طريق الجزائر-إسبانيا: ماذا تفعل عند فقدان أحد أقاربك في البحر؟
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
في كل عام ، يحاول آلاف الجزائريين عبور البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى إسبانيا
حتى اليوم الأول من عام 2023، لم يعرف عبد الله ظاهرة "الحراقة" إلا بالاسم. هم "حراقة الحدود" الذين يغادرون الجزائر على متن قوارب صغيرة بمحركات إلى إسبانيا. قال الشاب الذي يعيش قرب باريس في فرنسا: "منذ أن كنت صغيراً، سمعت أن الناس يذهبون إلى البحر، لكن عائلتي لم تكن معنية بالموضوع على الإطلاق".
يسلك آلاف الأشخاص كل عام الطريق البحري الخطير بين الجزائر وإسبانيا، هو نفسه الذي سلكه أسامة بحثًا عن حياة أفضل. في هذه المنطقة حيث يوجد سوى وسائل قليلة للبحث عن المهاجرين، "تختفي العديد من القوارب دون ترك أي أثر، ما يجعل العائلات تعيش حالة من عدم اليقين"، حسب قول الجمعية الإسبانية "كاميناندو فرونتيراس" في تقريرها "جدران اللامبالاة، الطريق الجزائري في غرب البحر الأبيض المتوسط ".
في عام 2022، لقي ما لا يقل عن 464 شخصًا مصرعهم خلال هذه الرحلة في 43 حادث غرق، مقارنة بـ191 في عام 2021، وفقًا للمنظمة غير الحكومية. وبين عامي 2018 و2022، تسبب هذا العبور في البحر الأبيض المتوسط في وقوع ما مجموعه 1,583 ضحية.
موقع مهاجر نيوز يقدم الخطوات الواجب اتباعها في حال التعرض لموقف مشابه.
أولا: جمع المعلومات
الشيء الأول الذي يجب فعله عند البحث عن قريب مفقود هو جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، وفق "دليل البحث عن الأشخاص المفقودين على الحدود" التابع للمنظمة غير الحكومية الإسبانية. هذه المعلومات هي:
البيانات الشخصية والرسمية: الاسم الكامل وتاريخ ومكان الميلاد والعمر والجنسية ووثيقة الهوية إن أمكن، وكذلك صورة حديثة أو أكثر للشخص المفقود.
معلومات حول آخر اتصال معه: نقطة المغادرة ونقطة الوصول المستهدفة، عدد الأشخاص الذين كانوا على متن القارب مع الشخص المفقود، معرفة إن كان تواصل عبر هاتفه أو هاتف مسافر آخر معه.
بيانات جسدية دقيقة: الطول والوزن ولون الشعر والعينين، علامة معينة (مثل وشم أو ثقب أو ندبات أو شامات). في حال معرفة الشخص المفقود، فيمكن تقديم وصف دقيق للملابس التي كان يرتديها أثناء مغادرته، وإن كان يضع حليا أم لا أو وصف حذائه. "من المهم أيضا الاتصال مع عائلات الأشخاص الآخرين المرافقين للشخص المفقود" حسبما نصح عبد الله. "فقد تكون لديهم معلومات لا نعرفها، أو أنهم تلقوا مكالمة قبل المغادرة مباشرة. هذه المعلومات قيمة وستكون مفيدة للغاية لمتابعة البحث".
ثانيا: تقديم شكوى في البلد الأصل
وأصرت كاميناندو فرونتيراس في دليلها على أنه "يجب دائما تقديم شكوى للإبلاغ عن اختفاء شخص ما. هذا الإجراء ضروري لبدء البحث". "ويُطلب من البلد الأصلي للشخص المفقود الاتصال بالبلد الذي شوهد فيه آخر مرة أو المكان الذي من المفترض أن يكون فيه".
مئات الشباب يغامرون بحياتهم عند عبور البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا
وبالتالي، إذا كانت الشكوى تتعلق باختفاء مواطن جزائري، فيجب على الشرطة الجزائرية الاتصال بإسبانيا لبدء البحث.
من يتوجب عليه تقديم الشكوى؟ أي شخص سواء كان من أفراد عائلة المفقود أو أصدقائه، مع العلم أنه سيحتاج إلى إبراز هويته. "يمكننا أيضًا أن نطلب منك المستندات التي تثبت ارتباطك بالشخص المفقود. إذا كان بحوزتك، فلا بأس، لكنه ليس إلزاميًا"، حسب تأكيد كاميناندو فرونتيراس.
