السودان.. منظمات ترسم صورة قاتمة للنظام الصحي المنهار
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
رسمت 5 منظمات دولية ومحلية صورة قاتمة عن أوضاع القطاع الصحي في السودان، خاصة بعد خروج أكثر من 70 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة، بسبب القتال المستمر منذ 125 يوما بين الجيش وقوات الدعم السريع.
والمنظمات الخمس هي:
منظمة الصحة العالمية.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”.
نقابة أطباء السودان المركزية.
رابطة الأطباء الاشتراكيين “راش”.
وزارة الصحة السودانية.
أخطار الأوبئة
وتقول هذه المنظمات إنها رصدت تفشي أمراض الملاريا والتيفوئيد والحصبة والدرن في عدد من مناطق السودان.
ورأى المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن أحد المخاوف الكبيرة التي تحيط بالقطاع الصحي في السودان، هو الهجمات المستمرة التي تتعرض لها المستشفيات وسيارات الإسعاف ومراكز الإمدادات والمخازن والعاملين الصحيين والمرضى.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنها تحققت من 53 هجوما على الرعاية الصحية في السودان، نتجت عنها 11 حالة وفاة و 38 إصابة منذ اندلاع القتال في الخامس عشر من أبريل الماضي.
وقالت “يونسيف” إن تفشى وباء الحصبة يهدد حياة العديد من الأطفال.
وأشارت تقارير إلى وفاة 10 أطفال خلال الأيام الماضية بالحصبة مع تزايد حالات الإصابة في7 من ولايات البلاد، وسط صعوبات لوجستية وأمنية كبيرة تعيق عمل فرق التحصين.
من جانبها، حذرت “راش” من وقوع كارثة صحية بسبب مرضى الدرن نسبة لانقطاع العلاج، مشيرة إلى وجود المئات دون عزل في وسط الاحياء ومراكز الإيواء.
وقالت “راش” إن الخطورة تأتي من نقص أجهزة وأدوات التشخيص والانقطاع عن مواصلة العلاج، مما يزيد من احتمالية تمكن البكتريا المسببة للمرض من مقاومة العلاج.
ووفقا لمصعب برير حاج أحمد اختصاصي الصحة العامة ورئيس جمعية تعزيز الصحة السودانية، فإنه وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوعين من تأكيد تفشى كل تلك الاوبئة إلا أن السلطات الصحية فشلت في استنفار حملات مكافحة الملاريا ونواقل الأمراض وصحة البيئة وسلامة الأغذية.
وأشار أحمد إلى أن الشح الحالي في غسلات الكلى وأدوية الأمراض المزمنة هو نتيجة حتمية للمنهج المتخبط الذي ظلت تدير به وزارة الصحة ملف خطة الطوارئ الصحية للحرب.
خطر الأمطار
ويزداد الوضع الصحي سوءا مع تزايد هطول الأمطار في بعض مناطق البلاد، حيث أشارت تقارير إلى تضرر نحو 20 ألف شخص من جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات التي أدت إلى تدهور حالة النظافة والصرف الصحي، مما رفع من معدلات الإصابة بالإسهال والالتهاب خصوصا في مراكز الإيواء المكتظة بالفارين من القتال في الخرطوم والبالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون شخص بحسب بيانات الأمم المتحدة.
ومن المتوقع أن يزيد موسم الأمطار بشكل كبير من مخاطر تفشي الأمراض المنقولة بالنواقل حيث تصبح برك المياه الراكدة أرضا خصبة لأمراض الكوليرا وحمى الضنك وحمى الوادي المتصدع.
وأكد المتحدث باسم نقابة أطباء السودان المركزية لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الوضع الصحي في البلاد يشهد تدهورا كبيرا، حيث يفاقم خروج معظم المستشفيات عن الخدمة من معاناة المرضى خصوصا المصابين بأمراض مزمنة في ظل وجود نقص شديد في المعينات الطبية والأدوية.
أرقام كارثية
الملاريا والتيفوئيد والحصبة والاسهال المائية واليرقان هي الأوبئة الخمس الأكثر انتشارا في المدن السودانية بسبب تدهور البيئة وصعوبات التحصين ونقص الأدوية.
11 ألف مريض بالفشل الكلوي يواجهون خطر الموت، بسبب انعدام محاليل وأجهزة غسيل الكلى وصعوبة الوصول إلى العدد القليل من مراكز الغسيل العاملة.
