي أن القوات اليمنية أسقطت ست طائرات من طراز إم كيو-9 منذ 15 مارس.

من جانبه ذكر موقع “فوكس نيوز” أن مسؤولين أمريكيين أقروا بفقدان طائرة ريبر أخرى، وهي السابعة منذ بداية الشهر الماضي، وفي مارس الماضي، صرّح مسؤول دفاعي أمريكي لم يُكشف عن هويته لصحيفة “ستارز آند سترايبس” أن القوات المسلحة اليمنية أسقطت 12 طائرة ريبر منذ أكتوبر 2023.

وذكر الموقع أن اليمن تمكنت من إسقاط وتدمير ما لا يقل عن 22 طائرة ريبر منذ أكتوبر 2023، ومع ذلك لا يشمل هذا العدد عدد الطائرات المسيّرة التابعة للولايات المتحدة ودول أخرى التي أسقطتها القوات المسلحة اليمنية قبل أكتوبر 2023، مؤكداً أن ترسانة القوات المسلحة اليمنية الصاروخية إلى جانب طائراتها المسيّرة مطورة ومنتجة محلياً.

ونقل موقع “ذا وور زون” عن مسؤول أمريكي قوله: “اليمنيون مبتكرون جدًّا، وهناك الكثير مما لا نعرفه عن القوات المسلحة اليمنية في الوقت الحالي”.

وأضاف أن لدى القوات المسلحة اليمنية ترسانة صواريخ كصاروخ “برق”، حيثُ وأقصى مدى لصاروخي برق-1 وبرق-2 يبلغ حوالي 50 كيلومترًا “31 ميلًا” و70 كيلومترًا “43.5 ميلًا”، ويمكنهما إصابة أهداف على ارتفاعات تصل إلى 15 كيلومترًا “49,212 قدمًا” و20 كيلومترًا “65,616 قدمًا” على التوالي.

كما أن القوات اليمنية تمتلك صواريخ صياد-1 وبدر-1 وصقر-1 وثاقب وغيرها من الصواريخ، وفي عام 2023 كشفت صنعاء عن صاروخ صقر-2 الذي يفتقر إلى زعانف الذيل الموجودة في صقر-1. ولا يُعرف ما الذي يميز صقر-٢ عن سابقه، لكن المراقبين لاحظوا أنه يبدو أقصر قليلاً، وفي الوقت نفسه نجد أن لدى اليمن صواريخ أرض- جو من نوع محيط وقاهر-2.. وفي عام 2019، كشفت القوات المسلحة اليمنية أيضًا عن صاروخ أرض-جو أطلقت عليه اسم فاطر-1.

ولفت الموقع الأمريكي إلى أن لدى القوات المسلحة اليمنية منصات صواريخ وقد شوهدت خلال العروض العسكرية، بالإضافة إلى ذلك فإنها تمتلك رادارات، وأجهزة حديثة لرصد وتتبع الطائرات المعادية، بما في ذلك أجهزة استشعار الترددات الراديوية السلبية التي قد تكون قادرة على العمل كرادارات افتراضية.

بدوره قال “مايكل نايتس” من معهد واشنطن، إن القوات اليمنية تعتمد على أنظمة كهروضوئية؛ لأنها أنظمة سلبية تماماً، حيثُ ومن الصعب رصد هذه الأنظمة؛ لأنها لا تحمل أية بصمة قبل إطلاقها.

وفي تقرير غير سري نُشر في يوليو 2024، أكّدت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، أن القوات المسلحة اليمنية استخدمت صاروخ صقر-1 مع باحثي الأشعة تحت الحمراء السلبيين لمهاجمة الطائرات بدون طيار الأمريكية.

هاني أحمد علي المسيرة

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد النبوي يكشف عن أكثر الناس تعاسة وانتكاسة.. تعرف عليهم
  • خطبة الجمعة من المسجد الحرام
  • خطيب المسجد النبوي: تجنبوا الانشغال بما لا يعنيكم ليصلح الله شأنكم
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام و المسجد النبوي
  • عندما يلتقي الواقع بالذات.. أنرى الحقيقة أم أنفسنا فقط؟
  • القوات المسلحة تترجم بشارات السيد القائد على الواقع
  • الواقع المأساوي في المسجد الأقصى
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • ناسا توضح حقيقة الجسم الغامض الذي مر أمام الشمس