أين تقدم الشكوى؟ في أي خدمات للشرطة (مركز شرطة على سبيل المثال) أو في محكمة (للدول التي يسمح فيها القانون بذلك) ، وفي أي بلد، البلد الأصلي أو بلد العبور أو البلد الذي تتوجه إليه. على سبيل المثال، إذا كنت في تونس، وكان أخوك قد أبحر من الساحل الجزائري، فيمكنك تقديم شكوى في مركز شرطة تونسي، ولست مضطرا للذهاب إلى المكان الذي فقد فيه الشخص.
بالنسبة للمواطنين الجزائريين، في الإمكان الإبلاغ عن اختفاء قريب في القنصلية الإسبانية في الجزائر، في حال حدث الاختفاء في المياه الإسبانية.
يرجى الانتباه إلى أمر مهم: وفقًا للشهادات التي جمعتها الجمعيات وموقع مهاجر نيوز، غالبا ما تواجه عائلات المفقودين بصمت من السلطات الجزائرية والإسبانية. قالت كاميناندو فرونتيراس: "للأسف، لا تحترم الدول التزامها بالبحث مهاجرين مفقودين. لذلك من المحتمل أن تواجهكم مشاكل إدارية".
مختارات بينها المغرب.. ألمانيا تتفاوض مع ست دول حول اتفاقيات هجرة أملا في بلوغ أوروبا: "التغريبة السورية" تتواصل عبر ليبيا!وأكد عبد الله: "عليك ألا تتوقع الكثير من السلطات المحلية". فعلى رغم الاستقبال الجيد في مركز شرطة حي في مستغانم ، لم يركز التحقيق سوى على مهربي القارب وليس على ركابه، وهذا ما كان محبطا له.
ثالثا: الاتصال بالسلطات الإسبانية
لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والمساعدة في التحقيق، يمكنكم دائما الاتصال بالسلطات الإسبانية بأنفسكم، حسب موقع الغرق إن كنتم تعرفونه. إذا كنتم لا تتحدثون الإسبانية أو الإنكليزية، حاولوا الحصول على مساعدة من مترجم.
فيما يلي أرقام مراكز الإنقاذ الرئيسية على الساحل الجنوبي:
• مركز تنسيق ألميريا، 34950275477+
• مركز تنسيق قرطاجنة، 34968505366/968529594/968529817+
• مركز تنسيق بالما، مايوركا - جزر البليار: 34971724562+
• الحرس المدني للأندلس: 34 954231901+
توجهت عائلة أسامة إلى مكان فقدانه مباشرة. بعد أيام قليلة من اختفاء الشاب، ذهب شقيقاه إلى مدينة أليكانتي، في جنوب شرق إسبانيا، لإيداع حمضهم النووي لدى مشرحة المدينة. ثم في نهاية فبراير/شباط 2023، رافق عبد الله أحد الأشقاء، جالوا المنطقة معا. "في المشرحة في مورسيا، تم استقبالنا بشكل جيد. ساعدتنا طبيبة نفسانية، تم الاستماع إلينا"، حسب عبد الله الذي أضاف "في الميريا، كان الأمر أكثر تعقيدا. كانت المشرحة تفيض بالجثث، ولم يكن الموظفون يستمعون إلينا. كنا بحاجة إلى إذن من قائد الدرك للتحقق من أن الجثة التي تتوافق مع الخصائص الجسدية لأسامة والتي وصلت في يوم الغرق، هي بالفعل جثة ابن عمي. على الرغم من إصرارنا أمام السلطات، لم نحصل على الجثة أبدا. كان الأمر صعبا جدا بالنسبة لنا. كما تم منعنا من رؤية بقايا الأشياء الموجودة على الجسد، رغم أن هذا من حقنا". كما قام الاثنان بجولة في مراكز الاعتقال في المنطقة، وفي كل مرة، كانا يسألان عن أسامة أو صدّيق، ابن عمه الآخر الذي اختفى خلال الرحلة نفسها، لم يصلهما رد.
رابعا: الاتصال بمنظمات موثوقة
الاتصال بالجمعيات يفيدكم في عملية البحث. لكن حذرت كاميناندو فرونتيراس قائلة: "للأسف، تقدم بعض المنظمات [...] معلومات مغلوطة للعائلات، بدافع الجهل أو للاستفادة منها". كما يستغل البعض محنة العائلات لابتزاز الأموال منهم مقابل الحصول على معلومات. "لذلك من المهم أن يكون تواصلكم مع منظمات موثوقة تعرف جيدا التعامل مع هذه المواقف".
