العراق وطن القلوب والحضارة
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
أنا دائمًا ما أبتعد عن الحديث في السياسة وعراكها، لكن عندما يتعلق الأمر بالعراق، هذا الوطن الذي ينبض في قلوبنا جميعًا، فإن الصمت يصبح خيانة. العراق ليس مجرد أرض، بل هو الدم الذي يجري في عروقنا، والهواء الذي نتنفسه، والتاريخ الذي نحمله على أكتافنا. لا يمكننا السماح لأي قوة أو فكرة أن تمزق هذا الوطن، الذي كتب تاريخه بالدماء والتضحيات.
العراق ليس مجرد اسم على خارطة العالم؛ العراق هو الحضارة التي علّمت العالم الكتابة، هو النخل الشامخ الذي يعانق السماء، هو دجلة والفرات اللذان يرويان قلوبنا قبل أرضنا. كيف نسمح لأنفسنا أن نفرّط في إرث أجدادنا أو أن نُسلم هذا الوطن العظيم لمخططات تمزيقه وإعادته إلى الوراء؟
“العراق هو بيتنا جميعًا”
في كل بيت عراقي، هناك قصص تجمع الطوائف. هناك أم تحتضن أبناءً من مذاهب مختلفة، وأبناء عم وأخوال من هذا المذهب وذاك. هذه العلاقات ليست مجرد تفاصيل عابرة، بل هي الروح الحقيقية للعراق. نحن شعب لا يفرّقنا مذهب ولا دين؛ نحن شعب يجمعنا حب الأرض ورائحة ترابها، وصوت الأذان الذي يختلط بأجراس الكنائس، وزغاريد الفرح التي لا تعرف طائفة.
علينا أن نتذكر دائمًا أن العراق بيتنا الكبير، والبيت لا يُهدم بأيدي أهله. من منا يقبل أن يرى جدران بيته تتصدع أو سقفه ينهار؟ العراق أمانة في أعناقنا، وأي محاولة للمساس بوحدته هي طعنة في قلب كل عراقي شريف.
“نحن أبناء هذه الأرض”
يا شباب العراق، يا من ولدتم من رحم هذه الأرض الطيبة، أنتم الأمل الذي يستند عليه الوطن. فيكم تمتزج النخوة العربية بروح الحضارة، وفي قلوبكم تسكن عزة أجدادكم الذين كتبوا تاريخ المجد. لا تسمحوا لأحد أن يعبث بعقولكم أو يزرع فيها بذور الطائفية. كونوا كما كان أجدادكم: أبناء العراق أولًا، عراقيون قبل أي انتماء آخر.
تذكروا أن العراق هو نخيل البصرة الذي يصمد أمام الرياح، وهو جبال كردستان التي تعانق السماء، وهو شوارع بغداد التي تضج بالحياة رغم كل المحن. العراق هو أنتم، وأنتم العراق.
المرجعية العليا: صوت الحكمة”
في أصعب الأوقات، كانت المرجعية العليا، ممثلة بالسيد علي السيستاني، هي الصوت الذي يحفظ العراق من الانزلاق. كلمات المرجعية كانت دائمًا تنبض بالحب للوطن، تدعو للسلام والوحدة، وتحث على بناء العراق كبيت يتسع للجميع. هذا الصوت الحكيم هو دليلنا، ومن واجبنا أن نلتف حوله، لأن في توجيهاته خلاصنا واستقرارنا.
لكن، لماذا نصرّ على نبش جراح الطائفية عبر رسائل “الواتس آب” ومنشورات “السوشيال ميديا”؟ تلك الصفحة المؤلمة طُويت بدمائنا ودموعنا، وكل بيت عراقي تألم وفقد عزيزًا. إعادة الحديث عنها لا تجلب سوى أوجاع الماضي الذي لا نريد له أن يعود. فلنتجاوز هذه الأحاديث ونركز على ما يجمعنا، لأن العراق يستحق أن نبنيه بوحدة قلوبنا لا أن نهدمه بخلافات تجاوزناها.
العراق أغلى ما نملك
العراق ليس وطنًا نعيش فيه فقط، بل هو وطن يعيش فينا. كل ذرة تراب منه تحمل قصصنا، كل نخلة منه هي شاهد على كرامتنا، وكل شمس تشرق عليه تذكّرنا بأننا أبناء هذا المجد.
