موقع 24:
2025-05-01@23:14:38 GMT

العالم و«الترامبية» وجهاً لوجه

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

العالم و«الترامبية» وجهاً لوجه

اعتلاء رئيس جديد لسدة الحكم والإدارة في واشنطن، عادة ما يكون مناسبة لترديد مقولات في جهات الدنيا الأربع، تجمع على أن كوكبنا بصدد حدث، تتجاوز أهميته الرحاب الأمريكية. هذه الظاهرة الموسمية، تعد نتاجاً طبيعياً لتربع الولايات المتحدة على قمة النظام الدولي، وما يستتبع هذه الوضعية من تغلغلات وتأثيرات وسياسات ومواقف وأدوار، تبدو حاسمة أحياناً، في تحديد مسارات ومصائر قضايا داخلية وإقليمية ودولية يصعب حصرها.


يقترن بهذه التعميمات، ويرتبط بها ويترتب عليها، انشغال أوساط وفواعل من مختلف المراتب على سلم القوى الدولية بهذا «الحدث»، بحيثية استثنائية، باعتباره أمريكياً جغرافياً ومكانياً، لكنه بالتأكيد أيضاً عالمي الإشعاع والتداعيات. وفي تقديرنا أن الانشغال بنجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة، يمثل، أو ينبغي له أن يمثل استثناءً شديد الخصوصية داخل هذا الاستثناء التقليدي القديم.
مبعث هذا التقدير، أن ترامب، برؤاه الفكرية ومعتقداته، وأساليب مقارباته ومنظوراته ومعالجاته للقضايا والهموم الداخلية والخارجية، ترامب بهذه الحمولة التي باتت تشكل نسيجاً أيديولوجياً وسياسياً بذاتها يوصف بـ«الترامبية»، ليس بالرئيس الطارئ أو المستجد في البيئتين الأمريكية والدولية.. وعليه، يصح الاعتقاد بأن عملية إعادة تعويمه، دون تخليه عن معظم تكييفاته وتصوراته، المعلومة للكافة بحكم تجربته الرئاسية الأولى وخطابه الانتخابي بين يدي التجربة الثانية العتيدة، تنطوي على معنى القناعة الشعبية بالرجل إلى حد كبير.
ويتأكد هذا الفهم أكثر فأكثر، حتى يبلغ بنا الظن أنه سيحظى في عهده الثاني بما يشبه «التفويض العام»، في ضوء الأغلبية المريحة، التي تحف به حزبياً في المؤسسات السيادية.. فيما يعاني خصومه من صدمة فشل انتخابي، قد تلازمهم طوال فترته الرئاسية.
وفقاً لهذه المحددات، يكاد ترامب ينعم بشيء من خصائص القيادات الكاريزمية، بما قد يفضي إلى إطلاق يده إلى حد ملموس في تطبيق قناعاته، قياساً بكثير من أسلافه في البيت الأبيض ؛ الذين خضعوا لتعقيدات كان بعضها تعجيزياً.
بكلام آخر، من كان يظن أن ترامب، الصاخب العنيد ؛ المتطرف في أحانينه وعواطفه لشعارات «العظمة الأمريكية» و«أمريكا أولاً»؛ المستاء من أنماط التحالف مع قوى تستحلب الموارد الأمريكية كحلف الناتو؛ الراغب في إعادة صياغة العلاقات مع الشركاء أو المنافسين التجاريين وتكريسها في خدمة الاقتصاد الأمريكي؛ المتنمر ضد المهاجرين والهجرة غير الشرعية؛ المنحاز للبروتستانت البيض من ذوي الأصول الأنجلوساكسونية.. من كان يظن أن ترامب هذا ليس أكثر من حالة عابرة مرت وانطوت، عليه أن يعيد حساباته.
للإنصاف، هناك حراكات، في المحيط الدولي بالذات، تشي بوعي بعض المعنيين بهذه الحقيقة.. الأوروبيون، مثلاً، يسعون حثيثاً، على المستويات القومية والثنائية والجماعية القارية، لاستطلاع الحدود والآفاق التي قد تترتب على سخط ترامب تجاه ما يعتبره تقصيراً منهم، في تمويل حلف الناتو. ويتساءلون عما يمكنهم فعله إذا ما مضى الرجل وإدارته في طريق العزلة والتخفف من هذا «العبء». ولنا أن نلحظ بالخصوص، أي مخاوف تتناوشهم باعتبار أن هذا التوجه يباغتهم وهم في إطار معمعة أوكرانيا الدامية، التي لا يعرفون على أي شاطئ سوف تستقر. والمفارقة هنا، أنهم يتهامسون حول الصيغة السحرية، سريعة المفعول، التي سيفي بها الرئيس الأمريكي بوعده بإيقاف هذه المعمعة.. وهم إذ يفعلون ذلك، تنتابهم الظنون بأنها صيغة لن تنصفهم.
ظاهر حال الأوروبيين، يوحي بالحيرة والارتباك والتربص، وربما الهرولة إلى تصفيف الأوراق، استعداداً للتعامل مع زعيم أمريكي، له أجندة تؤذن بتحولات فارقة لما استقرت عليه العلاقة داخل دائرة «عالم الغرب» لعشرات السنين. ومن الطرائف الموصولة بهذا المشهد، ما ورد بصحيفة وول ستريت جورنال من أن أورسولا فون درلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أعدت غرفة نوم في مكتبها كي تستطيع العمل على مدار الساعة، لاسيما بشأن تلمس سبل مد الجسور والحيلولة دون الصدام مع هذه الأجندة!
يستقبل الأوروبيون ولاية ترامب الثانية بمشاورات ومداولات تستدعي للذهن حالة الطوارئ.. ولنا أن نقول مثل ذلك وأكثر، في وصف ما يتفاعل من حراكات في أفلاك قضايا إقليمية أخرى، الشرق الأوسط في طليعتها.. تلك القضايا الزاخرة بالمصالح والمداخلات الأمريكية؛ التي ينتظر أطرافها على صفيح ساخن خطوات هذه الولاية ومبادراتها، بعد العشرين من يناير المقبل، بهواجس لا يدعو معظمها للتفاؤل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الحرب الأوكرانية

