يمانيون:
2024-12-12@01:48:32 GMT

ترامب المسكون بوهم العظمة

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

ترامب المسكون بوهم العظمة

مقالات:

بقلم/ وديع العبسي

كان واضحا منذ الفترة الرئاسية الأولى سيطرة وهم العظمة على المعتوه ترامب الذي أخذ يُمني نفسه طويلا باستعادة المكانة الأولى المطلقة لكيانه الأمريكي، بالعمل تحت شعار (أمريكا أولا) غير أن ما أنجزه لم يكن سوى زيادة في مراكمة الدين العام على الأمريكيين والذي تجاوز حتى نوفمبر الماضي الـ(36) تريليون دولار، وربما قد يكون هذا الأمر هو القاصم لهذا الكيان وقد بدأ يترنح بظهور فكرة الانفصال لدى بعض الولايات، وهزّ ما لم يكن حاصلا إلى ما قبل عقدين من الزمن في حالة الاتحاد.


ترامب بالعودة النارية التي استهلها بإطلاق التهديد والوعيد، رسم سياسته بوضوح تجاه الشرق الأوسط القائمة على العنف، وهي في ظاهرها تستهدف المنطقة لكنها لا تقف عند هذا الحد، وإنما تعني ردع باقي القوى العالمية الناهضة والتي تنافس البيت الأبيض بقوة على سيادة العالم وإن لم يكن بنفس الطريقة الأمريكية، كما أنها بطبيعة الحال محاولة لاستعادة الهيبة المهدورة والهيمنة على دول المنطقة وتزويد خزينة واشنطن بمليارات شعوبها المستضعفة، غير أن التحديات اليوم تبدو أكثر وضوحا وقساوة، وتعمُد ترامب تجاهلها لا يعني امتلاكه لمفاتيح حلحلتها بقدر ما هي استمرار للسياسة الأمريكية في البناء على ما تريده، وما هي مقتنعة به وإن كان ذلك متعارضا مع الواقع، كما أنها في عين الوقت محاولة للهروب من غيومها التي قد تثبّط عن الاستمرار إلى بلوغ الأهداف.
ولا يبدو أن ترامب كان بمقدوره اكثر من التلويح بمساعٍ وأهداف ويريدها أن تتحقق من تلقاء نفسها دون عناء أو جهد، مستندا في ذلك إلى أوهامه بالعظمة الأمريكية الكفيلة- حسب اعتقاده- بأن تدفع للرضوخ لها، فقبل أيام هدد بجحيم ينتظر الشرق الأوسط إن لم يتم الإفراج عن المستوطنين الأسرى لدى حماس، ويريد أن يكون ذلك كافيا لإخافة دول المنطقة كي تضغط للإفراج عن هؤلاء الأسرى، مع أن ذلك يعني إقراراً بهزيمة الكيان في تحقيق هدفه باستعادة الأسرى، ليستعين بصديق، وقبل أشهر تحدث عن توسيع خارطة الكيان الصهيوني، ويريد من ذلك إرهاب من بقي من أحرار الأمة بالعودة إلى مخطط توسع الكيان في تجرؤ سافر على كل المواثيق والعهود والمبادئ الدولية التي جاءت لحفظ حقوق الإنسان وحق الدول بالسيادة على أراضيها.
لا يتجاوز ترامب وحسب في مطالبته غير العقلانية، عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين من النساء والأطفال وكبار السن، بلا أي سبب سوى أنهم فلسطينيون، ولا يتجاوز كمّ مجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبها ولا يزال الكيان الصهيوني في غزة والضفة، لكنه وهو المؤلم ربما، تجاوز، توقع أي مستوى من ردة فعل أنظمة المنطقة، باستضعاف واضح لها، وهو ما تسبب به وهن هذه الأنظمة منذ البداية فجعلها في متناول يد أمريكا متى ما أرادت، كما جعلها هامشية في حسابات أخرى للبيت الأبيض فلا يعيرها اهتماما ولا يحسب لها وزنا.
وإذا كانت فترة بايدن قد شهدت محاولات خجولة لإشعال الحرائق هنا وهناك فإن ترامب بنهج حزبه الذي يميل أكثر للحلول العسكرية، سيُدخل العالم في فوضى لتعويض عجزه في تحقيق أي مكسب لصالح شعار «أمريكا أولا»، لكنه أيضا سيجلب الكوارث لبلاده، إذ سيتجرأ الجميع أمام المخاوف من ما يمكن أن يلحق بهم، إلى فعل مضاد لأي تحرك أمريكي طائش، والقاعدة العلمية تقول إن «لكل فعل رد فعل»، وسيكون من الغباء أن يعتقد ترامب أنه سيمضي إلى أهدافه على طرق مفروشة بعبارات الترحيب والتمكين.
من حظ ترامب السيئ أنه يأتي على واقع مرتبك وفوضى يعيشها الشرق الأوسط بسبب بلطجة الكيان الصهيوني على العرب، وحقيقة أن هذه البلطجة تسببت في حصار بحري على الكيان الذي سمع صرخاته القاصي والداني بسبب آثار هذا الحصار عليه، كما يأتي ترامب وقد أجرت بلاده ما أمكن لها من المحاولات لاستعادة السيطرة على الوضع والتخلص من الأطراف التي ظهرت في مشهد المعركة بقوة كاليمن والعراق، إلا النتيجة كانت خلو البحر الأحمر من البارجات والمدمرات الأمريكية، ولن نقول انه يأتي وقد أصبحت مصداقية الشعارات الأمريكية مثيرة للسخرية، لأنه يدرك ذلك ويعي أن قاعدة أمريكا في اللعبة هي تجاوز كل شيء من أجل الوصول إلى الهدف.
ما ينتظر ترامب قد لا يهيء له أي فرصة من النجاح، لكنها يمكن أن تكون محاولته الأخيرة لإثبات أهليته في الإدارة السياسية، كما هو في الاقتصاد، خصوصا وأن الأمريكيين يؤكدون أنه لا يفقه شيئا في السياسة ودهاءه اكثر في الاقتصاد، رغم انه في نسخته الرئاسية الأولى أثبت أنه فاشل حتى في الاقتصاد بمفهومه الاستراتيجي الواسع الذي يعني الدولة، دون الاعتماد على البلطجة وفرض الجبايات على دول العالم.

