أسماء الأسد ووالدها بين العزلة السياسية والبحث عن ملاذ.. مستقبل مجهول
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
تواجه أسماء الأسد، ووالدها، فواز الأخرس، تحديات كبيرة على مختلف الأصعدة، بعد سقوط زوجها الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، فبعد أكثر من عقدين من الاستفادة من النفوذ السياسي والاقتصادي الذي كان يتمتع به النظام، أصبحت عائلة الأسد الآن في موقف معقد للغاية.
أصبحت أسماء الأسد اليوم في المنفى، حيث تواجه عواقب دعمها المطلق لزوجها في حربه البشعة ضد الشعب السوري، أما والدها، فواز الأخرس، الذي كان يعتبر من المقربين للنظام وقدم له الدعم المالي والسياسي، فقد أدرجته العقوبات الدولية بسبب دوره في مساعدة النظام على التهرب من العقوبات.
مع تفكك النظام، يجد كل من أسماء وفواز نفسيهما أمام مستقبل مجهول، يواجهان فيه تداعيات العزلة السياسية، والخوف من الملاحقة القانونية، وفقدان الحماية التي كان يوفرها بشار الأسد وعائلته.
وتحمل أسماء الأسد جواز سفر بريطاني، ويمكنها أن تعود إلى لندن مع أطفالها، وإن لم يكن ذلك ليشبه إلى حد بعيد الحياة التي ربما كانت لتعيشها. ولكن الحكومة البريطانية أعلنت عند قبولها وإن قبلتها فإن أسماء ستضطر إلى ترك زوجها، لأنه سيُعتقل على الفور إذا وطأت قدماه أرض المملكة المتحدة.
ومن ناحية أخرى فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على والد زوجة بشار الأسد لدعمه الرئيس السوري المخلوع الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات، وبحسب الوزارة، فإن الأخرس، المقيم في المملكة المتحدة، موجود الآن في روسيا، حيث فر الأسد وعائلته أيضا.
ووفقا لبيان صادر عن وزارة الخزانة، فإن الأخرس، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة أيضا عقوبات في 2020 "قدم الدعم والتسهيلات لبشار الأسد فيما يتعلق بالمسائل المالية والتهرب من العقوبات".
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فقد تواجه أسماء الاعتقال أيضا، حيث فتحت شرطة العاصمة في عام 2021 تحقيقا أوليا في مزاعم مفادها أنها حرضت وساعدت في جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية التي طال أمدها.
مقالة سابقة في مجلة فوغ بعنوان "وردة في الصحراء" وصفت قبل أيام من اندلاع الثورة السورية في أذار / مارس 2011، أسماء بأنها "أكثر السيدات الأوليات نضارة وجاذبية، لكن انتفاضة عام 2011 كشفت عن ما يسمى "ربيع دمشق" على أنه خدعة، وبدأ الأمر عندما ضربت قوات الأمن المحلية وعذبت 15 فتى في بلدة درعا لرسمهم عبارات معادية للنظام على جدار، ثم قمعت بعنف احتجاجًا لاحقًا من قبل سكان البلدة. انتشرت الاحتجاجات إلى بلدات ومدن أخرى. ولقد سعى النظام إلى سحق هؤلاء أيضاً، وسرعان ما انخرطت سوريا في حرب أهلية وحشية مروعة.
وفي السنوات الثلاث عشرة التالية، قُتل ما يقرب من 600 ألف سوري، وأُجبر ستة ملايين على الفرار من البلاد. وسجن الأسد وعذب عشرات الآلاف من المتمردين؛ واستخدم الأسلحة الكيميائية وصواريخ سكود والبراميل المتفجرة القاتلة ضد شعبه؛ واستهدف عمداً المستشفيات والمساجد والمخابز وغيرها من الأماكن التي يتجمع فيها المواطنون العاديون. وتحولت مدن وبلدات لا حصر لها إلى أنقاض.
في البداية، لم تقل أسماء شيئا. وبعد أن أصبحت في متناول وسائل الإعلام، توقفت عن إجراء المقابلات أو إلقاء الخطب. واعتقد بعض المدافعين أنها ربما تكون في حالة إنكار، مخدوعة بمزاعم النظام المتكررة بأن المتمردين كانوا مجموعة من الإرهابيين الجهاديين المدعومين من الخارج. واقترح آخرون أنها كانت سجينة بحكم الأمر الواقع لنظام زوجها الذي أجبر على الصمت ومنع من مغادرة البلاد مع أطفال الرئيس الثلاثة الصغار.
ولكن هذا تغير بعد عشرة أشهر من بدء الصراع عندما ظهرت إلى جانب زوجها في تجمع جماهيري في دمشق في إظهار ضمني للدعم.
بعد شهرين من ذلك، حصل نشطاء المعارضة السورية على مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني للأسد. وكشفوا أنه بينما كانت بلادها تحترق، كانت أسماء تشتري سرا لوحات فنية وأثاثاً ومجوهرات وأحذية كريستيان لوبوتان من خلال وسطاء في باريس ولندن. وكتبت لزوجها: "إذا كنا أقوياء معا، فسوف نتغلب على هذا الأمر معاً... أحبك".