فيما يلي تفاصيل الاتصال بجمعيتين يمكن أن تدعمكم في بحثكم:
• كاميناندو فرونتيراس: info@caminandofronteras.org
• مجموعة عنابة - كسيلة زركوين ، محام: 213790204412+، 213385857 78+، zerguine-kouceila@hotmail.fr
علاوة على ذلك، "عليكم الانتباه حقًا إلى الشائعات التي تكثر في طرقات الهجرة هذه"، كما أشار عبد الله، وأضاف "منذ بداية بحثي، كثيرا ما قيل لي أن أبناء عمي في سجون سرية في إسبانيا. أقول اليوم: إنهم غير موجودين. قبل أسبوعين فقط، تم الاتصال بي لتطميني أن أسامة يقبع في السجن في المغرب... لا يفهم الناس أن هذه المعلومات المغلوطة تضر بنا". هناك الكثير من المعلومات المغلوطة حول مراكز الاحتجاز السرية. "على شبكات التواصل الاجتماعي، هناك الكثير من الأخبار المزيفة، وفي أغلب الأحيان سيتم إخبارك بأن الشخص الذي تبحث عنه موجود في السجن في إسبانيا، وأنه بخير ولكنه لا يستطيع الاتصال بك" ، كما قال لمهاجر نيوز رياض الذي يبحث عن شقيقه منذ عامين.
مهاجر نيوز 2023 / مارلين بانارا
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: البحر الأبيض المتوسط عبور البحر المتوسط الجزائر سواحل أوروبا الهجرة غير القانونية البحر الأبيض المتوسط عبور البحر المتوسط الجزائر سواحل أوروبا الهجرة غير القانونية عبد الله
إقرأ أيضاً:
موراتينوس يرثي رحيل محمد بنعيسى في مقالة خاصة بـRue20 الإسبانية
بقلم : ميغيل أنخيل موراتينوس / وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والممثل السامي لمنظمة الامم المتحدة لتحالف الحضارات
وداعاً يا صديقي ….
هكذا كنت تودعني في كل لقاء يجمعنا، بكل بساطة وعفوية. وها أنا اليوم أقولها لك من جديد، لكن هذه المرة بحزن يثقل القلب وألم لا يوصف. كم يواسيني أن صداقتنا التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود تملؤني بفيضٍ من الذكريات الحية والتجارب التي تقاسمناها. ستبقى حاضرة في وجداني، وستمنحني القوة لأتذكرك دائمًا بالمودة نفسها والإعجاب الذي لم يفارقني نحوك يومًا.
تعرفنا على بعضنا قبل أكثر من ثلاثين عامًا. آنذاك، كنتَ تشغل منصب وزير الثقافة في المملكة المغربية، بينما كنتُ قد عدتُ للتوّ من مهمتي الدبلوماسية في بلدك، حيث كنتُ مسؤولًا عن شؤون شمال إفريقيا في وزارة الخارجية الإسبانية. جمعتنا سلسلة من الحوارات الثرية، وسرعان ما أدركنا أننا نتمتع بتفاهم متبادل، وأن هذه العلاقة القائمة على الثقة ستسهم في تعزيز مستقبل العلاقات بين بلدينا.
من المؤكد أن صداقتنا ترسخت بشكل متين عقب تعييني وزيرًا للشؤون الخارجية في إسبانيا .في ذلك الوقت، كنتَ قد أمضيتَ سنوات طويلة في قيادة الدبلوماسية المغربية. وسرعان ما أدركنا، بصفَتنا مسؤولَين عن السياسة الخارجية لبلدَينا، أن علينا تحمل مسؤولية إعادة بناء العلاقات الثنائية بروح من الجدية والصداقة والمسؤولية. وأعتقد أننا نجحنا في ذلك. كانت إحدى الأولويات الأساسية للحكومة الإسبانية الجديدة في عام 2004 إعادة بناء علاقاتها مع جارتها الجنوبية .فقد تضررت العلاقات الثنائية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ومرت بأزمات خطيرة عدة، مما أدى، قبل كل شيء، إلى تآكل الثقة بين الإدارتين. لا زلت أذكر دعوتك لي لحضور مهرجانك الصيفي في مسقط رأسك، أصيلة، التي كنتَ تتولى رئاسة بلديتها منذ أكثر من ثلاثين عامًا. لا زلت أذكر لحظة وصولي إلى مركز المؤتمر. كان الحاضرون يصفقون ويعبّرون عن ارتياحهم لحضور الوفد الوزاري الإسباني الجديد. أما كرم الضيافة المغربي التقليدي، فقد بلغ في تلك المناسبة أعلى درجاته. ومنذ مشاركتي الأولى في عام 2004، لم أتخلف عن حضور المنتدى الذي دأبتَ على تنظيمه لأكثر من أربعين عامًا، باستثناء عام 2022.
