جسّد لبنان قصة صمود لا مثيل له، وتحمل شعبه أعباء الحرب وأوجاعها، وواجه تحديات هائلة أثرت على جميع مناحي الحياة فيه. أضرار جمة تكبدها لبنان من أثر امتداد التصعيد في بيروت والجنوب والبقاع، تمثلت في دمار كبير للبنية التحتية والمناطق السكنية، بجانب عمليات نزوح كبيرة للسكان، فضلا عن الخسائر في الأرواح. وباتت أجزاء كبيرة من المدن والقرى تحت الأنقاض.


أثرت الحرب الإسرائيلية على الأوضاع الأمنيّة بشكل كبير، كما ضربت قطاعاً مهماً يُعتبر عصب "الاقتصاد اللبناني" وهو السياحة. حيث يُسهم قطاع السياحة في توفير فرص العمل وتحريك العجلة الاقتصادية، ويُعد أيضاً مصدراً مهما للعملة الأجنبية.
ولم تعد السياحة تستهوي السياح الاجانب اولا بسبب الاوضاع الامنية غير المستقرة وثانيا بسبب غلاء تذاكر السفر التي تبقى اسعارها اغلى من الدول المجاورة وثالثا غياب البنية التحتية من كهرباء وطرقات وانترنت، هذه العوامل ادت الى غياب السياح. والتهديدات الإسرائيلية كانت لها تداعيات سلبية، لكن المؤشرات عاودت الارتفاع، حيث ارتفعت نسبة ملاءة الحجوزات.
وتشير التحليلات إلى أن الاقتصاد اللبناني من بين الاقتصادات الإقليمية الأكثر تضرراً جراء الحرب، بحيث تبرز التأثيرات على إجمالي الاستثمار، في ظل ضبابية الآفاق من جهة، وتأثيرات الحرب على أداء القطاع السياحي من جهة أخرى، الذي كان قد بدأ يشهد مؤشرات ملموسة على النهوض قبيل الصراع.
وخلال شهر كانون الأول، العابق سحر الأعياد وأجواء الفرح، يبقى السؤال معلقاً: هل سيشهد لبنان انتعاشاً في الحجوزات ؟ مع الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها، واستعادة الفعاليات السياحية التي تعيد للبنان تألقه وجماله.
وفي هذا السياق، أكد صاحب مكتب سفريات "الأبرج" السيد محمد وليد الحاج أن في أغلب بلدان العالم، تحضّر الدول لاستضافة السياح، لا بل أكثر من ذلك تدرس كيفية جذبهم، إلا في لبنان. جمال طبيعته ونوعية الحياة فيه وطقسه كفيلة باستقطاب السياح و المغتربين رُغم عدم إكتراث المسؤولين لهذا الأمر.
وأشار الحاج إلى أن الأفق يبدو أكثر إشراقاً، بحيث من المتوقع أن تعود كل شركات الطيران العربية والأجنبية إلى تسيير رحلاتها بصورة طبيعية من المطار واليه خلال الفترة ما بين 5 إلى 15 كانون الأول. مؤكدا أنه يلمس "بوادر خير" تتمثّل بحركة لافتة من المغتربين.
وذكر أن "كانون الأول وكانون الثاني يعدان من أشهر الذروة للسياحة رغم التحديات الراهنة، وتوقع أنه في حال تحسنت الأوضاع الأمنية سيشهد القطاع زيادة كبيرة في عدد الزوار، مما سيعزز النشاط السياحي بشكل كبير".
ولفت الحاج الى أن لبنان بدأ يستعيد عافيته رُغم كلّ الصعوبات، و الحركة السياحية سوف تعود إلى سابق عهدها أيام ما قبل الأزمة.  ولاحظ بأن المطاعم أصبحت جاهزة وتعمل بجد لاستقبال موسم الأعياد، الذي نأمل في أن يحمل الخير على الرغم من التحديات التي واجهت البلاد.
وتابع "اليوم يبدو الوضع مبشّراً. فالتجوّل في شوارع بيروت وجبيل والبترون يختلف راهناً عمّا كان عليه في الأشهر الماضية. بحيث عادت الحياة والأضواء إلى شوارع المدينة، وتنتشر الإعلانات في كل مكان عن منشآت سياحية جديدة أو لتلك التي قررت العودة عن قرار إقفالها".
وعن نهوض القطاع السياحي عند انتهاء الحرب، يؤكد الحاج أن "الأمر سيستغرق وقتاً، كما أن هناك حاجة إلى دعم"،
وفي ختام حديثه، يقول: "في حال دخول أموال إلى لبنان، يمكن أن نرى العديد من المواطنين يعودون إلى بلدهم"، مشيداً بجهود بعض المناطق والقرى التي حاولت مراراً جلب السياح إليها.
الثابت أن المواجهات العسكرية لم تقف عائقا أمام موسم السياحة في لبنان، وإن هذه الظروف لم تؤثرعلى نشاط الموسم السياحي أو على عودة المغتربين اللبنانيين إلى بلدهم.
لكن اندفاع المغتربين لزيارة لبنان لا يقل شأنا ، كما تقول زكية الشناتي القادمة من السعودية، التي أكدت أنها تفضل قضاء إجازتها في لبنان، وأن الوضع الأمني لا يمنعها من زيارة بلدها ومقابلة أهلها.
ولفتت الشناتي الى أنه "لأوضاع الأمنية في لبنان ليست مثالية، لكن شوقنا لبلدنا ولأهلنا وأصدقائنا يجعلنا نتجاوز المخاوف، كما أن الأجواء جميلة جداً إلى حد الآن حيث يثبت اللبنانيون دائماً أن قدرتهم على التكيف والبقاء أقوى من كل شيء."
وقالت "حتى لو أحجم بعض المغتربين عن زيارة لبنان نتيجة الأوضاع الأمنية، إلا أنهم يدعمون وطنهم عن بعد، ويرسلون الأموال إلى عائلاتهم وأقاربهم لدعمهم".
وأوضحت الشناتي أن "لبنان في قلبنا جميعاً وسنستمر بتقديم كل ما نستطيع لنهوضه من كبوته، ونريد أن نظهر للعالم أن لبنان ما زال بلداً جميلاً وينافس أهم دول العالم في السياحة".
إلى ذلك، يبقى القطاع السياحي أحد الركائز التي تستهدف كل الدول الحفاظ عليها، لذا هناك جدوى حقيقية ومستمرة للاهتمام به وتطويره، مثل لبنان الذي يحاول دائماً إبعاده عن كل التجاذبات السياسية التي تعيق نهوضه. لكن الحرب الإسرائيلية جاءت وشلّت الحركة كلياً، مع آفاق غير واضحة المعالم. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

