“الإخوان”.. بين مقاومة الاحتلال وخيانة الأُمَّــة
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
رهيب التبعي
شهدت الأُمَّــة الإسلامية في الأيّام الأخيرة مواقف متباينة من جماعة الإخوان المسلمين في مختلف البلدان العربية والإسلامية، وبينما أثبتت حركة الإخوان المسلمين في غزة أنها السُّنة الحقيقية والمدافع الأول عن قضايا الأُمَّــة من خلال تصديها البطولي للاحتلال الإسرائيلي ودعمها للمقاومة الفلسطينية، نجد أن بقية الفروع في العديد من الدول انحرفت عن هذا المسار النبيل، بل أصبحت أدوات لخدمة مشاريع أعداء الأُمَّــة.
في سوريا ساهمت الجماعة في استقدام الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي إلى الساحة؛ مما أَدَّى إلى تفكيك البلاد وإطالة معاناة الشعب السوري، وفي اليمن، كان دور الجماعة واضحًا في تسهيل التدخل السعوديّ والإماراتي والأمريكي والبريطاني، مما ساهم في تدمير البنية التحتية وخلق انقسامات داخل المجتمع اليمني.
أما في تركيا وقطر، فقد كان خذلان المقاومة الفلسطينية في غزة واضحًا، فعلى الرغم من الشعارات الداعمة لفلسطين التي تروجها هذه الدول، إلا أن السياسات العملية تشير إلى عكس ذلك، تركيا التي تستضيف قادة من الإخوان المسلمين، تحافظ على علاقات قوية مع الكيان الإسرائيلي، سواء على المستوى الاقتصادي أَو العسكري، ما يجعل دعمها المعلن لغزة مُجَـرّد كلمات جوفاء، أما قطر، فهي الأُخرى تحتضن شخصيات من الإخوان المسلمين وتقدم نفسها كداعم للقضية الفلسطينية، بينما تسير في نهج تطبيعي غير معلن مع “إسرائيل”، متجاهلة الدور الحقيقي المطلوب لدعم المقاومة في غزة.
وفي لبنان والعراق تعمل بعض الجماعات المنتمية للإخوان المسلمين على تمهيد الطريق للاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، مستهدفة المقاومة الشريفة التي أثبتت أنها الحصن الأخير للأُمَّـة في وجه هذه المشاريع.
وعلى النقيض، أظهرت حركة الإخوان المسلمين في غزة نموذجًا مشرفًا للسنة الحقيقيين، حَيثُ رفضت المساومات والضغوط، وأثبتت أنها في خندق واحد مع الأُمَّــة في مواجهة الاحتلال، وهنا يكمن الفرق: إخوان غزة يمثلون السُّنة الحقيقية، بينما غيرهم باتوا أقرب إلى “سُنة الصهاينة”، يعملون على تنفيذ أجندات الاحتلال وتقويض قضايا الأُمَّــة لصالح مشاريع أجنبية.
على الشعوب الإسلامية والعربية أن تعي هذا التمييز، وأن تدرك أن من يقف مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية ويدعم وحدة الأُمَّــة هو من يمثل السُّنة الحقيقية، بينما من يخون قضايا الأُمَّــة ويخدم الاحتلال ليس سوى أدَاة بيد أعداء الإسلام.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإخوان المسلمین فی غزة
إقرأ أيضاً:
مي زيادة: بين مجد مصر وخيانة لبنان.. أين تنتمي روحها؟
بين شوارع القاهرة القديمة وجبال لبنان الخضراء، تأرجحت روح مي زيادة، الذي يصادف اليوم ذكرى ميلادها في 1886، الكاتبة والأديبة التي خطفت قلوب كبار أدباء عصرها، ولدت لأب لبناني وأم فلسطينية، ونشأت في مصر، لتصبح واحدة من أهم رموز الفكر والأدب في العالم العربي. لكن هذا الانتماء المزدوج أثار تساؤلًا دائمًا: إلى أي وطن تنتمي مي زيادة حقًا؟ هل كانت مصرية بحكم التأثير والحياة، أم لبنانية بحكم الأصل والجذور؟
لبنان: أرض الميلاد والجذورولدت مي زيادة عام 1886 في بلدة الناصرة، التي كانت آنذاك جزءًا من لبنان العثماني، لعائلة متعلمة تهتم بالثقافة واللغات. نشأت وسط بيئة أدبية، حيث كان والدها إلياس زيادة صحفيًا يدير صحيفة باللغة العربية، ما ساعدها على تنمية حبها للكتابة والفكر منذ الصغر.
في لبنان، تعلمت الفرنسية وأتقنت عدة لغات أخرى، مما فتح أمامها أبواب الأدب العالمي. لكن رغم جذورها اللبنانية، لم تكن بيروت أو الناصرة هما المكان الذي شهد صعودها إلى قمة المجد، بل كانت القاهرة.
مصر: أرض التألق والمجد الأدبيعندما انتقلت مع عائلتها إلى مصر، وجدت مي زيادة نفسها في قلب الحركة الثقافية والفكرية العربية في القاهرة، درست في الجامعة الأهلية، وبدأت تنشر مقالاتها في الصحف المصرية، خاصة في جريدة المحروسة التي كان والدها يعمل بها.
لكن المحطة الأهم في حياتها كانت صالونها الأدبي الشهير، الذي أصبح ملتقى لأعظم أدباء ومفكري عصرها، مثل طه حسين، العقاد، أحمد لطفي السيد، وأحمد شوقي، في هذا الصالون، لم تكن مي مجرد مضيفة، بل كانت عقلًا مفكرًا يناقش ويجادل ويؤثر، مما جعلها تحتل مكانة بارزة في الوسط الأدبي المصري.
بين لبنان ومصر: ازدواجية الانتماء أم وطن بلا حدود؟رغم تألق مي زيادة في مصر، إلا أنها لم تفقد ارتباطها بلبنان، كانت تسافر إليه بين الحين والآخر، وتحافظ على علاقتها بالمثقفين هناك، لكن المفارقة أن لبنان، الذي حملت جنسيته، لم يكن هو المكان الذي منحها المجد، بل كان المكان الذي شهد سقوطها المأساوي.
فعندما فقدت والديها وجبران خليل جبران، وبدأت معاناتها النفسية، لجأت إلى لبنان بحثًا عن العائلة والاحتواء، لكنها وجدت نفسها ضحية للطمع والخيانة، حيث أودعها أقاربها في مستشفى للأمراض العقلية بدعوى فقدانها للعقل، في واحدة من أكثر المحطات المأساوية في حياتها.
وفي المقابل، كانت مصر هي الأرض التي احتضنتها في نجاحها، لكنها أيضًا كانت المكان الذي عاشت فيه وحيدة بعد خروجها من المستشفى، حتى رحلت عام 1941 في صمت، وكأنها لم تكن يومًا صاحبة المجد الأدبي الذي صنعته هناك.
إلى أين تنتمي روح مي زيادة؟اليوم، بعد مرور أكثر من ثمانية عقود على رحيلها، لا يزال التساؤل قائمًا: هل كانت مي زيادة لبنانية بحكم المولد والأصل، أم مصرية بحكم الفكر والتأثير؟ ربما لم تكن مي نفسها تعترف بحدود الوطن، فقد كانت روحها أكبر من أن تُحصر في جنسية أو هوية واحدة.
لكن ما لا جدال فيه، هو أن مصر كانت وطنها الإبداعي، ولبنان كان مسقط رأسها ومكان سقوطها الأخير. وبين هذين البلدين، بقيت روح مي زيادة عابرة للحدود.