في تطور مفاجئ ومؤلم، أثبتت نتائج فحص الحمض النووي (DNA) عدم وجود أي صلة قرابة بين الشخص الذي أفرج عنه مؤخرًا من سجن صيدنايا بدمشق، والعائلة الأردنية التي كانت تعتقد أنه ابنها المفقود منذ 38 عامًا، هذا الكشف أضاف تعقيدًا إلى قضية أسامة بشير البطاينة، الأردني الذي دخل السجن السوري في سن الـ18، ليعود في سن الخمسين فاقدًا للذاكرة ولا يحمل أي تفاصيل واضحة عن هويته.

قصة البحث الطويل عن الحقيقة

في وقتٍ سابق، كانت عائلة البطاينة قد تلقت نبأً مفاجئًا عن وجود شخص في سجن صيدنايا يدعي أنه أسامة، الذي فقد الاتصال بعائلته في عام 1986 بعد أن سافر إلى سوريا لمتابعة دراسته الجامعية.

وأظهرت التقارير في البداية أن الشخص المفرج عنه قد يكون هو أسامة، مما أثار مشاعر الأمل لدى عائلته التي انتظرت هذه اللحظة طويلًا.

إلا أن تحقيقات إضافية وفحص الحمض النووي لم تؤكد ذلك. وأعلنت عشيرة البطاينة، في بيان رسمي، أن الفحوصات أثبتت عدم وجود أي صلة قرابة بين الشخص المفرج عنه وأفراد العائلة، ورغم ذلك أشادت العشيرة بالتضامن الذي أبداه الأردنيون في متابعة هذا الملف، وأعربت عن شكرها العميق للأجهزة الأمنية الأردنية التي تعاملت مع القضية بمهارة، وكذلك للمستشفى الذي قدم رعاية نفسية متكاملة للشخص المفرج عنه، ولوسائل الإعلام التي كانت حريصة على تقديم المعلومات مع مراعاة الخصوصية.

الجهود الإنسانية والبحث المستمر عن أسامة

وفي تعليق له، ذكر الوزير الأردني الأسبق نضال البطاينة أن العائلة السورية التي زارت الشخص في سجن طرطوس قبل أشهر قد زعمت أنه ابنها.

لكن بعد مقابلة الشخص المفرج عنه من قبل أسامة's شقيقه وأفراد عائلته، بدأوا في التشكيك بصحة هذا الادعاء، رغم أن الأب أصرّ على أنه هو ابنه المفقود.

ونظرًا لهذه التطورات، أغلقت العشيرة القضية إعلاميًا حفاظًا على مشاعر الأطراف المعنية، إلا أنها أكدت استمرار جهود البحث الإنسانية عن أسامة، مؤكدة أن القصة لا تزال مفتوحة في سياق السعي لتحقيق الحقيقة.

التفاعل الرسمي والمجتمعي

وفيما يخص الإجراءات الرسمية، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أنها نقلت الشخص المفرج عنه إلى معبر جابر، حيث تم تسليمه لعشيرة البطاينة عبر الأمن العام.

هذه الخطوة جاءت بعد تأكيد من السلطات الأردنية أنه ليس الشخص المفقود، مما يزيد من تعقيد التحقيقات المتعلقة بمصير أسامة.

ظل الغموض يكتنف قضية أسامة بشير البطاينة، الذي غادر الأردن عام 1986 في رحلة بحث عن تعليم جامعي، ليجد نفسه بعد سنوات طويلة في سجن صيدنايا، فاقدًا لذكرياته، ولكن ما يزال يثير الكثير من الأسئلة حول ما حدث له خلال تلك السنوات الغائبة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: استمرار الأردنية التطورات الجامعية الحمض النووي الخصوصية السجن السوري السلطات المعلومات الفحوصات سجن صیدنایا فی سجن

إقرأ أيضاً:

«وسطاء المعرفة» ... الحلقة المفقودة بين الإنتاج والتأثير

إذا تحدثنا عن وسطاء التجارة؛ فإن المعنى القريب والنمطي الذي ينطبع في الأذهان هو عن سماسرة الصفقات التجارية، وللمعرفة –مثلما في التجارة- منتجين ومستفيدين، ولكن عملية نقل المعرفة البحثية والابتكارية إلى الممارسة تكتنفها التحديات والتعقيدات، وأصبحت الحاجة ملحة لوجود وسطاء، ولكن من نوعٍ آخر، وذلك لقيادة نقل الأدلة العلمية، وترجمتها إلى ممارسة ذات أثر.

