كتب محمد علوش في" الديار":لأن التداعيات الكبيرة لاحداث سوريا، تنطلق من تبدل موازين القوى السياسية، وربما الاتجاه نحو التبدل الجغرافي أيضاً، مع بروز حديث عن التقسيم في سوريا، يجب بحسب مصادر سياسية مطلعة التركيز على الأقليات في لبنان، فبعد موجة الفرح بسقوط النظام عند البعض، والحزن عند البعض الآخر، لا بد من الغوص بمستقبل لبنان ومستقبل الأقليات فيه، لا سيما الشيعة والمسيحيين.


تعرض الشيعة في لبنان إلى حرب ضروس لمدة تزيد على عام، وانتهت بتعرضهم إلى ضربات قاسية أفقدتهم السيد حسن نصرالله وجزءا من قوة مقاومتهم، ثم استمرت الحرب عليهم في سوريا من خلال قطع طريق الإمداد الذي يربط إيران بلبنان، ففقدت المقاومة عمقها الاستراتيجي، وخسرت سوريا التي ناضلت لأجلها 13 عاماً، وهذا لا بد سيكون له تأثير في هذا المكون اللبناني الأساسي.
بحسب المصادر فإن أحداث سوريا بحال اتجهت إلى الفوضى، وبروز كيانات دينية متطرفة، فإن الشيعة في لبنان سيكونون هدفاً لكيانات كهذه، وبالتالي فإنهم معرضون إلى دخول معارك جديدة قد تُفرض عليهم، وعندئذ يكون مستقبل لبنان بأكمله في مهب الريح، أما بحال كان التوجه نحو السياسة، فإن الشيعة في لبنان أمام امتحان جدي يتعلق بكيفية تأقلم حزب الله مع الوقائع الجديدة، وكيفية مواءمة ما جرى مع مستقبله كحزب مقاوم ، تأسس لأجل مقاومة "إسرائيل".

وترى المصادر أن الفريق الثاني الذي يعيش لحظة وجودية تاريخية هو الفريق المسيحي، فالمسيحيون في المنطقة سبق وأن عاشوا تجارب مشابهة لما يعيشه المسيحيون في لبنان اليوم وبعد انتهاء الحرب الأهلية، ولم يبق للمسيحيين من وجود فاعل سوى في لبنان، بعد أحداث العراق ومن بعدها سوريا، وبالتالي هم أمام تحد وجوديّ أيضاً، يتحدد شكله بعد وضوح صورة ما يجري في سوريا.
بالنسبة إلى المصادر إن القلق على المسيحيين سيكون كبيراً بحال تم تقسيم سوريا إلى دول طائفية ومذهبية، أو بحال اندلعت الفوضى المسلحة في سوريا بين مكونات المعارضة، فأي ضرر للبنان سينعكس سلباً على وجودهم، لأن تداعيات تقسيم كهذا عادة ما تكون على حساب الأقليات، وفي المنطقة يعتبر المسيحيون من الأقليات كما الشيعة أيضاً، أما في السياسة فترى المصادر أن مشكلة المسيحيين ستكون كبيرة بحال قرروا أو قررت فئة كبيرة منهم خوض الحرب السياسية على الشيعة وحزب الله.
وترى المصادر أن مصلحة المسيحيين كما مصلحة الشيعة في لبنان الجلوس معاً، طبعاً إلى جانب المكونات الاخرى، لا ان يكونوا في جهتين مختلفتين، لأن الخلاف سيؤذي الطرفين معاً، ولا مصلحة لأي مكون بمعاداة الطرف الآخر والإمعان في ضربه، لأن ذلك من شأنه أن يُشعل لبنان من الداخل أو انطلاقاً من الأحداث السورية.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الشیعة فی لبنان فی سوریا

إقرأ أيضاً:

