محمد عثمان مناع

طرحتُ مقترح حكومة المنفى لاجتماع تقدم الأخير، كما تم تقديم نفس المقترح بواسطة إحدى مكونات تقدم في نفس الاجتماع.

للأسف الشديد لم يتمكن مقدمو المقترح من طرحه على الوجه الصحيح، وغاب عنهم التكييف القانوني والإجرائي لمفهَوم حكومة المنفى.

تابع الجميع استغلال إعلام الفلول للفجوة الإعلامية لتقدم وشراستهم لإجهاض أهم وأقوى آليات العمل المدني لإسقاط ومناهضة حكم العسكر، حكم الحرب والسلاح.

ولعلي هنا أحاول شرح مقترح حكومة المنفى بطريقة مبسطة ليتلقاها كل متابع للحراك المدني، ويسعى لوقف الحرب وإنهاء معاناة المدنيين في أرجاء الوطن المستباح من حملة السلاح.

وأبدأ بأن الحكومات المتعارف عليها:

حكومة الأغلبية: وهي الحكومة المكونة نتيجة لانتخابات حرة في نظام ديمقراطي حر خاضعة لمراقبة جميع المكونات المدنية. فهي إما حكومة حزب واحد أو عدة أحزاب مؤتلفة.

حكومة الظل: وهي حكومة المعارضة في البرلمان.

حكومة الأمر الواقع: وهي الحكومة الناتجة من انقلاب عسكري ضد رغبة الجماهير، وقد تستصحب معها أحزاب لا تلتزم بالعمل الديمقراطي الحر.

حكومة الانتقال: تكون عقب القضاء على حكومة الانقلاب العسكري للتمهيد لعملية الانتخابات الحرة

حكومة المنفى: تكون في حالة الانقلاب على الحكم المدني بواسطة المؤسسة العسكرية على أحد أنظمة الحكومات الديمقراطية أعلاه، ويحق للمجتمع المدني المتضرر أن ينادي كافة مكوناته لتأييد حكومة منفي لمناهضة سلطات الانقلاب والعمل مع المجتمع الدولي المساند لها لعزلها دوليا وإجبارها للخضوع للسلطة المدنية.

وفي حالة وجود ظروف أمنية طاحنة، كاشتعال الحروب الأهلية المسببة لنزوح المدنيين وتعرض سبل عيشهم وحياتهم للخطر المميت تكون من أهم مهام حكومة المنفى طلب العون من المؤسسات الدولية والإقليمية التدخل لحماية المدنيين، بالتدخل المباشر أو غير المباشر عن طريق القوى الإقليمية.

وعلى ذلك تكون حكومة المنفى معرفة الصلاحيات لسلطات الداعمين المحلية والإقليمية، وعلى مستوى المؤسسات والحكومات الصديقة.

حكومة المنفى إذا محددة الأهداف ومعرفة، ويكون مقرها إحدى الدول الصديقة التي تعلن عن وجودها علي أراضيها وتسمح لها بالعمل على إنجاز مهامها.

تضع حكومة المنفي خارطة طريق لاستعادة شرعيتها على أرض الوطن وحماية كافة الحقوق المدنية وحماية المدنيين المتأثرين بالعمليات العسكرية التي تقوم بها حكومة الانقلاب العسكري وفصائله.

إن وجود وسائط التفاعل الاجتماعي يمنح حكومة المنفى ميزة إضافية للوصول إلى مواطنيها المهجرين قسرا في مختلف الدول والمقيمين تحت قهر العسكر، لحشد التأييد وتداول أعمال الحكم عن بعد بكفاءة وبسرعة.

تعتبر حكومة المنفى الأداة الرسمية التي يخاطب بها التحالف المدني المجتمع المحلي والدولي لإنهاء حالة الانقلاب العسكري ووقف الحرب.

تنتهي أعمال حكومة المنفى بزوال الأسباب التي أدت إلى نشوئها.

إذا التكييف القانوني لحكومة المنفى هو نفس التكييف القانوني الممنوح للحكومة الانتقالية، وتستند إلى هذا التكييف في رفضها للخضوع لأحكام حكومة الانقلاب العسكري.

هذا، بالإضافة إلى تمسكها بالقانون العسكري الساري للمؤسسة العسكرية الذي يلزمها بمحاكمة المنفذين للانقلاب العسكري وفق السوابق القضائية الواردة بأمره.