إقرأ أيضاً:

قناة السويس وطريق الحرير والهيمنة الأمريكية

صرّح الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، مؤخرًا بأن السفن الأمريكية، سواء التجارية أو العسكرية، يجب أن تمر مجانًا من قناة السويس وقناة بنما. هذا التصريح لا ينبغي قراءته كتهديد مباشر لمصر أو انتهاك فوري للقانون الدولي، بل يعكس رؤية استراتيجية أعمق ضمن صراع عالمي محتدم على الممرات الحيوية. إنه دليل على اضطراب في موازين القوى الاقتصادية ومحاولة أمريكية للتمسك بمفاتيح النفوذ، في مواجهة صعود قوى أخرى.

قناة السويس، منذ افتتاحها منتصف القرن التاسع عشر، تُعدّ أحد أهم الشرايين التجارية التي تربط آسيا بأوروبا. وقد نصّت اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 على بقاء القناة مفتوحة للجميع دون تمييز، مع تأكيد سيادة مصر الكاملة عليها، وفقًا للقانون الدولي.

التصريح الأمريكي جاء متزامنًا مع تعاظم النفوذ الصيني من خلال مشروع «الحزام والطريق»، الذي يهدف لربط الصين بالعالم عبر مسارات برية وبحرية. وتُعدّ قناة السويس نقطة ارتكاز مركزية في المسار البحري لهذا المشروع، حيث تختصر آلاف الكيلومترات من طرق الشحن، ما يجعلها لا غنى عنها لنجاح المبادرة الصينية. ولهذا ضخّت بكين استثمارات كبرى في المنطقة الاقتصادية المحيطة بالقناة، لضمان نفوذ دائم وفعّال.

في ذات الاتجاه، أعلنت إيطاليا مؤخرًا عن مبادرة «طريق القطن» الأوروبية، التي تسعى للربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا خارج النفوذ الصيني، وقد اعتبرت مصر محورًا لا يمكن تجاوزه في هذه الخطة. وهو ما يعكس حجم التنافس الدولي على الموقع الجغرافي المصري، واعتراف الغرب بأهمية القاهرة في صياغة خريطة التجارة العالمية الجديدة.

