مع تواصل الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان عامة لاسيما في الخرطوم، يعيش إقليم دارفور غرب البلاد، تبعات هذا الاقتتال، لاسيما في غرب دارفور.
فيما أكد سلطان قبيلة المساليت سعد عبدالرحمن أن ما يحدث في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور ليس صراعاً قبلياً بل صراع بين الدعم السريع ومكونات المدينة.


غنية باليورانيوم والذهب
كما اتهم قوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو الملقب بـ “حميدتي” بنه يريد تطهير المساليت، والاستيلاء على الجنينة ليجعلها منطلقاً لعملياته ضد الجيش السوداني.
إلى ذلك، اعتبر أن هدف حميدتي السيطرة على المدينة لأنها غنية باليورانيوم والذهب، فضلاً عن أنها مركز تلاقي السودان بإفريقيا الوسطي وتشاد وليبيا، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
شبح حرب عرقية وقبلية
وكانت الجنينة شهدت منذ أشهر عدة قتالاً عنيفاً وأعمال تصفية، دانتها الأمم المتحدة محذرة من شبح حرب عرقية وقبلية في هذا الإقليم المثخن بالجراح.
وفي يونيو الماضي اغتيل والي غرب دارفور خميس عبدالله أبكر، وأحد رموز قيادات قبيلة “المساليت” ليزيد التوتر في تلك المدينة، لاسيما أن هذا الاغتيال أتى بعد أيام على مقتل طارق عبد الرحمن بحر الدين، شقيق سلطان قبيلة المساليت.
يذكر أنه منذ اندلاع القتال بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد منتصف أبريل الماضي تصاعدت المخاوف من انزلاق إقليم دارفور في أتون حرب أهلية وقبلية مريرة، لا سيما أن المنطقة تحفل بذكريات أليمة.
إذ يزخر هذا الإقليم الشاسع الذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى، فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
فقد اندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيول، وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.
ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فلا يزال التوتر مستمراً منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه.
وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبياً، ليعود إلى الاشتعال ثانية إثر النزاع الذي اندلع بين الجيش والدعم السريع!

الحدث

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع غرب دارفور

إقرأ أيضاً:

هل دخل السودان عصر الميليشيات؟

هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.

إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.

أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.

الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.

كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.

بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».

مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.

الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.

فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يحاصر الدعم السريع بالخرطوم والسلطات تكتشف مقبرة جماعية
  • الجيش السوداني يضيق الحصار على الدعم السريع ويقترب من القصر الرئاسي
  • السودان.. الجيش يقترب من القصر الرئاسي وهروب لقوات الدعم السريع
  • تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم
  • الجيش يرد على إدعاء الدعم السريع امتلاك منظومة دفاع جوي حديثة في نيالا
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • محكمة الإرهاب تطلب  بمثول قادة بارزين بالدعم السريع في قضية مقتل والي غرب دارفور 
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع