رئيس الإنجيلية: التطورات التكنولوجية تجعل حياة الإنسان أسهل لكنها أيضًا تثير بعض المخاوف حول توجه البعض
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الدكتور القس أندرية زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، إنه مع كل تطور جديد تشهده البشرية، خصوصا في مجال التكنولوجيا، يعيد الإنسان طرح عدد مهم من الأسئلة، حول فائدة هذا التطور، أو ربما أضراره، أو تأثيراته الأخلاقية والسلوكية علي البشر، وصحيح أن التطورات التكنولوجية تهدف بالأساس إلى جعل حياة الإنسان أسهل، لكنها أيضًا تثير بعض المخاوف حول توجه البعض لإساءة استخدامها في إيذاء الآخرين .
وأضاف رئيس الطائفة الإنجيلية خلال الكلمة الافتتاحية تحت عنوان “ الذكاء الاصطناعي والذكاء الأصلي في إطار معايير الله ومسؤولية الإنسان”، لعدد خريف 2024 - 13 من مجلة النسور(غير دورية تصدر عن الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية)، أنه نتيجة لهذا يتجه الإنسان لوضع ميثاق أخلاقي ينظم هذا الاستخدام، ليكون بمثابة عقد اجتماعي ينظم العلاقات في إطار هذا التطور الجديد.
واختتم الدكتور القس أندرية زكي رئيس الطائفة الأنجيلية بمصر، كلمته قائلاً : يمكن للكنيسة بل ويجب عليها أن تكون جزءًا من استكشاف هذا العالم لتطوير خدمتها واستخدام هذه الأداة لمجد الله وعمل الملكوت، وكذلك أن تكون جزءًا من النقاش الأخلاقي حول الذكاء الاصطناعي . من خلال الانخراط في الحوارات حول الأخلاقيات في استخدام التكنولوجيا وتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تحترم الكرامة الإنسانية وتراعي العدالة الاجتماعية، يمكن للكنيسة أن تلعب دورًا رائدًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا وفقًا للقيم الإنسانية .
واخيرًا، الذكاء الاصطناعي يقدم فرصًا هائلة لتحسين حياة البشر، لكنه يطرح ايضًا تحديات أخلاقيةً ومخاطر يجب مراعاتها .فيجب ان تستخدم هذه التكنولوجيا بمسسؤولية أخلاقية وإنسانية وحضارية، مع التركيز علي تعزيز القيم الإنسانية والخدمة للآخرين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الدكتور القس أندرية زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر رئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية التكنولوجيا الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
كواليا الذكاء وزومبي الآلة
ماجد المرهون
majidomarmajid@outlook.com
بدأت الحياة بعد خلق الجزيء البروتيني الأول، تسارعًا بيولوجيًا منتظمًا، ومر بمراحل تطورية كثيرة تعتمد على المبدأ الذي لا يزال مستمرًا؛ وهو المعلومات المُكتسبة للكائنات وتفاعلها مع بيئتها وفي محيطها، ولكنه تطورٌ بطيء نسبيًا قياسًا بقوانين وقتنا التقليدي، حتى إذا ترسَّخ مفهوم الحياة بوجود الكائنات الحية العاقلة وعلى رأسها الإنسان توسعت مُدركاته إلى التطور الثقافي بحيث يُعيد تصميم أساليبه الفكرية إلى مراحل أكثر تقدمًا من الإبداع، وصولًا إلى الفنون والمُعتقدات والأديان ثم تبسيط سُبل معيشتهِ بُغية الرفاهية بأقل جهد مُمكن، إلى أن وصلنا اليوم للتطور التكنولوجي وبدأت تلوح في الأفُق ملامح تطور البرمجيات لإعادة تشكيل نفسها باكتساب وعيها الذاتي القادر على اتخاذ القرار في معزلٍ عن تدخل صانِعها الإنسان.
بدأ اعتقاد سيطرة الذكاء الاصطناعي على الإنسان وربما الإنسانية يتسرب إلى أفكار الكثير من الناس، وقد جاء هذا الاعتقاد نتيجة التراكُم الثقافي من خلال التأصيل له في صناعة السينما وقصص الخيال العلمي، حتى بات البعض يُجزم بأن هذا التطور سيقضي على الكثير من الصناعات والوظائف، طبعًا لن يحل الذكاء الاصطناعي الذي لا يصنع رغيفًا محل الذكاء الإنساني إلا في حالةٍ واحدةٍ فقط وهي عزل الإلهام الفِطري -مُحرك الإنسان الخفي- وهذا الاستثناء يُكافئ مُعتقد عبَّاد العلم واللادينيين من مُنكري الروح، ويميل بهم جدًا إلى تأكيد فرضية سيطرة الآلة إلى درجة التحكم بكل مفاصِل الحياة وهو افتراض لا يتأكد عن المؤمنين بوجود الخالق والروح والتكليف المُرتبط بالوعي.
