حقنُ دماء السوريين، وكف أيادي إلحاق أذى الشر بأي بشر بريء ينتمي لأي من الطوائف، هما حق لكل أبناء سوريا، التي عُرِفَ عنها تعدد أعراق أهلها، وتنوع ثقافاتهم. ذلك الحق، هو في الآن نفسه، واجبٌ معلّق في أعناق قادة مجموعات مسلحة تمكنوا، خلال زحف مفاجئ وحثيث، لم يستغرق سوى بضع ليال.
وبدا كما لو أنه زلزال وقع بين طرفة عين وانتباهتها، من إطاحة نظام حزب «البعث» السوري، بعدما هَرِمَ في الحكم حتى تجاوز ستين عاماً من التشبث بالبقاء على رأس هرَم السُّلطة، بدءاً من عام 1963، فهل يثبت هؤلاء أنهم أتوا فعلاً لإقامة حكم مختلف عما أطاحوا، أم أن مقبل الأيام سوف يكشف أن الذي انقلبوا عليه بُعِث من جديد، ولو تغيّرت وجوه وأسماء؟
ثمة أكثر من مبرر لهذا التساؤل.
في الحالات الثلاث، مع ملاحظة تباين أحداث البلدان الثلاثة، حصل نوع من التحسّر بين قطاع معتبر من الناس عند المقارنة بين نظام انهار فهللوا لانهياره، وأمسى جزءاً من ماضٍ تولى، وبين واقع لم يأتِ بما توقعوا، وإنما بالنقيض، خصوصاً من حيث ضياع الاستقرار، الذي هو الحجر الأساس للأمن الوطني، والعمود الفقري للسلام بين مختلف قطاعات المجتمع. ليس قصد هكذا مقارنات الاصطفاف إلى جانب طرف ضد آخر. لو سُئل الناس، في مختلف المجتمعات على وجه الأرض، أن يجيبوا عن السؤال التالي: ماذا تريد من الحياة؟
لأتى مضمون الجواب على النحو الآتي: عافية البدن، وصفاء البال، واطمئنان النفس. عندما يُقْتَلع أي من أضلاع هذا المثلث، لن يغدو ممكناً تحقيق الأمان بأي مجتمع.
الآن، وقد طوى سجل تاريخ سوريا، ومعها المنطقة ككل، زمن الحكم البعثي، بكل ما له، وما عليه، ليس واضحاً بشكل محدد، أي مستقبل ينتظر سوريا، والسوريين، وكل الإقليم. من جديد، يبرز السؤال المهم: هل يجري، على وجه التحديد، استنساخ مثال العراق، وكذلك واقع ليبيا الممزق، أم يجوز القول إن مراكز صنع القرار العالمي، ومعها القوى الأساسية في المنطقة، لن تسمح بهكذا سيناريو يفتح جبهات حروب ونزاعات جديدة داخل سوريا، الأرجح أن تمتد ألسنتها إلى دول مجاورة؟ من الطبيعي أن منطق التحليل السياسي يرجح الافتراض الثاني.
لكن شبهة شك سوف تحوم حول موقف تيار اليمين المتطرف في إسرائيل بزعامة بنيامين نتنياهو. سبب ذلك أن هذا التيار قد يرى الفرصة مواتية للإجهاز على مقومات الدولة في سوريا، وإنهاء وجود جيشها تماماً على الأرض، إلا إذا كان لإدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، موقف مغاير يلجم متطرفي إسرائيل وفقاً لما يراه البيت الأبيض.
يبقى القول إن تحية «السلام عليكِ يا شام» الواردة في عنوان المقالة، موجهة أولاً إلى سوريا وأهلها، فهي وهم موضع الأنظار، لكن مضمونها الجغرافي يتسع ليضم أهل بلاد الشام الكبرى، من قطاع غزة إلى بقاع لبنان، مروراً بنهر الأردن، وضفاف دجلة والفرات. حقّاً، أما آن للسلام الحق أن ينزل في تلك الديار؟
الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا سوريا الاحتلال المعارضة الجولاني سقوط الاسد مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: ما تقوم به إسرائيل في سوريا احتلال وليس منطقة عازلة
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن حديث إسرائيل عما تسميها المنطقة الآمنة بجنوب سوريا، يتناقض مع مفهوم المنطقة الآمنة أو العازلة، وهي تقوم باحتلال الأراضي السورية.
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس -خلال زيارة إلى منطقة جبل الشيخ (تبعد عن العاصمة دمشق نحو 40 كيلومترا)- بأن الجيش الإسرائيلي يستعد للبقاء في سوريا لزمن غير محدود. وأضاف أن إسرائيل ستستمر في سيطرتها على "المنطقة الآمنة".
ويرى العقيد الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري السوري- أنه لا يمكن أن يطلق على المنطقة التي تحدث عنها الوزير الإسرائيلي بالمنطقة العازلة، لأن المنطقة العازلة تكون بين دولتين ويحرم على الدولتين الدخول إليها، ويكون هناك طرف ثالث ينظم الأمن والاستقرار في هذه المنطقة.
وقال إن إسرائيل قامت بعملية اجتياح داخل الأراضي السورية تصل إلى 65 كيلومترا، ثم تتحدث عن منطقة عازلة، واعتبر أن "هذا احتلال وليس منطقة عازلة".
وتحدث العقيد الفلاحي عن دخول قطاعات إسرائيلية جديدة إلى عمق الأراضي السورية، مشيرا إلى وجود فرقة مناطقية تتألف من 4 ألوية، اللواء 474 واللواء 810 المسؤول عن جبل الشيخ، بالإضافة إلى اللواء التاسع واللواء المدرع 434 وفوج المدفعية 209.
إعلانوعن تصريح أحد المسؤولين العسكريين الإسرائيليين بأن مفهوم الأمن لدى إسرائيل قد تغير بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أوضح العقيد الفلاحي أن المقصود هو أن إسرائيل لن تسمح ببناء قوة عسكرية لأي طرف من الأطراف، خاصة على حدود إسرائيل، وهو ما يفسر قيامها بقصف الكثير من الإمكانيات والقدرات العسكرية السورية.
وشنت طائرات إسرائيلية، مساء الاثنين، غارات عنيفة استهدفت مستودعات أسلحة ودبابات ومعدات عسكرية تابعة للجيش السوري في محافظة درعا الجنوبية.
ومن جهته، أقر وزير الدفاع الإسرائيلي بأنهم هاجموا أمس 40 هدفا عسكريا في جنوب سوريا "لتطبيق السياسة التي أعلنا عنها لإحباط التهديدات ضد إسرائيل"، حسب زعمه.
ومنذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، شنت إسرائيل مئات الغارات على مواقع عسكرية في عدة مناطق بسوريا.
كما نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة توغلات في محافظتي القنيطرة ودرعا جنوبي سوريا.