فلنكن كما أرادنا العراق: شعبًا واحدًا، يدًا بيد، نبني ونزرع ونُعلّم. ولنتذكر دائمًا كلمات الإمام علي (ع): “الناس صنفان: إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.” العراق يجمعنا، وحب العراق هو هويتنا.
وكما قال أمير البلاغة، الإمام علي (ع): “كل متوقع آت، فتوقعوا الخير.” فلنزرع الخير في نفوسنا وأعمالنا، ولنتوقع للعراق كل خير وسلام وازدهار.
فلنرفع علم العراق عاليًا، ولنترك للتاريخ حكاية شعب رفض أن ينكسر، وأصر على أن يبقى واحدًا. ولتكن كلمتنا جميعًا: “لا للطائفية، نعم للوطن.”
د. سعد معنالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات العراق هو دائم ا
إقرأ أيضاً:
تحليل لـCNN: من هو أبو محمد الجولاني الذي أطاح ببشار الأسد.. وماذا يريد؟
تحليل لبيتر بيرغن من شبكة CNN
(CNN)-- أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، منذ سنوات، عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أبو محمد الجولاني، الذي يترأس هيئة تحرير الشام، وصنفته في البداية كإرهابي منذ أكثر من عقد، قائلة إن جماعته "نفذت هجمات إرهابية متعددة في جميع أنحاء سوريا".
ومع ذلك، فإن الجولاني هو أيضا زعيم الفصائل التي أطاحت للتو بالنظام الاستبدادي للديكتاتور السوري بشار الأسد في هجوم سريع الحركة فاجأ العالم.
ونتيجة لذلك، أصبح الجولاني الآن الزعيم الفعلي لأكثر من 23 مليون سوري وعدة ملايين من اللاجئين الذين يعيشون خارج بلادهم، والذين سيرغب الكثير منهم بالتأكيد في العودة إلى ديارهم الآن بعد رحيل الأسد.
إذن، من هو الجولاني وماذا يريد؟
وباعتباره "مقاتلا أجنبيا" سوريا في أوائل العشرينيات من عمره، عبر الجولاني إلى العراق لمحاربة الأمريكيين عندما غزوا البلاد في ربيع عام 2003.
وأدى ذلك في النهاية إلى وصوله إلى السجن العراقي بوكا سيئ السمعة الذي تديره الولايات المتحدة، والذي أصبح أرضا رئيسية لتجنيد الجماعات الإرهابية، بما في ذلك ما أصبح فيما بعد داعش.
بعد تحريره من معسكر بوكا، عبر الجولاني إلى سوريا وبدأ القتال ضد نظام الأسد البعثي، وفعل ذلك بدعم من أبوبكر البغدادي، الذي أصبح فيما بعد مؤسس داعش.
وفي سوريا، أسس الجولاني جماعة مسلحة تُعرف باسم جبهة النصرة، والتي تعهدت بالولاء لتنظيم القاعدة، ولكن في 2016، انفصل الجولاني عن الجماعة الإرهابية، وفقا لمعمل أبحاث البحرية الأمريكية.
ومنذ ذلك الحين ــ على النقيض من تنظيم القاعدة الذي روج لـ"حرب مقدسة عالمية خيالية"ــ تولت جماعة الجولاني، المعروفة الآن بهيئة تحرير الشام، مهمة أكثر بساطة تتمثل في محاولة حكم ملايين الناس في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وتوفير الخدمات الأساسية، وفقا للباحث في شؤون الإرهاب آرون زالين الذي ألف كتابا عن هيئة تحرير الشام.
نفس الجهادي القديم في حلة جديدة؟
نادرا ما يجري الجولاني مقابلات مع وسائل الإعلام الغربية، ولكن يوم الخميس، تحدث مع جمانة كرادشة من CNN.
وفي تلك المقابلة، بذل الجولاني قصارى جهده لإبعاد نفسه عن الجماعات الإرهابية السنية مثل داعش والقاعدة، قائلا: "إن الناس الذين يخشون الحكم الإسلامي إما أنهم رأوا تطبيقات غير صحيحة له أو لا يفهمونه بشكل صحيح"، وحاول طمأنة الأقلية العلوية والمسيحية في سوريا قائلا: "لقد تعايشت هذه الطوائف في هذه المنطقة لمئات السنين، ولا يحق لأحد القضاء عليها".