رئيس لبنان يؤكد العمل على حصر “السلاح وقرار الحرب” بيد الدولة

لبنان – أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون، إن بلاده تهدف إلى “حصر حيازة السلاح وقراري الحرب والسلم بيد الدولة”.

جاء ذلك في مقابلة مع عون، نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” امس الجمعة، قبل زيارته المرتقبة إلى السعودية الاثنين المقبل.

وأكد عون أن “الدولة فقط ستكون المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب”.

وقال: “بصراحة تعب لبنان واللبنانيون من تحارب السياسيين ومسؤوليه، وتعب من حروب الآخرين على أرضه. وأصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة اقتصادية وسياسية، وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا”.

وأضاف: “هدفنا بناء الدولة، فلا يوجد شيء صعب. وإذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم السيادة، فمفهومها حصر قراري الحرب والسلم بيد الدولة، واحتكار السلاح أو حصر السلاح بيد الدولة”.

وأشار إلى أنه يهدف إلى أن “تصبح الدولة فقط هي المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب، ولم يعد مسموحا لغير الدولة القيام بواجبها الوطني، وليس مسموحا لأحد آخر لعب هذا الدور”.

وتابع: “عندما يصبح هناك اعتداء على الدولة اللبنانية، الدولة تتخذ القرار، وهي ترى كيف تجند عناصر القوة لصالح الدفاع عن البلد. وإذا الدولة احتاجت ووجدت أن هناك ضرورة للاستعانة بالآخرين في شعبها، فهي تتخذ القرار”.

وتطالب عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، متهمة “حزب الله” بتهديد الساحة الداخلية بسلاحه.

إلا أن الحزب يقول هذا السلاح يهدف حصرا إلى “مقاومة إسرائيل” التي تحتل مناطق في جنوب لبنان.