وأكدت الصحيفة أنها أصبحت مغرية بالسلطة والثروة. إن الرفاهية التي تم الكشف عنها عندما نهب مواطنون سوريون مبتهجون منزل الأسد الفخم في دمشق يوم الأحد تشير بالتأكيد إلى ذلك.
كشفت نفس مجموعة البريد الإلكتروني أن والد أسماء كان في الوقت نفسه ينصح صهره حول طرق التلاعب بوسائل الإعلام الغربية مع استمرار حملة القمع التي يشنها بشار. بعبارة أخرى، يبدو أن الرجل الذي كرس حياته المهنية لإنقاذ الأرواح يدعم بشكل خاص نظامًا كان مشغولًا بتدميرها على نطاق واسع. أقيمت احتجاجات خارج منزله في أكتون. تم قصفه بالطلاء، وتم إسقاط جدار حديقته وتحطيم نوافذه الأمامية.
وكشف الصحفية أنه مع مرور السنين، واستمرار الصراع، أصبحت أسماء أكثر قوة في دعمها لنظام زوجها. نشرت صورًا على وسائل التواصل الاجتماعي لاجتماعاتها مع الجنود وعائلاتهم. وأجرت مقابلات ليس مع وسائل الإعلام الغربية، بل مع التلفزيون الروسي - ادعت ذات مرة أنها عُرض عليها اللجوء في الخارج لكنها رفضته بشكل قاطع. كما عززت قوتها مع وفاة أو فرار أو تهميش أفراد منافسين من عائلة الأسد من قبل زوجها.
مع انهيار الواجهة المحيطة بها، فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على السفر وتجميد الأصول على أسماء. في عام 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها بسبب تراكم "مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب السوري" واستخدام "جمعياتها الخيرية المزعومة" "لتعزيز القوة الاقتصادية والسياسية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية فواز الأخرس بشار الأسد سوريا سوريا بشار الأسد أسماء الأسد فواز الأخرس المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أسماء الأسد بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
مستقبل سوريا..أسئلة حول الطائفية والحركة الجهادية والتعقيدات الإقليمية
دخلت سوريا مرحلة جديدة بعد 14 سنة من القتل والتهجير والتدمير، هي نهاية سعيدة عاشها الشعب السوري يوم الثامن دجنبر 2024 بعد سقوط نظام بشار الأسد أو تهاوي أركان نظامه بطريقة دراماتيكية، سقوط يؤشر على بداية تشكل نظام إقليمي جديد بالشرق الأوسط، وغلق قوس الحزب الوحيد والاوحد الذي شكله نظام حزب البعث لما يقارب ستة عقود من الزمن.
أسئلة كثيرة تطرح حول طريقة انهيار نظام الأسد ونهايته السريعة، وعلامات استفهام عديدة تثار حول سياق هذا السقوط المدوي لنظام بدا هشا وضعيفا ومعزولا، رغم ارتباطاته وتحالفاته الإقليمية والدولية سواء بالنظامين الروسي والإيراني. وفي معرض تحليل وفهم خلفيات انهيار هذا النظام، ومحاولة استشراف مستقبل سوريا ما بعد نظام الأسد، يمكن تفكيك واستحضار ثلاث جوانب أساسية:
أولا، اللافت أن ليلة سقوط نظام الأسد جاءت بالتزامن مع اجتماع وزراء خارجية روسيا وايران وتركيا وقطر بالدوحة، وذلك قبل ساعات من وصول المعارضة المسلحة إلى العاصمة دمشق، لكن، يبدو أن هذا اللقاء جاء كنتيجة للسياق الإقليمي الملتهب والمتقلب باعتباره العامل الرئيسي الذي على الارجح عجل بنهاية هذا النظام، وفي مقدمة ذلك، إضعاف النظام الإيراني بفعل سياسات الانهاك والاستدراج والاضعاف التي بمقتضاها تمكنتا أمريكا وإسرائيل من تقليم أظافر النظام الصفوي وتقزيم دوره الإقليمي من خلال القضاء على بعض الرموز الدينية الحركية(نصر الله) وقطع خطوط الامداد والدعم عن المليشيات المسلحة (حزب الله)التي لعبت دورا محوريا في بقاء نظام الأسد خلال السنوات الماضية.
إضعاف النظام الإيراني وتفكيك ميلشياته المسلحة التي شكلت جبهة إسناد إقليمية/ ميدانية لنظام الأسد، بالإضافة للحرب الروسية الاوكرانية التي أضعفت نظام موسكو الذي بدوره شكل جبهة إسناد دولية وعسكرية للنظام السوري، كلها عوامل ساهمت في عزلة نظام الأسد، وتلاشي جبهات الدعم والاسناد الإقليمية والدولية.
