علي جمعة: إذا حسن حالك مع الله وصح حسن عملك
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لا تفتخر أيها المؤمن بعملك، فإنما عملك مخلوق لله، وما قدرت عليه إلا بتوفيق الله لك وهدايته؛ فمن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان الصحابة كانت، رضي الله عنهم، تقول: "ما أنعم الله علينا بنعمة بعد نعمة الإسلام"، فهم يعلمون أن نعمة الإسلام لا تُقدر ولا تُقوَّم بشيء.
فيجب أن نشعر بنعمة أن الله عز وجل قد هدانا للإسلام من غير حول منا ولا قوة. ولو أرادنا أن نكون من أولئك الذين قد غضب عليهم أو أضلهم، لجعلنا منهم، من غير حول منا ولا قوة أيضًا. فالحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة.
ويجب، بعد أن أنعم الله عليك بهذه النعمة، أن تقوم حيثما يرضى الله، وأن تطبق على نفسك ما أراده الله منك، وأن تكون في مراد الله سبحانه وتعالى الذي بينه ووضحه لك. فإذا حسن حالك مع الله وصح، حسن عملك.
السلوك الذي يسلكه المؤمن مرتبطٌ بما في القلوب، ولذلك أخبر ﷺ الصحابة، رضوان الله عليهم، بسبب سبق أبي بكر، رضي الله عنه، لهم: “ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام، وإنما بشيء وقر في قلبه.”
عن أنس بن مالك قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله ﷺ قال: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال.
فلما كان من الغد، قال رسول الله ﷺ: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى. فلما كان من الغد، قال رسول الله ﷺ: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى. فلما قام رسول الله ﷺ، اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاث ليال، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت. فقال: نعم. قال أنس: فكان عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه بات معه ليلة أو ثلاث ليال، فلم يره يقوم من الليل بشيء، غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، فيسبغ الوضوء. قال عبد الله: غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرًا. فلما مضت الثلاث ليال، كدت أحتقر عمله. قلت: يا عبد الله، إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة، ولكني سمعت رسول الله ﷺ يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة»، فطلعت أنت تلك الثلاث مرات. فأردت أن آوي إليك فأنظر عملك، فلم أرك تعمل كبير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله ﷺ؟ قال: ما هو إلا ما رأيت.
فانصرفت عنه. فلما وليت، دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي غلًا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه."
حسن حالك مع الله يُحسن عملك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أهل الجنة عبادة الله حسن العمل نعمة الإسلام المزيد المزيد رسول الله ﷺ عبد الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الكذب حرام، والكذب من الأفعال البشرية الشائعة التي حرمها الله في كل دين، ولذلك كانت من الوضوح بمكان؛ بحيث إن التذكير بها، هو تذكير بالمتفق عليه، لكن النفس تحتاج إلى الذكرى من حين إلى آخر.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن التلبيس هو صفة تعد كبيرة من الكبائر؛ لأنها تمنع أساسا من أسس الاجتماع البشري، وهو التفاهم المبني أساسا على الفهم، والفهم حتى يكون صحيحا يجب أن يكون صورة صحيحة للواقع، فإذا قام أحدهم بموجب ظاهرة صوتية يتكلم كلاما يخلط فيه الحق بالباطل، فإن هذا هو التلبيس بعينه، الذي يعطل الفهم، فيعطل التفاهم، فيعطل بعد ذلك البحث عن مشترك بين البشر، فيعطل مع هذا الاتفاق والائتلاف، ويدعو إلى النفاق والاختلاف، قال تعالى : ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران :71].
وأشار إلى أن من مظاهر تلبيس الحق بالباطل ذكر بعض الحقائق، وحذف بعضها الآخر بما يوجب أن يصل المعنى إلى السامع أو المتلقي على غير مراد المتكلم أو الكاتب، واجتزاء قبيح، له صور مختلفة، وضربوا له أمثالا منها اقتصار بعضهم وهو يتلو القرآن على وقف قبيح، كما لو قال : قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ﴾ [النساء :43] والحقيقة أن النسبة لم تتم؛ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء :43]. أو يقول : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون :4]
والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى قال : ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾. ففي الآية الأولى اكتفى بالنسبة الظاهرية، فحول الكلام إلى نهي عن الصلاة ولم ينظر إلى النسبة الحقيقية التي تنهى المصلي أن يصلي مع غياب عقله، والتي عللت لذلك بوجود علمه بما يقول حتى تحقق الصلاة غاياتها من كونها صلة بين العبد وربه، وفي الثانية حذف الصفة التي هي قيد في المسألة، ومع كثرة القيود يقل الموجود، فالويل إنما هو لمصل خاص يستهين بالصلاة ويتركها، ويجعلها في هامش حياته، لا في أساسها ولا في برنامجه اليومي كما هو شأن المسلمين الملتزمين بالإسلام.
ومنسوب إلى أبي نواس بيت من الشعر قد يكون قد حاول فيه أن يبرر لنفسه معصيته بما اشتهر عنه من مجون وحب لشرب الخمر : ما قال ربك ويل للأولى سكروا ** ولكن قال ويل للمصلين.
وهذا نوع من أنواع تداعي التلبيس الذي نهينا عنه.