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن ترامب طلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي السماح بمرور السفن الأمريكية مجانًا من قناة السويس دعمًا للعمليات العسكرية في البحر الأحمر، لكن مصر رفضت الطلب، مؤكدة أن أي تحرك يبدأ بوقف الحرب على غزة لا بتجاوز السيادة المصرية. هذا الموقف يعكس صلابة الدولة المصرية وقدرتها على حماية مصالحها دون الدخول في مواجهة مباشرة.

وفي سياق آخر، دعمت الولايات المتحدة وإسرائيل مشروع «قناة بن غوريون» عبر قطاع غزة، الذي سعى لخلق بديل استراتيجي لقناة السويس. المشروع بُني على مخطط لتهجير سكان القطاع قسرًا لشق ممر مائي من البحر الأحمر إلى المتوسط، يُمكّن تل أبيب من التحكم في ممر تجاري عالمي. إلا أن صمود الدولة المصرية أفشل هذا المخطط، وحافظ على مكانة قناة السويس كمسار لا بديل عنه في حركة التجارة بين الشرق والغرب.

اليوم، تفرض الجغرافيا من جديد كلمتها: لا ممر تجاري آمن ومستدام بين آسيا وأوروبا دون قناة السويس. سواء عبر مشروع الحزام والطريق الصيني أو طريق القطن الأوروبي، ظلت القناة نقطة الربط الحاسمة، وهو ما أعاد لمصر زخمها الدولي ورسّخ دورها كقوة جيوسياسية فاعلة.

القوانين الدولية تكفل لمصر إدارة القناة بسيادتها، مع التزامها بحرية الملاحة. كما تؤكد اجتهادات محكمة العدل الدولية أن السيادة على الممرات الدولية تُمارس وفقًا لمبادئ العدل والإنصاف.

وما صرّح به ترامب قد يدخل ضمن مظاهر اليأس الأمريكي، بعد أن استطاعت مصر، بحكمة وهدوء، حصار وتركيع قلب مشروع الشرق الأوسط الجديد دون صدام مباشر. وها هي، رويدًا رويدًا، تكشف عن قوتها الحقيقية، وخصوصًا العسكرية، التي أربكت واضعي المخطط وأدخلتهم في ارتباك جنوني أمام صعود مصري متزن يعيد رسم معادلات النفوذ في المنطقة.

اقرأ أيضاً«وكيل دفاع النواب»: تصريحات ترامب حول قناة السويس عدوان على السيادة المصرية

بكري: قناة السويس ليست إرثا لأجداد ترامب.. ومصر دولة عفية لا تفرط في سيادتها

خبيرا قانون: مطالب ترامب عودة للعقلية الاستعمارية.. والسيادة المصرية على قناة السويس لا تقبل المساومة

مقالات مشابهة

  • خلال ساعات.. ترامب في مواجهة المحاكم الأمريكية بثلاث تحديات قانونية
  • "رويترز": الأردن نجح في الحفاظ على المساعدات الأمريكية
  • قناة السويس وطريق الحرير والهيمنة الأمريكية
  • كيا الأردن تعلن يزن النعيمات وجها إعلاميا جديدا للعلامة
  • كاريكاتير.. تشخيص فضيحة الانعطاف الترامبية !
  • ترامب: العالم يتهافت على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل إبرام اتفاقات اقتصادية
  • ترامب : فزت بالانتخابات الرئاسية الأمريكية رغم «التزوير الديمقراطي»
  • الخارجية الأمريكية: حققنا رؤية ترامب خلال أول 100 يوم
  • تقرير أمريكي: الحوثيون يقاومون الحملة الأمريكية بعناد رغم الخسائر والأضرار التي تلحق بهم (ترجمة خاصة)
  • من يكسب الذهب؟.. السيب ومجيس وجهاً لوجه في نهائي درع الوزارة للكرة الطائرة