من أصل 89 مستشفى أساسي في العاصمة والولايات توقف 62 مستشفى عن الخدمة تماما، فيما تعمل المستشفيات الـ 27 المتبقية في ظل أوضاع صعبة للغاية.
تصاحب عمليات قصف المستشفيات أو تعرضها للإخلاء القسري حالات تعدي على الكوادر العاملة بالضرب أو الاعتقال ونهب للأجهزة الطبية وأضرار كبيرة بأقسام الطوارئ وغسيل الكلى.
ارتفع عدد المستشفيات التي تم قصفها منذ بداية الاشتباكات إلى 19 مستشفى؛ كما تعرض 22 مستشفى للإخلاء القسري منذ بداية الحرب.
سكاي نيوز
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
لم يجد رجل الأعمال مشعل محمود محمد مناصا من مغادرة الخرطوم بحري بعد اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023، متوجها إلى إثيوبيا.
كان مشعل يعمل في الخرطوم بالاتجار بقطع غيار آليات الورش، ونجح في تحقيق أرباح جيدة، وظل يعمل في هذا المجال حتى اندلاع الحرب، حيث خسر معارضه التجارية ومنزله وسياراته.
يقول مشعل لـ"الجزيرة نت" إنه خسر كل شيء، حيث سُرقت جميع محلاته ومعرضه في مدينة بحري (شمالي العاصمة)، مما دفعه إلى المغادرة في مايو/أيار 2023.
وبعد وصوله إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا برفقة أسرته، فكر على الفور في العودة إلى مجاله السابق، لكنه واجه واقعا تجاريا مختلفا تماما عن السودان من حيث رأس المال والإجراءات.
وبعد تفكير، يقول مشعل إنه اتخذ قرار افتتاح مطعم لإعداد الوجبات السودانية، خاصة أن الفترة تلك شهدت وصول أعداد كبيرة من السودانيين إلى إثيوبيا لاستكمال إجراءات السفر إلى دول أخرى.
وخلال شهر رمضان من العام الماضي، كان مطعم مشعل يلبي طلبات مواطني بلاده على الإفطار والعشاء بأطباق سودانية ذائعة الصيت، لاقت رواجا كبيرا، خاصة مع تقديم المشروبات الرمضانية السودانية المعروفة، ومنها "الحلومر".
إعلانويوضح مشعل لـ"الجزيرة نت" أن طبيعة العمل كانت في البداية صعبة للغاية في ظل الحاجة إلى تحضيرات متواصلة من دون توقف أو إجازات، حيث كان لزوجته الدور الأكبر في إدارة العمل وتحريكه بشكل رئيسي، ولذلك قرر تسمية المطعم بـ"البيت السوداني"، لأن زوجته تعدّ الطعام كما تفعل في المنزل.
وبالعودة إلى بداية العمل، يرى مشعل أنه كان مزدهرا، حيث كان عدد السودانيين كبيرا، لكنه تراجع حاليا مع تناقص الأعداد وتراجع أرقام العابرين إلى دول أخرى. ومع ذلك، يقول رجل الأعمال الشاب إن الأمور لا تزال تسير على ما يرام، إذ يستعد خلال شهر رمضان الحالي بتحضيرات نوعية، كما يسعى إلى جذب الإثيوبيين وغيرهم لتجربة الطعام السوداني.
ويقول رجل الأعمال خالد بيرم، الذي يشغل أيضا منصب أمين مكتب الشؤون الخارجية للغرفة التجارية بمحلية عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان، إن رمضان هو شهر الخير والبركة، وينعكس كرمه على الجميع.
ويؤكد لـ"الجزيرة نت" أن الحركة التجارية في الشهر الفضيل تُعرف بـ"الموسم"، حيث تزدهر بشكل ملحوظ ويتعاظم الطلب على سلع ومنتجات مختلفة.
ويضيف: "الأعمال والتجارة بشكل عام في السودان خلال الشهر الفضيل تكون في حالة انتعاش ونمو، وتبدأ دائما قبل حلول شهر رمضان بـ10 أيام تقريبا، أو حتى اليوم الذي يسبق بدايته، حيث تشهد الأسواق حركة مكثفة ونشطة".
ويوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالمواد الغذائية، فإن الناس يكونون على استعداد لشرائها، وغالبا ما ترتفع أسعارها.
أما فيما يتعلق بالغرفة التجارية في عطبرة، فيشير بيرم إلى أن التجار يقومون بتجهيز سلال للصائمين، تحتوي على المواد الغذائية الأساسية للصائم، كما يقوم بعض التجار بإخراج سلال إضافية لرمضان من أموالهم الخاصة.