وتأتي المقابلة مع عون، قبل زيارة مرتقبة له إلى السعودية، الاثنين المقبل، في أول وجهة خارجية له منذ انتخابه رئيسا للجمهورية في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي.

ومن المتوقع أن تناقش الزيارة عدة ملفات أبرزها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والملف الأمني المتصل بوقف إطلاق النار واستمرار احتلال إسرائيل نقاطا حدودية في الجنوب وانتهاكاتها للاتفاق، إضافة إلى مسألة إعادة الإعمار.

وبخصوص تطبيق قرار مجلس الأمن رقم “1701”، قال عون: “نحن ملتزمون بتطبيق القرار، وبدأنا به في الجنوب وأعطيناه الأفضلية”.

وأكد أن “الدولة بمؤسساتها كافة ملتزمة بتطبيق القرار 1701 على كامل الأراضي اللبنانية، وفي الجنوب التجاوب كامل”.

وينص القرار 1701 على وقف العمليات القتالية بين “حزب الله” وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق (المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، مع استثناء الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل” من هذا الحظر.

وتعليقا على مماطلة إسرائيل في الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي احتلها خلال حربها الأخيرة، قال عون: “يزعجنا بقاء الجيش الإسرائيلي في الخمس نقاط، لأن هناك اتفاق تم توقيعه للطرفين برعاية أمريكية وفرنسية والمفترض الالتزام به واحترام التوقيع”.

وأضاف: “عندما طُلب (منا) أن نمدد المهلة (في المرة الأولى)، وافقنا بشرط أن يكون 18 فبراير (شباط 2025) هو الانسحاب النهائي، ولكن مثل العادة، لم يتقيد الطرف الإسرائيلي بالاتفاق وبقي بعضه موجودا هناك”.

وتابع: “الآن نحن على اتصالات دائمة مع الفرنسيين والأمريكيين للضغط على الإسرائيليين حتى ينسحبوا من النقاط الخمس، لأنها ليست ذو قيمة عسكرية”.

وأوضح الرئيس اللبناني أنه “بالمفهوم العسكري القديم قبل التطور التكنولوجي، كانت الجيوش تفتش عن التلة لأنها تعطيك تحكما عسكريا ومراقبة، ولكن بوجود التكنولوجيا والمسيّرات في الجو، والأقمار الاصطناعية، فقدت (التلة) قيمتها كلها”.

وكان من المفترض أن تستكمل إسرائيل انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 فبراير 2025.

ورغم مضي فترة تمديد المهلة، واصلت إسرائيل المماطلة بالإبقاء على وجودها في 5 تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الآن موعدا رسميا للانسحاب منها.

وتزعم إسرائيل أن بقاءها في تلك التلال نتيجة عدم قيام الجيش اللبناني بواجباته كاملة ضمن اتفاق وقف النار، وعدم قدرته على ضبط الأمن على طول الخط الأزرق، وهي الحجج التي تنفي بيروت صحتها.

وبدأ عدوان إسرائيل على لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحول لحرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما خلّف 4 آلاف و114 قتيلا و16 ألفا و903 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • شاهد.. مناظر خلابة لشروق الشمس علي قمة جبل موسي تجذب السياح
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان وجمع 658 مليون دولار
  • زيلينسكي يرد على الضغوط الأمريكية: استبدالي لن يكون سهلاً
  • العميد طارق يناقش خطط إنعاش السياحة في المناطق المحررة
  • أمين دار الفتوى بـ كاليفورنيا يشرح للمسلمين المغتربين عقيدة العوام
  • عباس ابراهيم: نطلب أن يكون رمضان بداية للسلام والأمان في لبنان
  • رئيس لبنان يؤكد العمل على حصر “السلاح وقرار الحرب” بيد الدولة
  • عون الى المملكة راغبا في أن يكون لبنان جزءًا من رؤية السعودية 2030.. والحكومة أمام تحدي التعيينات
  • جوزاف عون لـالشرق الأوسط: قرار الحرب والسلم بيد الدولة وعلاقتي مع برّي ممتازة
  • نايلة دي فريج: فكَّرنا في أبنائنا ونحن نكتب تاريخ لبنان المصوَّر