رئيس توافقي قبل 20 كانون الثاني ...أو التسليم لمشيئة ترامب بعد هذا التاريخ

تتدحرج كرة الحرب من غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" إلى لبنان فسوريا، بحيث أن التوغل الإسرائيلي العسكري في جنوبها وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق. فقوات العدو الإسرائيلي وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا. وقد استغل جيش العدو انسحاب قوات الجيش السوري من مواقعها العسكرية بعد مغادرة الرئيس بشار الأسد، البلاد، من دون إخطار أعضاء حكومته أو جيشه بخطته للمغادرة، ودخول فصائل المعارضة الى العاصمة، ليتوغل في مناطق استراتيجية بمحافظة القنيطرة جنوب سوريا، فضلاً عن "تدميره مقدرات الجيش السوري بأكبر عملية جوية في تاريخ إسرائيل" وفق ما أعلنت الإذاعة الاسرائيلية. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "بلاده تريد إقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة، محذرًا من أن إسرائيل سترد بقوة على أي تهديدات أمنية".

ومما لا شك فيه أن تغييرات حقيقية طرأت وقلبت المشهد السوري، وما قامت به تركيا حصل بموافقة الإدارة الأميركية الحالية والمنتخبة، وما يجري ينبئ بمتغيرات كثيرة في المنطقة خلال الفترة الفاصلة عن العشرين من كانون الثاني والتي قد تشهد ما لم يكن في الحسبان أيضاً، والأكيد أن المنطقة كلها لن تنسى حقبة الرئيس الديمقراطي جو بايدن التي استغل أشهرَها الأخيرة بنيامين نتنياهو متجاوزاً كل الخطوط الحمر، فهو يخرق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان ويعلن انهيار اتفاق فض الاشتباك بشأن الجولان، وبالتالي فإن جنون ترامب مستمر حتى الربع الساعة الأخير من ولاية بايدن، ومرد ذلك أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يريد تصفير المشاكل والحروب فور دخوله البيت الأبيض.

مصادر لبنانية- أميركية تقول لـ"لبنان24": شتان ما بين السياسة الأميركية الديمقراطية التي انتهجت في السنوات الماضية تفاهمات مع إيران والتي استنسخت سياسات الرئيس الأسبق باراك اوباما، وما بين سياسة الإدارة الأميركية المنتخبة. فبعد عقود من توجه الديمقراطيين إلى تفاهم مع إيران باعتبار أنه أساس الاستقرار في المنطقة ويحمي الغرب من التطرف السني إلى حد أن الرئيس أوباما وفي خلال الحرب السورية التي بدأت في العام 2011، بعث المسؤول السابق في الشرق الأوسط في البيت الابيض ستيفن سيمون إلى دمشق يومذاك ليطمئن الرئيس الأسد بأن الولايات المتحدة الأميركية ليست في وارد دعم أي انقلاب ضده، سيعود ترامب لينسف سياسة الديمقراطيين الخارجية والتي يعتبر أنها أضرت بالولايات المتحدة. أما إسرائيل فكانت ترى لسنوات خلت ضرورة في بقاء النظام السوري على اعتبار أن العدو الذي تعرفه أفضل من العدو الذي لا تعرفه، وأن الأسد كان لسنوات طوال ملتزماً بالاتفاق بشأن الجولان.

عملية طوفان الاقصى التي قلبت المعادلات ونسفتها، أعقبها بعد عام وشهر انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الاميركية والذي سوف يستلم السلطة في 20 كانون الثاني. وبعد هذا التاريخ ستدخل المنطقة في منعطفات جديدة، تقول المصادر نفسها. فواشنطن سوف تنتقل من الاتفاق مع إيران إلى عقد اتفاقات وتفاهمات مع دول الخليج العربي لا سيما السعودية، وتركيا.

وتضيف المصادر: لا إيران ولا أصدقاؤها في المنطقة تنبهوا لما يحاك لهم ولم يأخدوا التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، والكلام الذي كان يطرح عن الحلول السياسية سقط في غزة ولبنان وسوريا، والتي شهدت كلها بشكل متتالي منذ تشرين الأول 2023 حتى اليوم حلولاً عسكرية، علماً أن التطور الجديد في سوريا، منح تركيا مدى إقليمياً كبيراً بدعم من الإدارة الأميركية التي تتحضر للانسحاب من سوريا، فأرادت أن لا تترك سوريا في فراغ وسلمتها لتركيا التي كانت لمواقفها في مؤتمر الدوحة خلال اجتماع استانا الكلمة الفصل.

