موقع النيلين:
2025-05-02@08:32:50 GMT

سقوط بشار.. ماذا تبقى بعد قتل الدولة؟!

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

كان سقوط نظام بشار الأسد منطقيًّا عقب اندلاع الثورة السورية فى مارس ٢٠١١، لكن أجهزة التنفس الصناعية الخارجية أمدت فى عمره ١٤ عامًا أخرى. إيران أرسلت القوات والأسلحة والمستشارين. حزب الله اللبنانى حارب معه، وكأنه يخوض معركته الكبرى. فصائل عراقية وأخرى من دول عديدة جاءت دفاعًا عنه باعتباره جزءًا من محور المقاومة، وعضوًا فيما عُرف بـ«الهلال الشيعى»، الممتد من لبنان وسوريا إلى العراق وإيران.

ثم جاءت روسيا فى سبتمبر ٢٠١٥ لتثبيت أركان النظام ومساعدته على هزيمة المعارضة والفصائل المسلحة.

حقول القتل ملأت سوريا، وراح ضحيتها مئات آلاف المواطنين، وتهَجَّر بسببها الملايين، لكن بقاء النظام، الذى ينتمى بأيديولوجيته وممارساته القمعية وإعلامه إلى عصر الحرب الباردة، كان أهم من حياة السوريين. رغم الخلافات السياسية بينهما، كان النظام السورى توأم نظام صدام حسين فى العراق، الذى سقط نتيجة الغزو الأمريكى ٢٠٠٣، إلا أن بعض الرشادة فى سياسة دمشق الخارجية بالقياس إلى صدام أنقذته من الزوال. ليس غريبًا إذن أنه انهار. المفاجأة سرعة الانزلاق إلى الهاوية. خلال الفترة المقبلة، سينشغل الإعلام والصحافة والمحللون السياسيون بما يحدث فى سوريا فى ظل حكامها الجدد، ويحاولون معرفة طبيعة ما جرى، وكواليس صُنع القرار على أعلى المستويات فى تلك الأيام الحاسمة، وأسرار الاتصالات بين أركان النظام وداعميه الإيرانيين والروس، والأدوار التى لعبتها إسرائيل وتركيا والولايات المتحدة.

لكن هناك قضية محورية قد لا نلتفت إليها، وهى أن الانهيار السريع مرآة عاكسة لهشاشة الدولة السورية ومؤسساتها وعدم قدرتها على التعامل مع الأزمات، مما جعلها تلجأ إلى خيار الانسحاب من مهامها، وتسليم الأرض والقرار إلى الخصوم. هذه الهشاشة أصبحت، على ما يبدو، جزءًا لا يتجزأ من طبيعة بعض الدول العربية، كما أنها ليست وليدة اليوم. تاريخها ربما يعود إلى نشأة تلك الدول. الدولة الهشة تتسم بضعف الكفاءة فى أداء المهام الأساسية المنوط بها القيام بها، خاصة الاقتصادية، بشكل يجعل المواطنين فيها عرضة لأخطار عديدة. لكن الجانب السياسى يلعب دورًا مهمًّا فى إصابة الدول بالهشاشة وفقدان المناعة، مما يجعلها عرضة للانكسار، بل السقوط فى مواجهة الأزمات الخطيرة. الأجهزة التى من المفترض أن تتعامل مع تلك الأزمات لا تتصف بالمؤسَّسية ولا النزاهة والشفافية، وجوهرها الفساد، وغالبًا ما تتحول إلى هيئات قائمة على الشخصنة، بحيث إذا اختفى رئيسها، ينتهى عمل تلك المؤسسات. هذا ما حدث فى ليبيا. بوصوله إلى الحكم، قضى العقيد القذافى على ما تبقى من مؤسسات الدولة، التى لم تعُد دولة، بل جماهيرية تحكمها قرارات وانفعالات وأفكار العقيد الغريبة، وليس الدستور والقوانين. الأمر نفسه حدث فى العراق. سقطت كل مقومات الدولة بسقوط صدام لأنه كان المقومات ذاتها.
باستثناء مصر، التى يتجذر فيها مفهوم الدولة الممتدة عبر التاريخ، ولأن مؤسساتها قامت على التراكم منذ مطلع العصر الحديث، فإن الدولة مفهوم نظرى أكثر من حقيقة واقعة فى معظم عالمنا العربى، الذى نشأت دول كثيرة فيه عقب الحرب العالمية الأولى نتيجة اتفاق بريطانى وفرنسى. وحتى الدول التى نشأت واجهت عدم اعتراف من جانب شعوبها بها. لبنان ظل عقودًا عديدة يرفضه أكثر من نصف شعبه طلبًا للوحدة مع سوريا. غالبية السوريين تطلعت إلى وحدة عربية أكبر تتجاوز القطر السورى. ثم أسهمت الانقلابات المتتالية فى العراق وسوريا واليمن فى زعزعة مفهوم الدولة، وإضعاف، إن لم يكن تفتيت، المؤسسات التى تركها الاستعمار عند رحيله. القبيلة، التى تتجاوز حدود الدول، رسّخت فى أذهان بعض العرب أن الدولة ستقضى على خصوصياتهم ونمط حياتهم الذى ورثوه عبر مئات السنين.