بدأت منظومات البحث العلمي والابتكار في تأطير أدوار الوساطة المعرفية في نهايات العقد الماضي، وظهر في المحيط العلمي مصطلح «وسطاء المعرفة» الذي أُطلق على الوحدات المؤسسية التي تُعنى رسميًا بنقل التكنولوجيا إلى القطاع الصناعي، واكتسبت هذه الوحدات الأهمية الاستراتيجية بعد نجاح تجارب الدول الرائدة في تأسيس وتشغيل حدائق العلوم والتكنولوجيا، والمناطق العلمية، ومجمعات الابتكار، حيث أنه وبتأصيل هذه الهياكل المؤسسية في منظومات الابتكار، أصبحت أدوار الجهات المنتجة للمعرفة محددة، ودورة إنتاجها تنتهي بالتسويق والتتجير، وهي بذلك لا تختلف عن أي منتج آخر، وعليه أصبحت المخرجات البحثية والابتكارية بحاجة إلى الواجهة التي تربط بين المنتجين والمستفيدين، وتُسهل التفاعل بينهما، وكذلك توفر التغذية الراجعة لمنتجي المعرفة بشأن مجالات وأولويات الدورة القادمة من إنتاج المعرفة والتقانة، وبذلك فإن الدور الأساسي لوسطاء المعرفة هو نقل الأدلة العلمية من مختبرات البحث والتطوير إلى الصناعة، وراسمي الخطط والسياسات، ومتخذي القرار بشكل أسرع من النشر العلمي الرسمي في صورة أوراق علمية في مجلات ودوريات محكمة، وبمعنى أدق؛ يقوم وسطاء المعرفة بتجسير الفجوة بين المخرجات النظرية، والممارسة العملية.

وقد مهد هذا الفكر في ظهور نموذج «الارتباط والتبادل» الذي يقوم على دعم تطوير التعاونات الإيجابية بين الباحثين والمبتكرين من جهة، والممارسين وصناع القرار من جهةٍ أخرى، وهو نموذج عمل يستند إلى منطلق فكري مفاده أن إشراك مستخدمي المعرفة في عملية إنتاج هذه المعرفة هو أفضل مؤشر على استخدامها، والآلية الأكثر كفاءة لنقل مخرجات البحوث العلمية إلى تطبيق اقتصادي واجتماعي ملموس الأثر، ويعتمد النموذج بشكل محوري على معالجة أوجه القصور في قدرة الممارسين والمستفيدين على تفسير واستخدام أدلة البحث العلمي، وكسر الحواجز بين البحث والممارسة من خلال تشجيع الباحثين على أن يصبحوا سفراء موثوقين للجهات المستفيدة التي يقع على عاتقها في المقابل مهمة تغذية الباحثين بمسارات إنتاج الأدلة العلمية، ويتلخص دور وسطاء المعرفة ضمن نموذج الارتباط والتبادل في تعزيز الأدوار التكاملية بين الباحثين والممارسين.

وبالعودة إلى الأدوار الحاسمة التي يقوم بها وسطاء المعرفة في الربط بين المجتمعات الأكاديمية، ومجتمعات الممارسة، وصناعة القرار، فإنه من الأهمية بمكان تأطير أنشطة الوساطة المعرفية لكي لا تتداخل مع المهام المشابهة لها في مجالات إدارة المعرفة، إذ تندرج العديد من أدوات تمكين الوساطة المعرفية ضمن آليات العمل الاعتيادية في الإدارة المتكاملة لبرامج التعاون العلمي، مما يفرض الحاجة إلى بناء القدرات بشكل موجه وانتقائي، بما في ذلك تعزيز مهارات محددة مثل الذكاء الاجتماعي، والتفاوض الفعال، والقدرة على تنفيذ تمارين التشاور عبر لجان استشارية متعددة القطاعات، والمهارات الفنية في رسم الخرائط البحثية، وكيفية إدراج احتياجات المعرفة على الأجندة العلمية، وتحويل احتياجات وتحديات المستفيدين إلى أسئلة بحثية، وسرعة الكشف عن التصورات السلبية السابقة لدى أطراف الوساطة المعرفية، وترسيخ المصداقية، والثقة المتبادلة، ومبادئ العمل المشترك من منطلق تقاسم المنفعة.