إعلانويؤكد بيرم أن هناك حركة واسعة للأموال والتجارة والبضائع، وهذا يزيد الأرباح والدخل، مشيرا إلى أنه كلما زاد الدخل، زاد الإنفاق على الفئات الضعيفة من خلال الصدقات والإكراميات والسلال الغذائية وزكاة الفطر والتبرعات.
ويستطرد قائلا: "اسم رمضان كريم لم يأتِ من العدم، الله يوفّر احتياجات الناس، وهناك حالة من السعادة بين الجميع، بما في ذلك التجار ورجال الأعمال".
صعوبات جمةلمجموعة "أبو الفاضل بلازا" في السودان صيت خاص، خصوصا عند حلول شهر رمضان المبارك، إذ يُعتبر الموسم الذي ينتظره آلاف السودانيين للاستفادة من التخفيضات وشراء المستلزمات المنزلية، حيث تتميز المجموعة بالاستيراد الراقي والأسعار المناسبة.
لكن الحرب ألقت بظلالها القاتمة على المجموعة في كل فروعها المنتشرة في مدن الخرطوم الثلاث (الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري)، كما يقول هاشم أبو الفاضل لـ"الجزيرة نت"، حيث خسرت الشركة بضائعها بالكامل إما بالاحتراق أو السرقة أو النهب والتخريب، ولم يتمكنوا من إنقاذ أي شيء باستثناء البضائع التي كانت تحت التخليص الجمركي بالميناء.
ويروي هاشم لـ"الجزيرة نت" سلسلة معاناة صعبة عاشها رواد الأعمال في القطاع الخاص السوداني، بسبب الحرب التي اندلعت فجأة من دون أن يتمكن أصحاب الشركات، خاصة وسط العاصمة الخرطوم، من تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن من رأس المال.
ويشير إلى أن 90% من أصحاب الأعمال عادوا إلى نقطة الصفر، وفقدوا كل شيء تقريبا، ليصبح القطاع الخاص أكبر المتضررين من الحرب المستمرة منذ نحو عامين.
ومع ذلك، يقول هاشم إنهم حاولوا النهوض مجددا والعودة إلى العمل، ورفضوا الخروج بما تبقى من رأس المال إلى خارج البلاد، فقرروا افتتاح فروع جديدة للمجموعة في بورتسودان والعودة للعمل في أم درمان بعد تحسن الأوضاع الأمنية جزئيا.
إعلانلكنه يشكو من تعامل السلطات الحكومية، مشيرا إلى أنها تفرض رسوم جمارك وغيرها من الجبايات بأرقام فلكية، لا تراعي الخسائر الفادحة التي تكبدها القطاع الخاص، ولا تضع في اعتبارها حرص رجال الأعمال على المساهمة في إعادة الإعمار.
ويشبه هاشم أوضاعهم الحالية بمن يمشي على النار، لكنه رغم ذلك يؤكد أنهم حريصون على مواصلة العمل وتجاوز الصعاب الحالية.
خسائر كبيرةوإزاء الأوضاع الاقتصادية في السودان، يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد العظيم المهل للجزيرة نت إن القطاع الخاص السوداني خسر الكثير في هذه الحرب قدرت في القطاعين الصناعي والخدمي في الخرطوم بـ90%، وفي ولاية الجزيرة تصل نسبة الخسائر إلى 88% ، أما في ولايات دارفور عدا الفاشر فتقدر الخسائر بـ80% في القطاعين.
ويشير إلى أن تقديرات جملة خسائر القطاع الخاص في كل القطاعات بحوالي 130 مليار دولار 90% منها لا تخضع للتأمين.
ويرى أن القطاع الخاص بحاجة لوقت كي يعود للعمل لكنه يتوقع عودته بنحو أسرع من القطاع العام.
ويأسف المهل لخروج بعض رواد الأعمال في القطاع الخاص من السودان والهجرة للخارج بينما نزح آخرون داخليا وهو ما قد يؤدي إلى تشتت الصناعة والخدمات بعيدا عن العاصمة.
ويرى المهل أن الفجوات تطال كل القطاعات التي ستبدأ من نقطة الصفر ويردف إذا تم ذلك فسوف ينهض الاقتصاد السوداني خلال نحو 3 أعوام، مؤكدا إمكانية التعافي والنهضة في حال وجدت السياسات المستقرة والإدارة الواعية والتكنولوجيا الحديثة في كل المجالات متبوعة بالقبضة الأمنية القوية والاستقرار السياسي.