مشاهدات الجزيرة نت في حلب على الطريق إلى دمشق
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
عفرين/حلب- كان الشباب يرقصون مع إيقاع الطبول والزمر أمام قلعة حلب وكانت هناك امرأة مسنة تبكي وهي تراقبهم، وكان الأطفال والنساء وكبار السن يملؤون الطرق المحيطة بالقلعة التاريخية ممسكين بالعلم السوري الجديد ذي الثلاث نجمات، وهم يضحكون ويلعبون مستمتعين بطعم الحرية.
بينما كان الشباب يرفعون أيديهم وهم يرددون الشعارات، سألني أحدهم من أبناء حلب "هل تعرف ماذا يقولون؟"، فأجبته بأنني لا أعرف العربية، فقال لي "ارفع رأسك، أنت حر الآن".
عدتُ إلى حلب بعد 11 عاما من زيارتي الأولى لها في زمن الحرب التي انتهت، وأصبحت حلب أول مدينة تم تحريرها من قبضة نظام الأسد مما جذب انتباه العالم إليها، فلقد تغيرت بشكل مدهش وأصبحت الآن آمنة وهادئة وخالية من الفوضى.
احتفالات مستمرةمن نافذة الفندق الذي أقيم فيه، أراقب ساحة سعد الله الجابري. رغم أن السماء كانت قد أعتمت وكان التيار الكهربائي مقطوعا، فإن الاحتفالات لا تزال مستمرة في الساحة، ويبدو أن أهل حلب كانوا ينتظرون هذا اليوم طويلا، فلا تزال عروض الفرح والاحتفال متواصلة.
صالح أحمد، الذي لم يزر حلب منذ 11 عاما، كان يقود السيارة بمهارة بينما يهز رأسه معبرا عن دهشته متسائلا بلهجة تركية متقطعة "ما زلتُ لا أصدق، هل رحل الأسد حقا؟".
إعلانهذا الشعور بالدهشة ينتاب الكثير من الناس في حلب. ومع ذلك، لا يمكن إغفال الشعور بالتوجس الذي يعيشه آخرون.
عندما لاحظت أن عدد الأشخاص الذين يرفعون علم سوريا الجديد يبدو أقل من المتوقع، سألت الحلبي الذي بجانبي عن السبب، فأجابني "عشنا 61 عاما في ظل نظام الأسد، حيث كان اثنان من كل 3 أشخاص يعملون في المخابرات. الآن، هناك خوف من عودته مرة أخرى. التخلص من هذه الصدمة لن يكون أمرا سهلا".
وأبدى الشباب قدرة أسرع على التأقلم مع الوضع الجديد، بينما بدا من هم في منتصف العمر أكثر حذرا وتحفظا فقد عاشوا فترات أطول تحت القمع.
مشهد مختلفبدأت رحلتي من الحدود التركية مرورا بالمدن الواحدة تلو الأخرى حتى وصلت إلى حلب. المشهد الذي رأيته الآن يختلف تماما عن سوريا التي زرتها قبل 11 سنة، فالتكوين العرقي والديني التقليدي للمدن قد تغير بشكل جذري.
كل شيء بدأ بالانهيار كأحجار الدومينو عندما تغيرت السيطرة على حلب في عام 2016. فحلب، التي كانت تضم 5.5 ملايين نسمة من السنة العرب والتركمان، شهدت نزوحا هائلا عندما سيطر عليها نظام الأسد؛ إذ غادرها حوالي 4 ملايين شخص وانتقل نحو 2.5 مليون منهم إلى تركيا.
في حين تحولت إدلب، التي كانت بلدة صغيرة، إلى مدينة مكتظة بالسكان بسبب اللاجئين القادمين من حلب، حيث ارتفع عدد سكانها من مليون إلى 2.5 مليون نسمة. وظلت تحت إدارة هيئة تحرير الشام لسنوات عديدة.
أما عين العرب (كوباني)، التي كانت مدينة عربية، فقد تغيرت هويتها السكانية بعد أن سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية، مما دفع السكان العرب إلى النزوح غربا. وفي المقابل، كانت عفرين مدينة ذات غالبية كردية، لكن عندما استولى عليها الجيش السوري الحر، اضطر الأكراد للانتقال إلى تل رفعت وعين العرب.