كما أضاف الجولاني، الذي يبلغ من العمر الآن 42 عاما، لـ CNN أنه نضج منذ أن كان يقاتل الأمريكيين في العراق قبل عقدين، وقال: "الشخص في العشرينات من عمره سيكون له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره". من الصعب تقييم صدق تصريحات الجولاني المهدئة الأخيرة وما قد تعنيه على المدى الأبعد، على الرغم من أن رجاله لم يرتكبوا مذابح طائفية على غرار داعش عندما استولوا على المدن السورية.
ومن منظور الولايات المتحدة، سيكون المؤشر الإيجابي أيضًا هو إذا ساعد الجولاني في العثور على أوستن تايس، الصحفي الأمريكي الذي اختفى في سوريا قبل 12 عاما والذي قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، إنه يعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة.
إذن، هل الجولاني ببساطة نفس الجهادي القديم المعاد تعبئته في حلة "شاملة" جديدة؟ أم أنه أقرب إلى زعيم إسلامي مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي، على الرغم من أنه ليس ديمقراطيا ليبراليا، لن يطلق العنان للتطهير الطائفي على شعبه؟
من الجدير بالذكر أن طالبان وضعت نفسها في موقع النسخة الأحدث منها وهي الأكثر لطفا قبل أن تستولي على كل أفغانستان في صيف 2021، وتحكم الآن بقبضة من حديد ومعادية للنساء تماما كما كانت في السلطة قبل هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
وعندما استولى داعش على جزء كبير من العراق قبل عقد، قمع التنظيم الإرهابي بلا رحمة كل مجموعة عرقية ودينية تقريبًا بخلاف السنة.
لذا، فإن معاملة الجولاني للعلويين والمسيحيين الذين يحكمهم الآن ستكون مؤشرًا مهما على توجهاته الحقيقية.
من جانبها، لا تخاطر إدارة بايدن بشأن ما إذا كان الجولاني لديه القدرة على مواجهة تهديد من داعش.
وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، الأحد، أنها نفذت أكثر من 75 ضربة على معسكرات ومسلحي داعش في وسط سوريا.
والسبت، نشر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن سوريا بأحرف كبيرة: "هذه ليست معركتنا. لا تتورطوا" ولكن الولايات المتحدة متورطة بالفعل في سوريا مع نشر ما يقرب من 1000 جندي أمريكي هناك في مهمة ضد داعش.
وكانت القوات الأمريكية في سوريا منذ عقد، وخلال فترة ولايته الأولى، تردد ترامب بشأن سحب جميع القوات، وما يجب فعله بشأن تلك القوات هو قرار من المرجح أن يواجهه ترامب عندما يتولى منصبه.
دروس من التاريخ
في عام 2003، أطاح الأمريكيون بدكتاتور بعثي آخر، صدام حسين في العراق، ثم طردوا ما يصل إلى 30 ألف عضو من حزب البعث الذين كانوا يديرون البلاد كما قاموا بتسريح حوالي نصف مليون من عناصر القوات المسلحة العراقية.
وأدى هذا في الوقت نفسه إلى انهيار حكومة العراق وفي الوقت نفسه خلق عدد كبير من الرجال الغاضبين المسلحين المدربين، الذين انضم بعضهم إلى قتال القوات الأمريكية.
كان الجولاني يقاتل ضد الأمريكيين في العراق آنذاك، لذا فمن المفترض أنه على دراية بهذا التاريخ المفيد.
وفي ليبيا في 2011، ساهمت الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في سقوط دكتاتور علماني وحشي آخر، معمر القذافي، وبعد 13 عاما، لا تزال ليبيا تشهد حربا أهلية تدعم فيها عدة دول فصائل مختلفة.
ولعل الجولاني قادر على تنفيذ الحيلة الرائعة المتمثلة في إعادة النظام إلى سوريا مع الإبقاء على العديد من البيروقراطيين التابعين للأسد في مناصبهم، حتى تستمر البلاد في حكم نفسها وفي الوقت نفسه تسعى إلى تحقيق استراتيجية "الخيمة الكبيرة" لحماية جميع الأقليات الدينية في سوريا.
لقد فاز الجولاني بالحرب ضد أحد أكثر الدكتاتوريين شراسة في القرن الحادي والعشرين، والآن يبدأ الجزء الصعب.
أفغانستانأمريكاالعراقسورياليبياأبومحمد الجولانيالإدارة الأمريكيةالجيش العراقيالخارجية الأمريكيةبشار الأسدداعشصدام حسينمعمر القذافينشر الثلاثاء، 10 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.