ثانيا، مع نهاية نظام الأسد، دخلت سوريا مرحلة جديدة، مرحلة تشكيل نظام جديد ومغاير، يؤسس لبناء دولة مؤسسات، وإخراج سوريا من دائرة الدول الفاشلة، لكن، يبدو أن إعادة بناء الدولة الوطنية بسوريا بالمفهوم الحديث يصطدم بعدة صعوبات وإكراهات داخلية وإقليمية ودولية. فعلى المستوى الداخلي، تعتبر مكونات وفصائل المعارضة المسلحة غير متجانسة من حيث المرجعيات والمنطلقات الفكرية والسياسية والعقائدية والطائفية، سيما وأن هذه المكونات تضم السلفي الجهادي، المنخرط في ما يعرف ب » هيئة تحرير الشام » التي تعتبر من أكبر الفصائل المعارضة التي تأسست في يناير 2017 بعد اندماج عدد من الفصائل كجبة فتح الشام(النصرة سابقا) وحركة نور الدين الزنكي(انسحبت لاحقا) وجيش السنة، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين. هذا، بالإضافة إلى الجيش الوطني السوري الذي تأسس سنة 2017 ويرتبط بما يعرف بالحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا، بالإضافة لفصائل صغيرة تتوزع على مختلف أنحاء سوريا.
أما على المستوى النسيج الاجتماعي وارتباطاته الخارجية، فقد تمكن نظام بشار المنهار من جعل المكون العلوي يستحوذ على مساحة ديموغرافية بين 40 و50 في المائة من مجمل السكان، بالإضافة لتغيير الخريطة والتركيبة السكانية للسوريين خلال الحرب، إذ لم يعد يمثل المكون السني سوى نصف سكان سوريا بفعل تهجير ما يقارب 7 ملايين سوري خلال سنوات الحرب. بالإضافة إلى أن المجتمع السوري يتكون من خليط اثني وديني ومذهبي، العرب السنة والمسيحيون والدروز والشيعة والمرشدية والايزيدية، ناهيك عن المكون القومي كالأكراد والتركمان والشركس والارمن والعرب.
إن التنوع الطائفي والاثني بالإضافة إلى ارتباطاته الخارجية، بات يشكل أرضية صلبة للصراع الطائفي، خاصة وأن نظام الأسد عمل على تغدية الخلافات ذات النزعة الطائفية من أجل تأجيج الصراع لزرع الفرقة بين مختلف المكونات، معطى أساسي من غير المستبعد أن يعقد ويصعب دور مختلف الفاعلين خلال المرحلة الانتقالية، بالإضافة لصعوبة احتواء وترويض الحركات الجهادية وفق سقف الدولة الوطنية.
ثالثا، يشكل انهيار نظام الأسد مناسبة لإعادة رسم خريطة التحالفات والتوازنات في منطقة الشرق الأوسط، سيما وأن إيران وروسيا شكلتا أبرز دعائم النظام الإقليمي في الشام والشرق الاوسط إبان النظام السابق، مما يجعل النظام الإقليمي قيد التشكل محل صراع وتنافس بين عدة قوى إقليمية كتركيا وإسرائيل وغيرها، دون القفز على الدور الأمريكي المحوري في ميزان القوة وقدرتها الفائقة على إدارة الفوضى الخلاقة في المنطقة بما يخدم مصالحها على غرار التجربة العراقية.
مؤشرات الصراع والتموقع بدت جلية مع اعلان نتنياهو الانسحاب من اتفاقية « فض الاشتباك » الموقعة سنة 1974 بعد ساعات وفي نفس اليوم الذي سقط فيه نظام الأسد، مما دفع إسرائيل إلى السيطرة على المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان بدعوى حماية امنها بعد انسحاب وعدم تمركز الجيش السوري في تلك المناطق.
التمدد الإسرائيلي في الجولان من المرجح أن يقابله تحرك إيراني وتركي وروسي بأشكال ودعامات طائفية وسياسية مختلفة بغية الحفاظ على مصالحهم، بحكم التقارب الجغرافي والتقاطع الاثني للدولتين الصفوية والعثمانية، بالإضافة لتواجد قاعدة عسكرية روسية يبدو من خلالها أن موسكو غير مستعدة لتراجع عن نفوذها في سوريا.
ختاما، وفي ظل التحولات المصاحبة لانهيار نظام الأسد، فمن المرجح أن الساحة السورية باتت مفتوحة على مختلف السيناريوهات، إلا أن إعادة بناء الدولة مؤسساتيا وإخراج سوريا من دائرة الدول الفاشلة يعتبر رهانا صعبا في ظل التعقيدات الداخلية والإقليمية والدولية. غير ان إدارة المرحلة الانتقالية وفق تصور سياسي محدد واحتواء النزعة الطائفية داخليا، وإعادة ترميم الجيش السوري وفق عقيدة وطنية، كلها عوامل من الممكن أن تساعد على إخراج سوريا من حالة عدم الاستقرار التي طالت وتجاوز الازمة الراهنة.