كانت أصيلة مسقط رأسك، المدينة التي تابعتَ فيها دراستك الابتدائية والثانوية، في ذلك “مدرسة إل بيلار” التي عرّفتك على العادات والتقاليد الإسبانية. ذلك الإرث المعرفي لم يفارقك قط، بل اندمج بعمق في هويتك المغربية الأصيلة.
اليوم، يمكننا أن نقول بلا تردد إنه إن كان هناك وزير في تاريخ المغرب يتحدث الإسبانية بطلاقة ويُعرف بحبه العميق لإسبانيا، فهو أنت.
لقد كانت حياتك مليئة بالمحطات والذكريات المرتبطة بإسبانيا، حتى إن إمكانية استكمال دراستك في القاهرة لم تكن لتتحقق لولا تدخل سفير إسبانيا هناك، الذي زوّدك بالوثائق الرسمية اللازمة للسفر والإقامة في ذلك البلد.
كثيرة هي الذكريات، والتجارب، واللحظات التي تقاطعت في حياتنا الشخصية والمهنية. واليوم ليس الوقت المناسب لاسترجاعها جميعًا، لكنه بالتأكيد الوقت الأنسب لتسليط الضوء على مساهمتك القيّمة في تعزيز العلاقات المغربية الإسبانية.
حظيتَ بشرف وامتياز خدمة آخر ملكين في بلدك. وصلتَ إلى هذا المنصب بقرار منهما، لكن أيضًا بفضل عملك الدؤوب، وقدرتك على المجازفة، وطرح الحلول الإبداعية، إلى جانب ولائك المطلق لوطنك ولقادتك. لقد حدّثتَ الدبلوماسية المغربية وأصبحت شخصية معروفة ومحل تقدير في إفريقيا، والشرق الأوسط، وأمريكا اللاتينية، وأوروبا. ولا شك أن فترة توليك وزارة الشؤون الخارجية في المغرب شكّلت منعطفًا حاسمًا، إذ كان هناك مغرب دبلوماسي قبل محمد بنعيسى، ومغرب آخر بعده.
معًا، تغلّبنا على أزمات صغيرة، لكن العلاقات بين بلدَينا خرجت دائمًا أكثر قوة. كانت مهمتنا الأساسية ترسيخ الثقة المتبادلة لتكون بمثابة شبكة أمان لمواجهة أي تحدٍّ قد يطرأ بين الجيران. لا زلت أذكر كيف تعاملنا مع أزمة الهجرة خلال عامي 2007-2008، وكيف تمكّنا، بفضل “إفطار” في منزلك بالرباط، من تحويل الأزمة إلى فرصة. فقد اختُتم المؤتمر الإفريقي في الرباط بنجاح، ولا تزال إعلانه قائمًا حتى اليوم. ليت المسؤولين السياسيين الحاليين يقرؤونه أكثر، بل الأهم، أن يعملوا به بكامله. وأنا على يقين من أن النتائج ستكون أفضل بكثير.
فتحتَ لي أبواب إفريقيا بفضل منتدى أصيلة وبفضل حنكتك الدبلوماسية. تعرفتُ من خلالك على عدد كبير من الشخصيات الفاعلة في إفريقيا جنوب الصحراء. وفي منزلك وجدتُ المفتاح لحل أزمة اختطاف طويلة ومأساوية تعرّض لها عدد من المتعاونين الإسبان في موريتانيا. كما تعلمتُ هناك الكثير من الحكمة وحسن التدبير من زملاء من الشرق الأوسط والقارة الإفريقية.
كان منتدى أصيلة بالنسبة لي موعدًا لا غنى عنه. لطالما صرّحتُ علنًا بأنه أكثر أهمية وإلهامًا من أي منتدى دولي آخر، بما في ذلك دافوس.
كانت آخر مرة رأيتك فيها خلال شهر أكتوبر الماضي، في منتداك، في مدينتك. في منزلك، كما جرت العادة، خضنا حوارًا عميقًا، محترمًا، ومثرِيًا، امتد حتى ساعة متأخرة من الليل، ونحن نتذوق – كما اعتدنا – أطباق المطبخ المغربي اللذيذة، برفقة زوجتك العزيزة ليلى، وعدد من المفكرين العرب، الذين رغم قلّة شهرتهم في الغرب، كانوا يتسمون بذكاء لامع وتحليلات عميقة ومتزنة عن واقع عالمنا.
وكما في كل لقاء سابق، قلتَ لي: «وداعًا يا صديقي». لم أكن أعلم أنها ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها في أصيلة. ارقد بسلام. سنواصل نحن السعي وراء السلام، مستلهمين من إرثك ورؤيتك.
صديقك وأخوك،