عصابة الحوثي وأحداث سوريا
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
وكأن علينا حقاً أن نصدِّق اليوم أن جماعة الحوثي الإرهابية غيرت موقفها تجاه نظام بشار الأسد بعد سقوطه، وبعد انتشار مشاهد التعذيب في سجون النظام المنهار، وأن إنسانية وعدالة هذه الجماعة هي من قادتها وتقودها إلى إبداء موقفها السلبي من الأسد ونظامه..!!.
إنه أمر مثير للضحك والسخرية فعلاً، أن نصدق أن جماعة إرهابية كجماعة الحوثي غيرت موقفها وتوجهها في لحظات لدواع إنسانية أو عاطفية بحتة، دون أن يكون وراء ذلك ما وراءه من أسباب حقيقية قاهرة، دفعت العصابة الانقلابية إلى اللجوء إلى التقية والاحتراس من دلالة هذا السقوط، ومما قد ينالها إثر هذا المتغير السياسي والاستراتيجي الهام، الذي يشغل اللحظة والاهتمام على المستوى العالمي.
لا يغيب عن البال أبداً الموقف الذي تبديه العصابة المنقلبة اليوم، ولا يمكن أن تخفي أسبابه، خصوصاً وأنه لا يحدث متجرداً بذاته ولا يأتي منعزلاً بانفراده، وإنما ضمن متغير أكبر وأوسع يتمثل في تهاوي ما يسمى بمحور المقاومة، الذي ترعاه إيران الطامعة والمخربة، وهو السند الذي كانت العصابة تراهن عليه، وقد بدأ في التهاوي والتلاشي باجتثاث أو بالأصح بإسقاط حزب الله في لبنان، ومقتل زعيمه حسن نصر الله، وتصفية قادته وعناصره، في لعبة استخباراتية بدأت فصولها بأحداث السابع من أكتوبر 2023م، فتدمير غزة وقتل وتشريد أهلها، ثم باستهداف حزب الله وأمينه العام في لبنان.. وكأننا إزاء تفتيت واضح لمحور المقاومة، على الرغم من أنه ليس من هذا المحور شيء أكثر من مسماه، ومزايداته الكلامية التي لا تغني ولا تسمن من جوع..!!
نعلم جيداً أن جماعة الحوثي الإرهابية، لم يكن لها أن تبدل موقفها تجاه النظام السوري، الذي كان يعتبر جزءاً من فزاعة محور المقاومة، إلا لسببين جوهريين، الأول تمثل في نزع إيران، التي تتبعها العصابة بشكل مطلق، يدها القذرة وسحب قواتها من سوريا وتنصلها من النظام السوري، وتركه يواجه مصيره منفرداً.. والسبب الثاني أن الجماعة الإرهابية الحوثية أيقنت، جراء تراتب الأحدث وسقوط عنصرين رئيسيين من المحور الفزاعة، أنها مدرجة لا بد في قائمة الاستهداف، وأن عليها انتظار دورها في هذا المحور الذي سرعان ما اتضحت أكذوبته وأصبح يواجه مصيره المحتوم..!!
ثم إنه لمن المضحك والباعث على السخرية اليوم أن نجد هذه العصابة تبرر تغيير موقفها تجاه نظام الأسد، بما كشفته السجون والمعتقلات من فضائع يندى لها جبين الإنسانية، بينما لم يعد خافياً أن الجماعة نفسها لديها من المعتقلات السياسية ما يفوق ما تم كشفه في سوريا.. ففي حين تكشف التقديرات أن عدد المعتقلين في سجون النظام السوري يقارب المائة ألف معتقل ومعتقلة، تؤكد كثير من التوقعات أن يتجاوز عدد المعتقلين والمعتقلات في سجون العصابة الانقلابية الـ300 ألف، كما كشف بعض الناجين من تلك المعتقلات أن العصابة تمارس في حق معتقليها صنوفاً لا تقل بشاعة عما وجد في المعتقلات السورية، بل وتتجاوز ذلك بكثير..