أمام ما تقدم، فالأمور في لبنان لن تكون بأفضل حال، فالانهيار في سوريا والذي صب في مصلحة تركيا يبشر، بحسب المصادر نفسها، بنهاية النفوذ الإيراني وتراجع قوة حزب الله. وفي الماضي أدى التفاهم الأميركي مع إيران في عهد أوباما إلى انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وفي ولايته الأولى أيضاً تم التوصل إلى اتفاق الدوحة الذي حظي برعاية أميركية دولية والذي كرس ما يسمى بالثلث المعطل، أما اليوم فالأحداث في سوريا تلقي بظلالها على لبنان وتجعل من المستحيل انتخاب رئيس مقرب من حزب الله أو إيران، وربما قد تُصعب من انتخاب رئيس توافقي، فمواقف حزب القوات والقوى المسيحية الأخرى توحي بذلك، وكأنما هناك تحضير لكي يترشح الدكتور سمير جعجع للرئاسة، من دون أن يعني ذلك أن طريق بعبدا مفتوح أمامه.

ويمكن القول، بحسب المصادر اللبنانية - الأميركية إن الأحداث في سوريا أعادت إلى حد ما مشهداً شبيهاً بمشهد 14آذار في ما يتصل بالتقارب المسيحي- السني، لكن مع اختلاف وحيد، وهو أن سوريا اليوم ليست ضد هذا الفريق، في حين أن الثنائي الشيعي بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان ورحيل الأسد عن السلطة، في وضع صعب لا يحسد عليه، مع إشارة المصادر إلى أن العلاقة الإيجابية بين الرئيس نبيه بري والإدارة الأميركيّة الديمقراطية سوف ينتهي مفعولها في 20كانون الثاني، لذلك يفترض أن يدفع كل ذلك إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون وسطياً، فما بعد 20كانون الثاني سيكون من الصعب انتخاب رئيس وسطي توافقي، لأن السياسة الأميركية سوف تتغير بسرعة وربما يكون لبنان أمام سياسة أميركية أكثر تشدداً في ما يخص الملفات الداخلية كاستحقاق رئاسة الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة وتأليف الحكومة، علماً أن مستشار الرئيس ترامب لشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط مسعد بولس، اعتبر، عقب دعوة الرئيس بري الى جلسة لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني المقبل، أن موضوع الرئاسة في لبنان شائك ومن صبر سنتين يمكنه أن يصبر شهرين او ثلاثة بعد"،لكن الأهم، بحسب المصادر، هو في التحول الجذري في السياسة الأميركية "الترامبية"والتي تتمثل في الإبتعاد عن سياسات أوباما وبايدن التفاهمية إلى حد ما مع إيران، والانفتاح على القوى السنية ومنها تركيا التي سوف تغطي ولو جزئياً الإنسحاب الأميركي من سوريا.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • هذا ما سيفعله لبنانيون في سوريا
  • رئيس توافقي قبل 20 كانون الثاني ...أو التسليم لمشيئة ترامب بعد هذا التاريخ
  • حتّى الآن... كم معتقلاً لبنانيّاً في السجون السوريّة وصل إلى لبنان؟
  • لبناني يعود إلى أهله بعد تغييبه 33 عاما في سجون الأسد
  • المغتربون السوريون الى لبنان
  • لبناني محرر من "صيدنايا" السوري: تنفست العذاب طيلة 33 عاما (مقابلة)
  • الأمم المتحدة: يجب اتخاذ التدابير اللازمة في سوريا لحماية الأقليات
  • مقتل لبناني وإصابة 4 عسكريين في قصف إسرائيلي
  • الاقتتال الداخلي خط احمر