حاجة للدعمكما هو واضح، كل شيء في شمال سوريا أصبح في حالة فوضى. خلال رحلتي من عفرين إلى حلب، لم أستطع إلا أن ألاحظ البنية التحتية المدمرة، والتوسع العمراني العشوائي، والطرق المتهالكة، والبلدات التي أصبحت خرابا. عندما نتحدث عن إعادة إعمار سوريا، فإن تحويل هذه المناطق إلى أماكن صالحة للعيش سيستغرق وقتا طويلا ويتطلب ميزانية ضخمة للغاية.
إعلانموارد سوريا الذاتية تكاد تكون معدومة وهي غير قادرة على سداد ديونها الحالية، مما يعني أن هناك حاجة ماسة لدعم دولي كبير. حتى في حلب، ثانية كبرى مدن البلاد، الكهرباء مقطوعة لفترات طويلة والمياه غير صالحة للشرب والأحياء الفقيرة -وخاصة التركمانية- تعرضت للدمار الكامل.
أهمل نظام الأسد، الذي حكم البلاد لعقود، الاستثمار في المدن والبنية التحتية، واختار بدلا من ذلك إنفاق الأموال على جمع السيارات الفاخرة. ومع إضافة 14 عاما من الحرب المدمرة، يمكننا فقط أن نتخيل حجم الكارثة التي حلت بالبلاد.
وأثناء قراءتكم لهذا المقال، سأكون على الطريق نحو الشام. سنرى ما الوضع في حماة، وحمص، ودمشق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نظام الأسد
إقرأ أيضاً:
ما اتفاقية فض الاشتباك التي ألغتها إسرائيل بعد هروب الأسد؟
#سواليف
مع #هروب #الرئيس_المخلوع #بشار_الأسد من #دمشق، بدأ #الجيش_الإسرائيلي توغلا بريا اجتاز على إثره #خط #فض_الاشتباك مع #سوريا، وسيطر على عدد من النقاط، بعضها يقع على مرتفعات في جبل الشيخ.
ووفقا لتقرير معلوماتي أعدته سلام خضر، يمثل جبل الشيخ نقطة إستراتيجية من الناحية العسكرية كونه يفصل بين لبنان وسوريا، وهو أيضا ملاصق للجولان السوري المحتل.
وكانت هذه المناطق مشمولة باتفاقية فض الاشتباك بين دمشق وتل أبيب، التي رعتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة سنة 1974.
مقالات ذات صلة سائق اردني قضى 17 عاما في السجون السورية يروي التفاصيل 2024/12/11** استغلال هروب بشار الأسد
ومع تواتر الأخبار عن هروب بشار الأسد من دمشق، سارعت إسرائيل لشن غارات جوية استهدفت مواقع عدة في العاصمة السورية، وذلك بعد وقت قصير من اجتيازها خط فض الاشتباك بحجة “استشعار الخطر على الحدود الشرقية”.
وتمثل حدود إسرائيل الشرقية -أو ما يسمى الخط الأرجواني- الحد الفاصل بين سوريا وإسرائيل وفق اتفاق فض الاشتباك الذي أوقف العمليات العسكرية بين الجانبين في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
ونص الاتفاق أيضا على إعادة رسم خطوط التماس بين الجانبين في مرتفعات الجولان السوري المحتلة، وقد استعادت دمشق بموجبه بعض المناطق منها مدينة القنيطرة، التي كانت إسرائيل قد احتلتها بعد حرب يونيو/حزيران 1967.
وبموجب الاتفاق، تم إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح تقع بين خطي تموضع القوات السورية والإسرائيلية، تنتشر فيها قوة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة الالتزام بفض الاشتباك.
وقد أبقت القوات الإسرائيلية هضبة الجولان تحت سيطرتها، كونها مصدر تهديد جيو-عسكري، حسب وصف رئيس وزراء إسرائيل السابق ليفي أشكول، ثم أعلنت ضمها رسميا عام 1981.
وكان قرار الضم محل اعتراض دولي حتى أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيادة إسرائيل على الجولان في 25 مارس/آزار 2019.
وفي صباح 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدأت إسرائيل توغلا تدريجيا نحو المنطقة منزوعة السلاح، لتفرض سيطرتها على نقاط بعمق بضعة كيلومترات، إضافة لمرتفعات جبل الشيخ الحدودية بين لبنان وسوريا.
وأمس الاثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما يسميه محور الشر، وإن فصلا جديدا من تاريخ الشرق الأوسط بدأ بسقوط بشار الأسد.
وقال نتنياهو، في كلمة مصورة، إن الجميع “بات يدرك اليوم الأهمية البالغة لسيطرتنا على هضبة الجولان التي ستبقى إلى الأبد جزءا لا يتجزأ من إسرائيل”.