على هذا التعريف تكون حكومة المنفى أعلى درجات مسؤولية التنظيمات المدنية المناهضة لحكم العسكر وإيقاف الحرب المشتعلة لتبرير وجوده. كما أن التقصير في التوافق عليها ومباشرة مهامها هو التقاعس المخل بعمل أي كيان مدني يمثل القوى المدنية تحت أي ظرف من مراحل العمل الثوري لاستعادة الشرعية الثورية.

الوسوممحمد عثمان مناع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الانقلاب العسکری حکومة المنفى

إقرأ أيضاً:

"غارديان": المعاناة في غزة لا ينبغي أن تكون حتمية

ترى صحيفة "غارديان" البريطانية في افتتاحيتها، أن المعاناة التي يشهدها قطاع غزة المحاصر والمستمرة منذ أكثر من عام، لا ينبغي التعامل معها على أنها كارثة حتمية.

وتقول الصحيفة إن العام الجديد بدأ بشكل كئيب في غزة، مثل نهاية عام 2023. ومع اقتراب شهر ديسمبر (كانون الأول) 2024 من نهايته، أعلنت الأمم المتحدة أن نظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار التام بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وفي غضون أيام من بداية العام الجديد، حذر مسؤول في الأونروا من أن النظام الاجتماعي سينهار إذا أنهت إسرائيل كل تعاونها مع وكالة الإغاثة للفلسطينيين "الأونروا" في وقت لاحق من هذا الشهر، كما هو مقرر.
أزمة مألوفة

وفيما بينهما، قتل عشرات الأشخاص في غارات إسرائيلية مكثفة، بما في ذلك في منطقة تم تصنيفها كمنطقة آمنة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 45 ألف شخص لقوا حتفهم هناك خلال 15 شهراً منذ هجمات حماس في جنوب إسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أن أزمة غزة أصبحت مألوفة ولا هوادة فيها الآن لدرجة أنها باتت تتصدر العناوين الرئيسية والاهتمام الدولي. ومع ذلك، فمن المؤسف للغاية أن ما يحدث من معاناة هناك يتكرر ويصبح حقيقة واقعية.
وعن معاناة الغزيين توضح الصحيفة أن ما لا يقل عن سبعة أطفال توفوا بسبب البرد في الأسابيع الأخيرة. وتم تهجير جميع السكان البالغ عددهم 1.9 مليون نسمة تقريباً، وفي معظم الحالات بشكل متكرر. إنهم مرهقون ومصدومون، كما تقول الصحيفة، حيث تشير التقديرات إلى أن 91% يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقاً للأمم المتحدة.

WATCH ????????

UNRWA CHIEF: “We are running out of words to describe the situation in Gaza. Our colleagues describe “a post-apocalyptic environment and people are just living among garbage, sewage water, in the rubble, and they are struggling because they are confronted on a daily… pic.twitter.com/MowgnB8zlg

— Open Source Intel (@Osint613) December 16, 2024

كما أن هناك تقارير تفيد بأن إسرائيل تدرس الحد من المساعدات الإنسانية بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. على الرغم من أن تلك المساعدات هي بالفعل إلى حد كبير أقل من المستوى المطلوب.
فوفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، دخلت 2205 شاحنة مساعدات فقط إلى غزة في ديسمبر (كانون الأول)؛ وتقول إسرائيل إن العدد كان أكثر من 5000 شاحنة. وقبل الحرب، عندما كانت الاحتياجات أقل بكثير، كان يدخل حوالي 15000 شهرياً.

خنق المساعدات

وتقول منظمة "أوكسفام" إن 12 شاحنة إغاثة فقط تمكنت من توزيع المساعدات على المدنيين الذين يتضورون جوعاً في شمال غزة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى أواخر ديسمبر (كانون الأول). وعلى الرغم من ذلك، فقد خلصت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أن إسرائيل لا تمنع المساعدات وتخطط لبيع أسلحة أخرى بقيمة 8 مليارات دولار.
وسط هذه المعاناة، وبالنظر إلى الكثير من فرص وقف إطلاق النار الضائعة، فإن قلة من الناس يثقون في الاقتراحات بأن الهدنة المنتظرة وإطلاق سراح الرهائن يمكن أن يكونا قاب قوسين أو أكثر، بحسب الصحيفة.