وبالتالي فإنه ليس أمام العصابة الانقلابية الآن إلا أن تحسن على الأقل صورتها وموقفها بمحاولة التجرد والتنصل من نظام الأسد.. أي أن موقفها موقف الخائف من مماثلة المصير الذي واجهه الأسد ونظامه فقط.. بعيداً وبعيداً جداً عما تدعيه من دواعٍ إنسانية ومثالية، وإذا لم تجد نفسها قادرة على مجابهة المد الجارف من كشف لحقائق النظام السوري، فلا بد لها أن تنحني لذلك المد، وأن تسير بموازاته، في محاولة للمحافظة على نفسها من أن يدركها ما أدرك الأسد ونظامه، وهي محاولة بائسة، وفي اعتقادي أن ما سينال هذه العصابة الإرهابية قد يتجاوز ما نال الأسد ونظامه، وذلك بالنظر إلى ما تركته هذه العصابة من أثر سيء خصوصاً في انطباع وموقف الشعب اليمني، الذي عانى منها ما لم يعانيه السوريون من الأسد ونظامه.
المصدر: قناة اليمن اليوم
كلمات دلالية: النظام السوری
إقرأ أيضاً:
قراءات في تعديل النظام الانتخابي لمجلس الشعب السوري
دمشق- تسلم الرئيس السوري أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب في لقاء مع رئيس اللجنة العليا لانتخابات المجلس محمد طه الأحمد، الذي توقع أن تجرى العملية الانتخابية لاختيار أعضاء المجلس بين 15 و20 أيلول/سبتمبر القادم.
وقال الأحمد، لوكالة الأنباء السورية (سانا) أمس الأحد، إن اللقاء تناول تفاصيل التعديلات الناتجة عن الجولات التي قامت بها اللجنة مع مختلف شرائح المجتمع ونقاباته. وأكد أن الشرع اطلع على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي.
وأضاف أن الشرع أكد "أهمية المضي في العملية الانتخابية بكل المحافظات السورية، ورفض التقسيم الذي ينبذه جميع السوريين، وضرورة استبعاد كل من وقف مع المجرمين وأيّدهم، والأشخاص الذين يدعون إلى التقسيم والطائفية والمذهبية".
من جهتها، قالت رئاسة الجمهورية عبر معرفاتها الرسمية إن "الرئيس أحمد الشرع تسلم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، وإنه وجّه بمواصلة التقدم في مسار العمل لضمان مشاركة شاملة تُعبّر عن إرادة الشعب السوري".
ووفق الأحمد، يتضمن النظام الانتخابي المؤقت حزمة من الضمانات الرامية إلى تحقيق أعلى درجات الشفافية تشمل:
تشكيل اللجان الانتخابية الفرعية. آليات الطعن والاعتراض على نتائج الانتخابات. إتاحة الرقابة من المجتمع والمنظمات الدولية بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات، مشددا على أن الهدف هو تشكيل مجلس شعب يرتقي إلى تضحيات السوريين ويقود مرحلة إعادة البناء والتشريع.وأضاف أن هذا النظام نصّ على رفع عدد المقاعد من 150 إلى 210 وفقا لإحصاء عام 2011، مع تخصيص نسبة منها لا تقل عن 20% للمرأة، وتشجيع مشاركة الشباب، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني عبر دورات توعية وتدريب. كما أُدرجت ورقة سلوك تنظيمي لأعضاء الهيئات والمرشحين، إلى جانب برنامج زمني وآليات للدعاية والمناظرات.
إعلانوعن الجانب التنظيمي، أوضح الأحمد أن الثلث المعيّن من قبل الرئيس -والبالغ 70 عضوا- سيُخصّص لأصحاب الكفاءات الفنية (تكنوقراط)، وذلك لسد أي فجوات محتملة وضمان تمثيل جميع الفئات. وأشار إلى لقاءات جمعت اللجنة مع سفراء عرب وبعض البعثات الدبلوماسية، الذين "أشادوا بالآلية المعتمدة واعتبروها الأنسب للواقع السوري".
أما عن الخطة الزمنية، فتبدأ -حسب الأحمد- بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت، وتتوزع كما يلي:
أسبوع لاختيار اللجان الفرعية. يليه 15 يوما لتشكيل الهيئات الناخبة. ثم يُفتح باب الترشح لمدة 3 أيام. ثم أسبوع للدعاية والمناظرات. خطوة مهمةوقال المحلل السياسي عبد الكريم عمر إن تصريح رئيس اللجنة العليا للانتخابات النيابية حول رقابة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية على الانتخابات "خطوة رائدة وبادرة جديدة على مستوى المنطقة". وهو ما ذهب إليه الباحث السوري علاء الأصفري الذي قال إن الرقابة الدولية تُعد "خطوة مهمة جدا".