سوريا تحديدًا كانت نموذجًا لعدم الإيمان بمفهوم الدولة، سواء اعتبارها مرحلة سابقة على الوحدة، أو من خلال نمط الحكم السائد منذ استيلاء الرئيس الراحل حافظ الأسد على السلطة ١٩٧٠. جمع الأسد كل السلطات فى يديه، كما لم يحدث فى تاريخ سوريا الحديث. الغريب أن طريقة الأب، التى أورثها لنجله بشار، كانت تلقى تأييدًا كبيرًا من مثقفين عرب اعتبروا أنها الطريقة الأنجع للتعامل مع القلاقل والاحتجاجات التى اعتبروها مؤامرة غربية تستهدف زعزعة الحكم، بل إنهم لم يرفعوا أصواتهم عندما ارتكب النظام المذابح فى حماة أوائل الثمانينيات.

فى رواية «خبر اختطاف»، للكاتب الكولومبى جابرييل جارسيا ماركيز، الفائز بنوبل فى الآداب عام ١٩٨٢،

(ترجمة صالح علمانى) يستدعى المؤلف مقولة مشهورة فى بلاده: «هناك قطاع من الكولومبيين قتل النمر ثم خاف من جلده». عرب كثيرون قتلوا الدولة، ثم تباكوا على تداعيات ما بعد القتل.

عبدالله عبدالسلام – المصري اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

البحيرة: تعرف على الأحوزة العمرانية التى تم اعتمادها خلال الفترة الماضية

أكدت الدكتورة جاكلين عازر محافظ البحيرة، أن اعتماد الأحوزة العمرانية يشكل محوراً أساسياً في استراتيجية الدولة لتعزيز التنمية العمرانية المتكاملة، كما أن هذه الخطوة تُمثل بداية فعّالة لتنظيم التجمعات السكنية القائمة، مما يسهل تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية، ويُسهم بشكل مباشر في رفع جودة حياة المواطنين، ودعم مسيرة التنمية المستدامة في شتى القطاعات داخل القرى والعزب.

محافظة البحيرةمحافظة البحيرةمحافظة البحيرة

وفى هذا السياق شهد مركز ومدينة بدر خلال الفترة الماضية إعتماد الأحوزة العمرانية لـ19 قرية و51 عزبة، وذلك في إطار الجهود المتواصلة للمحافظة نحو ضبط منظومة البناء، بما يتماشى مع رؤية الدولة للارتقاء بمستوى الخدمات والمرافق الأساسية.

ولمعرفة القرى والعزب التي تم اعتماد أحوزتها العمرانية فى نطاق مركز ومدينة بدر خلال الفترة السابقة وحتى الآن، يُرجى الاطلاع على النماذج المرفقة.

رئيس المقاولون العرب: لم تصلنا عروض رسمية لضم سيحا.. واهتمام الأهلي وبيراميدز شفويبولتون: وعود ترامب بشأن قطاع غزة وأوكرانيا لم يفعل منها شيئا طباعة شارك البحيرة محافظ البحيرة الحايز العمرانى مركز بدر

مقالات مشابهة

  • ماذا يفرحك ويبهجك ويجعلك تضحك يا تلفزيون السودان !!
  • عقد دولي لإدارة ميناء اللاذقية.. أول اتفاق استثماري في سوريا بعد سقوط الأسد
  • لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • إستهداف بيك اب في جنوب لبنان.. ومعلومات عن سقوط إصابات
  • بشار المصري : نستنكر حادثة السطو على مخازن "مطابخ غزة العزة"
  • البحيرة: تعرف على الأحوزة العمرانية التى تم اعتمادها خلال الفترة الماضية
  • جمعيات المستثمرين: النظام الضريبى المُبسَّط مبادرة جيدة لصغار الممولين بمختلف الأنشطة
  • جوتيريش: غزة يجب أن تبقى جزءً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية
  • عاجل. الأمين العام للأمم المتحدة: غزة يجب أن تبقى جزءاً لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية
  • الأمم المتحدة: غزة يجب أن تبقى جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية