في كل عام ، يحاول آلاف الجزائريين عبور البحر الأبيض المتوسط ​​للوصول إلى إسبانيا

حتى اليوم الأول من عام 2023، لم يعرف عبد الله ظاهرة "الحراقة" إلا بالاسم. هم "حراقة الحدود" الذين يغادرون الجزائر على متن قوارب صغيرة بمحركات إلى إسبانيا. قال الشاب الذي يعيش قرب باريس في فرنسا: "منذ أن كنت صغيراً، سمعت أن الناس يذهبون إلى البحر، لكن عائلتي لم تكن معنية بالموضوع على الإطلاق".

إلا أنه في 1 يناير/كانون الثاني، تلقى رسالة على هاتفه يطلب فيها والدا ابن عمه أسامة (24 عاما) أن يذهب إلى إسبانيا للبحث عن ابنهما. "كان علي أن أواجه نبأ اختفائه، وفي الوقت نفسه أن أتصرف بأسرع ما يمكن. فدخلت عالما لم أكن أعرفه: عالم البحث عن المفقودين".

يسلك آلاف الأشخاص كل عام  الطريق البحري الخطير  بين الجزائر وإسبانيا، هو نفسه الذي سلكه أسامة بحثًا عن حياة أفضل. في هذه المنطقة حيث يوجد سوى وسائل قليلة للبحث عن المهاجرين، "تختفي العديد من القوارب دون ترك أي أثر، ما يجعل العائلات تعيش حالة من عدم اليقين"، حسب قول الجمعية الإسبانية "كاميناندو فرونتيراس" في تقريرها "جدران اللامبالاة، الطريق الجزائري في غرب البحر الأبيض المتوسط ​".

في عام 2022، لقي ما لا يقل عن 464 شخصًا مصرعهم خلال هذه الرحلة في 43 حادث غرق، مقارنة بـ191 في عام 2021، وفقًا للمنظمة غير الحكومية. وبين عامي 2018 و2022، تسبب هذا العبور في البحر الأبيض المتوسط ​​في وقوع ما مجموعه 1,583 ضحية.

موقع مهاجر نيوز يقدم الخطوات الواجب اتباعها في حال التعرض لموقف مشابه.

أولا: جمع المعلومات

الشيء الأول الذي يجب فعله عند البحث عن قريب مفقود هو جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، وفق "دليل البحث عن الأشخاص المفقودين على الحدود" التابع للمنظمة غير الحكومية الإسبانية. هذه المعلومات هي:

البيانات الشخصية والرسمية: الاسم الكامل وتاريخ ومكان الميلاد والعمر والجنسية ووثيقة الهوية إن أمكن، وكذلك صورة حديثة أو أكثر للشخص المفقود.

معلومات حول آخر اتصال معه: نقطة المغادرة  ونقطة الوصول المستهدفة، عدد الأشخاص الذين كانوا على متن القارب مع الشخص المفقود، معرفة إن كان تواصل عبر هاتفه أو هاتف مسافر آخر معه.

بيانات جسدية دقيقة: الطول والوزن ولون الشعر والعينين، علامة معينة (مثل وشم أو ثقب أو ندبات أو شامات). في حال معرفة الشخص المفقود، فيمكن تقديم وصف دقيق للملابس التي كان يرتديها أثناء مغادرته، وإن كان يضع حليا أم لا أو وصف حذائه. "من المهم أيضا الاتصال مع عائلات الأشخاص الآخرين المرافقين للشخص المفقود" حسبما نصح عبد الله. "فقد تكون لديهم معلومات لا نعرفها، أو أنهم تلقوا مكالمة قبل المغادرة مباشرة. هذه المعلومات قيمة وستكون مفيدة للغاية لمتابعة البحث".

ثانيا: تقديم شكوى في البلد الأصل

وأصرت كاميناندو فرونتيراس في دليلها على أنه "يجب دائما تقديم  شكوى للإبلاغ  عن اختفاء شخص ما. هذا الإجراء ضروري لبدء البحث". "ويُطلب من البلد الأصلي للشخص المفقود الاتصال بالبلد الذي شوهد فيه آخر مرة أو المكان الذي من المفترض أن يكون فيه".

مئات الشباب يغامرون بحياتهم عند عبور البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا

وبالتالي، إذا كانت الشكوى تتعلق باختفاء مواطن جزائري، فيجب على الشرطة الجزائرية  الاتصال بإسبانيا لبدء البحث.

من يتوجب عليه تقديم الشكوى؟ أي شخص سواء كان من أفراد عائلة المفقود أو أصدقائه، مع العلم أنه سيحتاج إلى إبراز هويته. "يمكننا أيضًا أن نطلب منك المستندات التي تثبت ارتباطك بالشخص المفقود. إذا كان بحوزتك، فلا بأس، لكنه ليس إلزاميًا"، حسب تأكيد كاميناندو فرونتيراس.

أين تقدم الشكوى؟ في أي خدمات للشرطة (مركز شرطة على سبيل المثال) أو في محكمة (للدول التي يسمح فيها القانون بذلك) ، وفي أي بلد، البلد الأصلي أو بلد العبور أو البلد الذي تتوجه إليه. على سبيل المثال، إذا كنت في تونس، وكان أخوك قد أبحر من الساحل الجزائري، فيمكنك تقديم شكوى في مركز شرطة تونسي، ولست مضطرا للذهاب إلى المكان الذي فقد فيه الشخص.

بالنسبة للمواطنين الجزائريين، في الإمكان الإبلاغ عن اختفاء قريب في القنصلية الإسبانية في الجزائر، في حال حدث الاختفاء في المياه الإسبانية.

يرجى الانتباه إلى أمر مهم: وفقًا للشهادات التي جمعتها الجمعيات وموقع مهاجر نيوز، غالبا ما تواجه  عائلات المفقودين  بصمت من السلطات الجزائرية والإسبانية. قالت كاميناندو فرونتيراس: "للأسف، لا تحترم الدول التزامها بالبحث مهاجرين مفقودين. لذلك من المحتمل أن تواجهكم مشاكل إدارية".

مختارات بينها المغرب.. ألمانيا تتفاوض مع ست دول حول اتفاقيات هجرة أملا في بلوغ أوروبا: "التغريبة السورية" تتواصل عبر ليبيا!

وأكد عبد الله: "عليك ألا تتوقع الكثير من السلطات المحلية". فعلى رغم الاستقبال الجيد في مركز شرطة حي في مستغانم ، لم يركز التحقيق سوى على مهربي القارب  وليس على ركابه، وهذا ما كان محبطا له.

ثالثا: الاتصال بالسلطات الإسبانية

لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمساعدة في التحقيق، يمكنكم دائما الاتصال بالسلطات الإسبانية بأنفسكم، حسب موقع الغرق إن كنتم تعرفونه. إذا كنتم لا تتحدثون الإسبانية أو الإنكليزية، حاولوا الحصول على مساعدة من مترجم.

فيما يلي أرقام مراكز الإنقاذ الرئيسية على الساحل الجنوبي:

• مركز تنسيق ألميريا، 34950275477+

• مركز تنسيق قرطاجنة، 34968505366/968529594/968529817+

• مركز تنسيق بالما، مايوركا - جزر البليار: 34971724562+

• الحرس المدني للأندلس: 34 954231901+

توجهت عائلة أسامة إلى مكان فقدانه مباشرة. بعد أيام قليلة من اختفاء الشاب، ذهب شقيقاه إلى مدينة أليكانتي، في جنوب شرق إسبانيا، لإيداع حمضهم النووي لدى مشرحة المدينة. ثم في نهاية فبراير/شباط 2023، رافق عبد الله أحد الأشقاء، جالوا المنطقة معا. "في المشرحة في مورسيا، تم استقبالنا بشكل جيد. ساعدتنا طبيبة نفسانية، تم الاستماع إلينا"، حسب عبد الله الذي أضاف "في الميريا، كان الأمر أكثر تعقيدا. كانت المشرحة تفيض بالجثث، ولم يكن الموظفون يستمعون إلينا. كنا بحاجة إلى إذن من قائد الدرك للتحقق من أن الجثة التي تتوافق مع الخصائص الجسدية لأسامة والتي وصلت في يوم الغرق، هي بالفعل جثة ابن عمي. على الرغم من إصرارنا أمام السلطات، لم نحصل على الجثة أبدا. كان الأمر صعبا جدا بالنسبة لنا. كما تم منعنا من رؤية بقايا الأشياء الموجودة على الجسد، رغم أن هذا من حقنا". كما قام الاثنان بجولة في مراكز الاعتقال في المنطقة، وفي كل مرة، كانا يسألان عن أسامة أو صدّيق، ابن عمه الآخر الذي اختفى خلال الرحلة  نفسها، لم يصلهما رد.

 رابعا: الاتصال بمنظمات موثوقة

الاتصال  بالجمعيات  يفيدكم في عملية البحث. لكن حذرت كاميناندو فرونتيراس قائلة: "للأسف، تقدم بعض المنظمات [...] معلومات مغلوطة للعائلات، بدافع الجهل أو للاستفادة منها". كما يستغل البعض محنة العائلات لابتزاز الأموال منهم مقابل الحصول على معلومات. "لذلك من المهم أن يكون تواصلكم مع منظمات موثوقة تعرف جيدا التعامل مع هذه المواقف".

فيما يلي تفاصيل الاتصال بجمعيتين يمكن أن تدعمكم في بحثكم:

• كاميناندو فرونتيراس: info@caminandofronteras.org

• مجموعة عنابة - كسيلة زركوين ، محام: 213790204412+، 213385857 78+، zerguine-kouceila@hotmail.fr

علاوة على ذلك، "عليكم الانتباه حقًا إلى الشائعات التي تكثر في طرقات الهجرة هذه"، كما أشار عبد الله، وأضاف "منذ بداية بحثي، كثيرا ما قيل لي أن أبناء عمي في سجون سرية في إسبانيا. أقول اليوم: إنهم غير موجودين. قبل أسبوعين فقط، تم الاتصال بي لتطميني أن أسامة يقبع في السجن في المغرب... لا يفهم الناس أن هذه المعلومات المغلوطة تضر بنا". هناك الكثير من المعلومات المغلوطة حول مراكز الاحتجاز السرية. "على شبكات التواصل الاجتماعي، هناك الكثير من  الأخبار المزيفة، وفي أغلب الأحيان سيتم إخبارك بأن الشخص الذي تبحث عنه موجود في السجن في إسبانيا، وأنه بخير ولكنه لا يستطيع الاتصال بك" ، كما قال لمهاجر نيوز رياض الذي يبحث عن شقيقه منذ عامين.

 

مهاجر نيوز 2023 / مارلين بانارا 

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: البحر الأبيض المتوسط عبور البحر المتوسط الجزائر سواحل أوروبا الهجرة غير القانونية البحر الأبيض المتوسط عبور البحر المتوسط الجزائر سواحل أوروبا الهجرة غير القانونية عبد الله

إقرأ أيضاً:

كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب سلطات الجزائر؟

مرت 10 أيام على اعتقال الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال  أسبوعه الثاني دون تقديم السلطات الجزائرية توضيحات بشأن أسباب توقيفه والتهم التي يواجهها، باستثناء تأكيد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية الخبر، الجمعة.

وأوقفت الشرطة الجزائرية صنصال (75 سنة) يوم 16 نوفمبر الجاري، بالمطار الدولي هواري بومدين، بينما أشارت وكالة الأنباء إلى أن تصريحاته الأخيرة حول تاريخ الجزائر "كانت تجاوزا للخطوط الحمر".

ودعا المحامي فرانسوا زيمراي، المكلف من دار "غاليمار" الفرنسية للنشر بالدفاع عن صنصال، الاثنين، إلى "الحرص على احترام حقه بمحاكمة عادلة طبقا للالتزامات الدولية التي تعهدت بها الجزائر".

وصنصال كاتب جزائري يحمل الجنسية الفرنسية، وسبق له العمل في وزارة الصناعة الجزائرية. اشتهر بمواقفه المعارضة والناقدة للنظام، كما عُرف بمناهضته للإسلاميين المتشددين. وهو حاصل على الجائزة الكبرى للرواية مناصفة مع الكاتب الفرنسي التونسي، الهادي قدور، في 29 أكتوبر 2015.

وتفاعلا مع اعتقاله، طالب فائزون بجائزة نوبل للآداب، وهم آنّي إرنو وجان ماري لو كليزيو وأورهان باموك ووول سوينكا، وكتاب آخرون بينهم سلمان رشدي، الكاتب البريطاني المعروف برواية "آيات شيطانية"، السبت، بالإفراج عن صنصال.

بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن بوعلام صنصال تستمر النقاشات بشأن توقيف الجزائر للكاتب الفرانكو- جزائري بوعلام صنصال، وسط جدل بشأن الاتهامات التي يمكن أن يواجهها أمام محاكم هذا البلد المغاربي.

بينما أطلق سياسيون فرنسيون ووسائل إعلام حملة لدفع السلطات الجزائرية إلى الإفراج عنه، بينهم القيادية البارزة بحزب "التجمع الوطني اليميني" مارين لوبان، ومثقفون وأدباء، إلا أن رد الجزائر، عبر وكالة أنبائها الرسمية، كان شديد اللهجة في في هجومه على صنصال وانتقاد مواقفه، واستنكار تضامن الطبقة السياسية والنخب الفرنسية معه.

وأثار صنصال جدلا أعقب مقابلة مع "فرانتيير ميديا" الفرنسية، قال فيها إن "مدنا بالغرب الجزائري كانت تاريخيا جزءا من المغرب مثل تلمسان ووهران ومعسكر"، وردا على ذلك وصفت الجزائر صنصال بـ "محترف التزييف".

كما أثارت زيارته لإسرائيل ومشاركته في مهرجان الأدباء العالمي، الذي نظمته مؤسسة "مشكانوت شأنانيم" في القدس سنة 2012، جدلا في الجزائر وفرنسا.

فلماذا أزعج صنصال السلطات الجزائرية هذه المرة؟

"استفزاز" الحكومة

وتعليقا على هذا السؤال يرى المحامي الجزائري، فاروق قسنطيني، أن صنصال "أثار الكثير من النقاش بآرائه الأخيرة التي مست الوحدة الوطنية"، مشيرا إلى أنه "لم يزعج السلطات وفقط، بل استفزها بتلك التصريحات غير المؤسسة في جانبها التاريخي".

وأشار قسنطيني لـ "الحرة" إلى أن صنصال "أزعج واستفز الجزائر لافتقاد آرائه للمصداقية والبعد الأكاديمي المبني على أسس تاريخية حقيقية"، معتبرا أن ذلك "جعله تحت طائلة قانون العقوبات في شقه الخاص بجريمة المس بسلامة التراب الوطني".

الآراء "المستفزة" على حد وصف قسنطيني العام، يوضحها الإعلامي عبد الوكيل بلام بشكل صريح، حيث يقول إن "المزعج للسلطات الجزائرية في آراء وتصريحات بوعلام صنصال هو الجزء الخاص بعلاقة المغرب ببعض الأجزاء من التراب الجزائري، والخلط الذي تعمده في تقديم ذلك للرأي العام".

وكان صنصال قد أثار جدلاً بسبب تصريحاته لمجلة "فرونتيير ميديا" الفرنسية، حينما تحدث عن أن فرنسا، خلال فترة الاستعمار، "قامت بضم أجزاء من المغرب إلى الجزائر، مما أدى إلى توسيع حدود الجزائر الحالية". 

كما انتقد النظام الجزائري، مشيراً إلى أن قادته "اخترعوا جبهة البوليساريو لضرب استقرار المغرب". وانتقدت أوساط سياسية وجزائرية هذه التصريحات واعتبرتها "مجانبة للصواب"

هذه التصريحات المثيرة للجدل التي أزعجت الجزائر، بحسب المتحدث، "لم يسبق لكاتب أو سياسي جزائري أن أدلى بها".

ولا يستبعد بلام، في حديثه لـ"الحرة"، أن تكون الاتهامات الموجهة لصنصال "ثقيلة جدا" بحكم "السياق الذي جاءت فيه وفسرته وكالة الأنباء الرسمية".

توتر الجزائر وباريس

في المقابل، يعتقد الحقوقي يوسف بن كعبة أن ملف بوعلام صنصال "ما هو إلا وسيلة للضغط السياسي بين البلدين، بعدما وصلت العلاقات بينهما إلى طريق مسدود"، مضيفا أن "التوتر الذي يطبع هذه العلاقات جعل صنصال وسيلة لمعركة سياسية وإعلامية جديدة بينهما".

ويضيف بن كعبة في حديثه لـ"الحرة" أن السلطات الجزائرية "رفضت لحد الآن تأسيس محامين عنه، ما يشي باستغلال أطول فترة ممكنة يسمح بها القانون للتحقيق فيما قد ينسب له من اتهامات".

وأضاف أن المعلومات المتوفرة لفريق المحامين في باريس هو أن السلطات "تستعد لإصدار بيان عن النيابة العامة لمجلس قضاء العاصمة".

مقالات مشابهة

  • ‏ماذا تفعل حتى لا يكون “مشيك” مضراً بصحتك؟
  • إنتشال جثة الشاب المفقود في البحر بالطارف
  • كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب الجزائر؟
  • كلام عن المغرب.. ما الذي قاله صنصال وأغضب سلطات الجزائر؟
  • القاهرة تعلن عن فقدان 17 شخصا بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر  
  • "حلوى فيتامينات سحرية".. ماذا تفعل للمراهقين؟
  • الإسعاف والطوارئ يعثر على المفقود “منصور بوعميرة” وعائلته متوفين بسبب حادث سير
  • دراسة تكشف عن علاقة مدمرة بين الصحة العقلية ومواقع التواصل.. ماذا تفعل؟
  • صحيفة عبرية: العثور على جثة مجهولة في الإمارات قد ترتبط بالحاخام المفقود
  • الإمارات.. «الداخلية» تواصل البحث عن مولدافي انقطع الاتصال به