هل نعى بنك السودان المركزي خطوة تغيير العملة؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
اعتبر خبراء اقتصاديون أن بنك السودان المركزي قد "أعلن" عن فشل خطوة تغيير العملة الوطنية قبل أن تبدأ يوم الثلاثاء، حيث اقتصرت عملية التغيير على 7 ولايات من أصل 18 ولاية في البلاد، مع اعتبار العملة القديمة سارية المفعول في 11 ولاية لم تشملها العملية، مما يمثل أكثر من 80% من الاقتصاد الوطني.
ويُذكر أن 95% من الكتلة النقدية، التي تُقدّر بحوالي 900 تريليون جنيه، يتم تداولها خارج النظام المصرفي. كما شهد سعر صرف الجنيه السوداني تدهورًا كبيرًا بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023، حيث يُتداول الدولار حاليًا بحوالي 2300 جنيه مقارنة بـ600 جنيه قبل الحرب.
ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن تصحيح الوضع سيكون صعبًا في ظل الارتباك الكبير الذي أحدثه القرار، خاصة في ظل الظروف الأمنية الراهنة والموارد الكبيرة التي تم إنفاقها على طباعة العملة الجديدة.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع امريكا إنهاء الحرب في السودان؟!
مناظير الثلاثاء 11 فبراير، 2025
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* نشر موقع (LAW FARE) الامريكي الشهير المختص في شؤون الحرب والصراعات والاستخبارات والعلاقات الدولية والقضايا السياسية والقانونية مقالاً في الثالث من فبراير (2025 ) للموظفة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (لمدة 17 عاما) والمختصة في تحليل الشؤون الافريقية (هولي بيركلي فليتشر) تحت عنوان (الحرب في السودان وحدود القوة الأمريكية)، تناولت فيه الحرب الدائرة في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في انهاء الحرب، وعلى عكس ما يعتقد أو يأمل الكثير من السودانيين بأن تلعب الإدارة الامريكية الجديدة تحت قيادة الرئيس (ترمب) دورا جوهريا في انهاء الحرب، فإنها تتوقع او بالأحرى تخلص الى ان الولايات المتحدة ليس لها سوى القليل جدا لتفعله ــ إن وُجد ــ لانهاء الحرب في السودان.
* تصف (فليتشر) الحرب بين القوات المسلحة والدعم السريع بأنها (صراع على السلطة)، افضى الى واحدة من اسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ورغم ذلك فإنها لم تُحظ إلا بتغطية إعلامية ضعيفة، وعزت ذلك لصعوبة الوصول إلى السودان (حتى قبل اندلاع الحرب)، خاصة خارج العاصمة الخرطوم التي تعرضت الى دمار شامل، بالاضافة الى الجهل الواسع واللامبالاة تجاه الشؤون الإفريقية في الغرب حتى بين النخب المثقفة، فقد احتلت إفريقيا مرتبة متدنية ضمن أولويات السياسة الخارجية الأمريكية عبر إدارات متعددة، بما في ذلك إدارة الرئيس بايدن، الذي لم يزر القارة إلا في الأشهر الأخيرة من ولايته.
* وتضيف، ان القليل من التغطية الإعلامية للحرب السودانية يركز غالبًا على انتقاد ضعف الاهتمام الدولي، مع الادعاء بأن الولايات المتحدة يمكن أن تفعل المزيد، ورغم وجود العديد من المحللين الذين يقترحون حلولًا لإنهاء الحرب، إلا ان توصياتهم غالبًا ما تكون متناقضة وغير واقعية. فمن جهة، يطالبون بتدخل أمريكي أكبر، ومن جهة أخرى، يدعون إلى تمكين الدول الإفريقية لحل أزماتها بنفسها. كما يطالبون الولايات المتحدة باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الأطراف الفاعلة السيئة، لكنهم في الوقت نفسه يقرون بأن العقوبات الأمريكية ضعيفة التأثير.
* تقول (فليتشر)، انه بعد ما يقرب من 20 عامًا من تغطيتها للشؤون الإفريقية داخل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، فانها ترى أن الولايات المتحدة لا تستطيع فعل الكثير لإنهاء الحرب في السودان، فالأطراف المتحاربة لا تُظهر أي رغبة في وقف القتال، وإجبارها على ذلك سيتطلب تدخلاً عسكريًا قويًا، وهو أمر غير واقعي وغير مناسب في سياق السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب الباردة.
* غير ان هذا لا يعني أنه لا ينبغي عدم محاولة تخفيف معاناة السودانيين، أو دعم جهود السلام عندما يصبح الطرفان أكثر استعدادًا للحوار. كما أنه لا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تنسحب من إفريقيا تمامًا، وهو ما قد تفعله إدارة ترامب بناءً على تجربتها الأولى التي تميزت بتجاهل شبه كامل للقارة، باستثناء بعض التدخلات العشوائية عند إثارة قضايا معينة مثل مقتل المزارعين البيض في جنوب إفريقيا أو الصراع على سد النهضة الإثيوبي. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يهتم ترامب كثيرًا بالسودان، إلا إذا كان من الممكن إغرءه بالحديث عن الذهب الذي يمتلكه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي). فهو من العاشقين للذهب (اى ترمب).
* وفي اجابة على السؤال: (ماذا فعلت الولايات المتحدة حتى الآن؟) تقول (فليتشر)، بأنه منذ الإطاحة بعمر البشير في عام 2019، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، دعمًا ماليًا وفنيًا للحكومة الانتقالية في السودان، وساعدت في تنفيذ خارطة طريق للتحول المدني. كما ساهمت في التفاوض على اتفاقية جوبا للسلام بين الخرطوم والمجموعات المتمردة، لكن انهيار الحكومة الانتقالية بعد انقلاب عسكري عام 2021 والصراع على السلطة بين الحلفاء السابقين ادى الى نشوب الحرب، ولقد حاولت إدارة بايدن مرارًا التوسط لوقف إطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ولكنها لم تحقق سوى نجاح محدود في هذا الصدد، وقبل فترة قصيرة من انتهاء حكم الرئيس بايدن وصفت الولايات المتحدة الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في دارفور بأنها "إبادة جماعية"، وهو مجرد توصيف رمزي يتطلب عملية سياسية معقدة لاثباته، كما فرضت عقوبات على أفراد وكيانات من كلا الطرفين، بما في ذلك حميدتي والجنرال عبد الفتاح البرهان.
* أما عن الدور الخارجي في تأجيج الحرب، فإن الكاتبة والخبيرة السابقة في الشأن الافريقي بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، تصف الدعم العسكري والاقتصادي الذي تقدمه الامارات العربية المتحدة لقوات الدعم السريع بانه العامل الاكثر تأثيرا في استمرار الحرب، ورغم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شركات إماراتية مرتبطة بالصراع، إلا أنها لم تمارس ضغطًا دبلوماسيًا أو اقتصاديًا كافيًا على الإمارات لوقف الدعم، ويعود ذلك إلى اعتماد واشنطن على أبوظبي في قضايا أخرى، مثل مواجهة إيران في الشرق الأوسط، ومع وصول ترامب للسلطة، فإن العلاقات الوثيقة بين عائلة ترامب والإماراتيين قد تجعل من الصعب اتخاذ موقف أكثر صرامة.
* وتقول الكاتبة انه بالنظر الى تاريخ السودان، فإن النزاع الحالي يُنظر إليه على أنه معركة وجودية بين حميدتي والبرهان، حيث يسعى كل منهما إلى تحقيق نصر كامل أو تقسيم فعلي للدولة، وإذا حدث هذا الانقسام، فسيكون بمثابة فصل جديد في تفكك البلاد، التي تم تشكيلها بشكل مصطنع في الحقبة الاستعمارية دون منطق داخلي أو انسجام.
* وتضيف، بان الولايات المتحدة كان لها يد في تفكيك السودان من قبل، فبعد ضغوط من نشطاء إنجيليين بيض وزعماء حقوقيين سود، لعبت واشنطن دورًا رئيسيًا في إنهاء الحرب بين الشمال والجنوب، مما أدى إلى انفصال جنوب السودان عام 2011. لكن هذه الخطوة انتهت بخلق دولتين فاشلتين بدلًا من واحدة.
* كما ساعدت قوات حفظ السلام الأممية المدعومة من الولايات المتحدة سابقا في تقليص العنف في دارفور. لكن مع انتهاء مهمة هذه القوات وخروجها من السودان في يناير 2021، عادت أعمال العنف بقوة مرة اخرى.
* وعن النفوذ الأمريكي في إفريقيا تقول فليتشر، بانه شهد تراجعا ملحوظا في العقود الاخيرة مما يُنظر إليه على أنه فشل في السياسة الخارجية لواشنطن، غير ان الولايات المتحدة يمكنها فعل المزيد، إلا ان أولوياتها غالبا ما تركز على التنمية الاقتصادية والديمقراطية ومكافحة الإرهاب، بدلاً من التدخلات العسكرية، مضيفةً انه في الوقت الذي تدخلت فيه قوى مثل الصين وروسيا في إفريقيا دون قيود أخلاقية، واجهت الولايات المتحدة صعوبة في مواكبة المنافسة، حيث رفضت دعم الأنظمة القمعية والفاسدة. وعلى الرغم من أن هذا الموقف يقلل من تأثيرها، إلا أنه يحافظ على قيمها الأخلاقية، وهو ما قد يكون أكثر أهمية على المدى الطويل.
* أخيرا تقول الكاتبة، انه يمكن للولايات المتحدة إنهاء الحرب السودانية مؤقتًا عبر دعم أحد الأطراف عسكريًا، كما فعلت سابقًا مع جنوب السودان، لكنها ستدفع ثمنًا أخلاقيًا باهظًا إذا فعلت ذلك. ويريد منتقدو السياسة الأمريكية في إفريقيا أن تكون الولايات المتحدة نشطة، لكن دون أن تكون استعمارية، وأن تقدم المساعدات دون فرض قيَّمها، وأن تنقذ إفريقيا دون أن تتصرف كالبطل الخارق.
* وتخلص الى ان الحرب في السودان ستنتهي عندما يدرك المتحاربون أن مصالحهم تقتضي وقفها، ويمكن للولايات المتحدة المساعدة في تحقيق ذلك، لكنها لا تستطيع فرضه، وفي النهاية، فان السودان هو الذي يجب أن ينقذ نفسه، ولكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تتخلى عن القارة، ولكنها يجب أن تهتم أكثر وتبذل جهودًا أكبر، لأن المآسي الإفريقية تستحق اهتمام العالم، ليس فقط من أجل المصالح السياسية، بل لأن (إنسانيتنا المشتركة) تفرض ذلك.
* كان ذلك ما كتبته الخبيرة السابقة في وكالة الاستخبارات الامريكية والمختصة في الشؤون الافريقية (هولي بيركلي فليتشر)، وفي رأيي المتواضع أنها قدمت تحليلاً واقعياً لكنه يحمل نظرة متشائمة ومحدودة لدور الولايات المتحدة في السودان، ويعكس الإطار العام الذي تنظر به واشنطن إلى الصراعات في إفريقيا، خاصة من زاوية المصالح الأمريكية أكثر من أي اعتبارات إنسانية أو استراتيجية طويلة المدى، واجد نفسي اتفق معها في الآتي:
أولا، محدودية النفوذ الأمريكي في إنهاء الحرب، حيث لم تستطع امريكا رغم محاولاتها الدبلوماسية ان تفرض وقف اطلاق النار، او تحقيق اختراق سياسي، وهو في رأيي نابع من أن الصراع السوداني يدور بين أطراف داخلية ذات مصالح متجذرة، ولا يمكن فرض حل خارجي ما لم يكن هناك استعداد داخلي للتسوية.
ثانيا، الكاتبة على حق في الإشارة إلى أن بعض الدول الاقليمية تلعب دورًا رئيسيًا في تمويل ودعم الطرفين، وهو ما يُعقّد الصراع، وان الدور الامريكي لانتقاد هذا التدخل الخارجي يبقى ضعيفًا بسبب المصالح المشتركة بين واشنطن وتلك الدول خاصة في ملفات مهمة لامريكا مثل مواجهة إيران.
ثالثا، تحليل الكاتبة حول انفصال جنوب السودان كان دقيقاً، فلقد ساهم تدخل الولايات المتحدة بشكل كبير في استقلال جنوب السودان، ولكنه لم يحقق الاستقرار، بل أدى إلى ظهور دولتين فاشلتين بدلًا من واحدة، وهو ما يوضح كيف أن التدخلات الخارجية، حتى وإن كانت بحسن نية، قد تأتي بنتائج عكسية.
* أما نقاط اختلافي معها فتتمحور في الآتي:
أولا، التقليل من أهمية الدور الأمريكي المحتمل
صحيح أن التدخل العسكري الأمريكي غير وارد، ولكن يمكن لواشنطن أن تمارس ضغطًا أكبر على الدول التي تدعم أطراف النزاع. كما أن فرض عقوبات أكثر صرامة، أو استخدام نفوذها في مجلس الأمن، قد يكون له تأثير في الحد من الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لواشنطن أن تزيد من دعمها للمنظمات الإنسانية وتضغط من أجل فتح ممرات آمنة للمساعدات، بدلاً من الاكتفاء بدور المراقب.
ثانيا، إغفال الدور الإفريقي في حل النزاع
المقال يتحدث عن أن الحل يجب أن يكون داخليًا، لكنه لم يركز على دور الاتحاد الإفريقي أو دول الجوار، مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان. هذه الدول لديها نفوذ وتأثير مباشر على الأزمة، ويمكنها أن تلعب دورًا أكثر فعالية من مجرد انتظار تدخل غربي.
ثالثا، الرؤية السلبية لدور الولايات المتحدة في إفريقيا
يبدو المقال وكأنه يستسلم لحقيقة أن النفوذ الأمريكي في إفريقيا يتراجع، لكنه لا يطرح أي استراتيجية للتعامل مع هذا التراجع. وفي الحقيقة أن الصين وروسيا تملآن الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة، وإذا استمرت واشنطن في سياسة "الحياد الأخلاقي"، فقد تجد نفسها خارج المشهد تمامًا، مما يضر بمصالحها على المدى البعيد.
* أخيرا أقول، ان المقال يعكس واقعًا صعبًا لكنه لا يقدم حلولًا واقعية أو مقترحات بديلة. صحيح أن الولايات المتحدة لا تستطيع إنهاء الحرب السودانية وحدها، لكنها تستطيع لعب دور أكثر فاعلية من مجرد المشاهدة والتعليق. مستقبل السودان لن تحدده واشنطن، لكن لا يجب ان يُترك ليُحسم داخليًا فقط، خاصة في ظل التدخلات الإقليمية والدولية المستمرة.