لا يزال الوعي في أصلهِ مُبهمًا ولا يوجد له تعريفٌ حقيقي مُقنع، إلّا أن الإدراك العقلي للحدث واتخاذ القرار في نوعية التعامل معه هو أبسط شرحٍ يُمكن تلخيصه، كما أن للحيوانات نوعا من الوعي بتطويع تفاعلها غرزيًا للبقاء فقط وهذا في أقل مفاهيمه أو ما يُعرف بـ"الكواليا"؛ وهي الطريقة التي يرى بها كل مخلوق العالم من منظورهِ الخاص وكيفية إدراكه وتحليله وآلية التعامل معه واستقلالية قراره بما في ذلك الفِطرة الحيوانية، إلا أنها تختلف عن فطرة الإنسان الدافعة للبحث والترقي المعرفي والمعيشي السريع، وهي تواكب حقيقة بقاء الإنسان مُتحكمًا بمجريات الأمور وفي مُقدمتها صناعة واتخاذ القرار، باعتبار أن ذكاء الآلة مهما بلغ حجم المعلومات وتنظيم الأولويات اصطناعيا سيفتقر على الدوام لاكتساب وعيه الخاص لعدم وجود الروح وما ينتج عنها من تفاعلات لاعتبارات حسية وعاطفية.
سيقوم الإعلام من مُنطلق شغف الإنسان بالغرائب والعجائب بالترويج لفرضيات هيمنة الآلة بذكائها المُصطنع على تسيير مُجريات الأحداث مُستقبلًا بحيث تعمل بموجب وعيها الخاص والذي تبني عليه عملية صناعة القرار من الصفر ونزاهة اتخاذه دون دخالةٍ إنسانية، مع أنه أمر غير وارد، إلّا ما تم إدخاله إنسانيًا لها ولكن هناك من يُحاول تأكيد الوعي المُستقِّل للذكاء الاصطناعي وتضخيمه إلى منزِلة تحكُمه المُطلق بِكل شيء، ومن البديهي أن تظهر في هذه المرحلة تحديات أخلاقية حول مفاهيمٍ لم تُعرف سابقًا ويمكن تحليلها في تأمُلاتٍ عقلية جديدة تُفضي إلى فلسفة الزومبي كنُسخة من الإنسان المُتصرف ولكنه غير قادر على إدراك نفسه.
يذهب بعض خُبراء الغرب من علماء وفلاسفة محدثين وشخصياتٍ مرموقةٍ من رجال أعمال وسياسيين إلى ما بعد الذكاء الاصطناعي فيما يُسمى بالذكاء الخارق، وذلك لأن الإنسان هو المخلوق الوحيد على الأرض الذي يُمكنه تصور خيالات وخُرافات وما ورائيات قد لا تكون موجودة إلّا في خياله، ومع إضفاء بعض المُمارسات الحياتية المتزامنة مع تلك التصورات فإنها ستتخذ نوعًا من الصلابةِ في ذهنه وتتحول بمرور الوقت إلى مُسلَّماتٍ شبه حقيقةٍ يمكنه التعامل معها على أسس وجودية كالتطور التكنولوجي الخارق، بحيث تُعيد الآلة بناء وعيها الذاتي وتنقلب على البشر وهذه رؤية ذات نزعة خيالية مُحبَّبه وجاذبة، مع عدم نفينا بأن قمة الذكاء أن يتحاور المرء مع جهازٍ إلكتروني في حديثٍ يصل إلى عدم القدرة على التمييز بينه وبين الإنسان، ولكن هذا لا يُثبت أن تلك الآلة تتحدث بوجوب وعي إدراكي كون حديثها ما هو إلا بِناء على مخزونٍ تراكميٍ هائل من المعلومات تقوم بحوسبة خوارزمياتها محركات صياغة بالغة السرعة وهي تتضخم وتتعاظم شبكيًا بحسب زيادة عدد المُستخدمين والذين يقومون بدورهم في تغذيتها بالمعلومات، فضلًا عن المعارف الموسوعية التي غُذيت به تلك المُحركات، وسوف تعود للعدم في حالة انقطاع الكهرباء عنها.
وفي الأخير.. لا يسعني إلّا التساؤل أين نحن من كُل هذا، وهل نعي فعلًا أهمية سباق الذكاء الاصطناعي؟! لا يبدو لي ذلك لأنني سئمت مقولة توحد الجهود العربية وبتنا نقف موقف المُتفرج على حرب تقنيةٍ باردةٍ في ظاهرها ساخنة وفي باطنها كما تفرجنا سابقًا على عدة معارك، وأمثلنا طريقة هو من يستطيع الكلام كما أفعل الآن وانتظار نتائج اصطراع المُعسكر الغربي الأمريكي مع المُعسكر الشرقي الصيني في محاولات السيطرة عليه وامتلاك النفوذ الأكبر للتحكم به، لأنها بلغت مبلغًا بعيدًا من الوعي في إدراك أهمية وضرورة هذه الثورة العلمية الاستثنائية وغير المسبوقة في تاريخ التطور الإنساني.