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمود علوش أن هذه الرقابة تضفي مصداقية على عملية الانتخابات، لا سيما وأنها "أول اختبار للسلطة الجديدة في سوريا ومدى التزامها بتشكيل سلطة تشريعية تمثل مختلف المكونات السورية".
وحول زيادة عدد المقاعد النيابية، يشير عبد الكريم عمر إلى أنها أُقرّت على خلفية مطالبات من المجتمع المدني السوري بضرورة توسيع عددها بالاعتماد على إحصاء 2011.
وأكد للجزيرة نت أن اعتمادها من شأنه زيادة عدد الممثلين في البرلمان خلال المرحلة الانتقالية الدقيقة التي تمر بها البلاد، تلبية للأصوات المطالبة بالتشاركية وصناعة نظام جديد يترك للناس دورا أساسيا في صناعة القرار السياسي في البلاد.
وعن الإجراء الذي يسمح للرئيس أحمد الشرع بتسمية 70 عضوا (ثلث الأعضاء) من أصل 210 (إجمالي الأعضاء)، يرى عمر أنه طبيعي في الحالة السورية، إذ إن البلاد خارجة من حرب وصراع مديدين، وهناك سوريون في المنفى ومخيمات اللجوء ممن لا يملكون بطاقات شخصية، إلى جانب وجود 4 أنواع من البطاقات الشخصية لمواطني سوريا:
في مناطق النظام سابقا. في إدلب. في ريف حلب. في مناطق شرق الفرات.وبالتالي، فإن هذا الإجراء سيتيح -وفقا له- ضمان تمثيل فئات قد تُستبعد قسرا بسبب ظروف النزوح أو التوزيع الجغرافي.
انتقاداتبالمقابل، يرى محمود علوش أن المجلس النيابي لن يكون مثاليا مع تعيين رئيس الجمهورية ثلث أعضائه وأن هذا الإجراء سيؤثر على توازن القوى داخل المجلس ونفوذ الرئيس على قراراته. ولكنه يقرّ بأن إجراء الانتخابات سيكون خطوة ضرورية "لإضفاء نوع من المشروعية الشعبية على السلطة الانتقالية".
وأوضح للجزيرة نت أن اختيار مجلس الشعب خطوة ضرورية في إكمال النظام السياسي الذي سيُدير المرحلة الانتقالية، وإجراء متقدم نحو انخراط وطني واسع في تشكيل مستقبل سوريا. لكنه يرى أن هناك "تساؤلات كثيرة تبدو إجاباتها غير واضحة، مثل كيف سيتم الاختيار في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة مثل مناطق قوات سوريا الديمقراطية ومحافظة السويداء؟ وكيف سيتم إشراك اللاجئين الذين هم شريحة كبيرة؟".
إعلانورغم تأكيده أن التعديلات هي خطوة بالاتجاه الصحيح، غير أن ذلك لا ينفي -حسب الباحث الأصفري- وجود علامات استفهام عديدة، أولها تلك المتعلقة بحلّ الأحزاب الذي يُعتبر -برأيه- خطأ جسيما خاصة في ظل وجود أحزاب عريقة في البلاد كالاشتراكية والشيوعية التي كان يمكن أن تكون سندا للعمل المؤسساتي في مجلس الشعب.
وأضاف للجزيرة نت أن شرط "استبعاد كل من أيّد نظام الأسد سابقا" من المجلس النيابي، "فضفاض" ويمكن استغلاله لاستبعاد أي شخص كان يعيش في مناطق سيطرة النظام في الماضي، قائلا إنه كان من الأفضل استبداله بشرط "استبعاد كل من تلوثت أيديهم بدماء السوريين".
ويأمل الأصفري "ألا يكون هناك استبعاد للطوائف والمذاهب والأعراق أو أي من المكونات السورية، وأن يشارك الجميع في هذه التجربة البرلمانية".
يُذكر أن اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري قد تشكلت بموجب المرسوم الرئاسي رقم (66) لعام 2025، الصادر في 13 يونيو/حزيران الماضي.
وأجرت اللجنة منذ تشكلها زيارات عدة إلى معظم المحافظات، وعقدت مشاورات ولقاءات مع مختلف الشرائح المجتمعية، كما التقت مع ممثلي النقابات والمنظمات المحلية، إضافة للاجتماع مع سفراء دول عدة تعزيزا لمبدأ الشفافية والاستفادة من مختلف التجارب الدولية بشأن الانتخابات التشريعية.