 

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

كيف استولت «العدل الأمريكية» على سجلات هواتف مسؤولين في ولاية ترامب الأولى؟

في مسعى للتحقيق في تسريبات معلومات سرية، حصلت وزارة العدل الأمريكية في عامي 2017 و2018 سرًا على سجلات الهاتف والرسائل النصية لـ43 موظفًا في الكونجرس واثنين من أعضاء الكونجرس وصحفيين، وفقًا لتقرير جديد صادر عن هيئة الرقابة الداخلية بالوزارة.

وخلص التقرير الذي أعده المفتش العام مايكل هورويتز، إلى أن وزارة العدل لم تتصرف بدوافع سياسية، لكنها فشلت في مراعاة الفصل الدستوري للسلطات بشكل كاف من خلال الاستيلاء على سجلات الاتصالات الخاصة بمسؤولين أمريكيين، وجعلهم موضوعات تحقيق جنائي، فقط لأنهم كانوا يتمتعون بإمكانية الوصول القانوني إلى أسرار الدولة من خلال وظائفهم. 

حصلوا على السجلات من جهات خارجية

وحصل المدعون العامون على السجلات باستخدام أوامر الاستدعاء وغيرها من الإجراءات القانونية لمقدمي الخدمات من جهات خارجية، مثل شركات الهواتف المحمولة، وأرفقوا أوامر حظر النشر لمنع الشركات من إخطار العملاء.

وكشف تقرير المفتش العام الذي صدر مؤخرًا، أن وزارة العدل الأمريكية انتهكت سياساتها الخاصة في الطريقة التي حصلت بها سرًا على سجلات الهاتف والرسائل النصية.

ولم يجد مكتب المفتش العام أي دليل على وجود دوافع انتقامية أو سياسية من جانب المدعين العامين المحترفين الذين أصدروا عملية مراجعة سجلات المسؤولين، لكنه أشار إلى أن مثل هذه الاستدعاءات تخاطر بتقويض قدرة الكونجرس على إجراء الرقابة لأنها تعرض المسؤولين في الكونجرس لاحتمال مراجعة سجلاتهم فيما يتصل بأداء واجباتهم الدستورية.

سجلات الهاتف والرسائل

وتضمنت السجلات التي تم الحصول عليها سجلات الهاتف والرسائل التي تظهر من كان يتواصل مع من، ولكنها لم تتضمن محتوى الاتصالات.

واعترف اثنان من الديمقراطيين من كاليفورنيا، هما السيناتور آدم شيف، الذي كان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، والنائب إريك سوالويل، الذي كان عضوًا في تلك اللجن،- في وقت سابق بأنهما كانا مستهدفين في عمليات مصادرة السجلات.

ويأتي تقرير المفتش العام في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولي منصبه، وسط دعوات من بعض مستشاريه لتجاوز الفصل التقليدي بين وزارة العدل والرئيس.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيراني: ما يحدث في المنطقة يظهر جليا كيف يستغل الكيان الصهيوني خلافات الدول الإسلامية
  • حماة الوطن بالخارج : الكيان الصهيوني تجاوز الخطوط الحمراء في استيلاء المنطقة العازلة مع سوريا
  • وزيرة الخزانة الأمريكية تحذر من تأثير رسوم ترامب الجمركية على التضخم
  • الإعلان عن سفير الولايات المتحدة الأمريكية في تركيا
  • كيف استولت «العدل الأمريكية» على سجلات هواتف مسؤولين في ولاية ترامب الأولى؟
  • الكيان الصهيوني يتوسع في سوريا: تهديد استراتيجي وتغيير في معادلات المنطقة
  • المستقبل الإقتصادي للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (3 - 10)
  • المرتضى ينفي الاتهامات الكاذبة التي ساقها “بيان الخزانة الأمريكية” ويؤكد أن كافة الأسرى والمعتقلين يحظون بكامل الرعاية الإنسانية
  • الكويت تدين احتلال الكيان الإسرائيلي للمنطقة العازلة على الحدود السورية