وهذا يقودونا إلى الصورة الهيكلية لوسطاء المعرفة، إذ اقتصر الجيل الأول على الكيانات المؤسسية، مثل مكاتب نقل وتوطين التكنولوجيا، ومراكز التعلم المستمر وخدمة المستفيدين في الجامعات، وشركات الاستشارات، وشركات الاستثمار، ومراكز الفكر، والأكاديميين أنفسهم، ولكن واقع وسطاء المعرفة قد تغير جذريًا، وصار يضم مختلف الأشكال المؤسسية والفردية والبرامجية، وهذا يعكس المرونة التي اكتسبتها الصورة الوظيفية لوسطاء المعرفة مع التحولات التكنولوجية المتلاحقة، وتباين الاحتياجات والموارد الفعلية في القيام بدور الوساطة المعرفية وفقًا لمجالات الأدلة العلمية، ومتطلبات الجهات المستفيدة، والتي قد تشمل الوصول إلى قواعد بيانات الأبحاث ومخرجاتها، أو خبرات معينة، أو القيام بمهام تقنية تخصصية مثل النمذجة والاستشراف، وعلى نحو مماثل، تتطلب الوساطة المعرفية أحيانًا غطاءً مؤسسيًا لتيسير مهامها، وبذلك فهي لا تتناسب دائماً مع الأفراد الذين يقومون بهذا الدور، والأمثلة عديدة، وهي غالبًا ما ترتبط بالمخرجات البحثية والابتكارية ذات الموثوقية العالية مثل: براءات الاختراع، أو مختلف أشكال الملكية الفكرية، والنماذج الصناعية، فهذه المخرجات تتطلب إلى بناء شراكات وتعاونات معززة بأطر حماية، وضمانات الاستغلال الأمثل، وهي مهام قد لا يكون تنفيذها سهلًا على الوسطاء الأفراد، مع الأخذ في الحسبان بأن نقل المعرفة والوساطة المعرفية في الغالب تمثل نوعًا مركبًا من الأنشطة العلمية والمهارات الاجتماعية التي يصعب تقييم مدخلاتها بشكل مباشر.

إن إدماج وسطاء المعرفة في المشهد الأكبر لمنظومات البحث العلمي والابتكار يُعد ضمن أهم الاستراتيجيات التمكينية لعبور الفجوة بين إنتاج المعرفة، واكتساب الأثر من تنفيذها، مما يتطلب تعزيز نقل وانتشار المخرجات البحثية، والأدلة العلمية عبر الحدود المؤسسية، وإتاحتها لمجتمعات الممارسة ومتخذي القرار، وإيجاد كينونة للوساطة المعرفية تجمع بين القدرات العلمية ورأس المال الاجتماعي، على أن يتم توجيهها أولًا نحو تقييم الحواجز التنظيمية والمعنوية بين مختلف أطراف ومراكز المنظومة البحثية والابتكارية، ثم التركيز على استقراء القدرة الاستيعابية للجهات المستفيدة من المعرفة العلمية والتقنية، ومدى استعدادها لتنفيذ المخرجات العلمية، وتقبل التغيير، وذلك للمساهمة في استحداث نماذج عملية للوساطة المعرفية بحيث تكون متسقة مع احتياجات منظومة البحث العلمي والابتكار، وبذلك يمكن إرساء الشفافية الفكرية من خلال التعاون والشراكة، والتي منها يتم تدفق المعرفة، وكذلك ترسيخ الروابط الاجتماعية والمهنية للمجتمعات العلمية مع الجهات المستفيدة منها، وتطوير الفهم المتبادل للمجالات العلمية العميقة، وكذلك ترجمة المصطلحات المتخصصة، والمعرفة التقنية والنظرية، ومختلف أشكال التفكير والتعبير العلمي إلى لغة مبسطة، وقابلة للتواصل والتفاوض مع الممارسين، والقطاعات الإنتاجية والصناعية، وتيسير الوصول إلى الأدلة المستمدة من البحث العلمي، أو البيانات، أو الخبرة العملية والمعرفة الضمنية، وكذلك نقلها إلى حيث ستكون أكثر تطبيقًا واستفادةً.

مقالات مشابهة

  • «وسطاء المعرفة» ... الحلقة المفقودة بين الإنتاج والتأثير
  • الصحة الفلسطينية تكشف سبب رفض الحالات المرضية التي حصلت على الموافقة للسفر
  • الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء شخص سرقة مسكن جدته بالقاهرة عقب إزالة العقار
  • في اليوم العالمي للصرع.. هيئة الدواء تكشف 7 خطوات للتعامل مع مصاب النوبة
  • «التعليم» تكشف حقيقة إلغاء التقييمات الأسبوعية في شهر رمضان
  • بعد جدل شريف مدكور.. أسامة الجندي يوضح حقيقة عذاب القبر ونعيمه
  • مصر.. الداخلية تكشف حقيقة منشور بالعثور على جثة فتاة أعضائها مسروقة
  • الكشف عن أبرز البنود التي تحوي المشروع الوطني الذي قدمته القوى السياسية
  • بوسي شلبي تكشف حقيقة طلاقها من الراحل محمود عبد العزيز
  • الداخلية تكشف حقيقة العثور على جثة فتاة مسروق أعضائها بالمنوفية