.@guardian view on Gaza’s suffering: a deepening disaster should not be treated as inevitable "Oxfam says only 12 aid trucks managed to distribute aid to starving civilians in northern #Gaza from October to late December" https://t.co/xUJqEQRUOJ

— Oxfam News Team (@oxfamgbpress) January 8, 2025

وفي أحسن الأحوال، توضح "غارديان" أن الصفقة ستكون جزئية، بمعنى أن المناقشات قد تركزت على 34 رهينة جاءت أسماءهم على "القائمة الإنسانية" للنساء والأطفال وكبار السن، لكن لا أحد يعرف عدد القتلى من الرهائن حتى اللحظة.
وكما تدرك عائلات الرهائن الآخرين جيداً، فإن إطلاق سراحهم سيخفف معظم الضغط السياسي الذي يشعر به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لإجباره على عودتهم. لكنه في كل الأحوال بات على بعد أقل من أسبوعين من شعوره بالطمأنينة بعد إعلان إدارة ترامب الثانية.
وأكدت حركة حماس مجدداً أنها لن تفرج عن أي شخص ما لم تلتزم إسرائيل بإنهاء الحرب بشكل كامل.

أمل في 2025

لكن الصحيفة البريطانية ترى أنه حتى إذا أعلن وقف إطلاق النار، فإن احتمالات استمراره تبدو سيئة.
وترى رؤية نتانياهو للحرب التي لا نهاية لها أن إسرائيل مستعدة لاستئناف معركتها في جنوب لبنان مع حزب الله، أو تكثيف الضربات على الحوثيين في اليمن، أو ربما المغامرة لأبعد من ذلك، في الضربات على إيران أو الصراع مع تركيا.

‘Death is everywhere’: fears grow that Israel plans to seize land in Gaza https://t.co/x4aBIrFBqj

— Guardian Australia (@GuardianAus) November 2, 2024

ولم يضع نتانياهو خطة أو رؤية لـ"اليوم التالي" في غزة، حيث تم التنصل رسمياً من "خطة الجنرالات" التي طرحت في إسرائيل والتي تتضمن فرض الحصار على الشمال ومعاملة جميع الذين لا يغادرون أو لا يستطيعون المغادرة كمقاتلين، لكن العديد من الفلسطينيين وغيرهم من المراقبين يعتقدون أنه يتم تفعيل هذه الخطة على الأرض بالفعل.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أنه حتى السلام الفوري والدائم لن يوقف مقتل المدنيين في غزة. فالاحتياجات هائلة للغاية والقدرة على تلبيتها تنهار بشكل دراماتيكي. لكن الإفراج الكامل عن الرهائن، والوقف الدائم لإطلاق النار، والزيادة الهائلة في المساعدات، التي يتم تسليمها من خلال الآليات القائمة، لا تزال هي الحد الأدنى المطلوب لتوفر الأمل الوحيد لسكان القطاع لعام 2025 والسنوات القادمة.

مقالات مشابهة

  • وزارة العدل وحقوق الإنسان تدين العدوان الثلاثي على اليمن
  • وزارة العدل وحقوق الإنسان تُدين بأشد العبارات العدوان الثلاثي على اليمن
  • حكومة مدنيه في اراضي الدعم السريع هي الوحيدة التي ستحفظ وحدة السودان، فمم وًلماذا تخافون ؟
  • اللجنة الوطنية في تعز تستمع لشهادات الضحايا في وقائع استهداف المدنيين الأخيرة
  • أهالي جنود الاحتلال لنتنياهو: لن نسمح أن تكون غزة مقبرة لأبنائنا
  • زعيم المعارضة في موزمبيق يعود من المنفى وسط استنفار أمني
  • "غارديان": المعاناة في غزة لا ينبغي أن تكون حتمية
  • هجوم الطائرات المُسيّرة على «الأبيض» .. تحول جديد في الصراع يُضاعف مخاوف المدنيين 
  • الحرب المنسية والمدمرة فى السودان.. كارثة إنسانية يتجاهلها العالم: 150 ألف قتيل و11 مليون نازح
  • حرب السودان المنسية.. عندما يمتزج الألم مع الإيمان بالقضاء والقدر